ما الحل لمعضلة تعرض الأطفال للتعذيب والتجويع أحياناً حتى الموت أو التشويه والإعاقة الدائمة من قبل زوجة الأب أو زوج الأم لعدم الرغبة في أن يعيشوا معهم؟ وما الحل لمعضلة أن يكون الوالد مدمناً ومتورطاً بنمط حياة فاسد مفسد لكي لا تنتقل عدوى فساده وإدمانه لأبنائه مع اضطرار أمهم لعدم الطلاق؟ وما الحل عندما يكون الأب مضطرباً عقلياً ونفسياً ويشكل خطراً على الأطفال؟ أو لديه قناعات سلبية ضارة؛ كالتطرُّف الديني التي تجعله يحرم الأبناء من أساسيات لازمة للتكيف مع متطلبات النجاح في هذا العصر؟ وما الحل عندما يعاني الأطفال من العنف المنزلي المفرط الذي لا يبقي أمامهم خياراً سوى الهروب المباشر عبر ترك البيت إلى صحبة السوء والجريمة أو جماعة إرهابية أو الهروب غير المباشر عبر سلوكيات تغييب العقل والإدمان؟ ما الحل لمعضلة وجود الأطفال بأسرة تعرضوا للتحرش من قبل أحد أفرادها حتى إن تم التبليغ عن الجاني فبعد قضائه للعقوبة يعود مجدداً للعيش مع الأسرة والتحرش بالأطفال؟ ما الحل إن كان للأسرة أبناء لديهم احتياجات خاصة ولا تستطيع الأسرة توفير المرافق والتجهيزات اللازمة لتسهيل حياتهم وجعلهم قادرين على الاعتماد على أنفسهم والتنقل بسهولة من وإلى المدرسة؟ ما الحل عندما تعيش الأسرة في مكان بعيد عن المدارس وتكلفة التوصيل تجعلهم يفضلون إخراج أبنائهم من التعليم؟ ما الحل عندما يعاني الأبناء من مشاكل سلوكية خطيرة تجعلهم يشكلون خطراً على أقرانهم في البيت والمدرسة وقد يصل الأمر لدرجة القتل في ساحة مدرسة ابتدائية؟ ما الحل عندما يعاني أحد الوالدين من داء عضال يضطره للبقاء في المستشفى ومعه الزوج كمرافق أو يضطران للسفر للخارج للعلاج ويبقى الأبناء وحدهم بلا رعاية ولا متابعة لتحصيلهم الدراسي؟ ما الحل عندما تكون الأسرة مضطرة للبقاء في محيط سيئ تنتشر فيه الجريمة والإدمان ولا يمكنهم توفير حماية كاملة لأبنائهم من إفساده لهم؟ أو عندما تكون ظروف العائلة الاقتصادية غير مساعدة على التحصيل الدراسي مثل كثرة عدد أفراد العائلة، خاصة الصغار، في سكن صغير مزدحم مختنق يجعل من شبه المستحيل على الأبناء التركيز بالدراسة؟ ما الحل عندما يكون هناك حجر صحي مطول كما حصل بداية وباء كورونا والأسرة تقيم بمنطقة لا تتوفر فيها البنية التحتية اللازمة للإنترنت ومتابعة الدراسة عن بُعد؟ ما الحل عندما يقبل الطفل في مدرسة للموهوبين لكنها تكون في مدينة أخرى مما يمنعه من الالتحاق بها؟ ما الحل عندما يكون الوالدان صغيرين بالسن ويشعران أنهما لا يملكان النضج اللازم لتربية الطفل؛ ولذا حسب الدراسات هم الفئة الأكثر اقترافاً للعنف الاسري المفرط؟ الحل الوحيد لكل تلك المعضلات يتمثل فيما تسمى بـ«المدارس الداخلية» وهي مدارس تتضمن سكناً للطلاب يقيمون فيه بشكل دائم أثناء السنة الدراسية تحت إشراف مختصين، ونظام المدارس الداخلية لا يزال قائماً في الشرق والغرب وإن كان لغير هذه الأسباب أعلاه حيث تعتبر من المؤسسات التعليمية المخصصة للطبقة المخملية التي تريد تنشئة أبنائها على البريستيج الصارم لتمثيلهم للدور العام للأسرة، وبقاء الأبناء في بيت الأسرة سيفسدهم بالدلال والامتيازات التي سيحظون بها، لكن حسب المختصين هذا توظيف غير مناسب لفكرة المدارس الداخلية؛ لأن العيش مع العائلة هو الخيار الأفضل دائماً للطفل طالما العائلة لا تعاني من أسباب قهرية تشكل خطراً على الطفل وعلى مستقبله، ثم إنه في تلك البلدان يتم سحب الأطفال من أهاليهم وإنهاء صلة الوالدين بهم ومنحهم لعوائل أخرى إن كان الأطفال يعانون من أي من الظروف السلبية المذكورة أعلاه؛ ولهذا يجب أن يكون هناك اختلاف في التكلفة المادية للمدارس الداخلية لدينا بحيث تكون مناسبة لخدمة الفئات المتواضعة والأغراض المذكورة ولو بأن تكون مدعومة من قبل وزارة التعليم، فهذا يبقى أقل تكلفة من الخسائر المالية متعددة الأوجه التي تنتج عن انحراف وفشل الأبناء دراسياً واجتماعياً وعملياً نتيجة الظروف السلبية المذكورة، وبالطبع ستكون هناك حاجة لجعل بعضها مقتصراً على فئة محددة فقط؛ مثل فئة من يعانون من الجنوح والاضطرابات السلوكية الخطيرة التي تستلزم أن يكونوا تحت إشراف متخصصين بعلاج السلوك الجانح والإجرامي لدى صغار السن، فمجرد فصل الطلاب الجانحين من المدارس كعقوبة لا يصلحهم ولا يجنب المجتمع عواقب انجرافهم في طريق الجنوح والإجرام، وأيضاً يمكن تخصيص مدارس داخلية لأصحاب الاحتياجات الخاصة توفر لهم مرافق وتجهيزات مساعدة لهم على الاعتماد على النفس والاستقلالية، بالإضافة لمدارس داخلية مخصصة للموهبين الذين يقيمون في مدن ومناطق لا تتوفر فيها مدارس للموهوبين.