في نهاية زيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة، أعلن عن بدء سحب القوات الأمريكية (٤٥٠ جندياً)، التي كانت ضمن القوات المتعددة الجنسية المتمركزة في جزيرتي تيران وصنافير (حوالى ١٧٠٠ جندي تابعين لـ13 دولة) بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (١٩٧٩)، تمهيداً لفرض السيادة السعودية على الجزيرتين، بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية (١٨ أبريل ٢٠١٦).
بعيداً عن الجدل المحتدم في مصر، الذي تحكمه اعتبارات سياسية داخلية، وصلت لحد تدخل القضاء في مسألة سيادية بامتياز، فإن كل الشواهد التاريخية والجغرافية والسياسية والقانونية تؤكد سيادة الرياض على الجزيرتين، لا على الجدل بالسيادة المصرية عليهما.
فمن الناحية التاريخية والقانونية، لم يأت ذكر الجزيرتين في اتفاقية ترسيم الحدود (١٩٠٦) بين الخديوية المصرية والدولة العثمانية. وفي عام ١٩٢٨ عندما استفسرت وزارة الحربية المصرية عن ماذا كانت الجزيرتان مصريتين، لرفع العلم المصري عليهما، ردت وزارة الخارجية المصرية: أنه لا يوجد في أرشيف الوزارة ما يفيد بملكية الجزيرتين لمصر.
بعد ما يقرب من قرن على تلك الإحداثيات صدر قرار رئيس الجمهورية رقم: ٢٧ لسنة ١٩٩٠، لتحديد نقاط الأساس من أجل رسم خط المياه البحرية لجمهورية مصر العربية في خليج العقبة والبحر الأحمر، لم تذكر الجزيرتان ضمن الحدود البحرية لمصر. في المقابل: جاء قرار اللجنة الثنائية المشتركة لتعيين خط الحدود البحرية المشتركة بين البلدين، بناء على القرار الجمهوري لسنة ١٩٩٠ والمرسوم الملكي، لسنة ٢٠١٠، الذي بدوره حدد نقاط الأساس من الجانب السعودي، مؤكداً على وقوع جزيرتي تيران وصنافير داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
جغرافياً: من الناحية التضاريسية البحتة نجد الصخور والتربة في الجزيرتين أقرب للتركيب الجيولوجي لساحل الجزيرة العربية، منه لشبه جزيرة سيناء، كما نقل عن أستاذ الجيولوجيا عالم الفضاء فاروق الباز.. وكذا الدكتورة ريهام عبد الحميد مدرس الجغرافيا بجامعة حلوان.
لكن من أين جاء الجدل حول الزعم بالسيادة المصرية على الجزيرتين. يمكن إرجاع علاقة مصر بالجزيرتين لاعتبارات إستراتيجية تطورت في أعقاب احتلال إسرائيل لقرية أم الرشراش المصرية في ٩ مارس ١٩٤٩، إيلات حالياً. كانت البداية في يناير ١٩٥٠ عندما طلبت القاهرة رسمياً من الرياض السماح بتواجد قوات مصرية في الجزيرتين، لمواجهة خطر إطلالة إسرائيل على خليج العقبة ومنه إلى البحر الأحمر، حماية للجزيرتين ولاعتبارات ذات صلة بالأمن القومي العربي، وافقت الرياض على ذلك، بما لا يمس بالحقوق السيادية للمملكة على الجزيرتين.
طوال هذه المدة، بما حملته من تطورات وأحداث لم تدع مصر رسمياً يوماً سيادتها على الجزيرتين، حتى أن القاهرة لم تحاجج يوماً رسمياً، بزعم سيادتها على الجزيرتين، مطلقاً. في المقابل: لم تنفك الرياض تأكيدها السيادة على الجزيرتين، وإن كانت توافق على إرجاء البت في هذا الأمر، إلى أن يحين الوقت المناسب.
من هنا كان سلوك الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ نهاية عقد أربعينيات القرن الماضي، وقبل ذلك، وحتى اتفاقية (٢٠١٦)، كما يظهر من محاضر الاجتماعات والمراسلات الدبلوماسية بين الدولتين، وخاصةً بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، جميعها تؤكد على مطالبة المملكة المستمرة بالجزيرتين، بينما الإدارات المصرية المتعاقبة، لم تكن أبداً تعارض مناقشة هذه القضية، وكأنها مسألة سيادة مصرية خالصة. مؤخراً: ما كان يهم الحكومة المصرية: ألا تشكل المطالبة بعودة سيادة الرياض على الجزيرتين، ما من شأنه أن يربك الالتزامات المصرية تجاه اتفاقية السلام مع إسرائيل.
الجدير بالذكر، هنا: أن المملكة العربية السعودية، حين توقيع اتفاقات كامب ديفيد أعلنت تحفّظها على ما جاء فيها من ترتيبات أمنية، مؤكدةً على سيادتها على الجزيرتين ورفضها أي تفاهمات أو اتفاقات بين أطراف دولية، ناتجة عن اتفاقية السلام تلك، تنال من سيادة المملكة على الجزيرتين.. وكان أن أودعت الرياض، حينها، موقفها هذا ضماناً لحقوقها السيادية على الجزيرتين، لدى الأمم المتحدة.
أما ما يخص مضايق تيران، فإن ما تواتر منذ بداية القرن الماضي يقطع بأنه ممرٌ مائيٌ دوليٌ، وليس ممراً سيادياً داخلياً تابعاً لدولةٍ بعينها. أخذت بذلك اتفاقيات كامب ديفيد.. وحكم ما نشأ من ترتيبات أمنية في المنطقة، برعاية الأمم المتحدة، عقب أزمة السويس ١٩٥٦، بما فيها قرار مصر إغلاق خليج العقبة (٢٨ مايو ١٩٦٧)، قبل أيام من حرب الأيام الستة (٥ يونيه ١٩٦٧). وتظل مضايق تيران ممراً مائياً دولياً، حتى ولو لم تكن لإسرائيل إطلالةٌ على خليج العقبة، كون الخليج تقع عليه ثلاث دول عربية، عكس الحال في خليج السويس.
قضية سيادة المملكة العربية السعودية على الجزيرتين، إذن: متصلةٌ وواضحةٌ بصورةٍ حاسمة. حتى لو حدث أن طلب الطرفان نظر محكمة العدل الدولية في الأمر، فإن الحكم سيكون في صالح المملكة، لكن القضية سوّيت باتفاقٍ ثنائيٍ بموجب اتفاقية ٢٠١٦. ليبقى الأمر (مصرياً)، محصوراً في «المناكفة» السياسية داخلياً... ولن يختلف الوضع، حتى ولو تبادل الأطراف هناك المواقع، في أي وقت.
صحيحٌ: من الناحية القومية العليا، لا ينبغي أن يكون هناك فرقٌ بين أن تكون الجزيرتان مصريتين أم سعوديتين، في إطار إستراتيجيةٍ عليا للأمن القومي العربي. لكن بمرور الوقت جرى في النهر ما جرى من مياه. لقد تغيرت الظروف، واستقرت الأمور، نسبياً.. وخفت حدة الصراع في المنطقة.. واختلفت أولويات القضايا الإقليمية.. وتباينت منطلقات المواقف الدولية، فكان لمنطق الدولة أن يفرض نفسه.
بالتبعية: كان أن حسم الجدل حول السيادة على الجزيرتين، بالعودة إلى نقطة البداية، تأكيداً لسيادة المملكة العربية السعودية على الجزيرتين، بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية النهائية بين القاهرة والرياض لعام ٢٠١٦.. وموافقة الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، اتساقاً مع ما تحدده بدقةٍ الخلفية القانونية والتاريخية وحتى الجغرافية، للمسألة.
بعيداً عن الجدل المحتدم في مصر، الذي تحكمه اعتبارات سياسية داخلية، وصلت لحد تدخل القضاء في مسألة سيادية بامتياز، فإن كل الشواهد التاريخية والجغرافية والسياسية والقانونية تؤكد سيادة الرياض على الجزيرتين، لا على الجدل بالسيادة المصرية عليهما.
فمن الناحية التاريخية والقانونية، لم يأت ذكر الجزيرتين في اتفاقية ترسيم الحدود (١٩٠٦) بين الخديوية المصرية والدولة العثمانية. وفي عام ١٩٢٨ عندما استفسرت وزارة الحربية المصرية عن ماذا كانت الجزيرتان مصريتين، لرفع العلم المصري عليهما، ردت وزارة الخارجية المصرية: أنه لا يوجد في أرشيف الوزارة ما يفيد بملكية الجزيرتين لمصر.
بعد ما يقرب من قرن على تلك الإحداثيات صدر قرار رئيس الجمهورية رقم: ٢٧ لسنة ١٩٩٠، لتحديد نقاط الأساس من أجل رسم خط المياه البحرية لجمهورية مصر العربية في خليج العقبة والبحر الأحمر، لم تذكر الجزيرتان ضمن الحدود البحرية لمصر. في المقابل: جاء قرار اللجنة الثنائية المشتركة لتعيين خط الحدود البحرية المشتركة بين البلدين، بناء على القرار الجمهوري لسنة ١٩٩٠ والمرسوم الملكي، لسنة ٢٠١٠، الذي بدوره حدد نقاط الأساس من الجانب السعودي، مؤكداً على وقوع جزيرتي تيران وصنافير داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
جغرافياً: من الناحية التضاريسية البحتة نجد الصخور والتربة في الجزيرتين أقرب للتركيب الجيولوجي لساحل الجزيرة العربية، منه لشبه جزيرة سيناء، كما نقل عن أستاذ الجيولوجيا عالم الفضاء فاروق الباز.. وكذا الدكتورة ريهام عبد الحميد مدرس الجغرافيا بجامعة حلوان.
لكن من أين جاء الجدل حول الزعم بالسيادة المصرية على الجزيرتين. يمكن إرجاع علاقة مصر بالجزيرتين لاعتبارات إستراتيجية تطورت في أعقاب احتلال إسرائيل لقرية أم الرشراش المصرية في ٩ مارس ١٩٤٩، إيلات حالياً. كانت البداية في يناير ١٩٥٠ عندما طلبت القاهرة رسمياً من الرياض السماح بتواجد قوات مصرية في الجزيرتين، لمواجهة خطر إطلالة إسرائيل على خليج العقبة ومنه إلى البحر الأحمر، حماية للجزيرتين ولاعتبارات ذات صلة بالأمن القومي العربي، وافقت الرياض على ذلك، بما لا يمس بالحقوق السيادية للمملكة على الجزيرتين.
طوال هذه المدة، بما حملته من تطورات وأحداث لم تدع مصر رسمياً يوماً سيادتها على الجزيرتين، حتى أن القاهرة لم تحاجج يوماً رسمياً، بزعم سيادتها على الجزيرتين، مطلقاً. في المقابل: لم تنفك الرياض تأكيدها السيادة على الجزيرتين، وإن كانت توافق على إرجاء البت في هذا الأمر، إلى أن يحين الوقت المناسب.
من هنا كان سلوك الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ نهاية عقد أربعينيات القرن الماضي، وقبل ذلك، وحتى اتفاقية (٢٠١٦)، كما يظهر من محاضر الاجتماعات والمراسلات الدبلوماسية بين الدولتين، وخاصةً بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، جميعها تؤكد على مطالبة المملكة المستمرة بالجزيرتين، بينما الإدارات المصرية المتعاقبة، لم تكن أبداً تعارض مناقشة هذه القضية، وكأنها مسألة سيادة مصرية خالصة. مؤخراً: ما كان يهم الحكومة المصرية: ألا تشكل المطالبة بعودة سيادة الرياض على الجزيرتين، ما من شأنه أن يربك الالتزامات المصرية تجاه اتفاقية السلام مع إسرائيل.
الجدير بالذكر، هنا: أن المملكة العربية السعودية، حين توقيع اتفاقات كامب ديفيد أعلنت تحفّظها على ما جاء فيها من ترتيبات أمنية، مؤكدةً على سيادتها على الجزيرتين ورفضها أي تفاهمات أو اتفاقات بين أطراف دولية، ناتجة عن اتفاقية السلام تلك، تنال من سيادة المملكة على الجزيرتين.. وكان أن أودعت الرياض، حينها، موقفها هذا ضماناً لحقوقها السيادية على الجزيرتين، لدى الأمم المتحدة.
أما ما يخص مضايق تيران، فإن ما تواتر منذ بداية القرن الماضي يقطع بأنه ممرٌ مائيٌ دوليٌ، وليس ممراً سيادياً داخلياً تابعاً لدولةٍ بعينها. أخذت بذلك اتفاقيات كامب ديفيد.. وحكم ما نشأ من ترتيبات أمنية في المنطقة، برعاية الأمم المتحدة، عقب أزمة السويس ١٩٥٦، بما فيها قرار مصر إغلاق خليج العقبة (٢٨ مايو ١٩٦٧)، قبل أيام من حرب الأيام الستة (٥ يونيه ١٩٦٧). وتظل مضايق تيران ممراً مائياً دولياً، حتى ولو لم تكن لإسرائيل إطلالةٌ على خليج العقبة، كون الخليج تقع عليه ثلاث دول عربية، عكس الحال في خليج السويس.
قضية سيادة المملكة العربية السعودية على الجزيرتين، إذن: متصلةٌ وواضحةٌ بصورةٍ حاسمة. حتى لو حدث أن طلب الطرفان نظر محكمة العدل الدولية في الأمر، فإن الحكم سيكون في صالح المملكة، لكن القضية سوّيت باتفاقٍ ثنائيٍ بموجب اتفاقية ٢٠١٦. ليبقى الأمر (مصرياً)، محصوراً في «المناكفة» السياسية داخلياً... ولن يختلف الوضع، حتى ولو تبادل الأطراف هناك المواقع، في أي وقت.
صحيحٌ: من الناحية القومية العليا، لا ينبغي أن يكون هناك فرقٌ بين أن تكون الجزيرتان مصريتين أم سعوديتين، في إطار إستراتيجيةٍ عليا للأمن القومي العربي. لكن بمرور الوقت جرى في النهر ما جرى من مياه. لقد تغيرت الظروف، واستقرت الأمور، نسبياً.. وخفت حدة الصراع في المنطقة.. واختلفت أولويات القضايا الإقليمية.. وتباينت منطلقات المواقف الدولية، فكان لمنطق الدولة أن يفرض نفسه.
بالتبعية: كان أن حسم الجدل حول السيادة على الجزيرتين، بالعودة إلى نقطة البداية، تأكيداً لسيادة المملكة العربية السعودية على الجزيرتين، بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية النهائية بين القاهرة والرياض لعام ٢٠١٦.. وموافقة الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، اتساقاً مع ما تحدده بدقةٍ الخلفية القانونية والتاريخية وحتى الجغرافية، للمسألة.