هناك معضلة في موضوع فهم العقلية السياسية الأمريكية الحالية لطبيعة ما يجري خلال المرحلة الراهنة في المنطقة العربية باختزالها الحديث عن الشرق الأوسط من زاوية ضيقة ورؤية قاصرة، هي العودة إلى المنطقة حتى لا يحدث فراغ يملؤه الحضور الروسي والصيني كما صرح بذلك الرئيس جو بايدن خلال زيارته الأخيرة، وكأن عودة الحضور الأمريكي ليست في المقام الأول لأجل إعادة الحيوية للعلاقات الاستراتيجية مع دول مهمة وحلفاء تأريخيين أثبتوا جدارتهم وموثوقيتهم في علاقاتهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما لإزاحة الدول الأخرى المنافسة لها أو تقليص وجودها أو التأثير على مصالحها المشتركة مع دول المنطقة بالضغط عليها لترجيح كفة العلاقة معها على حساب العلاقات مع الآخرين.
لنأخذ المملكة كمثال على هذا الوضع، فهي بلا شك الحليف الاستراتيجي والشريك الاقتصادي التأريخي الأكبر والأهم لأمريكا طوال العقود الثمانية الماضية، أي منذ بدء العلاقات بين البلدين، وهناك مصالح مشتركة ضخمة بينهما، مع حرص الطرف السعودي على تجاوز الهزات التي تطرأ بينهما والمحافظة على توازن العلاقة وإيجابيتها، لكن السياسة الأمريكية في المنطقة تغيرت كثيراً خلال العقدين الماضيين باتجاه المؤشر السلبي، ومع المملكة على وجه التحديد خلال السنوات العشر الماضية ما عدا فترة الرئيس ترمب التي اتسمت بقدر من محاولة إعادة الدفء والثقة. وكنتيجة لذلك التحول في السياسة الأمريكية كان من البديهي أن تقترب من المنطقة القوى المنافسة لها، وأن تبحث دول المنطقة عن مصالحها معها لأن السياسة عملية ديناميكية تحكمها المتغيرات ومستجدات المصالح.
وفي ما يخص المملكة فإن سياستها في علاقاتها واضحة ومعلنة، تقوم على التوازن مع جميع الأطراف والبحث عن مصالحها وترسيخ مكانتها وتقوية دورها وتأثيرها وضمان أمنها وازدهارها الاقتصادي بما لديها من إمكانات ومقومات، تستند في ذلك إلى حقها السيادي الوطني واستقلال قراراتها. لذلك لا تملك أمريكا أو غيرها في كل الأحوال الاعتراض على تطوير علاقاتها وشراكاتها مع روسيا والصين أو غيرهما، وبغض النظر عن وجود أمريكا في المنطقة أو انحساره. أي أن ما أشار إليه الرئيس بايدن عن توجه أمريكا لإعادة تموضعها في المنطقة لن تكون نتيجته التأثير على علاقاتنا مع من يعتبرهم منافسين لأمريكا طالما هم ملتزمون بما يربطنا معهم من اتفاقيات ومصالح لا تؤثر على أطراف أخرى، ولا يتم توظيفها في أجندات ضارة للغير.
من الجيد لأمريكا أن تستوعب بأن زمن القطب الأوحد على وشك الانتهاء إن لم يكن قد انتهى فعلاً، وأن الدول تتعلم من التأريخ، ولها الحق المطلق في خياراتها وقراراتها. وإذا أرادت أمريكا العودة فيجب أن تتفهم أنها ستكون ضمن شركاء آخرين وليس الشريك الأوحد.
لنأخذ المملكة كمثال على هذا الوضع، فهي بلا شك الحليف الاستراتيجي والشريك الاقتصادي التأريخي الأكبر والأهم لأمريكا طوال العقود الثمانية الماضية، أي منذ بدء العلاقات بين البلدين، وهناك مصالح مشتركة ضخمة بينهما، مع حرص الطرف السعودي على تجاوز الهزات التي تطرأ بينهما والمحافظة على توازن العلاقة وإيجابيتها، لكن السياسة الأمريكية في المنطقة تغيرت كثيراً خلال العقدين الماضيين باتجاه المؤشر السلبي، ومع المملكة على وجه التحديد خلال السنوات العشر الماضية ما عدا فترة الرئيس ترمب التي اتسمت بقدر من محاولة إعادة الدفء والثقة. وكنتيجة لذلك التحول في السياسة الأمريكية كان من البديهي أن تقترب من المنطقة القوى المنافسة لها، وأن تبحث دول المنطقة عن مصالحها معها لأن السياسة عملية ديناميكية تحكمها المتغيرات ومستجدات المصالح.
وفي ما يخص المملكة فإن سياستها في علاقاتها واضحة ومعلنة، تقوم على التوازن مع جميع الأطراف والبحث عن مصالحها وترسيخ مكانتها وتقوية دورها وتأثيرها وضمان أمنها وازدهارها الاقتصادي بما لديها من إمكانات ومقومات، تستند في ذلك إلى حقها السيادي الوطني واستقلال قراراتها. لذلك لا تملك أمريكا أو غيرها في كل الأحوال الاعتراض على تطوير علاقاتها وشراكاتها مع روسيا والصين أو غيرهما، وبغض النظر عن وجود أمريكا في المنطقة أو انحساره. أي أن ما أشار إليه الرئيس بايدن عن توجه أمريكا لإعادة تموضعها في المنطقة لن تكون نتيجته التأثير على علاقاتنا مع من يعتبرهم منافسين لأمريكا طالما هم ملتزمون بما يربطنا معهم من اتفاقيات ومصالح لا تؤثر على أطراف أخرى، ولا يتم توظيفها في أجندات ضارة للغير.
من الجيد لأمريكا أن تستوعب بأن زمن القطب الأوحد على وشك الانتهاء إن لم يكن قد انتهى فعلاً، وأن الدول تتعلم من التأريخ، ولها الحق المطلق في خياراتها وقراراتها. وإذا أرادت أمريكا العودة فيجب أن تتفهم أنها ستكون ضمن شركاء آخرين وليس الشريك الأوحد.