هذه مقولة الكاتب البريطاني الشهير برناردشو عندما سُئل عن سرّ «كثافة الشعر في لحيته، لكنه أصلع»، فأجاب على غرار المذهب الاقتصادي: غزارةٌ في الإنتاج، وسوءٌ في التوزيع.
هذه المقولة توصّف بجدارة ظاهرة اتصالية في المنظمات. كيف؟ تأمل لوهلة، وستجد هذا الولع الرهيب لبعض المنظمات في الرغبة بالحضور الدائم سواء عبر التغريدات أو الأخبار والفعاليات أيضاً. ثم هنا -وهو المهم- تساءل عن النتيجة أو المؤدى النهائي لهذا الهوس بالحضور، هل هو حضور ينتهي ببناء صورة أو صناعة حضور، أم مجرد تسجيل حضور؟
شخصياً، عندما تأملت الموضوع بالملاحظة العامة لا البحث الإحصائي والتحليلي المتخصص، وجدت أن الموضوع لا يعدو كونه تطفلاً ورغبةً في تسجيل حضور، لا علاقة به بصناعة تأثير أو تكريس صورة. بل على العكس، بدا لي كما لو كان وصفة مدمرة لصورة المنظمة، وتأسيساً للتقليل منها، وعدم احترامها، بتكلّف صناعة حضور مزيف لها.
وهنا، أطرح - في رأيي- أبرز أسباب المشكلة لهذا الحضور السلبي، وتكمن في استحضار بعض الركائز الإستراتيجية الاتصالية، ومنها:
1- بعض القائمين على الاتصال في المنظمات ينهارون أمام رغبات المنظمة في تسجيل حضور دائم، دون أي هدف أو معنى لذلك. وبعض هذه المنظمات من فرط نهمها في الحضور تشعر كما لو كانت في منافسة مع نجوم السوشال ميديا ومشاهير سناب شات.
2- عدم الوعي بأن «الغياب أحياناً حضور». ملاحقة الحضور لا يعني شيئاً. فالمنظمة لها شخصيتها، لذا عندما تكون وقورة ومتزنة، فحتماً لن تمضي في المبالغة لتعظيم وجودها، لأنها تثق بأن عملها وما تقوم به، هو من يتحدث عنها.
3- الممارسة الاتصالية التي ينعزل فيها ممارس الاتصال عن رأيه الاتصالي، تكون هنا خسارته لقيمته المهنية والاتصالية، وتعني أنه -مع الأسف- غير مستقل ولا صادق. لذا يجب تذكر أن الأمر يتعلق دائماً بصيانة مصلحة المنظمة، وأن الموضوع يتجاوز المجاملات الشخصية، وسيكون على حساب مستقبل وسمعة المنظمة ومنسوبيها.
4- غياب القدرة على استيعاب هذا المفهوم الاتصالي العبقري، وهي أنك كممارس اتصال، سيكون أمامك دائماً خياران اثنان لا ثالث لهما. أولاً، إمّا أن تكون جزءاً من صناعة القرار وصياغة التوجهات الإستراتيجية، وهذا يعني أن تكون جريئاً على نحو يحفظ للمنظمة صحة توجهاتها ووقار حضورها. والخيار الثاني، أن تكون مجرد منفذ لتوجهات الآخرين في المنظمة، وهذا يعني أنه ربما تؤدي الحد الأدنى المطلوب منك، لكن هذا بالتأكيد يعني أنه يعوزك الإبداع والجرأة والقدرة على اجتراح الحلول لمصلحة المنظمة.
5- تقليد الجهات لبعضها اتصالياً أمر شائع، ويتم على نحو تقليدي، إذ تجد منظمات تتفاعل مع موضوعات ربما لا تتقاطع من توجهاتها الإستراتيجية ولا تخدمها. وهذا برأيي لا يقدّم سوى تفسير واحد، وهو أن المنظمة تتوارى خلف الإخفاقات، وربما لا يوجد لديها بضاعة لتقدمها، وربما أيضاً أن لديها عملاً حقيقياً لكنها لم تعرف قيمته أو طريقة طرحه وتقديمه.
ختاماً، نعيد مقولة برناردشو «غزارة في الإنتاج، وسوء في التوزيع» التي تعني اتصالياً: لستَ مجبوراً على الحضور إذا لم يكن لديك ما تعرضه، وتذكر أن الغياب أحياناً حضور.
هذه المقولة توصّف بجدارة ظاهرة اتصالية في المنظمات. كيف؟ تأمل لوهلة، وستجد هذا الولع الرهيب لبعض المنظمات في الرغبة بالحضور الدائم سواء عبر التغريدات أو الأخبار والفعاليات أيضاً. ثم هنا -وهو المهم- تساءل عن النتيجة أو المؤدى النهائي لهذا الهوس بالحضور، هل هو حضور ينتهي ببناء صورة أو صناعة حضور، أم مجرد تسجيل حضور؟
شخصياً، عندما تأملت الموضوع بالملاحظة العامة لا البحث الإحصائي والتحليلي المتخصص، وجدت أن الموضوع لا يعدو كونه تطفلاً ورغبةً في تسجيل حضور، لا علاقة به بصناعة تأثير أو تكريس صورة. بل على العكس، بدا لي كما لو كان وصفة مدمرة لصورة المنظمة، وتأسيساً للتقليل منها، وعدم احترامها، بتكلّف صناعة حضور مزيف لها.
وهنا، أطرح - في رأيي- أبرز أسباب المشكلة لهذا الحضور السلبي، وتكمن في استحضار بعض الركائز الإستراتيجية الاتصالية، ومنها:
1- بعض القائمين على الاتصال في المنظمات ينهارون أمام رغبات المنظمة في تسجيل حضور دائم، دون أي هدف أو معنى لذلك. وبعض هذه المنظمات من فرط نهمها في الحضور تشعر كما لو كانت في منافسة مع نجوم السوشال ميديا ومشاهير سناب شات.
2- عدم الوعي بأن «الغياب أحياناً حضور». ملاحقة الحضور لا يعني شيئاً. فالمنظمة لها شخصيتها، لذا عندما تكون وقورة ومتزنة، فحتماً لن تمضي في المبالغة لتعظيم وجودها، لأنها تثق بأن عملها وما تقوم به، هو من يتحدث عنها.
3- الممارسة الاتصالية التي ينعزل فيها ممارس الاتصال عن رأيه الاتصالي، تكون هنا خسارته لقيمته المهنية والاتصالية، وتعني أنه -مع الأسف- غير مستقل ولا صادق. لذا يجب تذكر أن الأمر يتعلق دائماً بصيانة مصلحة المنظمة، وأن الموضوع يتجاوز المجاملات الشخصية، وسيكون على حساب مستقبل وسمعة المنظمة ومنسوبيها.
4- غياب القدرة على استيعاب هذا المفهوم الاتصالي العبقري، وهي أنك كممارس اتصال، سيكون أمامك دائماً خياران اثنان لا ثالث لهما. أولاً، إمّا أن تكون جزءاً من صناعة القرار وصياغة التوجهات الإستراتيجية، وهذا يعني أن تكون جريئاً على نحو يحفظ للمنظمة صحة توجهاتها ووقار حضورها. والخيار الثاني، أن تكون مجرد منفذ لتوجهات الآخرين في المنظمة، وهذا يعني أنه ربما تؤدي الحد الأدنى المطلوب منك، لكن هذا بالتأكيد يعني أنه يعوزك الإبداع والجرأة والقدرة على اجتراح الحلول لمصلحة المنظمة.
5- تقليد الجهات لبعضها اتصالياً أمر شائع، ويتم على نحو تقليدي، إذ تجد منظمات تتفاعل مع موضوعات ربما لا تتقاطع من توجهاتها الإستراتيجية ولا تخدمها. وهذا برأيي لا يقدّم سوى تفسير واحد، وهو أن المنظمة تتوارى خلف الإخفاقات، وربما لا يوجد لديها بضاعة لتقدمها، وربما أيضاً أن لديها عملاً حقيقياً لكنها لم تعرف قيمته أو طريقة طرحه وتقديمه.
ختاماً، نعيد مقولة برناردشو «غزارة في الإنتاج، وسوء في التوزيع» التي تعني اتصالياً: لستَ مجبوراً على الحضور إذا لم يكن لديك ما تعرضه، وتذكر أن الغياب أحياناً حضور.