الحاكم الصالح، ملِكاً أو رئيساً، مثله مثل الأب الراقي، يبتهج بأولاده الصالحين، المميزين، ولا يبخل على المتفوقين، ولا يدّخر مالاً ولا حالاً، ولا حلالا في سبيل تعليمهم وتربيتهم، وتمكينهم، فيما ينزعج من مفرّط، ويعتب على كسول، ويغضبه العاقّ.
يتساءل البعض، وهو ينظر من زاوية قاتمة؛ ليرصد المتغيرات السلوكية بمكبّر جانح: (المجتمع رايح فين) ؟ وهذا السؤال يستبطن مشاعر عدة، البعض لديه جرأة فيصرّح بها، والبعض يحتفظ بها لنفسه.
ما يطرأ على المجتمعات من تحولات طبيعية ينشأ عنها ومعها، ويترتب عليها ما يراه البعض غير طبيعي، بل يراه الغيورون خادشاً أو فاضحاً أو متجاوزاً للأعراف والقِيَم المجتمعية، والغيور المنتمي لا يود أن يرى في أفراد مجتمعه صفة يكرهها.
لربما يحمّل (متشائم) انحراف البعض أو شذوذ القلة، على حدة المرحلة، مع الخطاب الصحوي، ورموزه، إلا أن هذا التحميل غير موضوعي، فالدولة دولة الجميع، والبشر بفطرتهم ليسوا في مستوى أخلاقي واحد، فهناك السابقون بالخيرات وهم كُثر بحمد الله، وهناك المقتصدون، وهناك ظالمون لأنفسهم، بنص القرآن، والمنحرف لا ينتظر تحفيزاً ولا تشجيعاً من أحد ولو جندت حوله كل الرقابات، فهو كما يقول المثل: (فرد حمزة ثاير ثاير).
وأتساءل: كيف كان حال الإنسان الأول الذي عاش على الأرض دون أنظمة، ولا حكومات، ولا تعليم، وبماذا تمدّن أسلافنا؟ ولا ريب أن الخبرات، وتراكم التجارب، وتنامي الوعي، وتشريع القوانين، وبناء الدولة، كل ذلك يحجمّ مسالك الشرّ، ويحمي هويّة المواطنين والمواطنات من الانتهاكات.
ربما يكون سبب ما نراه هو انكشاف الوجه الآخر للصحوة، فالصحويون لم يربّوا في النفوس قيم الخير، ولم يؤصلّوا للأخلاق العالية، ولم يُهذبوا السلوكيات، ولم يعززوا الرقابة الذاتية، وإنما مارسوا تسلطاً، وكبتاً، وزرعوا الرِيَب؛ ظناً منهم أنهم بذلك يغرسون الفضائل دون التفات لبناء حصانة الفرد الوجدانية.
ولو قال قائل إن الصحويين غرسوا فضائل، فغرسهم هشٌّ وسهل اجتذاذه، ولم تكن الصحوة صديقة، ولا رفيقة، ولا أليفة ولا مُهذَّبة، بل غلّفت التمرد بلباس الشكليات، وعلّقت المجتمع بالثورات، ودربته على عدم الرضا عن الحكومات، والتطاول على الشخصيات الاعتبارية، ولو أن الصحوة بذرت بذور مكارم أخلاق وآداب الكرام؛ لأثمرت اليوم ثمارها، ولآتت أكلها، فما تحاول الصحوة إلصاقه وإلحاقه بقرارات الدولة، التي ترى فيها تساهلاً تسبب في عبثية وفوضوية ولا أخلاقية، نرد عليه، بأن الانحرافات ليست من مخرجات رؤية لم يبدأ تطبيق مبادئها إلا منذ عامين، وإنما هو تفريخ وتنفيس احتقانات، تعبأت بها دواخل بعض الناس منذ ثلاثين عاماً، و التحولات ما أمداها تغيّر أخلاق راسخة، وإنما أتاحت لكل المكونات أن تعبّر عن نفسها، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ.
ربما يقول قائل: لسنا مجتمعاً واحداً، بل مجتمعات، ولا بأس بهذا التوصيف الآخذ في الاعتبار البيئات والهويات الدُنيا، إلا أن الدولة ترانا مجتمعاً واحداً، ننتمي بفخر لوطننا السعودي، ونعتز بهذا الانتماء، وإن اختلفنا في كثير من القضايا، إلا أنه لا خلاف على وحدة الوطن، وسيادته، والولاء لقيادته.
تشير الدراسات، والتحليلات الموضوعية، إلى أن الوطن بخير، وأن المجتمع يتحوّل وإن ببطء نحو ثقافة عمل وإنتاج وكسب وفرح، تحت مظلة أمن مشهود، واستقرار معهود، والزمن بيننا وبين المتشائمين.
سؤال المجتمع رايح وين؟ سؤال مشروع، ولكن الإجابة المُعتبرة لا تُتلقى من شانئ وأحمق، فنحن في داخل وطننا نعيش ونعايش ما يبهج من البناء المؤسسي، والتحديث الكُليّ، والعصرنة، ولا يُشكك وطنيٌ في نوايا قادتنا الإصلاحية، ولا أتوقع أن يُشكك منصف ولا صادق، في حزم القرارات مع كل متجاوز أو عابث أو مثير للرأي العام.
لكل مرحلة تحوّل (تبعات) ينبغي استيعابها واحتواؤها، دون التفات للطرح المشوّش، الذي يجد في بعض النفوس مدّخلاً، وفي عصر مضى يذهب البعض لقراءة تاريخنا عند أعدائنا، ويصغي لطرح تنقصه الموثوقية، علماً بأننا لسنا في حاجة لمن يُعرّفنا بآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، فمعلوماتك عن وطنك وثقتك بأهلك لا تحتاج تسوّلاً من الغريب والمستغرب والأجنبي، والأخطاء والخطايا علاجها ممكن، والشفاء منها وارد.
المجتمع في طريق الأمان بعون الله، طالما تمسّك بعقيدة التوحيد الصافية، وحافظ على قيمه، وأخلاقه العربية والإسلامية، وأسهم بوعي في الحراك التنموي، وفارق ثقافة الاستهلاك، واعتنى بوقته وماله.
المجتمع قادر على إعادة ترتيب نفسه، والخروج من ضيق الانتماء إلى سعة الوطن، ومن أسر الأيديولوجيا إلى رحابة المواطنة، ومن استغواء الشياطين واستهواء المفسدين إلى نقاء الشرع الحنيف وطهارته.
حلّ عيدنا الوطني الثاني والتسعون؛ ليُعزز فينا روح العطاء، ويرفع كفاءة وجودة العمل، وليجدد نواة الأمل، فنحن أسرة أو عائلة واحدة متفائلة، والسعودية بيتنا الذي لا بيت لنا سواه، وكل موعد لذكرى التوحيد والوحدة؛ يشمخ بالرؤوس، ويزكي النفوس، ويدحر الأباليس. نعم، هناك أقلية فوضوية وعبثية تشوّش على الأكثرية بسوء سلوك، أو فعل فاضح، أو خُلق مشين، لكن ما يصدر عنها لن يُفقدنا موضوعيتنا في تقدير الشرّ بقدره، ولن يدفعنا للكفر بمن يعتز بهويته السعودية، ويُعلي شأن عقيدته الإسلامية، ويفاخر بأخلاقه واحترامه لنفسه ولمجتمعه.
في مثل هذا اليوم يتداخل العام بالخاص، ويتعالق الذاتي بالموضوعي، وأجيب عن سؤال العنوان بأن المجتمع رايح للأفضل، والأجمل، والأمثل بقوة الله وصحة العزم، والحزم المفضي لاضمحلال الغثاء تدريجياً؛ ليبقى ما ينفع الناس.. وكل عام ووطني السعودي وأنتم بخير.
يتساءل البعض، وهو ينظر من زاوية قاتمة؛ ليرصد المتغيرات السلوكية بمكبّر جانح: (المجتمع رايح فين) ؟ وهذا السؤال يستبطن مشاعر عدة، البعض لديه جرأة فيصرّح بها، والبعض يحتفظ بها لنفسه.
ما يطرأ على المجتمعات من تحولات طبيعية ينشأ عنها ومعها، ويترتب عليها ما يراه البعض غير طبيعي، بل يراه الغيورون خادشاً أو فاضحاً أو متجاوزاً للأعراف والقِيَم المجتمعية، والغيور المنتمي لا يود أن يرى في أفراد مجتمعه صفة يكرهها.
لربما يحمّل (متشائم) انحراف البعض أو شذوذ القلة، على حدة المرحلة، مع الخطاب الصحوي، ورموزه، إلا أن هذا التحميل غير موضوعي، فالدولة دولة الجميع، والبشر بفطرتهم ليسوا في مستوى أخلاقي واحد، فهناك السابقون بالخيرات وهم كُثر بحمد الله، وهناك المقتصدون، وهناك ظالمون لأنفسهم، بنص القرآن، والمنحرف لا ينتظر تحفيزاً ولا تشجيعاً من أحد ولو جندت حوله كل الرقابات، فهو كما يقول المثل: (فرد حمزة ثاير ثاير).
وأتساءل: كيف كان حال الإنسان الأول الذي عاش على الأرض دون أنظمة، ولا حكومات، ولا تعليم، وبماذا تمدّن أسلافنا؟ ولا ريب أن الخبرات، وتراكم التجارب، وتنامي الوعي، وتشريع القوانين، وبناء الدولة، كل ذلك يحجمّ مسالك الشرّ، ويحمي هويّة المواطنين والمواطنات من الانتهاكات.
ربما يكون سبب ما نراه هو انكشاف الوجه الآخر للصحوة، فالصحويون لم يربّوا في النفوس قيم الخير، ولم يؤصلّوا للأخلاق العالية، ولم يُهذبوا السلوكيات، ولم يعززوا الرقابة الذاتية، وإنما مارسوا تسلطاً، وكبتاً، وزرعوا الرِيَب؛ ظناً منهم أنهم بذلك يغرسون الفضائل دون التفات لبناء حصانة الفرد الوجدانية.
ولو قال قائل إن الصحويين غرسوا فضائل، فغرسهم هشٌّ وسهل اجتذاذه، ولم تكن الصحوة صديقة، ولا رفيقة، ولا أليفة ولا مُهذَّبة، بل غلّفت التمرد بلباس الشكليات، وعلّقت المجتمع بالثورات، ودربته على عدم الرضا عن الحكومات، والتطاول على الشخصيات الاعتبارية، ولو أن الصحوة بذرت بذور مكارم أخلاق وآداب الكرام؛ لأثمرت اليوم ثمارها، ولآتت أكلها، فما تحاول الصحوة إلصاقه وإلحاقه بقرارات الدولة، التي ترى فيها تساهلاً تسبب في عبثية وفوضوية ولا أخلاقية، نرد عليه، بأن الانحرافات ليست من مخرجات رؤية لم يبدأ تطبيق مبادئها إلا منذ عامين، وإنما هو تفريخ وتنفيس احتقانات، تعبأت بها دواخل بعض الناس منذ ثلاثين عاماً، و التحولات ما أمداها تغيّر أخلاق راسخة، وإنما أتاحت لكل المكونات أن تعبّر عن نفسها، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ.
ربما يقول قائل: لسنا مجتمعاً واحداً، بل مجتمعات، ولا بأس بهذا التوصيف الآخذ في الاعتبار البيئات والهويات الدُنيا، إلا أن الدولة ترانا مجتمعاً واحداً، ننتمي بفخر لوطننا السعودي، ونعتز بهذا الانتماء، وإن اختلفنا في كثير من القضايا، إلا أنه لا خلاف على وحدة الوطن، وسيادته، والولاء لقيادته.
تشير الدراسات، والتحليلات الموضوعية، إلى أن الوطن بخير، وأن المجتمع يتحوّل وإن ببطء نحو ثقافة عمل وإنتاج وكسب وفرح، تحت مظلة أمن مشهود، واستقرار معهود، والزمن بيننا وبين المتشائمين.
سؤال المجتمع رايح وين؟ سؤال مشروع، ولكن الإجابة المُعتبرة لا تُتلقى من شانئ وأحمق، فنحن في داخل وطننا نعيش ونعايش ما يبهج من البناء المؤسسي، والتحديث الكُليّ، والعصرنة، ولا يُشكك وطنيٌ في نوايا قادتنا الإصلاحية، ولا أتوقع أن يُشكك منصف ولا صادق، في حزم القرارات مع كل متجاوز أو عابث أو مثير للرأي العام.
لكل مرحلة تحوّل (تبعات) ينبغي استيعابها واحتواؤها، دون التفات للطرح المشوّش، الذي يجد في بعض النفوس مدّخلاً، وفي عصر مضى يذهب البعض لقراءة تاريخنا عند أعدائنا، ويصغي لطرح تنقصه الموثوقية، علماً بأننا لسنا في حاجة لمن يُعرّفنا بآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، فمعلوماتك عن وطنك وثقتك بأهلك لا تحتاج تسوّلاً من الغريب والمستغرب والأجنبي، والأخطاء والخطايا علاجها ممكن، والشفاء منها وارد.
المجتمع في طريق الأمان بعون الله، طالما تمسّك بعقيدة التوحيد الصافية، وحافظ على قيمه، وأخلاقه العربية والإسلامية، وأسهم بوعي في الحراك التنموي، وفارق ثقافة الاستهلاك، واعتنى بوقته وماله.
المجتمع قادر على إعادة ترتيب نفسه، والخروج من ضيق الانتماء إلى سعة الوطن، ومن أسر الأيديولوجيا إلى رحابة المواطنة، ومن استغواء الشياطين واستهواء المفسدين إلى نقاء الشرع الحنيف وطهارته.
حلّ عيدنا الوطني الثاني والتسعون؛ ليُعزز فينا روح العطاء، ويرفع كفاءة وجودة العمل، وليجدد نواة الأمل، فنحن أسرة أو عائلة واحدة متفائلة، والسعودية بيتنا الذي لا بيت لنا سواه، وكل موعد لذكرى التوحيد والوحدة؛ يشمخ بالرؤوس، ويزكي النفوس، ويدحر الأباليس. نعم، هناك أقلية فوضوية وعبثية تشوّش على الأكثرية بسوء سلوك، أو فعل فاضح، أو خُلق مشين، لكن ما يصدر عنها لن يُفقدنا موضوعيتنا في تقدير الشرّ بقدره، ولن يدفعنا للكفر بمن يعتز بهويته السعودية، ويُعلي شأن عقيدته الإسلامية، ويفاخر بأخلاقه واحترامه لنفسه ولمجتمعه.
في مثل هذا اليوم يتداخل العام بالخاص، ويتعالق الذاتي بالموضوعي، وأجيب عن سؤال العنوان بأن المجتمع رايح للأفضل، والأجمل، والأمثل بقوة الله وصحة العزم، والحزم المفضي لاضمحلال الغثاء تدريجياً؛ ليبقى ما ينفع الناس.. وكل عام ووطني السعودي وأنتم بخير.