تكتسب الجولة الآسيوية، التي قام بها مؤخراً ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله –، أبعاداً اقتصادية وسياسية في غاية الأهمية، من حيث التوقيت، والنتائج، والمخرجات المترتبة عليها..
فقد جاءت الزيارة عقب مشاركة سموه في قمة قادة دول مجموعة العشرين، التي انعقدت في مدينة بالي بجمهورية إندونيسيا، وهي المجموعة التي باتت المملكة تشكّل رقماً صعباً فيها، بترؤسها لأصعب وأعقد دورة من دوراتها إبان «الجائحة»، الأمر الذي أثبت للعالم أجمع قدرة المملكة وإمكانياتها المادية والبشرية، وما زال كعب المملكة عالياً في هذه المجموعة المؤثرة..
كما أتت هذه الجولة والمملكة قد أعلنت سلفاً عن استراتيجيتها الصناعية، بوصفها إحدى مرتكزات رؤية 2030، بما ينسف الصورة النمطية في المخيلة العالمية لمنطقة الخليج العربي عموماً، والمملكة العربية السعودية على وجه التخصيص، على اعتبارها منطقة استهلاك، ومستودع طاقة، فقط.. فكان هذا التحوّل نحو الإنتاج الصناعي «انقلاباً» على كثير من المفاهيم المتكلسة، وتحريكاً لدوائر الإنتاج، وإثباتاً لقدرة المملكة المادية والبشرية على فتح نوافذ جديدة وروافد اقتصادية متنوعة تغذي ميزانيتها، دون المخاطرة بالاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للدخل القومي..
من هذا المفهوم تكتسب جولة ولي العهد الآسيوية، أهميتها، وبعدها الاقتصادي والسياسي، آخذين في الاعتبار أن هذه الاستراتيجية الصناعية تتطلّب فتح نوافذ التعاون مع الدول الصديقة، ذات السبق والتجارب المتطوّرة، للاستفادة من تقنياتها، ونقل تجاربها إلى أرض الوطن، بما يسمح بتوطين الصناعات بكل درجاتها في المملكة، وهو ما يعني بداهة اكتفاء السوق السعودي من المنتج الصناعي المحلي في الكثير من المجالات، ودخوله حيز المنافسة على قاعدة الجودة واستيفاء المعايير القياسية، ومن ثم البحث عن أسواق خارجية في المحيط الإقليمي، الأمر الذي يجعل من التوجّه نحو العمق الآسيوي محسوباً بدقة، وقليل المخاطر.. فمعدل النمو في القارة الآسيوية آخذ في الصعود بشكل كبير، وأسواقها واعدة، وتقديرها لمكانة المملكة موسوم باحترام متبادل، بما يسمح بإمكانية التعاون معها على قاعدة الاستفادة المشتركة دون أي إسقاطات سياسية، وتبعات خارج منظومة التعاون الاقتصادي المحض، فضلاً عن الاشتراك في المحيط الجغرافي الواحد، وما يترتب عليه من سهولة التحرك، وتقليل كلفة التصدير، وسهولة تحرك الأيدي العاملة المنتجة، وملاءمة المنتج الصناعي للبيئة المستقبلة له، وغير ذلك من الميزات الاقتصادية المحسوبة بدقة في معادلات الربح والخسارة، وعلى هذا فهي بهذا المفهوم أكثر ملاءمة، وأقل خطراً وكلفة من التوجّه نحو الأسواق الأوروبية وغيرها من الأسواق الأخرى، بما تحتفظ به من صورة نمطية، سيكون من الصعب تغييرها في زمن وجيز..
كذلك لا يمكننا، بأي حال من الأحوال، أن نغفل البعد السياسي المترتب من تلك الجولة المباركة، فالأمر الذي لا شك فيه أن المشهد السياسي العالمي يشهد في راهنه متغيّرات كبيرة، تمضي به إلى إعادة ترتيب العلاقات الدولية، وتكوين أقطاب وتحالفات جديدة، تتجاوز الكتل الأممية المترهلة، إلى اصطناع مجموعات أكثر مرونة، وأسرع في اتخاذ القرارات النافذة، وأقدر على تنزيل إرادتها إلى أرض الواقع بشكل مؤثر وملموس، في سياق؛ لا أتحرّج في وصفه بـ«الانقلاب»، على وضع فرضته نواتج الحرب الكونية الثانية، واستمر لما يزيد على سبعة عقود، دون تغيير دراماتيكي يعبّر تعبيراً صادقاً عن حقيقة أنّ الوضع الراهن، ما عاد يستوعب المحفوظات القديمة التي فرضتها ثقافة الاستعمار، ولم يعد قادراً على التعاطي مع أساليبه المخاتلة، والتي أبقت معادلة التفوّق والاستعلاء رهناً بدول دون أخرى، وأبقت أخرى تحت دائرة الوصاية المباشرة وغير المباشرة.. وهو أمر لم يعد مقبولاً ولا ممكناً، طالما امتلكت الدول أسباب تقدمها ورفعتها وتطورها الاقتصادي، بما يفكها من ربقة الارتهان إلى المنظومة الاستعمارية، ويخلصها من بوائق فرض الأجندات السياسية من خلال النوافذ الاقتصادية، ولن يكون هذا التوجّه يسيراً وسهلاً، كونه يهدد ما استقر عليه العالم لسبعة عقود أو تزيد، وعملت القوى المسيطرة على ضبطه وفق مصالحها بغض النظر عن المترتبات التي أحدثها.. ولهذا فإن العالم بحاجة ماسة اليوم إلى اجتراح دوائر قوى متنوعة، واصطناع أقطاب مؤثرة تعمل على حفظ التوازن الاقتصادي والسياسي، وتعمل على إنزال القيم التي اصطلحت عليها الدول في ميثاق الأمم المتحدة إلى أرض الواقع، بعد أن ظل طوال هذه المدة نصاً براقاً لا قيمة له على أرض الواقع بشكل فاعل وحقيقي، فقد آن الوقت أن تفهم الشعوب جميعها وتدرك إمكانياتها، وتعمل على رفعة أوطانها، وهو عين ما استوعبته رؤية المملكة 2030، التي أبدعتها عبقرية ولي العهد الأمين، ففتحت للمملكة أبواب التحليق في فضاء الممكن، وفجّرت الطاقات، وفكت الأغلال الموروثة، ووضعت هذا الوطن حيث ينبغي أن يكون في الذرى السوامق، وعياً، وقدرة، وإمكانيات خلاقة.
فقد جاءت الزيارة عقب مشاركة سموه في قمة قادة دول مجموعة العشرين، التي انعقدت في مدينة بالي بجمهورية إندونيسيا، وهي المجموعة التي باتت المملكة تشكّل رقماً صعباً فيها، بترؤسها لأصعب وأعقد دورة من دوراتها إبان «الجائحة»، الأمر الذي أثبت للعالم أجمع قدرة المملكة وإمكانياتها المادية والبشرية، وما زال كعب المملكة عالياً في هذه المجموعة المؤثرة..
كما أتت هذه الجولة والمملكة قد أعلنت سلفاً عن استراتيجيتها الصناعية، بوصفها إحدى مرتكزات رؤية 2030، بما ينسف الصورة النمطية في المخيلة العالمية لمنطقة الخليج العربي عموماً، والمملكة العربية السعودية على وجه التخصيص، على اعتبارها منطقة استهلاك، ومستودع طاقة، فقط.. فكان هذا التحوّل نحو الإنتاج الصناعي «انقلاباً» على كثير من المفاهيم المتكلسة، وتحريكاً لدوائر الإنتاج، وإثباتاً لقدرة المملكة المادية والبشرية على فتح نوافذ جديدة وروافد اقتصادية متنوعة تغذي ميزانيتها، دون المخاطرة بالاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للدخل القومي..
من هذا المفهوم تكتسب جولة ولي العهد الآسيوية، أهميتها، وبعدها الاقتصادي والسياسي، آخذين في الاعتبار أن هذه الاستراتيجية الصناعية تتطلّب فتح نوافذ التعاون مع الدول الصديقة، ذات السبق والتجارب المتطوّرة، للاستفادة من تقنياتها، ونقل تجاربها إلى أرض الوطن، بما يسمح بتوطين الصناعات بكل درجاتها في المملكة، وهو ما يعني بداهة اكتفاء السوق السعودي من المنتج الصناعي المحلي في الكثير من المجالات، ودخوله حيز المنافسة على قاعدة الجودة واستيفاء المعايير القياسية، ومن ثم البحث عن أسواق خارجية في المحيط الإقليمي، الأمر الذي يجعل من التوجّه نحو العمق الآسيوي محسوباً بدقة، وقليل المخاطر.. فمعدل النمو في القارة الآسيوية آخذ في الصعود بشكل كبير، وأسواقها واعدة، وتقديرها لمكانة المملكة موسوم باحترام متبادل، بما يسمح بإمكانية التعاون معها على قاعدة الاستفادة المشتركة دون أي إسقاطات سياسية، وتبعات خارج منظومة التعاون الاقتصادي المحض، فضلاً عن الاشتراك في المحيط الجغرافي الواحد، وما يترتب عليه من سهولة التحرك، وتقليل كلفة التصدير، وسهولة تحرك الأيدي العاملة المنتجة، وملاءمة المنتج الصناعي للبيئة المستقبلة له، وغير ذلك من الميزات الاقتصادية المحسوبة بدقة في معادلات الربح والخسارة، وعلى هذا فهي بهذا المفهوم أكثر ملاءمة، وأقل خطراً وكلفة من التوجّه نحو الأسواق الأوروبية وغيرها من الأسواق الأخرى، بما تحتفظ به من صورة نمطية، سيكون من الصعب تغييرها في زمن وجيز..
كذلك لا يمكننا، بأي حال من الأحوال، أن نغفل البعد السياسي المترتب من تلك الجولة المباركة، فالأمر الذي لا شك فيه أن المشهد السياسي العالمي يشهد في راهنه متغيّرات كبيرة، تمضي به إلى إعادة ترتيب العلاقات الدولية، وتكوين أقطاب وتحالفات جديدة، تتجاوز الكتل الأممية المترهلة، إلى اصطناع مجموعات أكثر مرونة، وأسرع في اتخاذ القرارات النافذة، وأقدر على تنزيل إرادتها إلى أرض الواقع بشكل مؤثر وملموس، في سياق؛ لا أتحرّج في وصفه بـ«الانقلاب»، على وضع فرضته نواتج الحرب الكونية الثانية، واستمر لما يزيد على سبعة عقود، دون تغيير دراماتيكي يعبّر تعبيراً صادقاً عن حقيقة أنّ الوضع الراهن، ما عاد يستوعب المحفوظات القديمة التي فرضتها ثقافة الاستعمار، ولم يعد قادراً على التعاطي مع أساليبه المخاتلة، والتي أبقت معادلة التفوّق والاستعلاء رهناً بدول دون أخرى، وأبقت أخرى تحت دائرة الوصاية المباشرة وغير المباشرة.. وهو أمر لم يعد مقبولاً ولا ممكناً، طالما امتلكت الدول أسباب تقدمها ورفعتها وتطورها الاقتصادي، بما يفكها من ربقة الارتهان إلى المنظومة الاستعمارية، ويخلصها من بوائق فرض الأجندات السياسية من خلال النوافذ الاقتصادية، ولن يكون هذا التوجّه يسيراً وسهلاً، كونه يهدد ما استقر عليه العالم لسبعة عقود أو تزيد، وعملت القوى المسيطرة على ضبطه وفق مصالحها بغض النظر عن المترتبات التي أحدثها.. ولهذا فإن العالم بحاجة ماسة اليوم إلى اجتراح دوائر قوى متنوعة، واصطناع أقطاب مؤثرة تعمل على حفظ التوازن الاقتصادي والسياسي، وتعمل على إنزال القيم التي اصطلحت عليها الدول في ميثاق الأمم المتحدة إلى أرض الواقع، بعد أن ظل طوال هذه المدة نصاً براقاً لا قيمة له على أرض الواقع بشكل فاعل وحقيقي، فقد آن الوقت أن تفهم الشعوب جميعها وتدرك إمكانياتها، وتعمل على رفعة أوطانها، وهو عين ما استوعبته رؤية المملكة 2030، التي أبدعتها عبقرية ولي العهد الأمين، ففتحت للمملكة أبواب التحليق في فضاء الممكن، وفجّرت الطاقات، وفكت الأغلال الموروثة، ووضعت هذا الوطن حيث ينبغي أن يكون في الذرى السوامق، وعياً، وقدرة، وإمكانيات خلاقة.