مشهد متكرر ضمن حلقة صراع ودوامة لا جديد فيها سوى تغيير بعض الوجوه التي تلعب الأدوار نفسها لسيناريوهات معدة سلفاً للإبقاء على البلد العربي رهينة الأجندة الغربية التي تتحكم في مسار الصراع وتديره وفقاً لما يحقق لها مصالحها على دماء الشعب الليبي.
المواجهات العسكرية التي جرت في العاصمة طرابلس في السابع والعشرين من أغسطس 2020، هي جولة أولى من حرب أوسع وأشرس تنطلق خلال أيام أو أسابيع أو أشهر؛ لأن النتيجة الحتمية لما حدث هي مواجهة أكبر محتملة، بعد أن اتخذ رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة خطوات من شأنها استئصال أي وجود لقوات أخرى ليست بالهينة واعتادت التواجد في العاصمة والسيطرة على جزء من المشهد المقسم بين كتائب وقوى أمنية ومليشيات في العاصمة طرابلس، ولن تفرط في هذه المكتسبات التي اعتادتها لسنوات.
الحاضنة الشعبية في الغرب نفسها مقسمة ما بين تأييد باشاغا وتأييد الدبيبة، وأخرى تريد الخلاص من المشهد القاتم عبر انتخابات لن يحققها استمرار الدبيبة وحكومته، ولا ضمان حتى لتحقيق ذلك حال دخول باشاغا للعاصمة، فجميع الوعود تتبخر على كرسي الحكم في ليبيا، في ظل عدم وجود ظهير عسكري موحد قادر على إحكام السيطرة الأمنية على البلاد للدفع بالعملية السياسية للأمام.
الحرب في العاصمة ليست بجديدة على سكانها الذين اعتادوا الموت والدمار والتصفية في وضح النهار منذ سنوات، لكن الأخطر هذه المرة أن الدبيبة بدأ في تمكين الجماعات المؤدلجة بمن فيهم الإخوان والمقاتلة من مفاصل الدولة وعلى مستوى إحكام السيطرة المسلحة، بعد لقاءات جمعته مع أطراف دولية أخرى أوعزت له بأن ضمان البقاء في الاحتماء بهذه التيارات المتشددة، وهو ما يعني أن العاصمة طرابلس تشهد تحولات تدريجية خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد عودة عبدالحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة إلى طرابلس، ومن المؤكد أن عودته ليست مجانية أو بلا هدف.
أزمة رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة هي نفسها أزمة فايز السراج رئيس حكومة الوفاق السابقة، ومن قبله المؤتمر الوطني العام، أزمة التمسك بالسلطة في ظل ثروة طائلة تجنيها ليبيا من بترولها الذي تحول لنقمة على سكانها، فالجميع يعد بالديمقراطية لكن بما يخدم مصالحه وتياره دون الاكتراث للعواقب على الدولة وشعبها، وهو ما يلاحظ في تكرار نغمة الانتخابات على لسان الدبيبة ووزرائه، وهي مغازلة لن يتحقق منها أي شيء سوى إطالة فترة الحكومة في المشهد، في حين أن المليشيات التي يمولها من مال الشعب هي من حالت دون إجراء الانتخابات.
المؤكد في المشهد الليبي الحالي أن مشروع الإسلام السياسي الذي فشل في مصر وتونس والمغرب والعديد من الدول يجرى إعادته للواجهة مرة أخرى عبر الدبيبة ولندن على وجه الخصوص، وهنا قدم الدبيبة مصلحته الشخصية على مصلحة شعب، في مقابل تمكين التيار الذي يعمل على الاستفادة منه للحظة الأخيرة والإطاحة به بعد أن يبسطوا سيطرتهم على المشهد عبر شخصيات أخرى قد لا تكون ضمن القيادات المعلنة لكنها تدين بالولاء.
أزمة التداول السلمي للسلطة تعيشها ليبيا منذ سنوات طويلة ليست محلية فقط، فجميع الحلول التي طرحت عبر الأمم المتحدة واللقاءات الدولية لم تكن تهدف للحل الشامل للأزمة بل للمعالجة المرحلية وخفض وتيرة الصراع وتأجيله لوقت آخر، في حين أن المبادرات العربية وما سعت له القاهرة كانت تهدف لحل الأزمة بشكل جاد قوبلت بعرقلة من أطراف إقليمية ودولية.
الإبقاء على الأزمة الليبية دون حل يضمن استمرار الهيمنة الغربية واستنزاف موارد الدولة، والإبقاء على نقطة صراع في المنطقة تستخدم في الوقت والزمان الذي يناسب أهداف الغرب.
إذن، ما الحل؟؟
دائماً ما يطرح السؤال بهذه الصيغة، لكن الأزمة الحقيقة هي في كيفية تنفيذ الحل، الجميع يعلم الحل الأمثل الذي يبدأ بتوحيد المؤسسات الأمنية وحل المليشيات وسحب الأسلحة، وبعدها يمكن الحديث عن إجراء انتخابات أو تداول سلمي للسلطة، لكن البحث عن حل في ظل هذا الوضع الأمني وانتشار السلاح هو أشبه بالحرث في الماء ودوران الساقية في نهر جاف.
الخلاصة أن الأزمة الليبية الآن تعقدت بقدر أكبر مما كانت عليه، خاصة في ظل استمرار الأزمة الأوكرانية، والتحرش الأمريكي بالصين في تايوان، والمواقف العربية من الغرب، ما يعني أن أوروبا تبقي على الساحة الليبية لاستخدامها ورقةَ ضغطٍ ضد الدول العربية التي اتخذت موقف الحياد من الأزمة العالمية فيما كانت تسعى واشنطن وأوروبا لغير ذلك.
المواجهات العسكرية التي جرت في العاصمة طرابلس في السابع والعشرين من أغسطس 2020، هي جولة أولى من حرب أوسع وأشرس تنطلق خلال أيام أو أسابيع أو أشهر؛ لأن النتيجة الحتمية لما حدث هي مواجهة أكبر محتملة، بعد أن اتخذ رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة خطوات من شأنها استئصال أي وجود لقوات أخرى ليست بالهينة واعتادت التواجد في العاصمة والسيطرة على جزء من المشهد المقسم بين كتائب وقوى أمنية ومليشيات في العاصمة طرابلس، ولن تفرط في هذه المكتسبات التي اعتادتها لسنوات.
الحاضنة الشعبية في الغرب نفسها مقسمة ما بين تأييد باشاغا وتأييد الدبيبة، وأخرى تريد الخلاص من المشهد القاتم عبر انتخابات لن يحققها استمرار الدبيبة وحكومته، ولا ضمان حتى لتحقيق ذلك حال دخول باشاغا للعاصمة، فجميع الوعود تتبخر على كرسي الحكم في ليبيا، في ظل عدم وجود ظهير عسكري موحد قادر على إحكام السيطرة الأمنية على البلاد للدفع بالعملية السياسية للأمام.
الحرب في العاصمة ليست بجديدة على سكانها الذين اعتادوا الموت والدمار والتصفية في وضح النهار منذ سنوات، لكن الأخطر هذه المرة أن الدبيبة بدأ في تمكين الجماعات المؤدلجة بمن فيهم الإخوان والمقاتلة من مفاصل الدولة وعلى مستوى إحكام السيطرة المسلحة، بعد لقاءات جمعته مع أطراف دولية أخرى أوعزت له بأن ضمان البقاء في الاحتماء بهذه التيارات المتشددة، وهو ما يعني أن العاصمة طرابلس تشهد تحولات تدريجية خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد عودة عبدالحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة إلى طرابلس، ومن المؤكد أن عودته ليست مجانية أو بلا هدف.
أزمة رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة هي نفسها أزمة فايز السراج رئيس حكومة الوفاق السابقة، ومن قبله المؤتمر الوطني العام، أزمة التمسك بالسلطة في ظل ثروة طائلة تجنيها ليبيا من بترولها الذي تحول لنقمة على سكانها، فالجميع يعد بالديمقراطية لكن بما يخدم مصالحه وتياره دون الاكتراث للعواقب على الدولة وشعبها، وهو ما يلاحظ في تكرار نغمة الانتخابات على لسان الدبيبة ووزرائه، وهي مغازلة لن يتحقق منها أي شيء سوى إطالة فترة الحكومة في المشهد، في حين أن المليشيات التي يمولها من مال الشعب هي من حالت دون إجراء الانتخابات.
المؤكد في المشهد الليبي الحالي أن مشروع الإسلام السياسي الذي فشل في مصر وتونس والمغرب والعديد من الدول يجرى إعادته للواجهة مرة أخرى عبر الدبيبة ولندن على وجه الخصوص، وهنا قدم الدبيبة مصلحته الشخصية على مصلحة شعب، في مقابل تمكين التيار الذي يعمل على الاستفادة منه للحظة الأخيرة والإطاحة به بعد أن يبسطوا سيطرتهم على المشهد عبر شخصيات أخرى قد لا تكون ضمن القيادات المعلنة لكنها تدين بالولاء.
أزمة التداول السلمي للسلطة تعيشها ليبيا منذ سنوات طويلة ليست محلية فقط، فجميع الحلول التي طرحت عبر الأمم المتحدة واللقاءات الدولية لم تكن تهدف للحل الشامل للأزمة بل للمعالجة المرحلية وخفض وتيرة الصراع وتأجيله لوقت آخر، في حين أن المبادرات العربية وما سعت له القاهرة كانت تهدف لحل الأزمة بشكل جاد قوبلت بعرقلة من أطراف إقليمية ودولية.
الإبقاء على الأزمة الليبية دون حل يضمن استمرار الهيمنة الغربية واستنزاف موارد الدولة، والإبقاء على نقطة صراع في المنطقة تستخدم في الوقت والزمان الذي يناسب أهداف الغرب.
إذن، ما الحل؟؟
دائماً ما يطرح السؤال بهذه الصيغة، لكن الأزمة الحقيقة هي في كيفية تنفيذ الحل، الجميع يعلم الحل الأمثل الذي يبدأ بتوحيد المؤسسات الأمنية وحل المليشيات وسحب الأسلحة، وبعدها يمكن الحديث عن إجراء انتخابات أو تداول سلمي للسلطة، لكن البحث عن حل في ظل هذا الوضع الأمني وانتشار السلاح هو أشبه بالحرث في الماء ودوران الساقية في نهر جاف.
الخلاصة أن الأزمة الليبية الآن تعقدت بقدر أكبر مما كانت عليه، خاصة في ظل استمرار الأزمة الأوكرانية، والتحرش الأمريكي بالصين في تايوان، والمواقف العربية من الغرب، ما يعني أن أوروبا تبقي على الساحة الليبية لاستخدامها ورقةَ ضغطٍ ضد الدول العربية التي اتخذت موقف الحياد من الأزمة العالمية فيما كانت تسعى واشنطن وأوروبا لغير ذلك.