كما لا يوجد قادة متشابهون، فحتمًا لا توجد بيئات عمل متشابهة، فالقائد عامل رئيس في التأثير على بيئة العمل بأسلوبه وفن إدارته وكيف يلعب دورًا كبيرًا في جعلها جاذبة أو طاردة، وخلق فريق عمل شغوف أو منجز بالحد الأدنى، وهنا تكمن قوة وتأثير القائد. ففي إحدى التجارب السابقة، لأحد القادة الذي استطاع خلق بيئة عمل مميزة، حققت نجاحات متتالية، وأصبح كل فرد من فريق العمل فخورًا بما يعمل، وأنه جزء من هذه النجاحات، وشغوفًا بتحقيق إنجازات أكثر دون وضع سقف لها، ثم بعد أن حالت سنة الحياة وتغير القائد، كيف بدأت تتلاشى الهمة والإنجازات، وإن كان هذا ديدن التغيير، إلا أنه لم يعد هناك مؤشر للنهوض مرة أخرى. والاختلاف، أن القائد الأول وضع أهدافًا ذات همة عالية، وهيأ فريقه ليحققها، ووفّر لهم كافة الأدوات اللازمة، وعندما تحققت النجاحات تشاركها معهم بفخر، وفي كل اجتماع مع فريق خارجي كان يتفاخر بفريقه أمامهم، وبما حققوه، وكان هذا القائد دائمًا ما يردد الشراكة في كل شيء، خصوصًا مع فريق عمله، فكان يؤكد دائمًا، أننا شركاء في النجاح، وشركاء في المسؤولية، وشركاء في التخطيط، والأهم شركاء في القرار؛ مما جعل كل فرد من فريقه، يعمل بطموح وكأنه القائد، بلا كلل أو ملل، يعرفون الوجهة! بالتالي يستطيعون الوصول إليها، ويعرفون جيدًا ماذا يريد قائدهم، وما هو سقف تطلعاته، لأنه لا يخطط لشيء إلا والجميع على طاولة الاجتماع، ويشركهم في القرار، والمسؤولية، وكان يستفتح كل لقاء مع طاقمه بالسؤال عن أحواله، ومدى راحته، وما يمكنه توفيره له ليكون سعيدًا أكثر. بينما القائد الثاني، بالرغم من أنه قاد نفس الفريق، ونفس المنظومة إلا أن الهمة بدأت تتلاشى، ووضوح الوجهة كذلك، وأصبحنا نسير لا نعلم إلى أين! وبدأنا نفقد الشغف، وننجز المهام عندما نسأل عنها فقط، وكان يستفتح لقاءه بكل فرد من فريقه، بهل أنجزت المهمة أم لا التي لم يشغل باله ليعرف تفاصيلها، ولم يعد هناك بيئة تحتضن مبادراتنا، وأحلامنا التي كنا رأينا بعضها يتحقق سابقًا، بل الأمر من ذلك، بدأ الفريق يتفكك، ويبحث عن فرص عمل أخرى، أو بالأحرى عن قائد آخر مشابه لذلك القائد؛ ليستعيد شغفه، ويحقق ذاته. ختامًا، ابحث عن قائد، لا عن بيئة عمل، لا عن مرتب، لا عن منصب وظيفي، ابحث عن قائد؛ لتصبح قائدًا وتحيي شغفك.