أجد نفسي مع نسبة ٣٠٪ الداعمين لقرار المحكمة العليا الأمريكية إلغاء حق الإجهاض، فهناك من فقهاء الإسلام من حرّم الإجهاض بعد مضي أربعة أشهر من الحمل وحُجتهم أن الجنين نفخت فيه الروح فيكون الإجهاض بمثابة قتل النفس.
مستندين على حديث ابن مسعود عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (بأن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً. ثم يكون علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح. ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد). وفي رواية حذيفة (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين ليلة. ويكتب ذكر أم أنثى وعمله وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف).
يعني أن الجنين يبقى في بطن أمه (أربعة أشهر ثم ينفخ الملك فيه الروح بعدها ويحدد جنسه ذكراً أم أنثى...)، فالروح هي التي تهب الحياة للجسم الذي تحل فيه وبخروجها منه يموت هذا الجسم، وهذا علم ضروري قطعي يقيني لا ينكره أحد، والروح من أمر ربي لا يعلم أحد شيئاً عنها. فهل الجنين في بطن أمه كان ميتاً قبل نفخ الروح فيه طيلة هذه الأربعة أشهر؟
المعروف اليوم أن الجنين من الشهر الثاني من الحمل يظهر على أشعة (الالترا ساوند) وتسمع نبضات قلبه، فلو كان الجنين ميتاً وهو فرض المسألة في هذا الحديث لارتفعت درجة حرارة الأم وتألمت وربما ماتت!
فما معنى إذاً نفخ الروح في جسم ينبض بالحياة منذ الثانية الأولى من وقوع الحمل؟ فالحوين المنوي كائن له رأس وذيل ينبض بالحياة والحركة يكون في ماء الرجل بالملايين وعند المعاشرة ينطلق سباحة من المهبل إلى الرحم ومنه إلى قناة فالوب حيث يلتقي بالبويضة ويتم التلقيح هناك.
وتنقسم هذه الحوينات إلى قسمين؛ الأول يحمل صفات الذكورة (xy) وهو الأثقل، والثاني الأنثوي (xx) الأخف، ويمكن فرز النوعين عن بعضهما بالطرد المركزي واختيار جنس الجنين ذكراً أو أنثى، حيث يحقن بالتلقيح الصناعي الحويمن المطلوب ويتحدد جنس الجنين حالاً. وفي التلقيح الطبيعي تتسابق هذه الحوينات نحو الرحم وتصل إلى البويضة وتخترق جدارها وينفصل الذيل خارج البويضة ويتحدد في حينها جنس الجنين.
والبويضة أيضاً كائن ينبض بالحياة وتحمل النواة الحمض النووي وتحتوي على كروموزومات الأنوثة، ويتم التلقيح في قناة فالوب بانفصال حبلي الحمض النووي في كل من الحويمن والنواة ومن ثم يلتحم كل حبل منفصل من حمض الأب بالحبل الآخر المنفصل من حمض الأم وتتكون خلية واحدة للجنين بحمض نووي جديد يحمل بعضاً من صفات الأب والأم.
تبدأ هذه الخلية في التكاثر، وتلتصق بجدار الرحم لتكوين أعضاء الجسم طيلة ستة أشهر يكون الجنين عندها مكتمل الخلق، وبإخراج مدة الرضاع والتي هي حولان كاملان تبقى مدة تمام الحمل ستة أشهر. ويبقى الجنين لثلاثة شهور أخرى لاكتساب القوة في البنية والعضلات وتخزين الدهون.
إذاً ما معنى قول هؤلاء بأن الملك ينفخ في هذا الجنين الروح ويحدد جنسه من ذكر أو أنثى بعد مضي أربعة أشهر من انقضاء الحمل؟
إن مراحل نشوء الجنين أصبحت اليوم من العلم الضروري القطعي اليقيني وهي حجة قطعية تكفي لإيقاف العمل بالحديث المذكور إضافة إلى ما جاء من آيات تصف مراحل هذا التكوين بقوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). فالنطفة هي البويضة الملقّحة بعد نزولها من قناة فالوب والتصاقها بجدار الرحم ثم تتحول هذه النطفة إلى علقة وهي (المورولا) ويبدأ فيها تكوين الخلايا التخصصية للأعضاء من الأسبوع الخامس من الحمل ثم تتحول العلقة إلى مضغة، حيث يتكون الهيكل العظمي ابتداء من اليوم الستين من الحمل. ويستمر هذا النمو حتى يكتمل الجنين بكافة أعضائه بتمام الشهر السادس.
هذه الآيات وصفت تطور تخليق الجنين في بطن أمه، ولم يأت فيها (حكاية) نفخ الروح ولا تحديد الذكر ولا الأنثى.
ولقد نفخ الله في طينة آدم وبعث الله فيه الحياة كما نفخ في الطين كهيئة الطير وبعث فيه الحياة، إذاً لا يكون نفخ الروح إلا في ما لا حياة فيه.
والآيات التي جاءت في وصف مراحل تكوين الجنين في بطن أمه هي موضع البيان. وإذا لم يذكر شيء من (حكاية) نفخ الروح ولا تحديد الذكر والأنثى وجب إيقاف العمل بالحديث فالآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة. والحديث ظني الثبوت منقوص الدلالة زيادة على العلم الضروري المعروف. ومن شروط صحة الحديث ألا يخالف صريح العقل. ولقد أوقف الأئمة الأربعة العمل بمئات الأحاديث لمعارضتها الكثير من الدلائل والأحداث. فلا بد من التدبر والتفكر في النصوص على ضوء ما توصل إليه اليوم العلم الضروري الذي لا يمكن إنكاره. والإجهاض بدون عذر طبي مقبول يعتبر في رأيي المتواضع قتلاً بغير حق.
مستندين على حديث ابن مسعود عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (بأن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً. ثم يكون علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح. ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد). وفي رواية حذيفة (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين ليلة. ويكتب ذكر أم أنثى وعمله وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف).
يعني أن الجنين يبقى في بطن أمه (أربعة أشهر ثم ينفخ الملك فيه الروح بعدها ويحدد جنسه ذكراً أم أنثى...)، فالروح هي التي تهب الحياة للجسم الذي تحل فيه وبخروجها منه يموت هذا الجسم، وهذا علم ضروري قطعي يقيني لا ينكره أحد، والروح من أمر ربي لا يعلم أحد شيئاً عنها. فهل الجنين في بطن أمه كان ميتاً قبل نفخ الروح فيه طيلة هذه الأربعة أشهر؟
المعروف اليوم أن الجنين من الشهر الثاني من الحمل يظهر على أشعة (الالترا ساوند) وتسمع نبضات قلبه، فلو كان الجنين ميتاً وهو فرض المسألة في هذا الحديث لارتفعت درجة حرارة الأم وتألمت وربما ماتت!
فما معنى إذاً نفخ الروح في جسم ينبض بالحياة منذ الثانية الأولى من وقوع الحمل؟ فالحوين المنوي كائن له رأس وذيل ينبض بالحياة والحركة يكون في ماء الرجل بالملايين وعند المعاشرة ينطلق سباحة من المهبل إلى الرحم ومنه إلى قناة فالوب حيث يلتقي بالبويضة ويتم التلقيح هناك.
وتنقسم هذه الحوينات إلى قسمين؛ الأول يحمل صفات الذكورة (xy) وهو الأثقل، والثاني الأنثوي (xx) الأخف، ويمكن فرز النوعين عن بعضهما بالطرد المركزي واختيار جنس الجنين ذكراً أو أنثى، حيث يحقن بالتلقيح الصناعي الحويمن المطلوب ويتحدد جنس الجنين حالاً. وفي التلقيح الطبيعي تتسابق هذه الحوينات نحو الرحم وتصل إلى البويضة وتخترق جدارها وينفصل الذيل خارج البويضة ويتحدد في حينها جنس الجنين.
والبويضة أيضاً كائن ينبض بالحياة وتحمل النواة الحمض النووي وتحتوي على كروموزومات الأنوثة، ويتم التلقيح في قناة فالوب بانفصال حبلي الحمض النووي في كل من الحويمن والنواة ومن ثم يلتحم كل حبل منفصل من حمض الأب بالحبل الآخر المنفصل من حمض الأم وتتكون خلية واحدة للجنين بحمض نووي جديد يحمل بعضاً من صفات الأب والأم.
تبدأ هذه الخلية في التكاثر، وتلتصق بجدار الرحم لتكوين أعضاء الجسم طيلة ستة أشهر يكون الجنين عندها مكتمل الخلق، وبإخراج مدة الرضاع والتي هي حولان كاملان تبقى مدة تمام الحمل ستة أشهر. ويبقى الجنين لثلاثة شهور أخرى لاكتساب القوة في البنية والعضلات وتخزين الدهون.
إذاً ما معنى قول هؤلاء بأن الملك ينفخ في هذا الجنين الروح ويحدد جنسه من ذكر أو أنثى بعد مضي أربعة أشهر من انقضاء الحمل؟
إن مراحل نشوء الجنين أصبحت اليوم من العلم الضروري القطعي اليقيني وهي حجة قطعية تكفي لإيقاف العمل بالحديث المذكور إضافة إلى ما جاء من آيات تصف مراحل هذا التكوين بقوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). فالنطفة هي البويضة الملقّحة بعد نزولها من قناة فالوب والتصاقها بجدار الرحم ثم تتحول هذه النطفة إلى علقة وهي (المورولا) ويبدأ فيها تكوين الخلايا التخصصية للأعضاء من الأسبوع الخامس من الحمل ثم تتحول العلقة إلى مضغة، حيث يتكون الهيكل العظمي ابتداء من اليوم الستين من الحمل. ويستمر هذا النمو حتى يكتمل الجنين بكافة أعضائه بتمام الشهر السادس.
هذه الآيات وصفت تطور تخليق الجنين في بطن أمه، ولم يأت فيها (حكاية) نفخ الروح ولا تحديد الذكر ولا الأنثى.
ولقد نفخ الله في طينة آدم وبعث الله فيه الحياة كما نفخ في الطين كهيئة الطير وبعث فيه الحياة، إذاً لا يكون نفخ الروح إلا في ما لا حياة فيه.
والآيات التي جاءت في وصف مراحل تكوين الجنين في بطن أمه هي موضع البيان. وإذا لم يذكر شيء من (حكاية) نفخ الروح ولا تحديد الذكر والأنثى وجب إيقاف العمل بالحديث فالآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة. والحديث ظني الثبوت منقوص الدلالة زيادة على العلم الضروري المعروف. ومن شروط صحة الحديث ألا يخالف صريح العقل. ولقد أوقف الأئمة الأربعة العمل بمئات الأحاديث لمعارضتها الكثير من الدلائل والأحداث. فلا بد من التدبر والتفكر في النصوص على ضوء ما توصل إليه اليوم العلم الضروري الذي لا يمكن إنكاره. والإجهاض بدون عذر طبي مقبول يعتبر في رأيي المتواضع قتلاً بغير حق.