-A +A
ريهام زامكه
صدقوني عندما يبدأ أحدهم بسرد قصة أو موقف قائلاً: «حدثني أحد الإخوة» فاعلموا أنه كذاب، نصّاب، والقصة من تأليفه، لكني سأقول لكم اليوم حدثني أحد الإخوة وأنا صادقة جداً، وعلى من يكذبني أن يذهب ويشاهد (بأم عينه) ويشم بأنفه (المكعبر)، ويرى ما يجعل نفسه «تلعي» من شدة القرف!

حكى لي إنه كان على خط سفر طويل مرغماً لا بطل، فزوجته هي التي قررت ذلك لأنها إنسانة مستقوية فعلاً أعرفها وينطبق عليها المثل الحجازي الذي يقول: (حبسوها في كيس مع إبليس، طلع إبليس منها يستغيث).


المهم قطع هذا الرجُل وعائلته مسافات وكانت عليهم بالفعل «سكة طويلة والبراري قفار»، فقرر الرجُل أن يقف عند أقرب محطة ليرتاحوا قليلاً، ويدخلوا إلى دورات المياه -أعزكم الله- ثم يتوضأوا ويصلوا في المسجد، لكنهم لم يستطيعوا ذلك مع الأسف!

فحسب وصفه الذي صابني بالغثيان، أنهم لم يستطيعوا مجرد الاقتراب من دورات المياه لشدّة قذارتها، وانبعاث الروائح النتنة منها التي تكاد تشمها من على بُعد!

هذا إلى جانب القاذورات والنفايات الملقاة حولها، التي أصبحت بيئة خصبة جداً للأمراض والأوبئة والجراثيم.

وأنا أعرف أنها بالفعل كذلك، وهي غير صالحة للاستخدام الآدمي ولا الحيواني أيضاً، لأني أتذكر قبل عدة سنوات كنت مسافرة بالسيارة مع مجموعة من (صديقات السوء) وتوقفنا عند إحدى المحطات لكني لم أستطع الدخول إلى دورة المياه أبداً، وعدت إلى سيارتي وقررت أن أتماسك وأحتسب أجر الصبر على أن أدخل ويغمى عليّ أو أموت من شدة الاختناق قرفاً ثم (يبلشون) فيني صديقاتي ويتركوني في مكاني قائلين: «بالهاوي والذيب العاوي» فأنا أعرفهن عِز المعرفة مالهن صاحب!

هذه المشكلة مع الأسف نعاني ويعاني منها أغلب الخليجيين، ومؤكد كل من يسافر بسيارته يعلم تماماً مدى السوء والقذارة الموجودة في الاستراحات العامة والمرافق الصحية ودورات المياه على الطُرق السريعة، وصدقوني أسرع وسيلة للانتحار إذا أردت أن (تفطس) وتُنهي حياتك هي الدخول إليها!

لذا أناشد كل من يفترض أن يُناشد، يا وزارة النقل، يا بلديات، يا هيئة السياحة، يا مسؤولين، يا جماعة الخير أرجوكم التفتوا جدياً لهذه المشكلة، وقوموا بالإشراف والمراقبة والتأكد من نظافة المحطات والمرافق الخدمية على الطُرقات من أجل سلامة الإنسان أولاً وحفاظاً على البيئة، وافرضوا على أصحابها عقوبات وغرامات في حال إهمالهم وتقصيرهم.

وأنا اقترح عليكم ولا داعي لأن تشكروني، ولكن لا مانع بالطبع من أن تُكافئوني أن تصمموا أبواباً ذكية للحمامات العمومية، بحيث كل من يدخل للحمام ويستخدمه ثم يتركه قذراً من بعده ويحاول الخروج منه لا يُفتح له الباب نهائياً حتى ينظف أوساخه، واكتبوا على الأبواب:

«عزيزي (المحشور) دخول الحمام مش زي خروجه».

صدقوني لو طُبقت هذه الفكرة سوف تنجح، خصوصاً لأن هناك فئة من البشر تقتات على القذارة وتعيش عليها.

وحتى يقضي الله أمراً؛ عزيزي المسافر، و(المزنوق)، والمرتحل على الطُرق السريعة، أنصحك نصيحة لوجه الله تعالى؛ امسك نفسك، امسك نفسك، امسك نفسك!