جاء في الحديث المُتفق عليه «المُسلِمُ من سَلِم الناس أو المسلمون من لسانه ويده». فالإسلام دين سلام، وكفُّ أذى، وإيثار سلامة، وكبح جماح النفس المتطلّعة لنيل ما ليس لها، وأكاد أجزم أن البشرية؛ بما فيها الشعوب والمجتمعات العربية الإسلامية، والدول والحكومات الوطنية، لم تسلم من أيدي، وألسنة، جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي، وأذرعه المُتطرفة وأجنحته الارهابية.
تدعو نصوص القرآن والسنة لوحدة الصف، واجتماع الكلمة، وتضافر الجهود في سبيل إنجاز مشروع الحياة والأحياء، وتجذير حضارية، ومدنية الدولة، وما أكمل مقاصد الشريعة، وأنبل غاياتها الكُليّة إلا بناء وطن، وقيام نظام، واستتباب أمن، يبوئ لأداء أمانة الدين والدنيا، فيما فِكر هذه الجماعات وأيديولوجيتها يعارض صريح النصوص، ويؤمن بالتشرذم، ويكفر بالدولة الوطنية، ولا تعنيه وحدة صف، ولا انشغل باستتباب أمن، ولا سلامة مجتمع ولا صحته، كونه فكراً وخطاباً لا ينموان إلا في مجتمعات مريضة، أو ميّتة أو مُماتة.
وإذا كانت النصوص المُقدّسة أبعد ما تكون عن تزكية ذواتٍ طارئة على الكيانات الوطنية، فلماذا يتورط البعض في التعاطفِ مع مُهدد لسلمه الاجتماعي رغم أن الواقع والسوابق يؤكدان له أنه لا امتداد لهم إلا إلى جماعات الخوارج، أو الحشاشين، أو القرامطة، وغيرهم من (جماعات سريّة) كشفت الدراسات جانباً من سيرتها وظروف وملابسات نشأتها.
ومن الأسئلة التي لا يود الإسلامويون طرحها: من أين جاءوا؟ وكيف جاءوا؟ ولماذا جاءوا؟ ومن أين اكتسبوا شرعيتهم؟ وما إيجابياتهم، وحسناتهم حين يعلنون أنفسهم بديلاً لما هو قائم ومستقيم؟ ولن تتعب في تحصيل الإجابة بحكم الوقائع الموثّقة صوتاً وصورةً، فللغرب الاستعماري دوره في دسّ (جماعات) استعاض بها عن وجوده، وليقينه أنها بتاريخها العبثي الدموي قابلة لإدارتها عن بُعد، مقابل وعود خيالية، فتم تبنيها ودعمها؛ لتُشغل الشعوب، وتُقلق الساسة بإسهامها في الفساد بكل أنواعه، بما فيه إفساد النصوص الربانية بالتفسيرات المغلوطة، ومناوأتها لمشاريع الإصلاح، وبثّ الشائعات، وتضخيم أخطاء الدولة؛ لتتهالك الدولة فينقضون عليها، خصوصاً أنهم نجحوا في اختراق مؤسسات، وغنموا أموالاً بطرق معلنة وخفيّة، وبوسائل مُشرعنة غير مشروعة، واستثمروها في بنوك الغرب الكافر، الذي يُسهّل لهم الاستثمارات والتحويلات، وربما التمويل إذا أراد تنفيذ أجندات.
ويخرج القارئ الموضوعي بريبة في جماعات الإسلام السياسي، وأحياناً بثقة أنها ليست جماعات دينية في أصلها وما (الدِّين والديمقراطية والمواطنة) إلا تكتيكات وأوراق لعب؛ لتضليل الجماهير، واحتوائها، فالدِّين واحد، والإسلام السياسي متعدد، والدِّين يقين، وهي شكّ وارتياب، والدِّين سلام، وهي حروب، والدِّين علاقة فردية بين الواحد والأحد، وهي هاجس جماعي، جائع للمال، ومتعطش للسُّلطة، والتسلط.
لم يأمر الله -جلّ في عُلاه- ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً أن يتغلغل في حياة الناس، ويتوغّل في أدق التفاصيل، بينما الإسلام السياسي بما يرتديه من أقنعة دينية، اقتحم على الناس الخصوصيات، وكسر كل الأدبيات؛ فتدخّل بين الخلق والخالق، ودكّ معاقل الأسرة؛ ليعيش معها ويفرض أدبياته عليها بالجزرة والعصا، وليؤسلمَ اليوميات المُسلِمة بفطرتها، فغيّر اللباس، ولغة التخاطب، وكيفية إلقاء السلام، والتحية، وطريقة الأكل، ونوع الطعام، واختيار القرابات والصداقات، والترفيه، ولم يتورّعوا عن دخول غُرف النوم، والتوجيه بما ينبغي للزوجين فعله وممارسته، وغدت توجيهاتهم ثقافة، يُثابُ فاعلها، ويعاقب تاركها.
لم تعد ربكة منهج الإسلام السياسي خافية، في ظل تذبذبه بين ادعاء الاعتماد على الله، وبين فقدان الثقة بالله والاعتماد على النفس، وبين لعن الغرب والارتماء في حضنه، وبين استمالة الشعوب والإساءة لها بتعنيفها ونعتها بما لا يليق، وبين الاقتداء بالزمن الأول في الصراع، وعدم الاقتداء به في المسالمة، والتمظهر بالافتتان بالآخرة، والتهالك في طلب الدنيا.
وأذكر من أدبيات الصحوة، قولهم نقلاً عن أحد المرشدين، عندما سأله المحققون: هل تريد أن تقلب نظام الحكم؟ فأجاب: «نظام الحكم: كرسيّه مقلوب، واحنا مهمتنا تعديله»! وبالطبع التعديل عندهم بالشعوب القابلة للاستثارة، عبر طرح شيطاني يُلصق بالدولة والحُكّام ما ليس فيهم، لزعزعة الانتماء، ثم التعبئة بالأفكار الدوغمائية، وتوفير مبررات حضورهم للإنقاذ، ثم الدعوة للثورات، والإسهام في اندلاعها، ثم الهروب أو التهرب لاحقاً، من تهمة إدخال البسطاء، المتعاطفين في أنفاق التيه.
سُئل أحد رموز الصحوة: أما استشعرتم التبعات المأساوية الناجمة عن تسلّطكم على المجتمع؟ فقال: تسلّطنا بقرار، فردّ عليه: أما آن الأوان لتنتهوا؟ فالقرار اليوم مع المجتمع السوي، والمواطنة الصالحة، فقال: وما يدريكم ما تخبئ لنا ولكم الأيام؟ فأُجيب عليه: كل خير لأن المجتمع أوعى من أن يطب الوحل مرةً أخرى.
لا ريب أن جماعات الإسلام السياسي محرومة من العقيدة النقيّة، ومن الأخلاق النبوية، المُترفعة بصاحبها عن الشطط، فهم يُخِلون بمقتضيات الأمر بالطاعة لولي أمر الدولة، المبايع شعبياً؛ لكونه أهلاً وأحقّ، ولأنّهم يرجّحون لعنة الفوضى على نعمة الاستقرار، ويطلبون بالزيّ المُضلّل الحياة الدنيا وزينتها وملذاتها، ويقاتلون في سبيل الوصول للسلطة ، بالغَلَبة، وإن لم تختارهم الشعوب أو ترتضيهم، أو تبايعهم، كما أنها جماعات تكذب، وتخون، وتفتري، وتعبس، وتقطع الرحم، وتهتك الأعراض، وتستبيح الدماء، وهذه طامة كبرى.
إذا كان المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، فإن المجتمعات البشرية والإسلامية لم تسلم من لسان الأحزاب ولا أيديهم ولا مشاعرهم الناقمة، ما أضعف وأوهن قوى الشعوب المسلمة، وتراجعت أواصر علاقتها بربها؛ لكثرة الوسطاء بينهم وبينه، ولا يقوّي آصرة الناس بدينها إلا دولةٌ أصيلة الإيمان، ودائمة الإحسان، والموطدة الأركان، الصارمة السِّنان، الشامخة البنيان، فهي تضمن الأمن، والأمن يمنع الفوضى، ويحول دون خلخلة التماسك المجتمعي، وكم نعرف من غير المسلمين؛ أفراداً ومجموعات، يعتنون جداً بالأخلاق؛ خدمةً لمعتقدهم، بينما الإسلام السياسي يوظف العقيدة والأخلاق لخدمة نفسه، وكلما تعاظمت ثقتهم بأنفسهم، فضحتهم التجربة، وأثبتَ المُعطى الموضوعي أن الإسلام منظومة أخلاق لا نظام حُكم.
تدعو نصوص القرآن والسنة لوحدة الصف، واجتماع الكلمة، وتضافر الجهود في سبيل إنجاز مشروع الحياة والأحياء، وتجذير حضارية، ومدنية الدولة، وما أكمل مقاصد الشريعة، وأنبل غاياتها الكُليّة إلا بناء وطن، وقيام نظام، واستتباب أمن، يبوئ لأداء أمانة الدين والدنيا، فيما فِكر هذه الجماعات وأيديولوجيتها يعارض صريح النصوص، ويؤمن بالتشرذم، ويكفر بالدولة الوطنية، ولا تعنيه وحدة صف، ولا انشغل باستتباب أمن، ولا سلامة مجتمع ولا صحته، كونه فكراً وخطاباً لا ينموان إلا في مجتمعات مريضة، أو ميّتة أو مُماتة.
وإذا كانت النصوص المُقدّسة أبعد ما تكون عن تزكية ذواتٍ طارئة على الكيانات الوطنية، فلماذا يتورط البعض في التعاطفِ مع مُهدد لسلمه الاجتماعي رغم أن الواقع والسوابق يؤكدان له أنه لا امتداد لهم إلا إلى جماعات الخوارج، أو الحشاشين، أو القرامطة، وغيرهم من (جماعات سريّة) كشفت الدراسات جانباً من سيرتها وظروف وملابسات نشأتها.
ومن الأسئلة التي لا يود الإسلامويون طرحها: من أين جاءوا؟ وكيف جاءوا؟ ولماذا جاءوا؟ ومن أين اكتسبوا شرعيتهم؟ وما إيجابياتهم، وحسناتهم حين يعلنون أنفسهم بديلاً لما هو قائم ومستقيم؟ ولن تتعب في تحصيل الإجابة بحكم الوقائع الموثّقة صوتاً وصورةً، فللغرب الاستعماري دوره في دسّ (جماعات) استعاض بها عن وجوده، وليقينه أنها بتاريخها العبثي الدموي قابلة لإدارتها عن بُعد، مقابل وعود خيالية، فتم تبنيها ودعمها؛ لتُشغل الشعوب، وتُقلق الساسة بإسهامها في الفساد بكل أنواعه، بما فيه إفساد النصوص الربانية بالتفسيرات المغلوطة، ومناوأتها لمشاريع الإصلاح، وبثّ الشائعات، وتضخيم أخطاء الدولة؛ لتتهالك الدولة فينقضون عليها، خصوصاً أنهم نجحوا في اختراق مؤسسات، وغنموا أموالاً بطرق معلنة وخفيّة، وبوسائل مُشرعنة غير مشروعة، واستثمروها في بنوك الغرب الكافر، الذي يُسهّل لهم الاستثمارات والتحويلات، وربما التمويل إذا أراد تنفيذ أجندات.
ويخرج القارئ الموضوعي بريبة في جماعات الإسلام السياسي، وأحياناً بثقة أنها ليست جماعات دينية في أصلها وما (الدِّين والديمقراطية والمواطنة) إلا تكتيكات وأوراق لعب؛ لتضليل الجماهير، واحتوائها، فالدِّين واحد، والإسلام السياسي متعدد، والدِّين يقين، وهي شكّ وارتياب، والدِّين سلام، وهي حروب، والدِّين علاقة فردية بين الواحد والأحد، وهي هاجس جماعي، جائع للمال، ومتعطش للسُّلطة، والتسلط.
لم يأمر الله -جلّ في عُلاه- ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً أن يتغلغل في حياة الناس، ويتوغّل في أدق التفاصيل، بينما الإسلام السياسي بما يرتديه من أقنعة دينية، اقتحم على الناس الخصوصيات، وكسر كل الأدبيات؛ فتدخّل بين الخلق والخالق، ودكّ معاقل الأسرة؛ ليعيش معها ويفرض أدبياته عليها بالجزرة والعصا، وليؤسلمَ اليوميات المُسلِمة بفطرتها، فغيّر اللباس، ولغة التخاطب، وكيفية إلقاء السلام، والتحية، وطريقة الأكل، ونوع الطعام، واختيار القرابات والصداقات، والترفيه، ولم يتورّعوا عن دخول غُرف النوم، والتوجيه بما ينبغي للزوجين فعله وممارسته، وغدت توجيهاتهم ثقافة، يُثابُ فاعلها، ويعاقب تاركها.
لم تعد ربكة منهج الإسلام السياسي خافية، في ظل تذبذبه بين ادعاء الاعتماد على الله، وبين فقدان الثقة بالله والاعتماد على النفس، وبين لعن الغرب والارتماء في حضنه، وبين استمالة الشعوب والإساءة لها بتعنيفها ونعتها بما لا يليق، وبين الاقتداء بالزمن الأول في الصراع، وعدم الاقتداء به في المسالمة، والتمظهر بالافتتان بالآخرة، والتهالك في طلب الدنيا.
وأذكر من أدبيات الصحوة، قولهم نقلاً عن أحد المرشدين، عندما سأله المحققون: هل تريد أن تقلب نظام الحكم؟ فأجاب: «نظام الحكم: كرسيّه مقلوب، واحنا مهمتنا تعديله»! وبالطبع التعديل عندهم بالشعوب القابلة للاستثارة، عبر طرح شيطاني يُلصق بالدولة والحُكّام ما ليس فيهم، لزعزعة الانتماء، ثم التعبئة بالأفكار الدوغمائية، وتوفير مبررات حضورهم للإنقاذ، ثم الدعوة للثورات، والإسهام في اندلاعها، ثم الهروب أو التهرب لاحقاً، من تهمة إدخال البسطاء، المتعاطفين في أنفاق التيه.
سُئل أحد رموز الصحوة: أما استشعرتم التبعات المأساوية الناجمة عن تسلّطكم على المجتمع؟ فقال: تسلّطنا بقرار، فردّ عليه: أما آن الأوان لتنتهوا؟ فالقرار اليوم مع المجتمع السوي، والمواطنة الصالحة، فقال: وما يدريكم ما تخبئ لنا ولكم الأيام؟ فأُجيب عليه: كل خير لأن المجتمع أوعى من أن يطب الوحل مرةً أخرى.
لا ريب أن جماعات الإسلام السياسي محرومة من العقيدة النقيّة، ومن الأخلاق النبوية، المُترفعة بصاحبها عن الشطط، فهم يُخِلون بمقتضيات الأمر بالطاعة لولي أمر الدولة، المبايع شعبياً؛ لكونه أهلاً وأحقّ، ولأنّهم يرجّحون لعنة الفوضى على نعمة الاستقرار، ويطلبون بالزيّ المُضلّل الحياة الدنيا وزينتها وملذاتها، ويقاتلون في سبيل الوصول للسلطة ، بالغَلَبة، وإن لم تختارهم الشعوب أو ترتضيهم، أو تبايعهم، كما أنها جماعات تكذب، وتخون، وتفتري، وتعبس، وتقطع الرحم، وتهتك الأعراض، وتستبيح الدماء، وهذه طامة كبرى.
إذا كان المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، فإن المجتمعات البشرية والإسلامية لم تسلم من لسان الأحزاب ولا أيديهم ولا مشاعرهم الناقمة، ما أضعف وأوهن قوى الشعوب المسلمة، وتراجعت أواصر علاقتها بربها؛ لكثرة الوسطاء بينهم وبينه، ولا يقوّي آصرة الناس بدينها إلا دولةٌ أصيلة الإيمان، ودائمة الإحسان، والموطدة الأركان، الصارمة السِّنان، الشامخة البنيان، فهي تضمن الأمن، والأمن يمنع الفوضى، ويحول دون خلخلة التماسك المجتمعي، وكم نعرف من غير المسلمين؛ أفراداً ومجموعات، يعتنون جداً بالأخلاق؛ خدمةً لمعتقدهم، بينما الإسلام السياسي يوظف العقيدة والأخلاق لخدمة نفسه، وكلما تعاظمت ثقتهم بأنفسهم، فضحتهم التجربة، وأثبتَ المُعطى الموضوعي أن الإسلام منظومة أخلاق لا نظام حُكم.