بينما أتصفح في مواقع الصحة النفسية الأجنبية لغرض بحثي؛ وجدت حساباً مختصاً للتوعية بالانتحار (خط الانتحار والأزمات الحياتية) ونظاماً متكاملاً في الولايات الأمريكية المتحدة أو لنقل شبكة تضم أكثر من ٢٠٠ مركز يقدمون خدماتهم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. تصفحت بالحساب وتأملت حجم المهنية في التعاطي مع هذا الموضوع الحساس والإنساني والذي وجدت بعد البحث أيضاً في السياق المحلي بعض المبادرات المحلية والمطالبات من شابات سعوديات أنشأن موقعاً لجمع تواقيع لست متأكدة من الأسماء للأسف لكن جهدهن كان رائعاً في ٢٠١٩ ولهن حساب في تويتر بعنوان (أنت مهم) ويبدو أنه لم تتم الاستجابة العملية من الوزارة؛ بجانب نشر عدد من الأطباء مشكورين بعض الأفكار المتفرقة عن الانتحار، وكنت أقف أمام الردود التي تعيب عليهم الحديث عنه باعتباره سمة لغير (المؤمنين) وهذا الشيء فيه مغالطة علمية مفزعة ومخيفة ولا تليق بمجتمع جعل (جودة الحياة) ضلعاً رئيسياً في تحقيق (الرؤية)، فاحترام الأحكام الدينية شيء ومعالجة الأمراض جميعها ضرورة حثنا عليها الدين قبل كل شيء!
إذن أُعيد رفع المطالبة هذه المرة وبشكل أكثر صراحة، إن واقع الخدمات النفسية (المجانية) يحتاج وقفة من وزارة الصحة، بل نريد بالفعل خطاً خاصاً للأزمات النفسية مثل (٩٨٨) الموجود في أمريكا، إن المعاناة النفسية في هذا العصر ليست (رفاهية) أو (ضعف دين) كما يتم وصم كل من يبوح بألمه، هي معاناة تستدعي التدخل قبل الدخول في التبعات الجسدية والتي نعلم مضاعفاتها وتكاليفها لاحقاً. اليوم ومع دخول مفهوم جودة الحياة كممارسة لا أجد مبرراً للتأخر في افتتاح العيادات النفسية في الجامعات، بل كم هو مخجل ضياع سنوات خاصة في كليات التربية والعيادات الإرشادية السلوكية مغلقة! بل كم عانى الطلبة من غربة أو هموم دون أن يجدوا مرجعاً مهنياً معتمداً يعينهم في إرشادهم الإكاديمي. إذن الجامعات تتحمل جزءاً كبيراً من هذا التأخر الواضح في تثقيف الناس.
أنتقل الآن لفكرة الممارسات الفردية؛ وكيف هو من المهم أن يعي الأفراد أن فكرة الانتحار ليست شيئاً بعيداً أو خيالياً أو أفلام دراما، الهلوسات والأصوات الداخلية تستدعي أن تتعامل معها بجدية أكثر، وألا تتردد باتخاذ خطوة للعلاج. ماذا عن الأصدقاء والشبكات الاجتماعية؟ إذا شاهدت ميولاً انتحارية أو رغبة في الإيذاء لدى شخص عزيز لا تتندر به أو تجعله يندم على مصارحتك لثقته بك لكن خذ بيده لأول طبيب معالج لعلك تنقذه، ومهم أيضاً ألا تقلل من قيمة تعب الآخر أو حزنه وهذا لا يعني أن تتحول أنت لمعالج! لكن ساعد بقدر استطاعتك وساعد نفسك أيضاً، كم هو محزن أن تجد بعض الأفراد ما زالوا يقاومون وبشكل شرس الذهاب للطبيب بل قد يصل الأمر للقطيعة بين الأصدقاء إن أصر أحدهم على إقناع الشخص المتعب بأهمية العلاج وعدم الرضوخ للوهم. واليوم توجد الكثير من التطبيقات التي سهّلت الوصول للمعالجين فلا عذر إذن.
أخيراً هل نحن في مأمن من الانتحار؟ بالتأكيد لا، ومن يقول غير ذلك أو يعول على الإرث الاجتماعي القديم عليه أن يراجع نفسه. الجيل الشاب يحتاج أن نكون معهم وبلغتهم التي يفهمونها، واجب كل فرد أن يحمي نفسه من نفسه أولاً وألا يدع حياته رهن المجهول. لا أعرف عدد الحالات في المملكة ولا أهتم هنا بحجمها بقدر ما أنا أهتم بالقادم بأن يكون هناك مركز محايد وراصد ومحلل للواقع والمستقبل. وهذه بالتأكيد ليست توصيتي فقط كباحثة مهتمة بفكرة الصوت والشعور وتأثيرها على الإنسان لكن هناك الكثير ممن يشاركونني الرأي بل سبقوني في هذا. حفظ الله الجميع ودمتم بخير.
إذن أُعيد رفع المطالبة هذه المرة وبشكل أكثر صراحة، إن واقع الخدمات النفسية (المجانية) يحتاج وقفة من وزارة الصحة، بل نريد بالفعل خطاً خاصاً للأزمات النفسية مثل (٩٨٨) الموجود في أمريكا، إن المعاناة النفسية في هذا العصر ليست (رفاهية) أو (ضعف دين) كما يتم وصم كل من يبوح بألمه، هي معاناة تستدعي التدخل قبل الدخول في التبعات الجسدية والتي نعلم مضاعفاتها وتكاليفها لاحقاً. اليوم ومع دخول مفهوم جودة الحياة كممارسة لا أجد مبرراً للتأخر في افتتاح العيادات النفسية في الجامعات، بل كم هو مخجل ضياع سنوات خاصة في كليات التربية والعيادات الإرشادية السلوكية مغلقة! بل كم عانى الطلبة من غربة أو هموم دون أن يجدوا مرجعاً مهنياً معتمداً يعينهم في إرشادهم الإكاديمي. إذن الجامعات تتحمل جزءاً كبيراً من هذا التأخر الواضح في تثقيف الناس.
أنتقل الآن لفكرة الممارسات الفردية؛ وكيف هو من المهم أن يعي الأفراد أن فكرة الانتحار ليست شيئاً بعيداً أو خيالياً أو أفلام دراما، الهلوسات والأصوات الداخلية تستدعي أن تتعامل معها بجدية أكثر، وألا تتردد باتخاذ خطوة للعلاج. ماذا عن الأصدقاء والشبكات الاجتماعية؟ إذا شاهدت ميولاً انتحارية أو رغبة في الإيذاء لدى شخص عزيز لا تتندر به أو تجعله يندم على مصارحتك لثقته بك لكن خذ بيده لأول طبيب معالج لعلك تنقذه، ومهم أيضاً ألا تقلل من قيمة تعب الآخر أو حزنه وهذا لا يعني أن تتحول أنت لمعالج! لكن ساعد بقدر استطاعتك وساعد نفسك أيضاً، كم هو محزن أن تجد بعض الأفراد ما زالوا يقاومون وبشكل شرس الذهاب للطبيب بل قد يصل الأمر للقطيعة بين الأصدقاء إن أصر أحدهم على إقناع الشخص المتعب بأهمية العلاج وعدم الرضوخ للوهم. واليوم توجد الكثير من التطبيقات التي سهّلت الوصول للمعالجين فلا عذر إذن.
أخيراً هل نحن في مأمن من الانتحار؟ بالتأكيد لا، ومن يقول غير ذلك أو يعول على الإرث الاجتماعي القديم عليه أن يراجع نفسه. الجيل الشاب يحتاج أن نكون معهم وبلغتهم التي يفهمونها، واجب كل فرد أن يحمي نفسه من نفسه أولاً وألا يدع حياته رهن المجهول. لا أعرف عدد الحالات في المملكة ولا أهتم هنا بحجمها بقدر ما أنا أهتم بالقادم بأن يكون هناك مركز محايد وراصد ومحلل للواقع والمستقبل. وهذه بالتأكيد ليست توصيتي فقط كباحثة مهتمة بفكرة الصوت والشعور وتأثيرها على الإنسان لكن هناك الكثير ممن يشاركونني الرأي بل سبقوني في هذا. حفظ الله الجميع ودمتم بخير.