-A +A
أحمد الجميعة
في الإعلام التقليدي نتفق على أن الأخبار الملونة في استغلال وانتقاء الحقائق لتمرير الأفكار المؤدلجة والمضادة؛ أكثر خطراً من الأخبار الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة؛ باعتبار الكشف عن حالة التلوين يحتاج إلى فحص عميق لمضمون وتوقيت الرسالة واتجاهات الوسيلة ومن يقف خلفها؛ بعكس المعلومة الكاذبة التي يمكن نسفها وتعريتها بما هو ضدها من حقائق ومعلومات، ولكن في فضاء شبكات التواصل الاجتماعي تبدو الأخبار والقصص الملونة أكثر خطراً وتأزيماً وتهديداً لسلامة المجتمع ووحدته، سواءً في سرعة انتشارها، أو في سهولة تشكيل «ثقافة القطيع» نحوها، والتعاطف معها، أو في استغلال الحسابات العابرة للحدود لتعميق وافتعال وتضخيم المواقف والأحداث لأهداف مكشوفة.

في مجتمعنا - ومثل أي مجتمع - يتم توثيق الكثير من المواقف الاتصالية في الاجتماعات والمناسبات والفعاليات وحتى العابرة منها في الشوارع والطرقات، ويتم نقل الوقائع المصورة على أنها حقيقة وهي كذلك، ولكن التعليق عليها، أو اجتزاء بعضها، أو انتقاء ما هو أهم فيها لتمريرها؛ تكشف عن حالة تلوين رخيصة ومأزومة، ومعتلة الفكر والمنهج في البحث عن الإثارة والتشكيك، والأسوأ في تعزيز ثقافة السخط في المجتمع.


موسم الرياض أحد أهم الفعاليات الوطنية، والوجهات العالمية، والأكثر جذباً واستثماراً وتنوعاً في صناعة الترفيه، وخلق الوظائف، والتنمية الاقتصادية، وشاهد حيّ على القدرة والتفرّد والتميّز السعودي في التخطيط والتسويق والتنافسية العالمية، ومع كل هذه الامتيازات والأرقام والحقائق عن الموسم؛ يأتي موقف بين الجموع الغفيرة التي تحضر كل يوم في مناطق الفعاليات، ويتم توثيقه، وتضخيمه، وتلوينه بطريقة مؤدلجة؛ ليس فقط ليكون حديث المجتمع والرأي العام، أو يتحول إلى «ترند» مأزوم أو مخترق من حسابات عابرة، ولكن لمحاولة إجهاض المشروع الترفيهي في المجتمع، وهذا هو البُعد الأخطر في تلوين الحقائق.

اليوم تذهب إلى أي منطقة من فعاليات موسم الرياض؛ تجد جيوشاً من المنظمين، وحفاوة كبيرة في الاستقبال، وخيارات متنوعة من الترفيه، وجيلاً صاعداً من الشباب الرائع من الجنسين يعمل بروح وطنية مخلصة، ورؤية طموحة، وأسراً وأطفالاً يقضون يومهم بفرح وسرور، والجميع يستمتع بوقته، ومع هذا؛ هناك من يحاول أن يفتعل قصته، ويسجل موقفه، ويسيء لنفسه، رغم أن الحقيقة التي يصعب تلوينها هي أن مشروع الترفيه قائم، وينمو، ويتطور، وينافس، وأعاد للمجتمع حيويته، وطبيعته التي افتقدناها عقوداً من الزمن، ولن يتأثر بموقف هنا أو حدث هناك؛ لأننا باختصار نجحنا وتفوقنا، وتجاوزنا كل هذه التفاصيل وننظر للمستقبل.