الولايات المتحدة، هذه الأيام، تعيش مشاكل داخلية خطيرة، ربما إن استفحلت وتمكنت من الدولة والمجتمع، تقود إلى نهاية أول ديمقراطية حديثة قامت على أسس: التعددية.. وضعف سلطة الدولة في مواجهة حقوق الفرد وحرياته.. والتسامح الديني.. والتنوع الثقافي والعرقي.. والحرية الاقتصادية.. واحترام المبادرة الفردية.. والانتصار للديمقراطية.. وسيادة الإرادة العامة.. ودولة القانون.. وحكم المؤسسات.. وفوقية الدستور.. والتداول السلمي للسلطة.. وفصل السلطات.. واستقلالية الحكم المحلي للولايات.
مقومات دولة عظمى عصرية مستقرة قوية وغنية، امتدت حالة استقرارها الداخلي وازدهارها الاقتصادي وتقدمها العلمي والتكنولوجي وثرائها الثقافي وغناها المادي، إلى التأثير على استقرار العالم وسلامه. في أقل من قرنين ونصف، حققت الولايات المتحدة قفزات في تاريخ البشرية وإبداعات الإنسان، ما لم تحققها أية حضارة في تاريخ البشرية.
لكن بالرغم من قيم الممارسة الديمقراطية المتجذرة في الليبرالية المتسامحة، التي قامت عليها الولايات المتحدة، وشكلت تجربتها الفريدة في نشأة الدول وتفسير استقرارها وإبراز منعتها وإظهار تقدمها واحترام مكانتها الدولية الرفيعة، إلا أن واقع الممارسة السياسية وطبيعة الحراك الاجتماعي داخلها وتجذر قيم المحافظة والعنصرية والتَزَمُتُ الديني في تشكيل الهوية الشخصية للفرد، لم تستطع تلك الإنجازات الليبرالية، أن تزيل تماماً مظاهر الاستقطاب والشعوبية، بل وحتى ميول الكونفيدرالية والانفصال من الحياة السياسية الأمريكية.
في الفترة الأخيرة، تسبب الرئيس السابق دونالد ترمب في إثارةِ لغطٍ وجدلٍ داخلي حول زعمه، اللا مسبوق، بحدوث تزوير في انتخابات نوفمبر ٢٠٢٠ الرئاسية، بصورة أكثر خطورة، مما أثارته رئاسته، بصورة غير مسبوقة أيضاً، التي ترتب عليها عزله مرتين من مجلس النواب. الرئيس ترمب رفض الاعتراف بتلك النتيجة، رغم ما ظهر من عدم وجودِ أساسٍ حقيقيٍ لدعواه بفوزه بها، حتى باعترافِ رموزٍ مقربين في إدارته، بل وأعضاء من أسرته، كما رفض القضاء النظر في ٦٥ من ٦٦ قضية طعن رفعها في هذ الشأن.
تطور رفضُ الرئيس ترمب الهزيمة في انتخابات ٢٠٢٠ إلى تحريض أنصاره بمهاجمة مبنى الكابيتول (٦ يناير ٢٠٢١) للحيلولة دون تصديق الكونجرس على نتيجة تلك الانتخابات، في ما يشبه المحاولة الانقلابية للبقاء في السلطة، كما قال البعض. لم يتوقف الرئيس ترمب عن تحريض أنصاره، على مؤسسات الدولة وحياد القضاء وسيادة القانون، بعد تفتيش (الـ إف بي آي) لمسكنه الفخم في (ما را لاغو) بالم بيتش فلوريدا، يوم الإثنين قبل الماضي، بإذنٍ من قاضٍ فيدرالي، بحثاً عن وثائق رسمية سرية، أخذها معه بعد خروجه من البيت الأبيض، مما يشكل جريمة فيدرالية.
ظاهرة الرئيس ترمب لم تنشأ من فراغ. هو يحظى بتعاطف وتأييد القاعدة العريضة في الحزب الجمهوري، حيث نجح في «دغدغة» مشاعرها المحافظة المتشددة، لخلق موجة شعبوية عارمة في المجتمع، تطيح بكل قيم الليبرالية المتسامحة، التي يرتكز عليها استقرار النظام السياسي الأمريكي. المجتمع السياسي الأمريكي، هذه الأيام يشهد استقطاباً حاداً لا يقف عند النخبة السياسية في واشنطن والولايات الخمسين، بل يطال القاعدة العريضة من المجتمع الأمريكي، حتى بين الديمقراطيين، أيضاً.
قضايا التَزَمُتِ الديني.. والميول العنصرية والمثلية.. والاختلافات العرقية والثقافية.. والفكرة الدينية المتطرفة عن حق الحياة، مقابل حرية الفرد في الاختيار وحق الإنجاب.. وقضايا الهجرة، جميعها وغيرها، المستندة إلى ثقافات دينية وعرقية وطائفية، أضحت تتغلب على قضايا التعددية السياسية.. والمشاكل الاقتصادية.. والفروق الطبقية.. وحق العمل والتنقل.. والحريات الفردية.. وفصل السلطات.. وحياد القضاء.. وسيادة القانون، وعلاقة الولايات بالسلطة المركزية. هناك، أيضاً: دعاوى للانفصال، يُثار الجدل حولها في ولايات كبرى مثل: تكساس وكاليفورنيا. بالمناسبة: هذه الولايات، وغيرها مثل ولاية نيويورك، تمتلك كل مقومات الدولة القومية الحديثة، بل وحتى إمكانات الدول العظمى.
في هذه الأيام، هناك حدة متزايدة على المسرح السياسي الأمريكي، بين النخب السياسية، تعكس استقطاباً غير مسبوقٍ في المجتمع الأمريكي، ليس فقط على مستوى النقاش والخطاب السياسي، بل نزلت إلى حراك الشارع، في قضايا، مثل: الإجهاض.. وحمل السلاح.. وحكم الإعدام.. والحريات الفردية.. وحقوق الأقليات.. والهجرة.. وإقامة الصلاة وتدريس الدين في المدارس.. وعلمانية الدولة، وحتى قضايا السياسة الخارجية.
الولايات المتحدة، تمر هذه الأيام بأسوأ مظاهر عدم الاستقرار، لم تشهدها طوال تاريخها منذ الاستقلال، لو لم يتم احتواؤها أو التخفيف من حدتها وغلوائها والتعايش مع واقعها، بعيداً عن اللجوء للعنف، فإن مستقبل الولايات المتحدة، يكون في خطرٍ حقيقي، لربما يطيح بهذه التجربة الإنسانية التاريخية الفذة وغير المسبوقة في تاريخ الإنسانية.
عدم استقرار الولايات المتحدة يعني عالماً غير مستقر.. وسلاماً عالمياً في مهب الريح.
مقومات دولة عظمى عصرية مستقرة قوية وغنية، امتدت حالة استقرارها الداخلي وازدهارها الاقتصادي وتقدمها العلمي والتكنولوجي وثرائها الثقافي وغناها المادي، إلى التأثير على استقرار العالم وسلامه. في أقل من قرنين ونصف، حققت الولايات المتحدة قفزات في تاريخ البشرية وإبداعات الإنسان، ما لم تحققها أية حضارة في تاريخ البشرية.
لكن بالرغم من قيم الممارسة الديمقراطية المتجذرة في الليبرالية المتسامحة، التي قامت عليها الولايات المتحدة، وشكلت تجربتها الفريدة في نشأة الدول وتفسير استقرارها وإبراز منعتها وإظهار تقدمها واحترام مكانتها الدولية الرفيعة، إلا أن واقع الممارسة السياسية وطبيعة الحراك الاجتماعي داخلها وتجذر قيم المحافظة والعنصرية والتَزَمُتُ الديني في تشكيل الهوية الشخصية للفرد، لم تستطع تلك الإنجازات الليبرالية، أن تزيل تماماً مظاهر الاستقطاب والشعوبية، بل وحتى ميول الكونفيدرالية والانفصال من الحياة السياسية الأمريكية.
في الفترة الأخيرة، تسبب الرئيس السابق دونالد ترمب في إثارةِ لغطٍ وجدلٍ داخلي حول زعمه، اللا مسبوق، بحدوث تزوير في انتخابات نوفمبر ٢٠٢٠ الرئاسية، بصورة أكثر خطورة، مما أثارته رئاسته، بصورة غير مسبوقة أيضاً، التي ترتب عليها عزله مرتين من مجلس النواب. الرئيس ترمب رفض الاعتراف بتلك النتيجة، رغم ما ظهر من عدم وجودِ أساسٍ حقيقيٍ لدعواه بفوزه بها، حتى باعترافِ رموزٍ مقربين في إدارته، بل وأعضاء من أسرته، كما رفض القضاء النظر في ٦٥ من ٦٦ قضية طعن رفعها في هذ الشأن.
تطور رفضُ الرئيس ترمب الهزيمة في انتخابات ٢٠٢٠ إلى تحريض أنصاره بمهاجمة مبنى الكابيتول (٦ يناير ٢٠٢١) للحيلولة دون تصديق الكونجرس على نتيجة تلك الانتخابات، في ما يشبه المحاولة الانقلابية للبقاء في السلطة، كما قال البعض. لم يتوقف الرئيس ترمب عن تحريض أنصاره، على مؤسسات الدولة وحياد القضاء وسيادة القانون، بعد تفتيش (الـ إف بي آي) لمسكنه الفخم في (ما را لاغو) بالم بيتش فلوريدا، يوم الإثنين قبل الماضي، بإذنٍ من قاضٍ فيدرالي، بحثاً عن وثائق رسمية سرية، أخذها معه بعد خروجه من البيت الأبيض، مما يشكل جريمة فيدرالية.
ظاهرة الرئيس ترمب لم تنشأ من فراغ. هو يحظى بتعاطف وتأييد القاعدة العريضة في الحزب الجمهوري، حيث نجح في «دغدغة» مشاعرها المحافظة المتشددة، لخلق موجة شعبوية عارمة في المجتمع، تطيح بكل قيم الليبرالية المتسامحة، التي يرتكز عليها استقرار النظام السياسي الأمريكي. المجتمع السياسي الأمريكي، هذه الأيام يشهد استقطاباً حاداً لا يقف عند النخبة السياسية في واشنطن والولايات الخمسين، بل يطال القاعدة العريضة من المجتمع الأمريكي، حتى بين الديمقراطيين، أيضاً.
قضايا التَزَمُتِ الديني.. والميول العنصرية والمثلية.. والاختلافات العرقية والثقافية.. والفكرة الدينية المتطرفة عن حق الحياة، مقابل حرية الفرد في الاختيار وحق الإنجاب.. وقضايا الهجرة، جميعها وغيرها، المستندة إلى ثقافات دينية وعرقية وطائفية، أضحت تتغلب على قضايا التعددية السياسية.. والمشاكل الاقتصادية.. والفروق الطبقية.. وحق العمل والتنقل.. والحريات الفردية.. وفصل السلطات.. وحياد القضاء.. وسيادة القانون، وعلاقة الولايات بالسلطة المركزية. هناك، أيضاً: دعاوى للانفصال، يُثار الجدل حولها في ولايات كبرى مثل: تكساس وكاليفورنيا. بالمناسبة: هذه الولايات، وغيرها مثل ولاية نيويورك، تمتلك كل مقومات الدولة القومية الحديثة، بل وحتى إمكانات الدول العظمى.
في هذه الأيام، هناك حدة متزايدة على المسرح السياسي الأمريكي، بين النخب السياسية، تعكس استقطاباً غير مسبوقٍ في المجتمع الأمريكي، ليس فقط على مستوى النقاش والخطاب السياسي، بل نزلت إلى حراك الشارع، في قضايا، مثل: الإجهاض.. وحمل السلاح.. وحكم الإعدام.. والحريات الفردية.. وحقوق الأقليات.. والهجرة.. وإقامة الصلاة وتدريس الدين في المدارس.. وعلمانية الدولة، وحتى قضايا السياسة الخارجية.
الولايات المتحدة، تمر هذه الأيام بأسوأ مظاهر عدم الاستقرار، لم تشهدها طوال تاريخها منذ الاستقلال، لو لم يتم احتواؤها أو التخفيف من حدتها وغلوائها والتعايش مع واقعها، بعيداً عن اللجوء للعنف، فإن مستقبل الولايات المتحدة، يكون في خطرٍ حقيقي، لربما يطيح بهذه التجربة الإنسانية التاريخية الفذة وغير المسبوقة في تاريخ الإنسانية.
عدم استقرار الولايات المتحدة يعني عالماً غير مستقر.. وسلاماً عالمياً في مهب الريح.