للروائي الفرنسي (برنارد زيمر) عمل بعنوان (نابليون المسكين) وبحسب ما يروي توفيق الحكيم، كان هذا النابليون، ما يشوف فوق رأسه رأس، ودارت عليه رحى الأيام، فانحلّ المكان، واضمحلّت المكانة، وغدا مأسوراً في قلعة، وللقلعة نافذة يطل منها على حياة الناس اليومية، وكان يتعجب، ويسأل سجانه؛ كيف عاش شعبي بدوني، ولماذا لم تتعطل حياتهم؟! فقال الحارس؛ ومن أنت؟ فقال؛ أنا الإمبراطور، فقال الحارس؛ إمبراطور لمن، وعلى ماذا؟.
ويعلّق الحكيم: «مات الإمبراطور سجيناً بين سكون النسيان، لا يُشيّع جثمانه سوى خادم وسجّان، يا للقسوة، إن السماء لتنتقم أحياناً ممن يتوهم أنه قد غيّر وجه العالم، فتؤخر موته أياماً عن الوقت، الذي كان ينبغي فيه أن يموت، حتى يرى بعينيه، قبل أن تُغلقا، أن العالم بخير، لم يتغير فيه شيء بذهابه، ولم تخفت ضحكاته، ولم تقف برحيله عجلاته».
شوفة النفس؛ ربما تخامر صاحب المنصب الرفيع، وتُلازم بعض ذوي المنكب الوضيع، وقد يكون التعالي رداً استباقياً لمواجهة الرفض الواقع والمتوقع للمتعالي، فشايف النفس (المغرور) منفوش الريش؛ يعاني من ضعف، وحُمق، وتاريخه صفحات من بلادة، وفقدان ثقة بالذات، وعجز عن تطوير القدرات، وحرمان من نعمة الأخلاق.
على أيش شايف نفسك؟ نسمع هذا السؤال في مقام احتجاج المصدوم؛ على صادمه. والذي يصدم الآخرين بسوء التعامل، ومخاطبتهم من (زُمارة خشمه) يحتاج تربية وتأديب، وربما يدخل في الإدانة القانونية والتجريم لما يسببه من أذى للآخرين، وما أبلغ القائل «نحن مررنا بمخرج البول مرتين» نطفة من الآباء والأمهات، وخروج من بطون الأمهات، كما أن الأصل طين، وكلما فتحنا القبور لا نجد الشخصيات المرسّمة مقتعدة على كراسي دوارة، بل شوية عظام بالية ورميم وأتربة، فقط.
لا أُحابي إن قلتُ إن الذي يمتلك مؤهلات شوفة النفس المادية أو المحسوسة أو الملموسة من؛ (حسب ونسب ومال وجاه ومكانة) لا يشوف نفسه على الناس؛ بل نجدهم بالتعامل؛ أنقى وأكرم وأهون الخلق، وأكثرهم تواضعاً غير متكلف، برغم أنه من عِلية القوم الذين خصّهم ربهم؛ بنصاعة المواقف؛ وطيب المذاهب، وشرف النزال، ومروءة الخصام، وسرعة نسيان أخطاء الآخرين؛ والعفو عنهم بسمو حانٍ، ومسامحة راقية.
ربما اختلط الأمر على بعض اللي شايفين نفوسهم، وتداخل الكِبر بالغرور بالكبرياء؛ والكبرياء محمود، إلا أنه شعور معنوي في النفس، يراه الآخرون دون أن يفعله صاحبه أو يفتعله.
شوفة النفس؛ أشبه ببالون منفوخ بالهواء؛ والذي يشوف نفسه ما يدري أن محيطه شبه مُجمع على النفور منه؛ ولذا كثيراً ما نسمع، عبارة (الله ما أخسه)، أو (الله ما أثقل دمه)، و(الله لا يوفّق من حطه)، وبمجرد أن تسأل عن المقصود؛ والمستهدف؛ تجدهم يقصدون شخصاً؛ كنتَ تظن أنك الوحيد الذي يعتقد أنه شايف نفسه.
تُعد شخصيات اللي شايفين نفوسهم مهزوزة وتعاني من عقدة النقص، ولشوفة النفس أسباب إضافية؛ منها الغبن الاجتماعي؛ والانحطاط الأخلاقي، والتخلف الاقتصادي، والانحراف السلوكي.
والبعض يشوف نفسه كونه اعتلى مرتبةً حقيقية أو وهميةً، وهو يعلم أنه لم يكن يحلم بها أو يتشوف لها. والشايف نفسه عندما يدرك أنه لا قيمة له عند الناس، يصطنع لنفسه قيمة وأهمية، من خلال جوقة؛ أو محيط مليء بالضحالة، والشخصيات الطحلبية ؛ الأقرب شبهاً بالمياه الآسنة.
ممكن تشوف نفسك، كونك تملك ملايين الريالات، لكن المال ينفد، وما عندالله باق، أو أنك من سلالة غير سلالة البشر، إلا أن كل الكائنات تفنى، أو أنك مسؤول كبير، وما من كبير إلا ويصغر، والكرسي يغادرك أو تغادره.
ما هي قيمة الذي يشوف نفسه على الناس في الدنيا؟ سنجيب بأنه لا قيمة له وصدق الله (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِى ٱلْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، وقوله (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ)، أما في الآخرة فيكفينا حديث (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر).
وما أبدع قول القائل:
مَثَلُ المُختالِ في مشيته؛ مثل الواقف في أعلى جبل؛ يحسب الناسَ صغاراً وهو في أعينِ الناس صغيراً لم يزل.
ومن رباعيات الشاعر صلاح جاهين «يا طير يا طاير في السما طـــــز فيك، أوعى تفكّر ربنا مصطـفيك، بالطين بدأت وللدود بكرة تعود، تمص فيه يا حلو، ويمص فيك، عجبي».
اللهم إني أعوذ بك من العُجبِ، والاغترار بالنفس، وأعوذ بك أن أرى نفسي خيراً من عبد من عبادك.
ويعلّق الحكيم: «مات الإمبراطور سجيناً بين سكون النسيان، لا يُشيّع جثمانه سوى خادم وسجّان، يا للقسوة، إن السماء لتنتقم أحياناً ممن يتوهم أنه قد غيّر وجه العالم، فتؤخر موته أياماً عن الوقت، الذي كان ينبغي فيه أن يموت، حتى يرى بعينيه، قبل أن تُغلقا، أن العالم بخير، لم يتغير فيه شيء بذهابه، ولم تخفت ضحكاته، ولم تقف برحيله عجلاته».
شوفة النفس؛ ربما تخامر صاحب المنصب الرفيع، وتُلازم بعض ذوي المنكب الوضيع، وقد يكون التعالي رداً استباقياً لمواجهة الرفض الواقع والمتوقع للمتعالي، فشايف النفس (المغرور) منفوش الريش؛ يعاني من ضعف، وحُمق، وتاريخه صفحات من بلادة، وفقدان ثقة بالذات، وعجز عن تطوير القدرات، وحرمان من نعمة الأخلاق.
على أيش شايف نفسك؟ نسمع هذا السؤال في مقام احتجاج المصدوم؛ على صادمه. والذي يصدم الآخرين بسوء التعامل، ومخاطبتهم من (زُمارة خشمه) يحتاج تربية وتأديب، وربما يدخل في الإدانة القانونية والتجريم لما يسببه من أذى للآخرين، وما أبلغ القائل «نحن مررنا بمخرج البول مرتين» نطفة من الآباء والأمهات، وخروج من بطون الأمهات، كما أن الأصل طين، وكلما فتحنا القبور لا نجد الشخصيات المرسّمة مقتعدة على كراسي دوارة، بل شوية عظام بالية ورميم وأتربة، فقط.
لا أُحابي إن قلتُ إن الذي يمتلك مؤهلات شوفة النفس المادية أو المحسوسة أو الملموسة من؛ (حسب ونسب ومال وجاه ومكانة) لا يشوف نفسه على الناس؛ بل نجدهم بالتعامل؛ أنقى وأكرم وأهون الخلق، وأكثرهم تواضعاً غير متكلف، برغم أنه من عِلية القوم الذين خصّهم ربهم؛ بنصاعة المواقف؛ وطيب المذاهب، وشرف النزال، ومروءة الخصام، وسرعة نسيان أخطاء الآخرين؛ والعفو عنهم بسمو حانٍ، ومسامحة راقية.
ربما اختلط الأمر على بعض اللي شايفين نفوسهم، وتداخل الكِبر بالغرور بالكبرياء؛ والكبرياء محمود، إلا أنه شعور معنوي في النفس، يراه الآخرون دون أن يفعله صاحبه أو يفتعله.
شوفة النفس؛ أشبه ببالون منفوخ بالهواء؛ والذي يشوف نفسه ما يدري أن محيطه شبه مُجمع على النفور منه؛ ولذا كثيراً ما نسمع، عبارة (الله ما أخسه)، أو (الله ما أثقل دمه)، و(الله لا يوفّق من حطه)، وبمجرد أن تسأل عن المقصود؛ والمستهدف؛ تجدهم يقصدون شخصاً؛ كنتَ تظن أنك الوحيد الذي يعتقد أنه شايف نفسه.
تُعد شخصيات اللي شايفين نفوسهم مهزوزة وتعاني من عقدة النقص، ولشوفة النفس أسباب إضافية؛ منها الغبن الاجتماعي؛ والانحطاط الأخلاقي، والتخلف الاقتصادي، والانحراف السلوكي.
والبعض يشوف نفسه كونه اعتلى مرتبةً حقيقية أو وهميةً، وهو يعلم أنه لم يكن يحلم بها أو يتشوف لها. والشايف نفسه عندما يدرك أنه لا قيمة له عند الناس، يصطنع لنفسه قيمة وأهمية، من خلال جوقة؛ أو محيط مليء بالضحالة، والشخصيات الطحلبية ؛ الأقرب شبهاً بالمياه الآسنة.
ممكن تشوف نفسك، كونك تملك ملايين الريالات، لكن المال ينفد، وما عندالله باق، أو أنك من سلالة غير سلالة البشر، إلا أن كل الكائنات تفنى، أو أنك مسؤول كبير، وما من كبير إلا ويصغر، والكرسي يغادرك أو تغادره.
ما هي قيمة الذي يشوف نفسه على الناس في الدنيا؟ سنجيب بأنه لا قيمة له وصدق الله (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِى ٱلْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، وقوله (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ)، أما في الآخرة فيكفينا حديث (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر).
وما أبدع قول القائل:
مَثَلُ المُختالِ في مشيته؛ مثل الواقف في أعلى جبل؛ يحسب الناسَ صغاراً وهو في أعينِ الناس صغيراً لم يزل.
ومن رباعيات الشاعر صلاح جاهين «يا طير يا طاير في السما طـــــز فيك، أوعى تفكّر ربنا مصطـفيك، بالطين بدأت وللدود بكرة تعود، تمص فيه يا حلو، ويمص فيك، عجبي».
اللهم إني أعوذ بك من العُجبِ، والاغترار بالنفس، وأعوذ بك أن أرى نفسي خيراً من عبد من عبادك.