الملكة إليزابيث الثانية (١٩٢٦ – ٢٠٢٢) جلست على عرش بريطانيا العظمى، لسبعة عقود (١٩٥٢ – ٢٠٢٢). كان مُلْكُ عرشها يمتد من أقصى شرق الكرة الأرضية (نيوزيلاندا) لأقصى الشمال الغربي لأمريكا الشمالية، مقاطعة بريتش كولومبيا (كندا). عهد الملكة الراحلة يحاكي (دستورياً) اتساع أزهى عصور الإمبراطورية البريطانية Brittanica 1815 – 1914) Pax)، عهد الملكة القوية ڤيكتوريا (١٨١٩ – ١٩٠١).
بعرض الكرة الأرضية كانت مملكة إليزابيث الثانية تمتد من الشرق إلى الغرب، حيث عددٍ من دول الكومنولث البريطاني تطبع صورها على عملتها الورقية.. وعلى مسكوكاتها المعدنية الرسمية (النقدية والاعتبارية والتذكارية)، وتُعَلّقُ صورتها على مؤسسات الدولة الرسمية وممثلياتها في الخارج.. وتَفْتتح وتَحُلُ برلماناتها، وتُعَيِّنُ حكوماتها وتقيلها.. وتَحكمُ الحكومات باسمها.. وتُسن وتُتنفذ القوانين والتشريعات باسمها، بعد مصادقتها عليها وإقرارها بها.. ويَدْعُون: (يحفظ الله الملكة).. ويُدين لها بالولاء كل موظفي الدولة الرسميين، مدنيين وعسكريين. الملكة الراحلة، دستورياً، تمتلك الحيتان والسلاحف والدلافين، بطول شواطئ المملكة المتحدة.
ليس هذا، فحسب، بل الملكة إليزابيث الثانية هي (دستورياً) رأس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، مَنْ يعلن الحرب ويعقد المعاهدات مع الأطراف الدولية. الملكة إليزابيث الثانية، هي أيضاً: رأس الكنيسة الإنجليكانية في كنتيربي (كنيسة إنجلترا). هي باختصار: تمتلك، دستورياً، السلطتين الدينية والزمنية في بريطانيا العظمى.
لكن، هل المَلكِة الراحلة، والملك الجديد، بهذه السلطات (الدستورية) الزمنية والدينية الواسعة، لا يتمتعون حقيقةً بسلطاتٍ فعلية. في حقيقةِ الأمر: عدم ممارسة ملوك بريطانيا السلطة السياسية الفعلية، لا يعني بالتبعية عدم تمتعهم بسلطاتٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ إن هم أرادوا، خاصةً في أوقاتِ الأزمات الكبرى.
عام ١٩٤٠ تدخل الملك جورج السادس (١٨٩٥ – ١٩٥٢) في اختيار ونستون تشرشل (١٨٧٧- ١٩٦٥) بخطه المتشدد، رئيساً للوزراء، لمواجهة ألمانيا النازية، مفضلاً إياه عن إدوارد وود هاليفاكس (١٨٨١ – ١٩٥٩) المعروف بخطه المهادن الاسترضائي للتعامل مع هتلر. الملكة إلراحلة، تدخلت في الأزمة السياسية في أستراليا عام ١٩٧٥، ودعت إلى انتخابات عامة بعد حل البرلمان وأتت بحكومة جديدة، في سِيدْني.
العرش البريطاني، يمكن القول: إنه فقد الاهتمام، وليس بالضرورة الإرادة، في ممارسة الحكم. في بريطانيا إرادة الناس هي صاحبة السيادة المطلقة. لكن هذه السيادة الشعبية، لا تكتمل إلا بموافقة وإقرار وإرادة صاحب السيادة الدستوري الأول (الجالس على عرش بريطانيا العظمى، رجلاً كان أم امرأة).
دستورياً: القوانين التي يسنّها البرلمان (مجلس العموم)، لا تكتمل مصوغات مشروعيتها السياسية إلا إذا أقرها وصادق عليها صاحب العرش. البرلمان، نفسه لا ينعقد، إلا بإذن صاحب العرش.. كما لا يعلّق جلساته ويتمتع أعضاؤه بإجازاتهم ولا يُحَلُ، إلا بأمرِ صاحب العرش. الحكومة، نفسها، لا تمارس سلطاتها التنفيذية، إلا بعد تعيين رئيس وزرائها واختياره (دستورياً)، من قبل صاحب العرش. أيضاً: صاحب العرش، نفسه، لا يُطَبّقُ عليه القانون، كونه فوقَ القانون! كما له العفو عن العقوبات القضائية.. ومنح الأوسمة والنياشين والألقاب الرسمية الرفيعة.
عبقرية التجربة الديمقراطية البريطانية، أنها مزجت بين التقاليد الملكية العريقة وضرورات الممارسة الديمقراطية في المجتمعات المدنية الحديثة. صاحب العرش في بريطانيا العظمى بوصفه عاهل البلاد ورمزها السيادي ورأس الكنيسة، يتمتع بسلطات دستورية رفيعة، تستمد من شرعيتها، مشروعية مؤسسات الدولة السياسية، ومكانة الكنيسة الإنجليكانية الروحية الرفيعة. صاحب العرش في المملكة المتحدة يترفع عن تجاذبات النخب السياسية ومناقشة القضايا الخلافية ويقف على مسافة واحدة من القوى السياسية المتصارعة على السلطة، تاركاً الشعب ليختار (ديمقراطياً)، من يعكس ويحترم ويخضع لإرادته الحرة.
إنجاز الملكة الراحلة الكبير، الذي على الملك الجديد الاستفادة من تجربة والدته، أن يبقى محايداً تجاه أطراف العملية السياسية وقضايا السياسة الشائكة، بعيداً عن ما عُرِفَ عنه فترة ولاية العهد الطويلة. الملكة الراحلة، كانت لآخر أيامها حريصةً على القيامِ بمسؤولياتها الدستورية. قبل ٤٨ ساعة من وفاتها، عيّنت رئيسة الوزراء الجديدة (ليز تراس).
الملكة إليزابيث الثانية كانت تملك إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وكانت بذكائها وبراعتها وحصافتها تحكمُ (دستورياً) أعرقَ إمبراطورية (ديمقراطية) عرفَها التاريخ. يَصعبُ القولُ: إن سلطات الملكة الراحلة (الدستورية)، كانت مجردَ امتيازاتٍ «بروتوكولية» تستندُ إلى «بهرجةِ» حياةِ البلاطِ «المخملية»، بعيداً عن حركةِ العمل السياسي الدؤوب، الشائك.. المعقد، والخطر أحياناً.
بعرض الكرة الأرضية كانت مملكة إليزابيث الثانية تمتد من الشرق إلى الغرب، حيث عددٍ من دول الكومنولث البريطاني تطبع صورها على عملتها الورقية.. وعلى مسكوكاتها المعدنية الرسمية (النقدية والاعتبارية والتذكارية)، وتُعَلّقُ صورتها على مؤسسات الدولة الرسمية وممثلياتها في الخارج.. وتَفْتتح وتَحُلُ برلماناتها، وتُعَيِّنُ حكوماتها وتقيلها.. وتَحكمُ الحكومات باسمها.. وتُسن وتُتنفذ القوانين والتشريعات باسمها، بعد مصادقتها عليها وإقرارها بها.. ويَدْعُون: (يحفظ الله الملكة).. ويُدين لها بالولاء كل موظفي الدولة الرسميين، مدنيين وعسكريين. الملكة الراحلة، دستورياً، تمتلك الحيتان والسلاحف والدلافين، بطول شواطئ المملكة المتحدة.
ليس هذا، فحسب، بل الملكة إليزابيث الثانية هي (دستورياً) رأس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، مَنْ يعلن الحرب ويعقد المعاهدات مع الأطراف الدولية. الملكة إليزابيث الثانية، هي أيضاً: رأس الكنيسة الإنجليكانية في كنتيربي (كنيسة إنجلترا). هي باختصار: تمتلك، دستورياً، السلطتين الدينية والزمنية في بريطانيا العظمى.
لكن، هل المَلكِة الراحلة، والملك الجديد، بهذه السلطات (الدستورية) الزمنية والدينية الواسعة، لا يتمتعون حقيقةً بسلطاتٍ فعلية. في حقيقةِ الأمر: عدم ممارسة ملوك بريطانيا السلطة السياسية الفعلية، لا يعني بالتبعية عدم تمتعهم بسلطاتٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ إن هم أرادوا، خاصةً في أوقاتِ الأزمات الكبرى.
عام ١٩٤٠ تدخل الملك جورج السادس (١٨٩٥ – ١٩٥٢) في اختيار ونستون تشرشل (١٨٧٧- ١٩٦٥) بخطه المتشدد، رئيساً للوزراء، لمواجهة ألمانيا النازية، مفضلاً إياه عن إدوارد وود هاليفاكس (١٨٨١ – ١٩٥٩) المعروف بخطه المهادن الاسترضائي للتعامل مع هتلر. الملكة إلراحلة، تدخلت في الأزمة السياسية في أستراليا عام ١٩٧٥، ودعت إلى انتخابات عامة بعد حل البرلمان وأتت بحكومة جديدة، في سِيدْني.
العرش البريطاني، يمكن القول: إنه فقد الاهتمام، وليس بالضرورة الإرادة، في ممارسة الحكم. في بريطانيا إرادة الناس هي صاحبة السيادة المطلقة. لكن هذه السيادة الشعبية، لا تكتمل إلا بموافقة وإقرار وإرادة صاحب السيادة الدستوري الأول (الجالس على عرش بريطانيا العظمى، رجلاً كان أم امرأة).
دستورياً: القوانين التي يسنّها البرلمان (مجلس العموم)، لا تكتمل مصوغات مشروعيتها السياسية إلا إذا أقرها وصادق عليها صاحب العرش. البرلمان، نفسه لا ينعقد، إلا بإذن صاحب العرش.. كما لا يعلّق جلساته ويتمتع أعضاؤه بإجازاتهم ولا يُحَلُ، إلا بأمرِ صاحب العرش. الحكومة، نفسها، لا تمارس سلطاتها التنفيذية، إلا بعد تعيين رئيس وزرائها واختياره (دستورياً)، من قبل صاحب العرش. أيضاً: صاحب العرش، نفسه، لا يُطَبّقُ عليه القانون، كونه فوقَ القانون! كما له العفو عن العقوبات القضائية.. ومنح الأوسمة والنياشين والألقاب الرسمية الرفيعة.
عبقرية التجربة الديمقراطية البريطانية، أنها مزجت بين التقاليد الملكية العريقة وضرورات الممارسة الديمقراطية في المجتمعات المدنية الحديثة. صاحب العرش في بريطانيا العظمى بوصفه عاهل البلاد ورمزها السيادي ورأس الكنيسة، يتمتع بسلطات دستورية رفيعة، تستمد من شرعيتها، مشروعية مؤسسات الدولة السياسية، ومكانة الكنيسة الإنجليكانية الروحية الرفيعة. صاحب العرش في المملكة المتحدة يترفع عن تجاذبات النخب السياسية ومناقشة القضايا الخلافية ويقف على مسافة واحدة من القوى السياسية المتصارعة على السلطة، تاركاً الشعب ليختار (ديمقراطياً)، من يعكس ويحترم ويخضع لإرادته الحرة.
إنجاز الملكة الراحلة الكبير، الذي على الملك الجديد الاستفادة من تجربة والدته، أن يبقى محايداً تجاه أطراف العملية السياسية وقضايا السياسة الشائكة، بعيداً عن ما عُرِفَ عنه فترة ولاية العهد الطويلة. الملكة الراحلة، كانت لآخر أيامها حريصةً على القيامِ بمسؤولياتها الدستورية. قبل ٤٨ ساعة من وفاتها، عيّنت رئيسة الوزراء الجديدة (ليز تراس).
الملكة إليزابيث الثانية كانت تملك إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وكانت بذكائها وبراعتها وحصافتها تحكمُ (دستورياً) أعرقَ إمبراطورية (ديمقراطية) عرفَها التاريخ. يَصعبُ القولُ: إن سلطات الملكة الراحلة (الدستورية)، كانت مجردَ امتيازاتٍ «بروتوكولية» تستندُ إلى «بهرجةِ» حياةِ البلاطِ «المخملية»، بعيداً عن حركةِ العمل السياسي الدؤوب، الشائك.. المعقد، والخطر أحياناً.