التقى خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة السورية دمشق، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعد قطيعة استمرت سنوات بين نظام دمشق والحركة الإخوانية، والحقيقة أن هذه القطيعة كانت جزءاً من تناقضات الإخوان المسلمين على صعيد المنطقة، فعندما بدأت الثورة السورية انحازت الجماعة الإرهابية إلى الثورة السورية، ليس تأييداً لحقوق الشعب السوري كما زعمت ولكن شعور جماعة حسن البنا بأن ما سُمي الربيع العربي سيكون رافعتها من أجل الوصول إلى الحكم في معظم الدول العربية، لكن فشل الجماعة الأم في مصر جعل الجماعة تعيد نظرها في جملة من قراراتها وخصوصاً أسس مشروعيتها. الجماعة كانت تعتقد أن لها رصيداً شعبياً يمكن الاتكاء عليه، ولكن هذا الوهم سقط في 30 يونيو 2013 عندما انقلب الشارع المصري على الجماعة وثار ضدها. ومن هنا راحت الجماعة تضع في صلب أولوياتها البحث عن داعم خارجي، وقد تلاقت هذه الرغبة الإخوانية برغبة تركية تريد أن توسع من نفوذها في المنطقة وتبحث عن وكلاء في العالم العربي، وقد وجدت أنقرة في الإسلام السياسي وجماعة الإخوان على وجه التحديد الوكيل الذي يمكن أن يحقق لها أهدافها، كما أن الجماعة أرادت أن تخلق لنفسها دوراً وظيفياً يغري الأتراك باستخدامها. حركة حماس الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان كانت قد طورت علاقات مع إيران خلال العقود الماضية، وعملت الحركة أن يكون حزب الله فلسطين ولكن بنكهة إخوانية، لذلك استلهمت تجربة حسن نصر الله وتكتيكاته وطريقة سيطرته على لبنان لتكرار التجربة في فلسطين للسيطرة على القضية الفلسطينية. في سوريا حدث التناقض التركي - الإيراني وبالتبعية تناقض المواقف الحمساوية. الضامنون للتنظيم اختلفوا في ما بينهم فأحنت حماس الرأس حتى تمر عاصفة الصراع الإيراني التركي في سوريا، وهذا ما حدث بالفعل بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا وانعطافة تركيا وتغير موقفها والذهاب لتقاسم الكعكة السورية مع طهران وموسكو وتكريس ذلك في تفاهمات أستانة. رعت الاستخبارات التركية لقاءات بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان وتم الاتفاق على التوجهات الرئيسية في مجمل قضايا المنطقة؛ ومنها القضية الفلسطينية، حيث تكون حماس ذراعاً إيرانياً، وتقارب في ملفات سوريا واليمن، والأخطر هو الاتفاق ضمناً أن يكون الخصم لكلا الطرفين هي دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وبعد أن قالت حماس في النظام السوري (ما لم يقله مالك في الخمر) تلاشت تلك اللغة مع الخضوع التام للنظام الإيراني لدرجة اعتبار قاسم سليماني شهيد القدس كما زعم إسماعيل هنية، وعبّر قادة الحركة عن عدم ممانعتهم للقاء بشار الأسد وما منع قيام هذا اللقاء خلال السنوات الماضية هو منع بشار الأسد وليس العكس. حدث اللقاء وأُخذت الصور مع الابتسامات الكاذبة وخرج خليل الحية ليعلن دفء اللقاء وليلقي علينا مزيداً من الأكاذيب حول اللحظة التاريخية، ولكن هذا ليس مستغرباً، ألم تلقي حماس العهود تحت أستار الكعبة ثم ما لبثت أن لحست كلامها. نعم التم المتعوس على خائب الرجاء في لحظة صغيرة وعابرة، لكن المحزن والمفجع هو ربط القضية الفلسطينية العادلة بثلّة من المتاجرين بها والمستعدين لجعلها ورقة تفاوض بيد نظام الملالي.