الديمقراطية، في النهاية، هي معادلة كمية معيارها الحاسم الأغلبية العددية. وهذا من أبرز مثالب الديمقراطية، حيث قد ينتهي بها المطاف لتصبح ديكتاتورية مستبدة، تطيح بقيم الليبرالية. المعروف: أن الديمقراطية لا تنهي الصراع على السلطة، لكنها تهذبه وتستأنس حركته، ليخرج من دائرة العنف ويُدار داخل حلبة التداول السلمي على السلطة.
الديمقراطية، بها الكثير من الخيال والرومانسية، ربما أكثر من واقعية الحراك السياسي ومآله وغايته. رومانسية الديمقراطية نجدها في قيم الليبرالية بخلفيتها العلمانية المتسامحة. والأهم: ربط شرعية النخبة الحاكمة، رموزاً ومؤسسات، بإرادةِ الناس. على المستوى النظري، على الأقل، الديمقراطية هي توكيدٌ لسيادةِ الشعب، لا لرموزه ومؤسساته الحاكمة.
في حقيقة الأمر: تتلخص شرعية الديمقراطية في معادلة كمية لا تتعدى جزءاً من واحدٍ في المئة من حجم الإرادة العامة، هذا إذا ما افترضنا مشاركة سياسية كاملة. كمياً: الديمقراطية تأخذ بمعادلة الأغلبية المطلقة (٥٠% + ١)، لقياس توجه الإرادة العامة وخياراتها. ومن ثَمّ تقلد المناصب العامة في الحكومة. بعبارة أخرى: أن مَنْ يحصل على هذا النصاب، من حجم الإرادة العامة، يحكم، وربما يستبد في حكمه. هناك: من يجادل: أن الديمقراطية هي مشروع لاستبداد الأقلية، لا رمزاً لسيادةِ الإرادة العامة. كارل ماركس (١٨١٨ – ١٨٨٣)، مثلاً، يرى: أن الحكم الرشيد، هو ديكتاتورية البروليتاريا، لتعبيرها عن القوة المنتجة الحقيقية في المجتمع، لا النخب الأرستقراطية التي يأتي بها رأس المال، ليسخّرها أداةً لسيطرته السياسية.
ليس هناك من ضمانة عملية، ألا تتحول الديمقراطية إلى ممارسة لشرعنة الاستبداد، طالما أنها تعتمد على هذا المعيار الكمي لقياس توجه الإرادة العامة. منذ البداية: الممارسة الديمقراطية صُمِّمَت لتواكب وتتماهى مع واقع الخريطة الاجتماعية، التي كانت تعكس حينها واقع سيادة جماعة ما عددياً على بقية فئات المجتمع. متى بدأت هذه الخريطة، مع الوقت، في إحداث تغييرات ملفتة في توزيع واقع الإرادة العامة في المجتمع، تكون بداية النهاية للديمقراطية، وبالتبعية: تأخذ إرهاصات التوجه نحو الديكتاتورية والاستبداد، مضحيةً بكل قيم الليبرالية وتسامحها.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بدأ نفوذ العرق الأنجلو سكسوني البروتستانتي (WASP) يتضاءل، نتيجة لتزايد أعداد الأعراق والطوائف وتابعي الثقافات والديانات الأخرى. هذا التطوّر، عَكْسَ ما ذهب إليه المؤرخ الفرنسي أليكسيس دي توكوفيل (١٨٠٥ – ١٨٥٩)، أدى لظهور تيار شعبوي متطرف لا يرى في الديمقراطية الأداة المثلى لمواصلة سيادته المجتمعية وسطوته السياسية، وكان التنكر للممارسة الديمقراطية في مقدمة أولويات «النضال» السياسي السلبي والعنيف، لدعاة تفوق العرق الأبيض.
في أوروبا، تصاعدُ أعدادِ المواطنين من أصولٍ غير مسيحيةٍ أوروبية، دَقَ ناقوس الخطر لدى الجماعات العرقية الأصلية، بإعادة النظر في الممارسة الديمقراطية ومنطلقاتها الأيديولوجية.. والأهم: التشكيك في جدارتها السياسية والعملية. المشكلة تتعقد أكثر في مجتمعات جنوب الكرة الأرضية، حيث تسود ثقافات وديانات وأعراق، يصعب معها الركون إلى تعددية سياسية ليبرالية تحتوي ممارسة ديمقراطية حقيقية.
هذا ما يحصل في الهند، حيث ترى الأغلبية الهندوسية خطراً متنامياً على مكانتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إذا ما تجاوزت الأعراق الأخرى مثل المسلمين حاجز الـ١٥٪ من السكان. لذا نرى أكبر الديمقراطيات في العالم تمارس اضطهاداً قمعياً عنيفاً منظماً ضد المواطنين الهنود المسلمين. مزاعم إسرائيل الديمقراطية نراها تنهار لمواجهة أقلية فلسطينية يتزايد عددها، لتتحول عن قريبٍ من كونها عاملَ عدم استقرارٍ لنظامها السياسي إلى معولِ هدمٍ أساسيٍ يهدد وجود إسرائيل، ككيان خالص لليهود.
عامل عدم الاستقرار الرئيس في الممارسة الديمقراطية يكمن في اعتمادها بحسمٍ على متغيرٍ كميٍ عدديٍ متحولٍ بصورةٍ مطردةٍ تجاه تناقص نصيب الجماعات التقليدية، من موارد النظام السياسي، لصالح جماعات جديدة غير تقليدية، كانت تعيش على هامش الحياة السياسية وأضحت تنافس بشراسة على زيادة نصيبها من تلك الموارد، بالذات السلطة.
الديمقراطية، بها الكثير من الخيال والرومانسية، ربما أكثر من واقعية الحراك السياسي ومآله وغايته. رومانسية الديمقراطية نجدها في قيم الليبرالية بخلفيتها العلمانية المتسامحة. والأهم: ربط شرعية النخبة الحاكمة، رموزاً ومؤسسات، بإرادةِ الناس. على المستوى النظري، على الأقل، الديمقراطية هي توكيدٌ لسيادةِ الشعب، لا لرموزه ومؤسساته الحاكمة.
في حقيقة الأمر: تتلخص شرعية الديمقراطية في معادلة كمية لا تتعدى جزءاً من واحدٍ في المئة من حجم الإرادة العامة، هذا إذا ما افترضنا مشاركة سياسية كاملة. كمياً: الديمقراطية تأخذ بمعادلة الأغلبية المطلقة (٥٠% + ١)، لقياس توجه الإرادة العامة وخياراتها. ومن ثَمّ تقلد المناصب العامة في الحكومة. بعبارة أخرى: أن مَنْ يحصل على هذا النصاب، من حجم الإرادة العامة، يحكم، وربما يستبد في حكمه. هناك: من يجادل: أن الديمقراطية هي مشروع لاستبداد الأقلية، لا رمزاً لسيادةِ الإرادة العامة. كارل ماركس (١٨١٨ – ١٨٨٣)، مثلاً، يرى: أن الحكم الرشيد، هو ديكتاتورية البروليتاريا، لتعبيرها عن القوة المنتجة الحقيقية في المجتمع، لا النخب الأرستقراطية التي يأتي بها رأس المال، ليسخّرها أداةً لسيطرته السياسية.
ليس هناك من ضمانة عملية، ألا تتحول الديمقراطية إلى ممارسة لشرعنة الاستبداد، طالما أنها تعتمد على هذا المعيار الكمي لقياس توجه الإرادة العامة. منذ البداية: الممارسة الديمقراطية صُمِّمَت لتواكب وتتماهى مع واقع الخريطة الاجتماعية، التي كانت تعكس حينها واقع سيادة جماعة ما عددياً على بقية فئات المجتمع. متى بدأت هذه الخريطة، مع الوقت، في إحداث تغييرات ملفتة في توزيع واقع الإرادة العامة في المجتمع، تكون بداية النهاية للديمقراطية، وبالتبعية: تأخذ إرهاصات التوجه نحو الديكتاتورية والاستبداد، مضحيةً بكل قيم الليبرالية وتسامحها.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بدأ نفوذ العرق الأنجلو سكسوني البروتستانتي (WASP) يتضاءل، نتيجة لتزايد أعداد الأعراق والطوائف وتابعي الثقافات والديانات الأخرى. هذا التطوّر، عَكْسَ ما ذهب إليه المؤرخ الفرنسي أليكسيس دي توكوفيل (١٨٠٥ – ١٨٥٩)، أدى لظهور تيار شعبوي متطرف لا يرى في الديمقراطية الأداة المثلى لمواصلة سيادته المجتمعية وسطوته السياسية، وكان التنكر للممارسة الديمقراطية في مقدمة أولويات «النضال» السياسي السلبي والعنيف، لدعاة تفوق العرق الأبيض.
في أوروبا، تصاعدُ أعدادِ المواطنين من أصولٍ غير مسيحيةٍ أوروبية، دَقَ ناقوس الخطر لدى الجماعات العرقية الأصلية، بإعادة النظر في الممارسة الديمقراطية ومنطلقاتها الأيديولوجية.. والأهم: التشكيك في جدارتها السياسية والعملية. المشكلة تتعقد أكثر في مجتمعات جنوب الكرة الأرضية، حيث تسود ثقافات وديانات وأعراق، يصعب معها الركون إلى تعددية سياسية ليبرالية تحتوي ممارسة ديمقراطية حقيقية.
هذا ما يحصل في الهند، حيث ترى الأغلبية الهندوسية خطراً متنامياً على مكانتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إذا ما تجاوزت الأعراق الأخرى مثل المسلمين حاجز الـ١٥٪ من السكان. لذا نرى أكبر الديمقراطيات في العالم تمارس اضطهاداً قمعياً عنيفاً منظماً ضد المواطنين الهنود المسلمين. مزاعم إسرائيل الديمقراطية نراها تنهار لمواجهة أقلية فلسطينية يتزايد عددها، لتتحول عن قريبٍ من كونها عاملَ عدم استقرارٍ لنظامها السياسي إلى معولِ هدمٍ أساسيٍ يهدد وجود إسرائيل، ككيان خالص لليهود.
عامل عدم الاستقرار الرئيس في الممارسة الديمقراطية يكمن في اعتمادها بحسمٍ على متغيرٍ كميٍ عدديٍ متحولٍ بصورةٍ مطردةٍ تجاه تناقص نصيب الجماعات التقليدية، من موارد النظام السياسي، لصالح جماعات جديدة غير تقليدية، كانت تعيش على هامش الحياة السياسية وأضحت تنافس بشراسة على زيادة نصيبها من تلك الموارد، بالذات السلطة.