في إطار الجهود الإصلاحية العامة التي تشهدها البلاد، اعتمدت وزارة التعليم نظام المسارات في التعليم الثانوي، بما يشكل نقطة تحول بارزة في نظامنا التعليمي.
ماذا نعنيه بالمسارات؟
لنأخذ التعريف الذي اقترحه غولدشميد للمسار في كتابه الهام
Modular instruction in higher education:
«إنه وحدة متميزة ومستقلة ضمن مجموعة منظمة من النشاطات التكوينية التي تبرمج من أجل مساعدة العمل التربوي للوصول إلى بعض الأهداف المحددة».
ما نستشفه من هذا التعريف النظري الذي يعتمده خبراء التربية هو أن نظام المسارات ينطلق من المفهوم الشامل للتعليم من حيث هو برامج وأنشطة تكوينية متنوعة يقصد بها تحقيق غايات مرسومة بدقة في النظام التربوي.
ولا بد أن نوضح هنا أن الاستراتيجيات التربوية عادة ما تتأرجح بين مقاربتين:
- مقاربة شمولية لا تمييز فيها ولا تخصيص، تقوم على الشحن والتلقين، من منظور تكافؤ وتساوي الملكات والاستعدادات التربوية لكل الطلبة، على أن يكون التمايز محصوراً في التعليم الجامعي؛ وفق الخط الفاصل التقليدي بين الاختصاصات العلمية والإنسانية.
- مقاربة تخصصية أولية، تقوم على استكشاف المهارات والميزات الشخصية منذ مراحل التعليم الأولى، باعتبار أن هذه الكفاءات الخصوصية تبدأ منذ سنوات الطفولة المبكرة ومن الخطأ إهمالها وعدم تطويرها.
إن هذا الجدل الذي سيطر على الأدبيات التربوية عقوداً طويلة، انعكس في بلادنا وفي كل البلدان العربية بحدة، وإن كانت السياسات التربوية لم تنجح في الغالب في حسمه إجرائياً.
لا شك أن نظام المسارات الذي تعتمده مؤخراً السلطات العمومية يجمع بين مزايا كلا النظامين الشمولي والمتخصص، بما يبرز في مستويات ثلاث واضحة:
أولاً: بناء قاعدة ثقافية أولية صلبة للطالب تتمثل في المعلومات والمعارف العامة المشتركة التي تؤسس للقيم الإنسانية الأساسية وتكرس وشائج المواطنة والتضامن الاجتماعي التي لا معنى لدولة وطنية حديثة دونها. إن هذا الجانب من التكوين ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه، فهو المكمل للتربية الدينية العامة على المستوى المدني والاجتماعي.
ثانياً: فسح المجال للطلاب منذ سنوات التعليم الأولى لاكتشاف مواهبهم وقدراتهم من خلال توفير تكوين متنوع شامل دونه لا يمكن ضبط الخصوصيات الشخصية والكفاءات الذاتية. فنظام المسارات هو الذي يسمح بالتمييز والانتقاء ضمن مجموعة متنوعة من الخيارات المتاحة.
ثالثاً: فتح الباب أمام التعليم المتخصص الناجع بدلاً من القولبة الأحادية المفروضة أو من التخصص المتعسف الذي هو حصيلة ضغوط وإكراهات وليس نتاج تمرن متدرج ومهارات مكتسبة.
لقد تعاملت الأنظمة التربوية في السابق مع التعليم على أنه مجرد نشاط تكويني غرضه توفير حاجيات الإدارة والمؤسسات العمومية والخاصة من الأطر والكفاءات الفنية، دون التعرض لفلسفة التربية بالإجابة عن السؤال المحوري: أي مدرسة لأي مجتمع؟
فدون الإجابة على هذا السؤال لا معنى لتكوين النشء في مدارس تلقن المتلقي معلومات لا تهدف لغاية ولا لمشروع اجتماعي.
بالتحول إلى نظام المسارات في فلسفته المتنوعة الشاملة، نرجو أن تكون فلسفة التربية الجديدة في خدمة مشروع التحديث والإصلاح الذي تعرفه البلاد منذ سنوات.
وكما قال الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي جون ديوي: «إن التربية هي دعامة التقدم الاجتماعي، التربية ليست إعداداً من أجل الحياة، إنها الحياة نفسها».
ماذا نعنيه بالمسارات؟
لنأخذ التعريف الذي اقترحه غولدشميد للمسار في كتابه الهام
Modular instruction in higher education:
«إنه وحدة متميزة ومستقلة ضمن مجموعة منظمة من النشاطات التكوينية التي تبرمج من أجل مساعدة العمل التربوي للوصول إلى بعض الأهداف المحددة».
ما نستشفه من هذا التعريف النظري الذي يعتمده خبراء التربية هو أن نظام المسارات ينطلق من المفهوم الشامل للتعليم من حيث هو برامج وأنشطة تكوينية متنوعة يقصد بها تحقيق غايات مرسومة بدقة في النظام التربوي.
ولا بد أن نوضح هنا أن الاستراتيجيات التربوية عادة ما تتأرجح بين مقاربتين:
- مقاربة شمولية لا تمييز فيها ولا تخصيص، تقوم على الشحن والتلقين، من منظور تكافؤ وتساوي الملكات والاستعدادات التربوية لكل الطلبة، على أن يكون التمايز محصوراً في التعليم الجامعي؛ وفق الخط الفاصل التقليدي بين الاختصاصات العلمية والإنسانية.
- مقاربة تخصصية أولية، تقوم على استكشاف المهارات والميزات الشخصية منذ مراحل التعليم الأولى، باعتبار أن هذه الكفاءات الخصوصية تبدأ منذ سنوات الطفولة المبكرة ومن الخطأ إهمالها وعدم تطويرها.
إن هذا الجدل الذي سيطر على الأدبيات التربوية عقوداً طويلة، انعكس في بلادنا وفي كل البلدان العربية بحدة، وإن كانت السياسات التربوية لم تنجح في الغالب في حسمه إجرائياً.
لا شك أن نظام المسارات الذي تعتمده مؤخراً السلطات العمومية يجمع بين مزايا كلا النظامين الشمولي والمتخصص، بما يبرز في مستويات ثلاث واضحة:
أولاً: بناء قاعدة ثقافية أولية صلبة للطالب تتمثل في المعلومات والمعارف العامة المشتركة التي تؤسس للقيم الإنسانية الأساسية وتكرس وشائج المواطنة والتضامن الاجتماعي التي لا معنى لدولة وطنية حديثة دونها. إن هذا الجانب من التكوين ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه، فهو المكمل للتربية الدينية العامة على المستوى المدني والاجتماعي.
ثانياً: فسح المجال للطلاب منذ سنوات التعليم الأولى لاكتشاف مواهبهم وقدراتهم من خلال توفير تكوين متنوع شامل دونه لا يمكن ضبط الخصوصيات الشخصية والكفاءات الذاتية. فنظام المسارات هو الذي يسمح بالتمييز والانتقاء ضمن مجموعة متنوعة من الخيارات المتاحة.
ثالثاً: فتح الباب أمام التعليم المتخصص الناجع بدلاً من القولبة الأحادية المفروضة أو من التخصص المتعسف الذي هو حصيلة ضغوط وإكراهات وليس نتاج تمرن متدرج ومهارات مكتسبة.
لقد تعاملت الأنظمة التربوية في السابق مع التعليم على أنه مجرد نشاط تكويني غرضه توفير حاجيات الإدارة والمؤسسات العمومية والخاصة من الأطر والكفاءات الفنية، دون التعرض لفلسفة التربية بالإجابة عن السؤال المحوري: أي مدرسة لأي مجتمع؟
فدون الإجابة على هذا السؤال لا معنى لتكوين النشء في مدارس تلقن المتلقي معلومات لا تهدف لغاية ولا لمشروع اجتماعي.
بالتحول إلى نظام المسارات في فلسفته المتنوعة الشاملة، نرجو أن تكون فلسفة التربية الجديدة في خدمة مشروع التحديث والإصلاح الذي تعرفه البلاد منذ سنوات.
وكما قال الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي جون ديوي: «إن التربية هي دعامة التقدم الاجتماعي، التربية ليست إعداداً من أجل الحياة، إنها الحياة نفسها».