-A +A
حمود أبو طالب
مالئ الدنيا وشاغل الناس، وهؤلاء الناس ليسوا فقط من حولنا وبجوارنا وفي محيط إقليمنا العربي والشرق أوسطي، بل أبعد وأهم من ذلك. هناك، في العواصم الكبرى، واشنطن وموسكو وبكين ولندن وباريس وبرلين، أصبح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشخص الذي يتابع الجميع توجهاته وقراراته وسياساته الداخلية والخارجية، لكن المواقف تجاه ما يفعله مختلفة، هناك من يتذمر من سياساته لأنها ليست في مصلحته المتضادة مع مصلحة المملكة، وهناك من يتابع فحسب، وهناك من يحترم ويشيد، وهناك من يغالط، وهناك من ينصف، وبغض النظر عن الدوافع وطبيعة ما يعيشه العالم الآن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية واستقطاباتها، فقد كان الرئيس بوتين في كلمته التي ألقاها في منتدى فالداي للحوار في موسكو مؤخراً واقعياً وموضوعياً ومنصفاً عندما تحدث عن الأمير محمد بن سلمان والمملكة. ربما يعتقد البعض أن ما قاله ليس سوى نكاية بأمريكا وحلفائها الذين يقفون ضده في الحرب، وليكن الأمر كذلك، لكنه لم يكن مجبراً أو مضطراً كي يقول كلاماً مجانياً أو يجامل بمعلومات غير صحيحة، فهو يعي جيداً أنه رئيس روسيا وسيد الكرملين، وأنه الآن في بؤرة الضوء وكل كلمة محسوبة عليه.

مما قاله الرئيس بوتين: «ولي العهد وحكومته لديهم خطط كبيرة لتنويع الاقتصاد الوطني وهذا مهم للغاية، ولديه خطة نمو ضخمة مكرسة لتحقيق هذا الهدف، وأنا متأكد بأن طاقات وقدرات ولي العهد سوف تسمح بتحقيق هذه الخطط، وبالطبع تستحق السعودية أن تكون عضواً في كبرى المنظمات الدولية مثل مجموعة بريكس أو منظمة شانغهاي، وسنعمل على تطوير العلاقات مع السعودية من ناحية العلاقات الثنائية وفي الساحات الدولية».


ولم يقف الرئيس بوتين عند هذا الحد وإنما أدلى بتصريح غير مسبوق لرئيس دولة عظمى عن الأمير محمد بن سلمان عندما سأله المحاور: يقال في الغرب إن ولي العهد يتصرف بعدوانية مع أمريكا بسبب روسيا. فأجاب بوتين بحسم: «غير صحيح.. الأمير محمد بن سلمان شاب حازم يتميز بقوة الشخصية وهذا أمر واضح للجميع، ومن يستهين به سيرى منه مواقف قاسية، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع. من يحترم ولي العهد سيلقى احترام السعودية».

الرئيس بوتين، السياسي المخضرم ورجل الاستخبارات العتيق ورئيس الدولة العظمى المنافسة، قليل الكلام والتصريحات ويعرف تماماً ما يجب أو لا يجب أن يقال، ولذلك يكون لتصريحه هذا أهمية بالغة، ليت واشنطن تعيها ومعها بقية العواصم التي لا تريد أن تفهم ما هي المملكة العربية السعودية الآن.