بحار من المعلومات تجري بيننا في جميع حقول المعرفة، تتفق حيناً، وتتنافر تنافراً جذرياً عمّا تم تأسيسه كمعرفة لدى الفرد، لن يلومني أحد إذ قلت كل ما تم ترسيخه في أذهاننا جاء الطوفان لتجريف كل معلومة احتفظنا بها كمعرفة غير قابلة للنقض، وهو الموقف المتصلب غير الباحث عمّا يجب تصويبه.
فأمام المعلومات المحفوظة من غير تمحيص وجدنا أنفسنا في العراء حين يتم تقويض تلك المعرفة، حين تأتي الدلائل على أنها حقيقة مزورة أو أنها نشأت من حكاية تخص مكانا وزمنا غير ما تم إفهامنا به أو عنه.
ولوجود يقين مطلق بصحة الأحداث التي تعلمناها (وحفظناها عن ظهر قلب) لا يمكن للمرء المطلع كشف عورة عقولنا، فنحن نفضل السير بعاهة معرفتنا على أن نسير عراة عمّا نحمل من أكاذيب أو أنصاف وأرباع معرفة أو حقائق تاريخية ليست خاصة بنا وإنما دست في كتاب تاريخ شاع وتناقلها الخلف عن السلف.
وهذا ما يفسر عداوة العامة لأي معرفة جديدة يلقيها عالم أو باحث ينوش أو يهز بها معرفتنا المزيفة.
ولأننا غير مكترثين بتصحيح ما مر بنا من معارف أُخذت بالمجمل من غير توثق بحثاً أو شكاً سيكون من الصعوبة إفهام جيل شاب غير معنى بتصويب ما كان عليه الآباء أو الأجداد من معارف أُخذت على علاتها.
ولن أكون في موقع الباحث عن صدمة إذ قررت أن فلسفة الاستهلاك مدت أطرافها فلم تعد القضايا الفكرية جاذبة، وإذا أهملنا هذه الجزئية، سنجد أنفسنا في زمن غير الزمن؛ بمعنى أن جل المتواجدين في مواقع التواصل هم من الشباب الذين قفزوا على الثقافة الكلاسيكية، وأصبحت اهتماماتهم ذات صبغة استهلاكية لا تعنى بما هو خارج اهتمامها اليومي، كما أن الثقافة غدت (جارية) في إمبراطورية الاقتصاد لا تقوى على التوجيه، بل هي (جارية) مسخرة تأتمر بالتوجهات الاقتصادية، وراضخة لقانون العرض والطلب، والمعروض الثقافي بالكثرة المشبعة، والطلب عليها قل أو تم توجيهه في اتجاهات استهلاكية يكون الشاب مقبلاً على مشاهدة المشاهير أكثر من إقباله لقراءة كتاب نقدي أو التمحيص في حادثة تاريخية ما زالت تؤثر في مسيرة ثقافته، وأعرض عنها اختياراً وانشغل بمعطيات الحياة المادية، وأهمل الثقافة المسيرة لتلك المادة.
أحياناً يعتبر هذا الإغفال ميزة تخلص الفرد من قيود المعرفة الثقافية الماضوية، وأحياناً يعتبر الإغفال تردياً ثقافياً وقطع حبل تأصيل المستقبل بالماضي، وثالثة أخرى ترى أن معطيات الواقع هي الحاجز الذي يفصل بين المعرفة الماضوية بكل تاريخها وبين المنجز العلمي المادي الراهن.
ويبدو أن الخيار يميل إلى تتبع المعطيات المادية للعلم بعيداً عن المعطيات الثقافية الماضوية، ولن أتحجر بين خيارات الناس، فأصل الحياة أن تسير وفق القوى الموجهة لتدفقها وسريانها، سواء كانت تلك القوى اقتصادية أو تقنية أو عسكرية، فغالباً يكتب التاريخ نفسه حينما يجد نفسه في واقع هو السائد.
هل أكون صادماً لو قلت أن شباب المستقبل يذوب في أوعية ثقافية أخرى، ولن يصدق بما حدث في تاريخ ثقافته الأم؟
فأمام المعلومات المحفوظة من غير تمحيص وجدنا أنفسنا في العراء حين يتم تقويض تلك المعرفة، حين تأتي الدلائل على أنها حقيقة مزورة أو أنها نشأت من حكاية تخص مكانا وزمنا غير ما تم إفهامنا به أو عنه.
ولوجود يقين مطلق بصحة الأحداث التي تعلمناها (وحفظناها عن ظهر قلب) لا يمكن للمرء المطلع كشف عورة عقولنا، فنحن نفضل السير بعاهة معرفتنا على أن نسير عراة عمّا نحمل من أكاذيب أو أنصاف وأرباع معرفة أو حقائق تاريخية ليست خاصة بنا وإنما دست في كتاب تاريخ شاع وتناقلها الخلف عن السلف.
وهذا ما يفسر عداوة العامة لأي معرفة جديدة يلقيها عالم أو باحث ينوش أو يهز بها معرفتنا المزيفة.
ولأننا غير مكترثين بتصحيح ما مر بنا من معارف أُخذت بالمجمل من غير توثق بحثاً أو شكاً سيكون من الصعوبة إفهام جيل شاب غير معنى بتصويب ما كان عليه الآباء أو الأجداد من معارف أُخذت على علاتها.
ولن أكون في موقع الباحث عن صدمة إذ قررت أن فلسفة الاستهلاك مدت أطرافها فلم تعد القضايا الفكرية جاذبة، وإذا أهملنا هذه الجزئية، سنجد أنفسنا في زمن غير الزمن؛ بمعنى أن جل المتواجدين في مواقع التواصل هم من الشباب الذين قفزوا على الثقافة الكلاسيكية، وأصبحت اهتماماتهم ذات صبغة استهلاكية لا تعنى بما هو خارج اهتمامها اليومي، كما أن الثقافة غدت (جارية) في إمبراطورية الاقتصاد لا تقوى على التوجيه، بل هي (جارية) مسخرة تأتمر بالتوجهات الاقتصادية، وراضخة لقانون العرض والطلب، والمعروض الثقافي بالكثرة المشبعة، والطلب عليها قل أو تم توجيهه في اتجاهات استهلاكية يكون الشاب مقبلاً على مشاهدة المشاهير أكثر من إقباله لقراءة كتاب نقدي أو التمحيص في حادثة تاريخية ما زالت تؤثر في مسيرة ثقافته، وأعرض عنها اختياراً وانشغل بمعطيات الحياة المادية، وأهمل الثقافة المسيرة لتلك المادة.
أحياناً يعتبر هذا الإغفال ميزة تخلص الفرد من قيود المعرفة الثقافية الماضوية، وأحياناً يعتبر الإغفال تردياً ثقافياً وقطع حبل تأصيل المستقبل بالماضي، وثالثة أخرى ترى أن معطيات الواقع هي الحاجز الذي يفصل بين المعرفة الماضوية بكل تاريخها وبين المنجز العلمي المادي الراهن.
ويبدو أن الخيار يميل إلى تتبع المعطيات المادية للعلم بعيداً عن المعطيات الثقافية الماضوية، ولن أتحجر بين خيارات الناس، فأصل الحياة أن تسير وفق القوى الموجهة لتدفقها وسريانها، سواء كانت تلك القوى اقتصادية أو تقنية أو عسكرية، فغالباً يكتب التاريخ نفسه حينما يجد نفسه في واقع هو السائد.
هل أكون صادماً لو قلت أن شباب المستقبل يذوب في أوعية ثقافية أخرى، ولن يصدق بما حدث في تاريخ ثقافته الأم؟