إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ ** وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
صدق أبوالطيّب المُتنبّي الذي نظم الشعر تلميحا وتصريحا، وامتلك ناصية اللغة والبيان، وأضفى عليها لونا من الجمال والعذوبة.
يتوافق هذا البيت الذي تصدّر المقال، وتتجلى فيه العبقرية الشعرية، مع قصة «عميد» يشهد له التاريخ بهيبته ومواقفه المشرّفة.. وصولاته وجولاته.. محليا وإقليميا وعالميا، سرد لي ما حدث له مع رفاق جمعتهم الرياضة، قائلا: احتضنتهم بكل سمو أخلاقي وفروسية، وانتشلتهم من حالة فقر مدقع، وبسطت لهم ذراعي، وأخرجتهم من وسط الطوفان، وأجزلت عليهم العطاء دون منّة، فحدث ما كنت أستبعده منهم يوما من الأيام وهو التمرد، ونكران الجميل. وتناسوا أبجديات الوفاء، بعد أن ساقتهم الأقدار إلى الحصول على مصباح علاء الدين، الذي جلب لهم كنزا يقدر بالمليارات. لينقلب حالهم، وتتبدل أحوالهم، وأصبحوا يمشون في الأرض مرحا، مختالين بثقة الطواويس، بعد أن كانوا يتوارون في ظلام الكهوف، أشبه بالخفافيش، فأصبحوا يتحدثون بصوت عالٍ، تاركين همس خرير الساقية، واعتمدوا التنظير في الإعلان عن مشاريعهم الوهمية. ولكن في غياب الفكر والإدارة المتخصصة، سرعان ما انهاروا كتاجر يملك المال، وتنقصه العقلية التجارية التي تمكّنه من التصرف فيه، انهارت مشاريعهم، وتكالبت عليهم الخسائر المعنوية، ونزفوا الملايين من الدولارات، وأخذوا يبحثون عن مخرج ومبررات للفشل وطريقة تحفظ لهم ماء الوجه، أمام المخدوعين من مناصريهم، وجيّشوا فرقا من المستشارين والمترافعين الذين أشاروا عليهم بتحديث إدارة «للدعوجة» تنبش الملفات، وتنكث العهود، وتنقض الوعود، وتجهز الملفات، وتسلك طرق الادعاءات والمرافعات، فتجاوزت قضاياهم عشرات الملفات وحملت مئات الصفحات، واجتازت شكواهم وصيحاتهم الحدود، واستحقوا الترشح للعالمية، كسابق عهدهم، ومشاركتهم اليتيمة، واستعانوا في هذه المهمة بحفنة من المتسلقين والمنتفعين، منهم من استغل سطوته، ومنهم من استفاد من حظوته، وآخرون استغلوا مواقعهم المرئية والمسموعة ونشراتهم المكتوبة.
وأخذ هذا العميد يتساءل: هل من رقيب يتصدى لحملات التشويه والترويج ونشر الشائعات التي يمررونها بكل مكر وتلون؟ تارة يشتكون الظلم، وتارة يتحدثون بلغة استعلاء وتكبّر، مواصلين التحدي المزيّف، مستميتين في الدفاع عن الفشل الذريع في مسح صور الجهل وقلة الخبرة والمعرفة، يؤججون الوسط الرياضي ويغذون التعصب، وتدعمهم خزينة لا تنضب، تفوق خزائن قارون.
ولم أملك لهذا العميد حلولا منصفه وسط هذه الغوغائية سوى أن أطالبه بالتمسك بشموخه وكبريائه ووفائه، وترديد قول الشاعر الحكيم أبوالطيّب المُتنبّي:
وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ ** وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا
وذكّرته ختاما: تلك هي سنة الحياة، وعليك أن تستلهم ما قاله مفخرة الأدب العربي أبوالطيب:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتي العَزائِمُ ** وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صِغارُها ** وَتَصْغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ