تماماً كتحديثات الأجهزة هناك علم خاص (Social software) يهتم بتحديثات المجتمعات الإنسانية سواء في أدوات التفكير والتواصل والنمذجة، «وبين ماضي الميتافيزيقية وحاضر الميتافيرس تتطور العلوم الإنسانية»، إن كنت تعتقد أن تطبيقات التواصل جاءت بمحض الصدفة فأنت مخطئ تماماً، ظهر هذا المصطلح لأول مرة في أبحاث الفيلسوف روهيت جيفانلال باريك عالم رياضيات ومنطق أمريكي، وقد عمل في العديد من المجالات في المنطق التقليدي، بما في ذلك نظرية التكرار ونظرية البرهان. وهو أستاذ ذو قيمة اعتبارية في كلية بروكلين في جامعة سيتي في نيويورك ومن خريجي هارفارد. مزج في تفسيره بين الجانب الاجتماعي في صناعة المعنى والسيناريوهات والنمذجة الرياضية. والحقيقة أن ما كتبه هذا العالم جدير بالتوقف وأيضاً محاكاة فكرته فهو يجري حوارات افتراضية بين الاجتماعي والتقني والمفكر ليرسم قصة اجتماعية، وكما يقول أباطرة التسويق إذا أردت أن تسوّق منتجاً اصنع له قصة! فما هي القصص الاجتماعية التي نريد أن نخلقها اليوم؟ وما هي البرمجيات القديمة التي اتضح خطورتها وضررها على المجتمع؟.
في الواقع بينما نحن نغرق اليوم في سوق باعة الوهم والتسويق الواضح للنرجسية والأنانية والطاقة والفلك وقراءة التارو التي تجد رواجاً مخيفاً بين الجيل الشاب وغيره، حان الوقت لإعادة برمجة الكثير من أوجه الحياة، بل خلق قصص ونماذج عملية وبنائية تتوافق مع التحديث الأخير! أعلم جيداً أن التغيير الاجتماعي هو الأعقد والأصعب، لكن الذي أريد أن أعلّق جرس الخطورة اليوم هو أننا إن لم نقم نحن بصنع وبرمجة نماذج تتوافق مع قيمنا ورؤيتنا سيأتي مبرمج خارجي يخلق نسخاً مشوهة تماماً كما حدث في عام 1979!.
لنستحضر هنا بعض البرمجيات التي خلقوها في ذلك العام: «المرأة عاطفية، أسفنجية، عاجزة، المرأة عدوة المرأة، المرأة فتنة ودمار المجتمع»، وهكذا تم تدمير نصف المجتمع وتعطيله وشلله لسنوات، ولا تزال هذه البرمجيات فعّالة: مثال: تأتي موظفة كسولة لا تريد إنجاز مهامها فتذهب للمدير الرجل الذي بنظرها سيسهّل مهمتها وتبدأ بتشويه بنات جنسها، قديماً كان يمرر هذا الكسل والعذر، اليوم لا مكان لهذه الفئة المتسلقة التي تتعذر بكراهية نفسها أو النساء عموماً. كذلك برمجة الرجولة وربطها بالقسوة والشدة وتنميط الطيبة أنها ضعف وأن المرونة نفاق وتقبيح اللطف وتزيين العنف وهكذا.
ما القيم والسلوكيات التي نريد بالفعل ترسيتها؟ الكثير، لكن لعل أهمها وأبسطها: السلوك التعاوني، المرونة، البشاشة، النمط الصحي للحياة، المحبة الخفيفة دون هوس أو تعلّق، وتمرير نماذج عملية ناجحة لفتيات من القرى أو شباب من بيئة فقيرة، نحتاج تمكينهم بالفعل وأيضاً تصديرهم قصصاً ملهمة، إن تحقيق العدل والمساواة ليس شعاراً للترديد، بل جهود مضنية بين الخطط التنموية والوصول الحقيقي للمستهدفين وبين خلق قصص جميلة وبنّاءة، استقطاب هذه الفئات واجب وطني والتعويل هنا على وعي المسؤولين في استيعاب النمذجة من جهة وإعادة برمجة المحيط ولو بدأ كل شخص بمحيطه (أسرته، الحي، المنظمة) لوجدنا تحولات مدهشة.
ما الأدوات التي يمكن أن تساعدنا؟ بلا شك العديد لكن لعل أوضحها: المسلسلات، الشعر، الأفلام. وحتى نتمكن من صناعة هذه القوالب الصحية من المهم إيقاف بث المسلسلات أو حتى إنتاجها والتي يصرف عليها أموال ضخمة فقط لتكرس الكراهية والسذاجة وقولبة المرأة. إن نجاح التفاعل الاجتماعي الصحي يأتي من أمرين: سيادة القانون والثقة بين المتفاعلين. اليوم نحن ننعم بفضل الله بمستوى عالٍ جداً من الوعي القانوني لكن تبقى بعض الممارسات الاجتماعية بحاجة للتطوير والتعديل، ليس لأنها سيئة، بل لأن هذه سنّة الحياة، ونحن جزء من هذا العالم نؤثر ونتأثر.
أخيراً، كيف نفهم الواقع؟ وأيهما يسبق السلوك الاجتماعي، العقل الجمعي أم الإرادة الفردية؟ وهل هو الحكم العقلي أم الإحساس؟ الحقيقة أن تفكيك الغضب الجمعي أيضاً هو التحدي الحقيقي، ولن يحدث هذا إلا إن استثمرنا في ثلاثة أضلع أساسية: الثقافة، اللغة، والبرمجة..
كونوا بخير.
في الواقع بينما نحن نغرق اليوم في سوق باعة الوهم والتسويق الواضح للنرجسية والأنانية والطاقة والفلك وقراءة التارو التي تجد رواجاً مخيفاً بين الجيل الشاب وغيره، حان الوقت لإعادة برمجة الكثير من أوجه الحياة، بل خلق قصص ونماذج عملية وبنائية تتوافق مع التحديث الأخير! أعلم جيداً أن التغيير الاجتماعي هو الأعقد والأصعب، لكن الذي أريد أن أعلّق جرس الخطورة اليوم هو أننا إن لم نقم نحن بصنع وبرمجة نماذج تتوافق مع قيمنا ورؤيتنا سيأتي مبرمج خارجي يخلق نسخاً مشوهة تماماً كما حدث في عام 1979!.
لنستحضر هنا بعض البرمجيات التي خلقوها في ذلك العام: «المرأة عاطفية، أسفنجية، عاجزة، المرأة عدوة المرأة، المرأة فتنة ودمار المجتمع»، وهكذا تم تدمير نصف المجتمع وتعطيله وشلله لسنوات، ولا تزال هذه البرمجيات فعّالة: مثال: تأتي موظفة كسولة لا تريد إنجاز مهامها فتذهب للمدير الرجل الذي بنظرها سيسهّل مهمتها وتبدأ بتشويه بنات جنسها، قديماً كان يمرر هذا الكسل والعذر، اليوم لا مكان لهذه الفئة المتسلقة التي تتعذر بكراهية نفسها أو النساء عموماً. كذلك برمجة الرجولة وربطها بالقسوة والشدة وتنميط الطيبة أنها ضعف وأن المرونة نفاق وتقبيح اللطف وتزيين العنف وهكذا.
ما القيم والسلوكيات التي نريد بالفعل ترسيتها؟ الكثير، لكن لعل أهمها وأبسطها: السلوك التعاوني، المرونة، البشاشة، النمط الصحي للحياة، المحبة الخفيفة دون هوس أو تعلّق، وتمرير نماذج عملية ناجحة لفتيات من القرى أو شباب من بيئة فقيرة، نحتاج تمكينهم بالفعل وأيضاً تصديرهم قصصاً ملهمة، إن تحقيق العدل والمساواة ليس شعاراً للترديد، بل جهود مضنية بين الخطط التنموية والوصول الحقيقي للمستهدفين وبين خلق قصص جميلة وبنّاءة، استقطاب هذه الفئات واجب وطني والتعويل هنا على وعي المسؤولين في استيعاب النمذجة من جهة وإعادة برمجة المحيط ولو بدأ كل شخص بمحيطه (أسرته، الحي، المنظمة) لوجدنا تحولات مدهشة.
ما الأدوات التي يمكن أن تساعدنا؟ بلا شك العديد لكن لعل أوضحها: المسلسلات، الشعر، الأفلام. وحتى نتمكن من صناعة هذه القوالب الصحية من المهم إيقاف بث المسلسلات أو حتى إنتاجها والتي يصرف عليها أموال ضخمة فقط لتكرس الكراهية والسذاجة وقولبة المرأة. إن نجاح التفاعل الاجتماعي الصحي يأتي من أمرين: سيادة القانون والثقة بين المتفاعلين. اليوم نحن ننعم بفضل الله بمستوى عالٍ جداً من الوعي القانوني لكن تبقى بعض الممارسات الاجتماعية بحاجة للتطوير والتعديل، ليس لأنها سيئة، بل لأن هذه سنّة الحياة، ونحن جزء من هذا العالم نؤثر ونتأثر.
أخيراً، كيف نفهم الواقع؟ وأيهما يسبق السلوك الاجتماعي، العقل الجمعي أم الإرادة الفردية؟ وهل هو الحكم العقلي أم الإحساس؟ الحقيقة أن تفكيك الغضب الجمعي أيضاً هو التحدي الحقيقي، ولن يحدث هذا إلا إن استثمرنا في ثلاثة أضلع أساسية: الثقافة، اللغة، والبرمجة..
كونوا بخير.