مرت العلاقات السعودية الأمريكية بالكثير من فترات الشد والجذب، وهذا التجاذب والتنافر أمر طبيعي في عالم السياسة المتغير بوتيرة متسارعة، فالعلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول تحكمها مصالح كل طرف، ولهذا فإنها تتسم بالتغير والاختلاف طيلة الوقت، كما أن عالم السياسة تختلط فيه الأوراق بسبب تضارب المصالح في بعض الأحيان، وهو أشبه بسفينة تلاطمها الأمواج العاتية ويعلم ربانها أنه يحمل مسؤولية تاريخية أمام ركابها حتى يصل بهم إلى شاطئ الأمان، وفي عالم السياسة قد يكون عدو اليوم هو صديق الأمس، وصديق اليوم هو من خضنا معه الكثير من المعارك بالأمس، غير أنه في نهاية المطاف ما يؤطر عالم السياسة ينبغي أن يتمحور حول التزام جميع الأطراف بالمعايير والقواعد والمواثيق الدولية والإقليمية المتفق عليها وعدم الخروج عليها تحت أي مسمى وطبقاً لأي ظرف.
ومن الملاحظ أنه على الرغم من وجود بعض فترات من التوتر بين المملكة وبين الولايات المتحدة، إلا أن الأمر لم يصل بينهما لحد القطيعة الكاملة أو حتى العداء بالمعنى الدقيق للكلمة، فلكلا الدولتين ثقلهما ووزنهما ومصالحهما المشتركة، ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية حليفاً مقرباً لها خاصة في مجال محاربة الإرهاب، حيث نجح التعاون المشترك بينهما في اجتثاث الكثير من البؤر الإرهابية التي كانت منتشرة في المنطقة، وهو ما عاد على الطرفين بالكثير من الفوائد والمزايا، ولولا تعاونهما لسقطت المنطقة بأكملها في مستنقع التطرف الأعمى، الذي كان موجهاً بصورة مباشرة لمعاداة الولايات المتحدة.
في ثمانينات القرن الماضي كانت المملكة -آنذاك- في أشد الحاجة لامتلاك صواريخ إستراتيجية بعيدة المدى لمواجهة خطر التمدد الإيراني، غير أن الإدارة الأمريكية -وقتذاك- راوغت وتملصت من إتمام الصفقة بسبب الضغوط التي مورست على إدارة الرئيس الأسبق ريجان، وعندها أدركت المملكة أن مصالحها القومية تتطلب إتمام الصفقة من خلال أي طرف آخر خلاف الولايات المتحدة، مما دفعها لشراء تلك الصواريخ من الصين وهو ما أثار زوبعة من الاعتراضات وقتذاك داخل البيت الأبيض، إلا أن دبلوماسية المملكة الحكيمة ساهمت في أن تمر الأزمة بسلام ودون تبعات مؤثرة، وهو ما ساهم فيه إدراك الطرف الأمريكي أن للمملكة مصالحها وأهدافها الخاصة التي يجب أن تُحترم كما تُحترم مصالح وأهداف الولايات المتحدة، فلم تستطع الولايات المتحدة -وقتذاك- إنكار حق المملكة السيادي في شراء ما تحتاجه من صواريخ من أي جهة كانت.
خلال الفترة الحالية نستشعر بعض التردد «أو التخبط إن جاز التعبير» في سياسة الرئيس بايدن بسبب بعض الضغوط من أعضاء حزبه ممن لا يمكنه تجاهل مطالبهم لما قد يشكله ذلك من مخاطر حقيقية على مستقبله السياسي، وقد يتمكن الرئيس الأمريكي من المناورة لبعض الوقت مع أعضاء حزبه النافذين، ولكنه قد لا يتمكن من مواجهتهم طيلة الوقت والتنصل من وعوده الانتخابية، ومن الواضح أن الصقور من أعضاء حزبه لديهم علاقات شخصية مع العديد من دول العالم، وهذه العلاقات الخفية قد تُترجم على شكل ضغوط يتم ممارستها على الرئيس الأمريكي لتنفيذ أجندة بعينها لها أهداف محددة.
غير أنه في المقابل -وهو أمر يتجاهله صناع القرار الأمريكي عمداً- فإن للمملكة (كدولة ذات ثقل سياسي بارز ووزن اقتصادي مؤثر ومكانة إقليمية ودينية) الكثير من العلاقات الدبلوماسية الجيدة مع كافة القوى السياسية الكبرى بالعالم، والتي ترغب كل منها في مد جسور الصداقة مع المملكة، ومن المؤكد أن المملكة كدولة تملك الكثير من العلاقات المنفتحة وذات المصالح المشتركة مع الدول الأخرى، لذلك فهي تستطيع أن تطبق السياسة التي تصب في نهاية المطاف في تحقيق أمنها وتحقيق مصالح شعبها، ومن المؤكد أنها لن تكترث لأي حملة عدائية مأجورة تسعى لتغيير دفة سياستها القومية لتصب في صالح أي طرف.
لاشك أن الإدارة الأمريكية الحالية أدركت أن وعودها الانتخابية أشبه بالسراب، ففي الوقت الراهن أثبتت كافة الأحداث أن خيوط اللعبة السياسية والاقتصادية بيد المملكة وليس بيد الإدارة الأمريكية، فالمملكة تعتمد إستراتيجية تعدد التحالفات وهي إستراتيجية ناجحة وحكيمة تماماً، وقد مكنتها من الاستقلالية في القرار وعدم التبعية لأي طرف كان، وقد أذهلت نتائج تلك الإستراتيجية إدراة الرئيس بايدن نفسه، ومن المؤكد أن الساسة المخضرمين سواء في الحزب الديموقراطي أو الجمهوري قد أبلغوه بأن سياسته قد ينتج عنها تبعات سياسية واقتصادية تضر بمصالح الولايات المتحدة نفسها، وإن استمرت فقد تعجز عن التعامل معها لاحقاً.
من الواضح أن الأزمة الروسية الأوكرانية قد ألقت بظلالها الثقيلة على غالبية العلاقات الدولية بالعالم، وهو ما دفع الولايات المتحدة لإعادة ترتيب أوراقها مرة أخرى والمراهنة على الطرف الأقوى، لهذا عليها أن تدرك أنه لا مكان للحرج الآن، فإن أضاعت فرصة استعادة العلاقات وترميم الجسور فقد لا تسنح لها تلك الفرصة مرة أخرى قريباً، فيد المملكة ممدودة بالسلام دائماً، وكل ما على الولايات المتحدة هو أن تضع الحملات الإعلامية المغرضة جانباً وتُقبل على إعادة العلاقات الطيبة مع المملكة بنية صادقة، وعندها ستعود المياه إلى مجاريها الطبيعية.
ومن الملاحظ أنه على الرغم من وجود بعض فترات من التوتر بين المملكة وبين الولايات المتحدة، إلا أن الأمر لم يصل بينهما لحد القطيعة الكاملة أو حتى العداء بالمعنى الدقيق للكلمة، فلكلا الدولتين ثقلهما ووزنهما ومصالحهما المشتركة، ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية حليفاً مقرباً لها خاصة في مجال محاربة الإرهاب، حيث نجح التعاون المشترك بينهما في اجتثاث الكثير من البؤر الإرهابية التي كانت منتشرة في المنطقة، وهو ما عاد على الطرفين بالكثير من الفوائد والمزايا، ولولا تعاونهما لسقطت المنطقة بأكملها في مستنقع التطرف الأعمى، الذي كان موجهاً بصورة مباشرة لمعاداة الولايات المتحدة.
في ثمانينات القرن الماضي كانت المملكة -آنذاك- في أشد الحاجة لامتلاك صواريخ إستراتيجية بعيدة المدى لمواجهة خطر التمدد الإيراني، غير أن الإدارة الأمريكية -وقتذاك- راوغت وتملصت من إتمام الصفقة بسبب الضغوط التي مورست على إدارة الرئيس الأسبق ريجان، وعندها أدركت المملكة أن مصالحها القومية تتطلب إتمام الصفقة من خلال أي طرف آخر خلاف الولايات المتحدة، مما دفعها لشراء تلك الصواريخ من الصين وهو ما أثار زوبعة من الاعتراضات وقتذاك داخل البيت الأبيض، إلا أن دبلوماسية المملكة الحكيمة ساهمت في أن تمر الأزمة بسلام ودون تبعات مؤثرة، وهو ما ساهم فيه إدراك الطرف الأمريكي أن للمملكة مصالحها وأهدافها الخاصة التي يجب أن تُحترم كما تُحترم مصالح وأهداف الولايات المتحدة، فلم تستطع الولايات المتحدة -وقتذاك- إنكار حق المملكة السيادي في شراء ما تحتاجه من صواريخ من أي جهة كانت.
خلال الفترة الحالية نستشعر بعض التردد «أو التخبط إن جاز التعبير» في سياسة الرئيس بايدن بسبب بعض الضغوط من أعضاء حزبه ممن لا يمكنه تجاهل مطالبهم لما قد يشكله ذلك من مخاطر حقيقية على مستقبله السياسي، وقد يتمكن الرئيس الأمريكي من المناورة لبعض الوقت مع أعضاء حزبه النافذين، ولكنه قد لا يتمكن من مواجهتهم طيلة الوقت والتنصل من وعوده الانتخابية، ومن الواضح أن الصقور من أعضاء حزبه لديهم علاقات شخصية مع العديد من دول العالم، وهذه العلاقات الخفية قد تُترجم على شكل ضغوط يتم ممارستها على الرئيس الأمريكي لتنفيذ أجندة بعينها لها أهداف محددة.
غير أنه في المقابل -وهو أمر يتجاهله صناع القرار الأمريكي عمداً- فإن للمملكة (كدولة ذات ثقل سياسي بارز ووزن اقتصادي مؤثر ومكانة إقليمية ودينية) الكثير من العلاقات الدبلوماسية الجيدة مع كافة القوى السياسية الكبرى بالعالم، والتي ترغب كل منها في مد جسور الصداقة مع المملكة، ومن المؤكد أن المملكة كدولة تملك الكثير من العلاقات المنفتحة وذات المصالح المشتركة مع الدول الأخرى، لذلك فهي تستطيع أن تطبق السياسة التي تصب في نهاية المطاف في تحقيق أمنها وتحقيق مصالح شعبها، ومن المؤكد أنها لن تكترث لأي حملة عدائية مأجورة تسعى لتغيير دفة سياستها القومية لتصب في صالح أي طرف.
لاشك أن الإدارة الأمريكية الحالية أدركت أن وعودها الانتخابية أشبه بالسراب، ففي الوقت الراهن أثبتت كافة الأحداث أن خيوط اللعبة السياسية والاقتصادية بيد المملكة وليس بيد الإدارة الأمريكية، فالمملكة تعتمد إستراتيجية تعدد التحالفات وهي إستراتيجية ناجحة وحكيمة تماماً، وقد مكنتها من الاستقلالية في القرار وعدم التبعية لأي طرف كان، وقد أذهلت نتائج تلك الإستراتيجية إدراة الرئيس بايدن نفسه، ومن المؤكد أن الساسة المخضرمين سواء في الحزب الديموقراطي أو الجمهوري قد أبلغوه بأن سياسته قد ينتج عنها تبعات سياسية واقتصادية تضر بمصالح الولايات المتحدة نفسها، وإن استمرت فقد تعجز عن التعامل معها لاحقاً.
من الواضح أن الأزمة الروسية الأوكرانية قد ألقت بظلالها الثقيلة على غالبية العلاقات الدولية بالعالم، وهو ما دفع الولايات المتحدة لإعادة ترتيب أوراقها مرة أخرى والمراهنة على الطرف الأقوى، لهذا عليها أن تدرك أنه لا مكان للحرج الآن، فإن أضاعت فرصة استعادة العلاقات وترميم الجسور فقد لا تسنح لها تلك الفرصة مرة أخرى قريباً، فيد المملكة ممدودة بالسلام دائماً، وكل ما على الولايات المتحدة هو أن تضع الحملات الإعلامية المغرضة جانباً وتُقبل على إعادة العلاقات الطيبة مع المملكة بنية صادقة، وعندها ستعود المياه إلى مجاريها الطبيعية.