منذ الخضة الاجتماعية والأمنية والاقتصادية التي دهمت مجتمعات الشرق الأوسط العام 2010، والتنافس على التنمية وتحديث البلدان هو أولوية قصوى لبعض الحكومات التي تنبهت ورأت أن الغرب والتنظيمات الإرهابية تستفيد من أي سيولة وتؤجج وتخرب، بل كانت جزءاً من تعطيل التنمية حتى يأتي اليوم الموعد لتنقلب وتحقق طموحها بالاستيلاء على كراسي الحكم.
بالتأكيد هناك دول سبقت غيرها بالتنمية والتمدن مثل السعودية والإمارات والبحرين والمغرب، دولٌ أخرى فهمت أن الاستمرار بنفس الرتم الاقتصادي السابق لم يعد مقبولاً، بل إن الدول السباقة وجدت أنه من المُلح إعادة هيكلة اقتصادها وتحويله من اقتصاد «يأكل ليعيش» إلى اقتصاد حيوي قادر على جذب كل دولار استثماري يدخل المنطقة.
السعودية على سبيل المثال، توجهت نحو المميزات التنافسية التي تمتلكها وعززتها وعظمت من نتائجها المالية سعياً للتحول من دولة ريعية تعتمد على النفط فقط، إلى دولة قادرة على العيش يوماً ما بدون نفط، شمل ذلك الرفع من جودة الحياة، وبناء المشاريع العملاقة وتحويل الاهتمام نحو التصنيع والمحتوى المحلي واللوجستيات والسياحة والثقافة وتحويلها إلى محركات لتوليد الموارد المالية، إضافة إلى كفاءة الإنفاق، وهي تعني أن كل دولار يصرف يجب أن يذهب إلى مكانه الحقيقي ويؤدي أقصى فائدة ممكنة.
كثير من دول المنطقة لديها القناعة بأن الدخول في مشاريع عملاقة يحتم عليها تعظيم وتنويع الدخل، بل وأيضاً تحويل معظم المشاريع إلى مصادر ربح، فالاعتماد على مورد واحد سيتحول مع مرور الزمن إلى فخ إدمان المال السهل، كما هو الحال مع عبارة «إدمان النفط» في دول الخليج.
كل ذلك أشعل حالة من التنافس «الإيجابي» على كل دولار يمر في المنطقة والعالم، ولعل قرار تخفيض إنتاج البترول بمليوني برميل يومياً، من (دول «أوبك+1)، يشير بوضوح إلى أن الجميع يدرك بأن «لا صوت يعلو فوق صوت المصالح الوطنية»، ومن لا يتعظ بغيره سيجد نفسه في موقف صعب مع دول عظمى خائنة غير مأمونة، ولا يهمها إلا مصالحها، كما حصل في فنزويلا، وليبيا، وسوريا، ومصر، وتونس.
الموقف الأمريكي من أوروبا دليل واضح على غلبة المصالح على الأخلاق والتحالفات، فواشنطن صارت تبيع الغاز بأربعة أضعاف قيمته السوقية بعدما أشعلت حرباً بين روسيا وأوكرانيا لتقطع إمدادات الغاز الروسية، وفرضت على الأوروبيين السير في السياسة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.
واشنطن قرأت أن مستقبلها في التربع على عرش العالم كقوة كبرى في خطر، وأن أي تأخير سيقوض مكانتها ويدفع بالروس والصينيين وربما الهند لاحقاً إلى منطقة القوى العظمى، فتحركت انطلاقاً من مصالحها الوطنية دون أن يرف لها جفن، وغطتها بادعاءات الحقوق والعدوان الروسي وغيرها من الدعايات التي تجيدها واشنطن ويمررها إعلامها.
الدول اليوم تقوم علاقتها على المصالح والمنافع المتبادلة، فمبدأ المصالح يتقدم على العواطف، ولا مجال لفزعات السابق التي تحولت مع مرور الزمن إلى حق مستحق، بل شراكة على قدم المساواة، وكل دولار يستثمر يجب أن يعود جزء منه على شكل أرباح دائمة للدولة المقرضة أو المستثمرة، للتذكير فقط، جزء من المعونات الأمريكية لدول العالم، مشروط بأن كل العقود الناتجة عن القرض أو المعونة محصورة بشركات أمريكية تحددها واشنطن.
مع تعالي الأصوات المحذرة بأن الأسوأ - اقتصادياً - لم يأت بعد، وأن العالم على أبواب ركود اقتصادي كبير، من المحتم على الدول التي لم تتحرك بشكل فعال بهيكلة اقتصادها وتنويع مصادر الدخل، البدء فوراً، قبل أن تقوضها الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
يقول وزير المالية السعودي، في تصريح لافت خلال منتدى الاستثمار الأسبوع الماضي: إن دول الخليج ستكون الوحيدة في المنطقة القادرة على مواجهة الأزمات المتوقعة، وإن باقي الدول ستعاني!
لماذا.. لأن دول الخليج لديها بنية اقتصادية كفؤة استثمر فيها على مدى العقود الخمسة الماضية، وهي قادرة على مواجهة تحديات الأسواق واستيعاب صدماتها المفزعة، ولعل أزمة العام 2008 ليست بعيدة، فقد تحولت السعودية إلى الميزان الذي حفظ للعالم قدرته على الصمود.
كأس العالم في الدوحة، مثال جيد لتحقيق تعاون اقتصادي بين السعودية والإمارات والبحرين وقطر، فالكل رأى أن الحدث برغم أهميته وعوائده الثقافية الناعمة، إلا أن فوائده الاقتصادية كبيرة جداً، وبدون التعاون لن يستفيد أحد، وتدوير الدولار القادم في أيدي المشجعين والزوار بين المدن والأسواق الخليجية مفيد للجميع، لقد عاد التاجر الخليجي الذي كان يعبر المحيطات مفتشاً عن رزقه ويغوص في أعمال البحار بحثاً عن لؤلؤه إلى مكانته الطبيعية، ولم يعد النفط جداراً يتسند عليه ويغط بعدها في نوم اقتصادي عميق.
بالتأكيد هناك دول سبقت غيرها بالتنمية والتمدن مثل السعودية والإمارات والبحرين والمغرب، دولٌ أخرى فهمت أن الاستمرار بنفس الرتم الاقتصادي السابق لم يعد مقبولاً، بل إن الدول السباقة وجدت أنه من المُلح إعادة هيكلة اقتصادها وتحويله من اقتصاد «يأكل ليعيش» إلى اقتصاد حيوي قادر على جذب كل دولار استثماري يدخل المنطقة.
السعودية على سبيل المثال، توجهت نحو المميزات التنافسية التي تمتلكها وعززتها وعظمت من نتائجها المالية سعياً للتحول من دولة ريعية تعتمد على النفط فقط، إلى دولة قادرة على العيش يوماً ما بدون نفط، شمل ذلك الرفع من جودة الحياة، وبناء المشاريع العملاقة وتحويل الاهتمام نحو التصنيع والمحتوى المحلي واللوجستيات والسياحة والثقافة وتحويلها إلى محركات لتوليد الموارد المالية، إضافة إلى كفاءة الإنفاق، وهي تعني أن كل دولار يصرف يجب أن يذهب إلى مكانه الحقيقي ويؤدي أقصى فائدة ممكنة.
كثير من دول المنطقة لديها القناعة بأن الدخول في مشاريع عملاقة يحتم عليها تعظيم وتنويع الدخل، بل وأيضاً تحويل معظم المشاريع إلى مصادر ربح، فالاعتماد على مورد واحد سيتحول مع مرور الزمن إلى فخ إدمان المال السهل، كما هو الحال مع عبارة «إدمان النفط» في دول الخليج.
كل ذلك أشعل حالة من التنافس «الإيجابي» على كل دولار يمر في المنطقة والعالم، ولعل قرار تخفيض إنتاج البترول بمليوني برميل يومياً، من (دول «أوبك+1)، يشير بوضوح إلى أن الجميع يدرك بأن «لا صوت يعلو فوق صوت المصالح الوطنية»، ومن لا يتعظ بغيره سيجد نفسه في موقف صعب مع دول عظمى خائنة غير مأمونة، ولا يهمها إلا مصالحها، كما حصل في فنزويلا، وليبيا، وسوريا، ومصر، وتونس.
الموقف الأمريكي من أوروبا دليل واضح على غلبة المصالح على الأخلاق والتحالفات، فواشنطن صارت تبيع الغاز بأربعة أضعاف قيمته السوقية بعدما أشعلت حرباً بين روسيا وأوكرانيا لتقطع إمدادات الغاز الروسية، وفرضت على الأوروبيين السير في السياسة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.
واشنطن قرأت أن مستقبلها في التربع على عرش العالم كقوة كبرى في خطر، وأن أي تأخير سيقوض مكانتها ويدفع بالروس والصينيين وربما الهند لاحقاً إلى منطقة القوى العظمى، فتحركت انطلاقاً من مصالحها الوطنية دون أن يرف لها جفن، وغطتها بادعاءات الحقوق والعدوان الروسي وغيرها من الدعايات التي تجيدها واشنطن ويمررها إعلامها.
الدول اليوم تقوم علاقتها على المصالح والمنافع المتبادلة، فمبدأ المصالح يتقدم على العواطف، ولا مجال لفزعات السابق التي تحولت مع مرور الزمن إلى حق مستحق، بل شراكة على قدم المساواة، وكل دولار يستثمر يجب أن يعود جزء منه على شكل أرباح دائمة للدولة المقرضة أو المستثمرة، للتذكير فقط، جزء من المعونات الأمريكية لدول العالم، مشروط بأن كل العقود الناتجة عن القرض أو المعونة محصورة بشركات أمريكية تحددها واشنطن.
مع تعالي الأصوات المحذرة بأن الأسوأ - اقتصادياً - لم يأت بعد، وأن العالم على أبواب ركود اقتصادي كبير، من المحتم على الدول التي لم تتحرك بشكل فعال بهيكلة اقتصادها وتنويع مصادر الدخل، البدء فوراً، قبل أن تقوضها الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
يقول وزير المالية السعودي، في تصريح لافت خلال منتدى الاستثمار الأسبوع الماضي: إن دول الخليج ستكون الوحيدة في المنطقة القادرة على مواجهة الأزمات المتوقعة، وإن باقي الدول ستعاني!
لماذا.. لأن دول الخليج لديها بنية اقتصادية كفؤة استثمر فيها على مدى العقود الخمسة الماضية، وهي قادرة على مواجهة تحديات الأسواق واستيعاب صدماتها المفزعة، ولعل أزمة العام 2008 ليست بعيدة، فقد تحولت السعودية إلى الميزان الذي حفظ للعالم قدرته على الصمود.
كأس العالم في الدوحة، مثال جيد لتحقيق تعاون اقتصادي بين السعودية والإمارات والبحرين وقطر، فالكل رأى أن الحدث برغم أهميته وعوائده الثقافية الناعمة، إلا أن فوائده الاقتصادية كبيرة جداً، وبدون التعاون لن يستفيد أحد، وتدوير الدولار القادم في أيدي المشجعين والزوار بين المدن والأسواق الخليجية مفيد للجميع، لقد عاد التاجر الخليجي الذي كان يعبر المحيطات مفتشاً عن رزقه ويغوص في أعمال البحار بحثاً عن لؤلؤه إلى مكانته الطبيعية، ولم يعد النفط جداراً يتسند عليه ويغط بعدها في نوم اقتصادي عميق.