تسعى المؤسسات التعليمية إلى التطوير المستمر لتبقى في سوق المنافسة والتميز، كما أنها تحتاج إلى ابتكار أساليب جديدة لتحقيق حاجات عملائها بجودة واحترافية عالية، وتستمد الكفاءة أهميتها من اعتبارها إحدى المؤشرات الأساسية التي يمكن التعرف من خلالها على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، بالإضافة إلى أنها تعكس مدى كفاءة الإدارة في التنسيق وحسن الاختيار بين البدائل وسلامة التوجهات، من خلال اتباع منهجيات وأدوات موضوعية دقيقة لقياس كفاءة المؤسسة، ومن ثَم إمكانية الحكم عليها، ومقارنتها مع المؤسسات الأخرى ذات النشاط المشابه.
كما برز الاهتمام بمفهوم الكفاءة والإنتاجية في المؤسسات التعليمية، نتيجة النظرة الاقتصادية إلى التعليم، باعتباره استثماراً بعيد المدى يتطلب التركيز على مفهوم الكفاءة، وتبعاً لتعدد مدخلات ومخرجات المؤسسات التعليمية فمن الممكن أن يؤثر اختيار المدخلات والمخرجات المتعددة على كيفية تحديد مستوى الكفاءة لديها، وللتغلب على ذلك تم استخدام العديد من الطرق لقياس الكفاءة، ومن أبرزها البرمجة الخطية، كونها أداة تخطيطية تهدف إلى الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة.
وتتميز البرمجة الخطية ونماذجها المتعددة بقدرتها على تقدير الكفاءة بالمؤسسات متعددة المدخلات والمخرجات، وتقدير الوظيفة الإنتاجية لوحدات اتخاذ القرار الكفؤة عن طريق استخدام عينة من البيانات بدلاً من طرح افتراضات مسبقة؛ ومن ثم فإن صيغة البرمجة الرياضية تمنح وحدة اتخاذ القرار التي خضعت للتقويم أفضل تقدير للمدخلات والمخرجات التي تسمح بها القيود، كما وترجع ملاءمة البرمجة الخطية ونماذجها لقياس كفاءة المؤسسات التعليمية إلى أنها تسمح بعقد المقارنات بين درجة كفاءة مؤسسة ما بالمؤسسات ذات الأداء الأمثل ضمن مجموعة متجانسة بدلاً من مقارنتها بمتوسط أداء المؤسسات وفقاً لمجموعة معلومات، وأن نجاح أي مؤسسة تعليمية يقاس بقدرتها على تخفيض المدخلات، وتعظيم المخرجات دون المساس بجوهر العملية التعليمية، ويسعى أي نظام تعليمي إلى رفع كفاءته، لتحقيق الأهداف المنشودة بأقل التكاليف.
وأخيراً أصبحت عملية قياس كفاءة المؤسسات التعليمية ضرورة ملحة، ويمكن تحليل إنتاجية هذه المؤسسات من خلال البرمجة الخطية التي تتضمن ثلاث مراحل (مدخلات، عملية، ومخرجات)، وبالتالي تُسهم إلى حد كبير في التشخيص السريع والدقيق للمشاكل التي تواجهها، مع توضيح أدوار القادة من أجل تركيز جهودهم على المجالات الرئيسية لإحداث التغيير في المؤسسة وسياسات عملها، وذلك بقياس الكفاءة باستخدام البرمجة الخطية وفقاً لعلاقة توليفة بين الموارد المستخدمة (المدخلات) والمخرجات، وبالتالي نستطيع قياس الهدر في استخدام الموارد.
areej_albeladi@
* باحثة دكتوراه إدارة تربوية وتخطيط بجامعة أم القرى