تدور هذه الأيام معركة الانتخابات السياسية الشرسة في الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة بانتخابات التجديد النصفي، التي يعتبرها أغلب المحللين مؤشراً -لا لبس فيه- عن مدى رضا المواطنين الأمريكيين عن أداء الرئيس الحالي، وتحدد هذه الانتخابات مدى سيطرة أي من الحزبين المسيطرين على الساحة السياسية الأمريكية، ويتابع العالم برمّته وقائع هذه الانتخابات، وينتظر نتائجها على الرغم من أنها تبدو كما لو كانت شأناً أمريكياً داخلياً بحتاً.
أسباب عديدة تقف وراء اهتمام الرأي العام الدولي بانتخابات التجديد النصفي الأمريكية، لعل أهمها هو أن الولايات المتحدة الأمريكية قوة عسكرية عظمى، ولأنها تتدخل في شؤون غالبية دول العالم سواء سلباً أو إيجاباً، وتسعى دوماً لفرض منظورها ورؤيتها على زعماء العالم وشعوبه، وبالتالي فإن ترقُّب الفائزين في الانتخابات الداخلية الأمريكية قد يلقي بعض الضوء على موقف الولايات المتحدة من بعض القضايا مستقبلاً، ولهذا تعدُّ الانتخابات الأمريكية المحلية جزءاً لا يتجزأ من الحياة السياسية لغالبية دول العالم.
لا شك أن التصريحات التي يطلقها بعض النواب الأمريكيين، سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، تجاه بعض القضايا التي تهم دولاً بعينها، تعدّ مؤشرات واضحة يمكن من خلالها استنتاج بعض بنود الأجندة الخارجية للرئيس المقبل، فعلى سبيل المثال يمتلك الجمهوريون رؤية حاسمة ومنظوراً صارماً تجاه بعض القضايا الدولية، لا سيما القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب، سواء على مستوى الدول الراعية للإرهاب كدول محور الشر وأشهرها إيران وكوريا الشمالية، أو على مستوى التنظيمات الإقليمية مثل داعش والقاعدة وغيرهما، كما أن لهم موقفاً حازماً ومتبلوراً وغير متميع من ملف إيران، سواء فيما يتعلق بطموحها النووي غير المشروع، أو فيما يتعلق بتدخلاتها السافرة في شؤون دول الجوار.
يدرك الجميع الموقف المتراخي والمتهاون من الرئيس الأمريكي الحالي بايدن تجاه ملف إيران الشائك، فمنذ أن امتلك زمام الأمور منذ عامين تقريباً وهو يتعامل مع النظام الإيراني بتصريحات هلامية متناقضة لا تقدِّم ولا تؤخر كثيراً، ولعله من الغريب أن يكون موقف الرئيس بايدن من إيران بمثل هذا التناقض والتعارض على الرغم من أنه يمس الداخل الأمريكي بعمق حتى لو بشكل غير مباشر، فتهديدات إيران المستمرة للدول المحيطة بها ذات الثروات الاقتصادية المهمة التي تتحكم في شرايين الاقتصاد العالمي، تؤثر كثيراً على المواطن الأمريكي، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.
ولعل الرئيس بايدن أدرك مؤخراً -وقبيل الانتخابات النصفية الأخيرة- تأثير موقفه المتردد الضعيف (تجاه الثورة الشعبية التي اندلعت مؤخراً في إيران ضد النظام) على موقف حزبه في هذه الانتخابات، مما دفعه لمحاولة الظهور بموقف المتشدد بعض الشيء والتصريح أمام حشد من أنصاره بأن إيران ستتحرر قريباً، لقد خشي بايدن من ردود فعل الأمريكيين الغاضبة إزاء موقفه المتهاون من النظام الإيراني، لا سيما خلال هذه الأوقات الحرجة التي يمر بها العالم، والتي أدت لمعاناة غالبية الشعوب من التضخم والغلاء وضعف إمدادات الطاقة.
من المؤكد أن النظام في ظهران يترقب بغاية الاهتمام نتائج الانتخابات النصفية، فالرئيس الجمهوري السابق ترمب كان حريصاً كل الحرص على كبح جماح النظام الإيراني وتقليم أظافره، وهو ما اتضح من خلال الكثير من الخطوات التي قام بها خلال فترة رئاسته كفرض المزيد من العقوبات، أو تصفية بعض رموزه كاغتيال قاسم سليماني، أضف إلى ذلك فإن وصول نتنياهو لمنصب رئيس وزراء إسرائيل -وهو المعروف بموقفه المتشدد تجاه الملف النووي الإيراني- سيؤثر دون جدل في موقف الرئيس الأمريكي القادم في تحديد الطريقة التي سيتعامل بها مع هذا الملف.
لعلنا لسنا بحاجة للتأكيد على أن نظام ولاية الفقيه الإيراني يختلف عن الشعب الإيراني، فالشعب الإيراني هو شعب مسلم مسالم يتوق لنيل حريته التي سلبت منه منذ أربعة عقود، وهو يتمنى زوال النظام الذي أذله وعبث بمقدراته، وهو ما يدفعه للتعلق ولو بأي قشة تساعده على الإطاحة بهذا النظام الغاشم؛ الذي لا يتورع عن إزهاق المزيد من أرواح الضحايا في سبيل تنفيذ نزواته وتحقيق أطماعه، في كابوس مستمر يبدو وكأن لا نهاية له سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمنطقة بأكملها.
يلاحظ كل متتبع للتصريحات المتبادلة بين الرئيس الحالي بايدن والرئيس السابق ترمب أنها تحمل قدراً كبيراً من القلق والترقب من كلا الطرفين تجاه الطرف الآخر، ففي الوقت الذي يطمح فيه بايدن لإعادة انتخابه واستمرار هيمنة حزبه على مقاليد الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات أخرى قادمة، يطمح ترمب لاستعادة البيت الأبيض والتخلص من هزيمة انتخابية لا يعترف بها هو حتى اللحظة الراهنة، وما بين طامح وآمل يحبس العالم أنفاسه ترقباً لمعرفة رأي الناخب الأمريكي في الأداء الديمقراطي بعد عامين من تقلد الديمقراطيين لزمام الأمور.
الانتخابات الأمريكية النصفية قد لا تتطرق كثيراً للشؤون الخارجية، بل تركز على القضايا الداخلية التي تهم المواطن الأمريكي بشكل مباشر كالغلاء وغيره من القضايا الداخلية، والتي اكتسبت أبعاداً مختلفة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، غير أن القضايا الخارجية تلقي دوماً بظلالها القوية على سيرورة الانتخابات التي باتت فيها بعض القضايا أشبه بكلمة العبور نحو البيت الأبيض، لا سيما بعد التلميح اللافت من قبل الرئيس السابق ترمب لخوض انتخابات 2024، الذي يسعى لاستغلال الإخفاق الذي نتج عن تعامل إدارة الرئيس بايدن مع الملف الروسي-الأوكراني بلا رؤية واضحة، ويأمل أن يتمكن من استغلاله لصالحه من خلال التأثير في الناخب الأمريكي الذي أصابه الملل من ضعف الإدارة الحالية وميوعة مواقفها تجاه أشد القضايا السياسية العالمية حساسية وأكثرها تأثيراً على كافة دول العالم.
أسباب عديدة تقف وراء اهتمام الرأي العام الدولي بانتخابات التجديد النصفي الأمريكية، لعل أهمها هو أن الولايات المتحدة الأمريكية قوة عسكرية عظمى، ولأنها تتدخل في شؤون غالبية دول العالم سواء سلباً أو إيجاباً، وتسعى دوماً لفرض منظورها ورؤيتها على زعماء العالم وشعوبه، وبالتالي فإن ترقُّب الفائزين في الانتخابات الداخلية الأمريكية قد يلقي بعض الضوء على موقف الولايات المتحدة من بعض القضايا مستقبلاً، ولهذا تعدُّ الانتخابات الأمريكية المحلية جزءاً لا يتجزأ من الحياة السياسية لغالبية دول العالم.
لا شك أن التصريحات التي يطلقها بعض النواب الأمريكيين، سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، تجاه بعض القضايا التي تهم دولاً بعينها، تعدّ مؤشرات واضحة يمكن من خلالها استنتاج بعض بنود الأجندة الخارجية للرئيس المقبل، فعلى سبيل المثال يمتلك الجمهوريون رؤية حاسمة ومنظوراً صارماً تجاه بعض القضايا الدولية، لا سيما القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب، سواء على مستوى الدول الراعية للإرهاب كدول محور الشر وأشهرها إيران وكوريا الشمالية، أو على مستوى التنظيمات الإقليمية مثل داعش والقاعدة وغيرهما، كما أن لهم موقفاً حازماً ومتبلوراً وغير متميع من ملف إيران، سواء فيما يتعلق بطموحها النووي غير المشروع، أو فيما يتعلق بتدخلاتها السافرة في شؤون دول الجوار.
يدرك الجميع الموقف المتراخي والمتهاون من الرئيس الأمريكي الحالي بايدن تجاه ملف إيران الشائك، فمنذ أن امتلك زمام الأمور منذ عامين تقريباً وهو يتعامل مع النظام الإيراني بتصريحات هلامية متناقضة لا تقدِّم ولا تؤخر كثيراً، ولعله من الغريب أن يكون موقف الرئيس بايدن من إيران بمثل هذا التناقض والتعارض على الرغم من أنه يمس الداخل الأمريكي بعمق حتى لو بشكل غير مباشر، فتهديدات إيران المستمرة للدول المحيطة بها ذات الثروات الاقتصادية المهمة التي تتحكم في شرايين الاقتصاد العالمي، تؤثر كثيراً على المواطن الأمريكي، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.
ولعل الرئيس بايدن أدرك مؤخراً -وقبيل الانتخابات النصفية الأخيرة- تأثير موقفه المتردد الضعيف (تجاه الثورة الشعبية التي اندلعت مؤخراً في إيران ضد النظام) على موقف حزبه في هذه الانتخابات، مما دفعه لمحاولة الظهور بموقف المتشدد بعض الشيء والتصريح أمام حشد من أنصاره بأن إيران ستتحرر قريباً، لقد خشي بايدن من ردود فعل الأمريكيين الغاضبة إزاء موقفه المتهاون من النظام الإيراني، لا سيما خلال هذه الأوقات الحرجة التي يمر بها العالم، والتي أدت لمعاناة غالبية الشعوب من التضخم والغلاء وضعف إمدادات الطاقة.
من المؤكد أن النظام في ظهران يترقب بغاية الاهتمام نتائج الانتخابات النصفية، فالرئيس الجمهوري السابق ترمب كان حريصاً كل الحرص على كبح جماح النظام الإيراني وتقليم أظافره، وهو ما اتضح من خلال الكثير من الخطوات التي قام بها خلال فترة رئاسته كفرض المزيد من العقوبات، أو تصفية بعض رموزه كاغتيال قاسم سليماني، أضف إلى ذلك فإن وصول نتنياهو لمنصب رئيس وزراء إسرائيل -وهو المعروف بموقفه المتشدد تجاه الملف النووي الإيراني- سيؤثر دون جدل في موقف الرئيس الأمريكي القادم في تحديد الطريقة التي سيتعامل بها مع هذا الملف.
لعلنا لسنا بحاجة للتأكيد على أن نظام ولاية الفقيه الإيراني يختلف عن الشعب الإيراني، فالشعب الإيراني هو شعب مسلم مسالم يتوق لنيل حريته التي سلبت منه منذ أربعة عقود، وهو يتمنى زوال النظام الذي أذله وعبث بمقدراته، وهو ما يدفعه للتعلق ولو بأي قشة تساعده على الإطاحة بهذا النظام الغاشم؛ الذي لا يتورع عن إزهاق المزيد من أرواح الضحايا في سبيل تنفيذ نزواته وتحقيق أطماعه، في كابوس مستمر يبدو وكأن لا نهاية له سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمنطقة بأكملها.
يلاحظ كل متتبع للتصريحات المتبادلة بين الرئيس الحالي بايدن والرئيس السابق ترمب أنها تحمل قدراً كبيراً من القلق والترقب من كلا الطرفين تجاه الطرف الآخر، ففي الوقت الذي يطمح فيه بايدن لإعادة انتخابه واستمرار هيمنة حزبه على مقاليد الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات أخرى قادمة، يطمح ترمب لاستعادة البيت الأبيض والتخلص من هزيمة انتخابية لا يعترف بها هو حتى اللحظة الراهنة، وما بين طامح وآمل يحبس العالم أنفاسه ترقباً لمعرفة رأي الناخب الأمريكي في الأداء الديمقراطي بعد عامين من تقلد الديمقراطيين لزمام الأمور.
الانتخابات الأمريكية النصفية قد لا تتطرق كثيراً للشؤون الخارجية، بل تركز على القضايا الداخلية التي تهم المواطن الأمريكي بشكل مباشر كالغلاء وغيره من القضايا الداخلية، والتي اكتسبت أبعاداً مختلفة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، غير أن القضايا الخارجية تلقي دوماً بظلالها القوية على سيرورة الانتخابات التي باتت فيها بعض القضايا أشبه بكلمة العبور نحو البيت الأبيض، لا سيما بعد التلميح اللافت من قبل الرئيس السابق ترمب لخوض انتخابات 2024، الذي يسعى لاستغلال الإخفاق الذي نتج عن تعامل إدارة الرئيس بايدن مع الملف الروسي-الأوكراني بلا رؤية واضحة، ويأمل أن يتمكن من استغلاله لصالحه من خلال التأثير في الناخب الأمريكي الذي أصابه الملل من ضعف الإدارة الحالية وميوعة مواقفها تجاه أشد القضايا السياسية العالمية حساسية وأكثرها تأثيراً على كافة دول العالم.