لم تكن الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة جدة الأسبوع الماضي الأولى من نوعها، ومن الطبيعي أنها لن تكون الأخيرة أيضاً، فموسم الأمطار في جدة يتكرر كل عام وتتزامن معه مجموعة من المظاهر المصاحبة له والمعتادة، ومن الملاحظ أن هطول الأمطار لم يكن مفاجئاً أو حدثاً غير متوقع، فالنشرات الجوية التي توقعت هطول الأمطار قد أعلنت ذلك عبر المنصات الرسمية ووصلت لجميع المواطنين، وقد أهابت بهم توخي الحذر وعدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة، تجنباً للحوادث والإصابات وتدمير الممتلكات.
هطلت الأمطار بالفعل على مدينة جدة فكانت حدثاً مشوقاً لضعاف النفوس ممن تناقلوا من خلاله بعض المظاهر السلبية وكأنها أمر جديد وحصري تماماً، وقد راق لهم أن يصوروا بعض السلبيات وكأنها حدث خارق للطبيعة غير مسبوق، وقد انطلقت منابر النقد واصفة إياه بأنه أزمة مزمنة في جدة لم تجد لها طريقاً للحل منذ عام 2009، بينما وجدها البعض فرصة مواتية لتوجيه النقد اللاذع لبعض الجهات لتقصيرها في مواجهة الحدث، وما بين مبالغة وترصد للسلبيات تضيع الحقائق والوقائع.
لا شك أن بعض المقاطع المصورة والمتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثّلت مادة ثرية ودسمة للتعليقات والتحليلات التي صبّت جميعها في الجانب السلبي المظلم، فقد اعتبرها الكثيرون امتداداً لسيول جدة 2009، معقبين بأنه لم يتم بذل جهد كافٍ -منذ ذلك الوقت- لإصلاح البنية التحتية ومنع تكرار تلك الكارثة، غير أنه في حقيقة الأمر قد حدث العكس تماماً؛ فقد تم إصلاح الكثير من البنية التحتية بصورة جذرية في الكثير من مناطق وأحياء جدة، ولكن من المؤكد أن الإجراءات التي تمت خلال عقد من الزمن -مهما بلغ حجمها أو حجم الإنفاق عليها- لن تتمكن من منع الأضرار بشكل كلي، لكنها في المقابل قللت بنسبة كبيرة جداً من التداعيات السلبية للسيول وحجّمت كثيراً من مدى ونطاق أضرارها.
من الظلم تماماً مقارنة السلبيات التي صاحبت سيول جدة العام 2009 بما حدث خلال الأمطار الأخيرة على مدينة جدة، والجدير بالذكر أن الأزمات المصاحبة لهطول الأمطار الغزيرة ليست أزمة سعودية محلية، فهي أزمة عالمية تعاني منها العديد من دول العالم، ولا سيما تلك الواقعة في مناطق جغرافية بعينها ومعرضة لكثير من عوامل المناخ القاسية، فعلى سبيل المثال اجتاحت خلال السنوات الماضية سيول جارفة وأمطار رعدية مصاحبة لموجات تسونامي ساهمت في تدمير بعض المدن في شرق آسيا، وهذه الفيضانات اقتلعت الأشجار من جذورها وهدمت آلاف المنازل على ساكنيها ودمرت البنى التحتية لتلك المدن بالكامل.
نفس الأمر يتكرر مثلاً في الولايات المتحدة وأستراليا وغيرهما حيث تعاني العديد من المدن في تلك الدول من الكثير من الأعاصير الموسمية والتي لو لم يتم إخلاء ساكني مدنها منهم قبل وصولها لساهم ذلك في تدميرهم بالكامل، وقد تداولت الكثير من منصات الأخبار العالمية جهود حكومات تلك الدول لحث مواطنيها على إخلائها بالكامل تاركين منازلهم وممتلكاتهم للأعاصير التي دمرتها بالكامل نجاةً بأرواحهم وأرواح أبنائهم، ذلك أن أي استعدادات وأي إنفاق -مهما بلغت الموارد المخصصة له- لن تتمكن من مواجهة الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير.
لقد سافرت مراراً وتكراراً للعديد من الدول شرقاً وغرباً، وقد صادف زيارتي للعديد منها هطول أمطار فيها ترقى لحد السيول، وقد لاحظت أنه مهما بلغ تقدم الدولة فإن حركة السير والمرور فيها تتأثر بشدة بسقوط الأمطار، وهذا أمر طبيعي، فمهما بلغ حجم أنابيب صرف مياه الأمطار أو قوة شبكاتها فإنها لن تتمكن من استيعاب حجم الأمطار شديدة الغزارة، ويعتاد سكان هذه الدول هذه الظواهر المناخية تماماً ويتعاملون معها بتفهم تام واستيعاب كامل.
قد تكون أزمة أمطار سيول جدة 2009 قد نتجت بسبب بعض الأخطاء الناجمة عن سوء التخطيط لعقود طويلة، لكنها في المقابل لفتت انتباه المسؤولين لضعف البنية التحتية وضرورة إصلاحها، فكانت أشبه بجرس إنذار نبه المختصين للبدء في علاج المشكلة، ولا شك أن الجهود المضنية التي تم بذلها من عام 2009 وحتى عام 2022 لن تكون كافية لحل شامل ونهائي لأزمة تراكمت منذ عقود طويلة، ومن الإنصاف الاعتراف بأنه خلال هذا العقد تم علاج الكثير من السلبيات، فقد تم إصلاح الكثير من شبكات تصريف الأمطار في الكثير من الأحياء، كما تم التعامل بحزم مع مشكلة العشوائيات، وهي إحدى الأزمات المزمنة السابقة لمدينة جدة.
تعمل حالياً أمانة جدة بكافة طاقتها لتحديث المدينة وتطوير بنيتها التحتية ومرافقها الأساسية، غير أن النتائج لا تظهر بين عشية وضحاها، فالأمور تحتاج تخطيطاً جيداً وتنفيذاً متقناً حتى لا يتم هدر الموارد أو تفكيك ما تم بناؤه في السابق حتى لا تكون النتائج أسوأ من سابقتها، كما أنه لا يمكننا إغفال الجهود التي تم بذلها لإزالة العشوائيات والتي لو ما زالت موجودة لكانت أزمة الأمطار الأخيرة وتداعياتها فادحة بالفعل وخسائرها كبيرة للغاية.
هطلت الأمطار بالفعل على مدينة جدة فكانت حدثاً مشوقاً لضعاف النفوس ممن تناقلوا من خلاله بعض المظاهر السلبية وكأنها أمر جديد وحصري تماماً، وقد راق لهم أن يصوروا بعض السلبيات وكأنها حدث خارق للطبيعة غير مسبوق، وقد انطلقت منابر النقد واصفة إياه بأنه أزمة مزمنة في جدة لم تجد لها طريقاً للحل منذ عام 2009، بينما وجدها البعض فرصة مواتية لتوجيه النقد اللاذع لبعض الجهات لتقصيرها في مواجهة الحدث، وما بين مبالغة وترصد للسلبيات تضيع الحقائق والوقائع.
لا شك أن بعض المقاطع المصورة والمتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثّلت مادة ثرية ودسمة للتعليقات والتحليلات التي صبّت جميعها في الجانب السلبي المظلم، فقد اعتبرها الكثيرون امتداداً لسيول جدة 2009، معقبين بأنه لم يتم بذل جهد كافٍ -منذ ذلك الوقت- لإصلاح البنية التحتية ومنع تكرار تلك الكارثة، غير أنه في حقيقة الأمر قد حدث العكس تماماً؛ فقد تم إصلاح الكثير من البنية التحتية بصورة جذرية في الكثير من مناطق وأحياء جدة، ولكن من المؤكد أن الإجراءات التي تمت خلال عقد من الزمن -مهما بلغ حجمها أو حجم الإنفاق عليها- لن تتمكن من منع الأضرار بشكل كلي، لكنها في المقابل قللت بنسبة كبيرة جداً من التداعيات السلبية للسيول وحجّمت كثيراً من مدى ونطاق أضرارها.
من الظلم تماماً مقارنة السلبيات التي صاحبت سيول جدة العام 2009 بما حدث خلال الأمطار الأخيرة على مدينة جدة، والجدير بالذكر أن الأزمات المصاحبة لهطول الأمطار الغزيرة ليست أزمة سعودية محلية، فهي أزمة عالمية تعاني منها العديد من دول العالم، ولا سيما تلك الواقعة في مناطق جغرافية بعينها ومعرضة لكثير من عوامل المناخ القاسية، فعلى سبيل المثال اجتاحت خلال السنوات الماضية سيول جارفة وأمطار رعدية مصاحبة لموجات تسونامي ساهمت في تدمير بعض المدن في شرق آسيا، وهذه الفيضانات اقتلعت الأشجار من جذورها وهدمت آلاف المنازل على ساكنيها ودمرت البنى التحتية لتلك المدن بالكامل.
نفس الأمر يتكرر مثلاً في الولايات المتحدة وأستراليا وغيرهما حيث تعاني العديد من المدن في تلك الدول من الكثير من الأعاصير الموسمية والتي لو لم يتم إخلاء ساكني مدنها منهم قبل وصولها لساهم ذلك في تدميرهم بالكامل، وقد تداولت الكثير من منصات الأخبار العالمية جهود حكومات تلك الدول لحث مواطنيها على إخلائها بالكامل تاركين منازلهم وممتلكاتهم للأعاصير التي دمرتها بالكامل نجاةً بأرواحهم وأرواح أبنائهم، ذلك أن أي استعدادات وأي إنفاق -مهما بلغت الموارد المخصصة له- لن تتمكن من مواجهة الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير.
لقد سافرت مراراً وتكراراً للعديد من الدول شرقاً وغرباً، وقد صادف زيارتي للعديد منها هطول أمطار فيها ترقى لحد السيول، وقد لاحظت أنه مهما بلغ تقدم الدولة فإن حركة السير والمرور فيها تتأثر بشدة بسقوط الأمطار، وهذا أمر طبيعي، فمهما بلغ حجم أنابيب صرف مياه الأمطار أو قوة شبكاتها فإنها لن تتمكن من استيعاب حجم الأمطار شديدة الغزارة، ويعتاد سكان هذه الدول هذه الظواهر المناخية تماماً ويتعاملون معها بتفهم تام واستيعاب كامل.
قد تكون أزمة أمطار سيول جدة 2009 قد نتجت بسبب بعض الأخطاء الناجمة عن سوء التخطيط لعقود طويلة، لكنها في المقابل لفتت انتباه المسؤولين لضعف البنية التحتية وضرورة إصلاحها، فكانت أشبه بجرس إنذار نبه المختصين للبدء في علاج المشكلة، ولا شك أن الجهود المضنية التي تم بذلها من عام 2009 وحتى عام 2022 لن تكون كافية لحل شامل ونهائي لأزمة تراكمت منذ عقود طويلة، ومن الإنصاف الاعتراف بأنه خلال هذا العقد تم علاج الكثير من السلبيات، فقد تم إصلاح الكثير من شبكات تصريف الأمطار في الكثير من الأحياء، كما تم التعامل بحزم مع مشكلة العشوائيات، وهي إحدى الأزمات المزمنة السابقة لمدينة جدة.
تعمل حالياً أمانة جدة بكافة طاقتها لتحديث المدينة وتطوير بنيتها التحتية ومرافقها الأساسية، غير أن النتائج لا تظهر بين عشية وضحاها، فالأمور تحتاج تخطيطاً جيداً وتنفيذاً متقناً حتى لا يتم هدر الموارد أو تفكيك ما تم بناؤه في السابق حتى لا تكون النتائج أسوأ من سابقتها، كما أنه لا يمكننا إغفال الجهود التي تم بذلها لإزالة العشوائيات والتي لو ما زالت موجودة لكانت أزمة الأمطار الأخيرة وتداعياتها فادحة بالفعل وخسائرها كبيرة للغاية.