أقلق إدريس راحة أمه، ودوّخ جماعته، وبلغت به الشقاوة أن يحبك خطط السطو الليلي، وصنع المقالب، يرتدي ملابس رثة ويلتحي بشعر ماعز، ويكثّف حواجبه بالكُحل، ويدخل البيوت والناس يتعشون، فيشغرون في الجني، ويلتقط عشاهم من بين أيديهم وهم فاغرين، وينتبز بعض الملابس من فوق حبال الغسيل؛ نكاية بالجارات المزعجات، وله شلة من الشباب للمساري في الغداري، لينقبوا السواري، ويسرقوا الخبز من المذاري.
اشتكى العقلاء للعريفة من ابن أخيه، فقال في رده: يا عيال الحلال أدري أن الولد مُوذي، ولكن إذا ما قِدرت عليه أُمّه المرمّل؛ باقدر فيه أنا يا عمه؟، فقالوا: أنت عاقلته، ولا ودّنا نتخطاك إلى شيخ القبيلة، وإلا ترى الوجه من الوجه أبيض، فطلب مهلة للمشاورة مع والدته، ويرد لهم العِلم قبل يوم مهباط السوق الأسبوعي.
قضى العريفة، أخس وأطول ليلة، يقلّبها شمال، ويمين؛ ويسرّحها ضأن، ويروّحها معزا، انتقل فراشه من العُليّة، ومدّه في الجهاري، وراح الليل بين فكرة توديه، وفكرة تجيبه، وعزم أمره على أن يتزوج بأرملة أخيه، أربّ الله إذا ظفر بالسنام، يظفر بالشطوة، والشكوة، ويريح الغُلمة ويبني الثُلمة.
صبّحها مع شرقة الشمس، وهي فوق عتبة الباب، ورأس إدريس في حثلها، تفلّي شعره، فرحّبت بالبادي، ونترت نفسها من تحت ابنها الغافي، والتقطت الجاعد، ونفضته، وفرشته للعريفة في بسطة الدرج، ودخلت البيت، فأخرج العريفة من تحت مشلحه، هبشة «قسبة» ودعا إدريس، وطلب منه يفتح جيبه، فعباه حتى فاض، وقال: طلبتك وأنا عمك تأخذ غنمي مع غنمكم، وتسرح بها ترعى من الوسايف، وأوصاه؛ لا تغدي تتطرّد الجُرّش والقفيصات، والعيسيات، وتنهرط الغنم في خريف الجماعة وتتسمم، أهم حطوا الشفار في الذرو قبل ما يحرثون، وتراها وحدة بوحدة والله ما تروح منها بشعرة.
فقعت أم ادريس بيضتين في الطاوة، وفوقها ملعقة سمن، وذرّت عليها شوية ملح، وفلفل أسود، وحازت ما بقي من الجمر، وواست الطاوة عليه، ورفعت المكب عن خبزتها، ونفضت الرماد العالق، بضربها بكفها على ظهرها وبطنها، وحتّت بالسكين، أطرافها من آثار تفحّم، ولفّتها في منشفة، ورشّقت براد الشاهي، وغطت عنق البراد بفنجال، ليخدر، وتناولت مشطها الخشبي، ومكحلتها، ووقفت أمام مراية مثبّتة في درفة دولاب، واطمأنت على زينتها، وتناولت قطعة ديرم ومررتها على شفتيها، وفتحت الدولاب، وتناولت نقس لبان طري، واجتزأت منه ما تطيّب به رائحة فمها، ورشت شيلته بالحبشوش، وتناولت فألها، ووضعته أمام حماها العريفة.
سهّم العريفة، في المخلوقة اللي أقبلت عليه، وقال في نفسه؛ الله يرحمك يا (فضة) مدري وين كانت عيوني يوم تروّحتك، وانتبه لصوتها، تقول: سمّ، فقال: كفيتي السُّم؛ يا شُرحة الخاطر، وحلف ما يمد إيده فيه، إلا وإيدها معه، فأخذت من طرف الشتفة، بروس أصابعها، ومررتها على الطاوة، وقالت؛ الله يكثره.. سبقتك؛ تفاول إنته، عساه مندار العافية، فأزاح العريفة شعرات شاربه، المتدلية على شفته السفلى بإبهامه، وسمّى بالرحمن، وعين في العيشة، وعين في المعيّشة.
اكتفى مما قِسم له، وقال: خامسيني، وأخامسك على تكملة ما بقي لنا مع بعضنا، نتساوق الأعمار، وأضاف: عندي خير، وودّي استذري قبل ما أموت ماروث، وأثنى على هيالتها، وخوفه يرتكب ولدها جرية، ولا عندها رجال فوق رأسها، فقالت: لا شوّل العلم شوّل، ما شي كما عام الأول، يا عريفة، أخوك الفاني، ما كان يلقى إلا كما طمرة الملغّب! فندف صدره بكفه، وأعتزى وقال: أفا وأنا مهجّد المعاصير، ومرقّد المناعير؛ وموفّر المعاذير، ومزبط التعامير، لا تذمين العِدّ؛ وإنتي ما ذِقتِ مويته، فقالت: أخاف اللي سبقنا ذاقه واحتاقه، فقال: دخيلك لا تتمطعين في القماش، ولا تكرهين شيء يكون أبرك شيء.
طلب الفقيه، يعقد له على أرملة أخيه، فبدأ الفقيه، يظهر معايبها، ويسرد عليه، بعض شرهات، وسربتة ولدها إدريس، وقال: أنصحك لوجه الله؛ حِل عنها، ما تصلح لك، المرة مورّدة، وأنت مصدّر، وألتحق المؤذن الهرجة، وقال: ولدها ما معه من عقله كُفحه، والله لو شفتموه في الضحى، متعلّق في قُرون البير، ويتشقلب في الهوا كما القرود، بغى يفصخ عقول النسوان اللي يستقين، فامتغص العريفة من كلامهما، وقال: يا متلقط الزِكي، والله ما معك عقل، يكون مع أصبعي الصغير، وأنت يا ديكان تعزز له، يعننكم شلتم همّي، ريّحوا ملائكتكم، ويجيب الله خير.
ما أمداه يصل آخر المسراب، إلا والفقيه، يطرد ساقته، قائلاً: متى ودّك نعقد، فقال: بعد المغرب تجيب ديكان يشهد، وأنا باجيب جاري سليم شاهد ثاني، ووصّ على مرتك تزهّب عشانا، وباتوا مبات الرضا والسرور، وفي صباح اليوم التالي؛ صاح الصايح، افلحوا يا المفاليح؛ إدريس طاح في البير، فزعت القرية بالأرشية، والقشابي لاستخراج الغريق، وعندما نزل المتخصص في انتشال الضحايا، وحط رجل في اللقف، والأخرى في الركن الصخري، إلا وذاك الحنش الزاروق، يعبر من فوق قدمه، تناول شعبة من عثربة فاطرة، في جدار البير، وهاوب على الثعبان؛ فغادر، وتناول الثوب المطفشل؛ وإذا به شنّ ملفوف بثوب إدريس الأغبر.
قال العريفة: سواها ولد السكون فينا، وانحن في أوّل فرحتنا بالمرواح، والدخ ما يحيل على سيره، لكن دواه عندي متى ما حقّته عيني. فقالت: أنا دخيلتك لا تشره عليه، ما ضري إلا يرقد في حضني، وأروّي له، قبل النوم، وحشمتي، فقال: أبشري، بليتي همّه، بارسل الفقيه والمؤذن يستحبونه بأذنه، ويجيبونه، وهو ما يشوف الطريق.
راح المدوّرة كما سرحوا، وقالوا: لا شفنا له، جُرّه، ولا صدنا له مِقرّه، ونظنه هجّ، وتزايدت شكاوى القرية، من سراي ليل، قطاع سيل، وبلغت التظلمات شيخ القبيلة، فطلب من العريفة، يزوده بأسماء تعساء القرية، ليرفع بها للحكومة، فكتب أربعة أسماء، وتسامعت القرية، بالخبر، فقالوا: العريفة حشمة أم إدريس، ما كتب ولدها تعيس.
اشتكى العقلاء للعريفة من ابن أخيه، فقال في رده: يا عيال الحلال أدري أن الولد مُوذي، ولكن إذا ما قِدرت عليه أُمّه المرمّل؛ باقدر فيه أنا يا عمه؟، فقالوا: أنت عاقلته، ولا ودّنا نتخطاك إلى شيخ القبيلة، وإلا ترى الوجه من الوجه أبيض، فطلب مهلة للمشاورة مع والدته، ويرد لهم العِلم قبل يوم مهباط السوق الأسبوعي.
قضى العريفة، أخس وأطول ليلة، يقلّبها شمال، ويمين؛ ويسرّحها ضأن، ويروّحها معزا، انتقل فراشه من العُليّة، ومدّه في الجهاري، وراح الليل بين فكرة توديه، وفكرة تجيبه، وعزم أمره على أن يتزوج بأرملة أخيه، أربّ الله إذا ظفر بالسنام، يظفر بالشطوة، والشكوة، ويريح الغُلمة ويبني الثُلمة.
صبّحها مع شرقة الشمس، وهي فوق عتبة الباب، ورأس إدريس في حثلها، تفلّي شعره، فرحّبت بالبادي، ونترت نفسها من تحت ابنها الغافي، والتقطت الجاعد، ونفضته، وفرشته للعريفة في بسطة الدرج، ودخلت البيت، فأخرج العريفة من تحت مشلحه، هبشة «قسبة» ودعا إدريس، وطلب منه يفتح جيبه، فعباه حتى فاض، وقال: طلبتك وأنا عمك تأخذ غنمي مع غنمكم، وتسرح بها ترعى من الوسايف، وأوصاه؛ لا تغدي تتطرّد الجُرّش والقفيصات، والعيسيات، وتنهرط الغنم في خريف الجماعة وتتسمم، أهم حطوا الشفار في الذرو قبل ما يحرثون، وتراها وحدة بوحدة والله ما تروح منها بشعرة.
فقعت أم ادريس بيضتين في الطاوة، وفوقها ملعقة سمن، وذرّت عليها شوية ملح، وفلفل أسود، وحازت ما بقي من الجمر، وواست الطاوة عليه، ورفعت المكب عن خبزتها، ونفضت الرماد العالق، بضربها بكفها على ظهرها وبطنها، وحتّت بالسكين، أطرافها من آثار تفحّم، ولفّتها في منشفة، ورشّقت براد الشاهي، وغطت عنق البراد بفنجال، ليخدر، وتناولت مشطها الخشبي، ومكحلتها، ووقفت أمام مراية مثبّتة في درفة دولاب، واطمأنت على زينتها، وتناولت قطعة ديرم ومررتها على شفتيها، وفتحت الدولاب، وتناولت نقس لبان طري، واجتزأت منه ما تطيّب به رائحة فمها، ورشت شيلته بالحبشوش، وتناولت فألها، ووضعته أمام حماها العريفة.
سهّم العريفة، في المخلوقة اللي أقبلت عليه، وقال في نفسه؛ الله يرحمك يا (فضة) مدري وين كانت عيوني يوم تروّحتك، وانتبه لصوتها، تقول: سمّ، فقال: كفيتي السُّم؛ يا شُرحة الخاطر، وحلف ما يمد إيده فيه، إلا وإيدها معه، فأخذت من طرف الشتفة، بروس أصابعها، ومررتها على الطاوة، وقالت؛ الله يكثره.. سبقتك؛ تفاول إنته، عساه مندار العافية، فأزاح العريفة شعرات شاربه، المتدلية على شفته السفلى بإبهامه، وسمّى بالرحمن، وعين في العيشة، وعين في المعيّشة.
اكتفى مما قِسم له، وقال: خامسيني، وأخامسك على تكملة ما بقي لنا مع بعضنا، نتساوق الأعمار، وأضاف: عندي خير، وودّي استذري قبل ما أموت ماروث، وأثنى على هيالتها، وخوفه يرتكب ولدها جرية، ولا عندها رجال فوق رأسها، فقالت: لا شوّل العلم شوّل، ما شي كما عام الأول، يا عريفة، أخوك الفاني، ما كان يلقى إلا كما طمرة الملغّب! فندف صدره بكفه، وأعتزى وقال: أفا وأنا مهجّد المعاصير، ومرقّد المناعير؛ وموفّر المعاذير، ومزبط التعامير، لا تذمين العِدّ؛ وإنتي ما ذِقتِ مويته، فقالت: أخاف اللي سبقنا ذاقه واحتاقه، فقال: دخيلك لا تتمطعين في القماش، ولا تكرهين شيء يكون أبرك شيء.
طلب الفقيه، يعقد له على أرملة أخيه، فبدأ الفقيه، يظهر معايبها، ويسرد عليه، بعض شرهات، وسربتة ولدها إدريس، وقال: أنصحك لوجه الله؛ حِل عنها، ما تصلح لك، المرة مورّدة، وأنت مصدّر، وألتحق المؤذن الهرجة، وقال: ولدها ما معه من عقله كُفحه، والله لو شفتموه في الضحى، متعلّق في قُرون البير، ويتشقلب في الهوا كما القرود، بغى يفصخ عقول النسوان اللي يستقين، فامتغص العريفة من كلامهما، وقال: يا متلقط الزِكي، والله ما معك عقل، يكون مع أصبعي الصغير، وأنت يا ديكان تعزز له، يعننكم شلتم همّي، ريّحوا ملائكتكم، ويجيب الله خير.
ما أمداه يصل آخر المسراب، إلا والفقيه، يطرد ساقته، قائلاً: متى ودّك نعقد، فقال: بعد المغرب تجيب ديكان يشهد، وأنا باجيب جاري سليم شاهد ثاني، ووصّ على مرتك تزهّب عشانا، وباتوا مبات الرضا والسرور، وفي صباح اليوم التالي؛ صاح الصايح، افلحوا يا المفاليح؛ إدريس طاح في البير، فزعت القرية بالأرشية، والقشابي لاستخراج الغريق، وعندما نزل المتخصص في انتشال الضحايا، وحط رجل في اللقف، والأخرى في الركن الصخري، إلا وذاك الحنش الزاروق، يعبر من فوق قدمه، تناول شعبة من عثربة فاطرة، في جدار البير، وهاوب على الثعبان؛ فغادر، وتناول الثوب المطفشل؛ وإذا به شنّ ملفوف بثوب إدريس الأغبر.
قال العريفة: سواها ولد السكون فينا، وانحن في أوّل فرحتنا بالمرواح، والدخ ما يحيل على سيره، لكن دواه عندي متى ما حقّته عيني. فقالت: أنا دخيلتك لا تشره عليه، ما ضري إلا يرقد في حضني، وأروّي له، قبل النوم، وحشمتي، فقال: أبشري، بليتي همّه، بارسل الفقيه والمؤذن يستحبونه بأذنه، ويجيبونه، وهو ما يشوف الطريق.
راح المدوّرة كما سرحوا، وقالوا: لا شفنا له، جُرّه، ولا صدنا له مِقرّه، ونظنه هجّ، وتزايدت شكاوى القرية، من سراي ليل، قطاع سيل، وبلغت التظلمات شيخ القبيلة، فطلب من العريفة، يزوده بأسماء تعساء القرية، ليرفع بها للحكومة، فكتب أربعة أسماء، وتسامعت القرية، بالخبر، فقالوا: العريفة حشمة أم إدريس، ما كتب ولدها تعيس.