في مدننا الرئيسية وفي أغلب أحيائها القديمة والجديدة، البلديات والأمانات متفقة، ولله الحمد، على سياسة واحدة مزعجة للمواطن والساكن في هذه المدن، وهي أن الأعمال الخاصة بإيصال الخدمات من ماء وكهرباء وصرف صحي واتصالات وغير ذلك مستمرة على طول العام، كل من هذه الجهات تحفر وتدفن بشوارع الأحياء السكنية وحدها ودون أي تنسيق مع الجهات الخدمية الأخرى، الإزعاج والإضرار حدث ولا حرج، وقد تعتقد تلك الجهات أن وضع لوحة «نأسف على إزعاجكم» يخلي مسؤوليتها والجهات الرسمية التي عمدتها من هذا الإزعاج الدائم وما يخلقه من هدر للموارد المالية للدولة، استغرب عدم العمل من قبل هذه الجهات في نفس الفترة الزمنية خاصة في الأحياء الجديدة. قد نتفهم أن يكون هناك حفر ودفن بشوارع الأحياء القديمة، ولكن للأسف يبدو أن الشوارع القديمة في بعض مدننا أقل عرضة لهذا العبث المستمر، هل يعقل أن أمانات المدن والبلديات الفرعية لا يوجد فيها أقسام للتنسيق الموحد لتنفيذ هذه المشاريع الخدمية؟ الأكيد أن شوارعنا تصرخ وتئن ونسمع صراخها ليل نهار من الحفر المتواصل من هذه الشركات على طول العام. الدولة -رعاها الله- لم تقصر في دعم إيصال الخدمات الضرورية للمدن والقرى في جميع أنحاء الوطن، ويرصد لها المليارات من الأموال في الميزانيات العامة، إلا أن هذا العبث في التنفيذ غير المنسق يجلب الضوضاء والهدر المالي للدولة والتشوهات البصرية لمدننا، من تجربة شخصية في الحي الذي أسكنه في شمال الرياض منذ حوالى عشرة أعوام لم تتوقف مشاريع الحفر والدفن والسفلتة فيه طوال هذه المدة، قبل أشهر قليلة انتهت أشغال الصرف الصحي وتنزيل منسوب المياه في الحي، وهي مشاريع مهمة لكل حي ومدينة، ويستغرق تنفيذها فترات طويلة، ويتحمّل السكان ويعانون من إزعاج إغلاق الشوارع وهدير المعدات طوال اليوم، وهذا كله ينعكس على أحيائهم بلا شك، ومن ثم تأتي شركات لسفلتة الشوارع مرة أخرى، والحظ يلعب دوراً في جودة هذه السفلتة في الغالب تصبح الشوارع في حالة يرثى لها. شارعنا قبل أشهر تمت سفلتته بشكل جميل، وأصبح طريقاً سلساً سواء للعربات أو للمشاة خاصة بعد إزالة المظلات فيه، ولكن الفرحة لم تستمر كثيراً فقد فاجأتنا شركة الكهرباء الوطنية بأعمال في منتصف الشارع، ورجعنا إلى حالة الإزعاج الأولى والتشوه البصري الذي نعاني منه سابقاً، رغم أن الأمانة والبلديات الفرعية تحرص على المخالفات التي تشوّه المدن، فمن الأولى أن تلتزم هي بهذه القرارات وتراعي السكان من الإزعاج المستمر في هذه المشاريع الخدمية. لا أعتقد أن هناك صعوبة في إيجاد حل في وضع سياسات موحدة لإيصال الخدمات في فترة زمنية واحدة أو على الأقل متقاربة، حرام جداً هذا الهدر المالي في عدم التنسيق في هذه المشاريع في الأحياء السكنية، لن أتحدث عن الأسباب التي قد تكون وراء مثل هذه العشوائية في إيصال الخدمات بهذا الشكل المزعج، هل نلوم المقاولين المنفذين لهذه المشاريع أم من يعمدهم في الأمانات والبلديات؟ إذا كنا بالفعل نبحث عن برامج جودة الحياة فهذا الإزعاج المستمر في شوارع الأحياء والترقيع وإعادته تتناقض وتنسف مفهوم جودة الحياة التي يفترض أن تبدأ بالخطوة الأولى خارج منزلك.