ما من متابع للمشهد الثقافي أو المشهد الاجتماعي والفني بشكل عام إلا وابتهج بخبر عودة المسلسل الرمضاني الشهير طاش ما طاش بحضور كامل لنجميه اللامعين عبدالله السدحان وناصر القصبي اللذين أعلنا بدء العمل على التحضير والإعداد ليتم عرضه خلال أيام شهر رمضان القادم كما تعودنا عليه في التوقيت الأكثر مشاهدة ومتابعة من قبل الجماهير، وهنا أقصد فترة ما بعد المغرب حيث تتسمر الجماهير لمتابعة ما تعرضه القنوات الفضائية.
طاش ما طاش المسلسل الرمضاني «السعودي» الذي انطلق في العام 1993 وامتد في عروضه السنوية لمدة خمسة عشر عاماً تجاوز في أثره وتأثيره حدود المحلية وبلغ حدود العالم العربي ليصبح من أنجح وأهم الأعمال التلفزيونية في السعودية والعالم العربي، بل تجاوز ذلك إلى طلب مكتبة الكونجرس الأمريكية لبعض أجزاء العمل لوضعها في أرشيف المكتبة؛ وما كان ليكون كل ذلك لولا الأثر الذي تركه هذا العمل الذي اختار لنفسه خطاً معيناً يتجلى في معالجة وطرح قضايا المجتمع السعودي والعربي بقالب كوميدي وسقف حرية مرتفع يمكن القول إنه لا يوجد عمل درامي تحصل على مساحة حرية توازي ما تحصل عليه طاش ما طاش.
ولعل أهم رافد جعل هذا العمل يمتد كل هذه السنين بقوة تأثير ثابتة، هي مساحة الحرية التي مُنحت له، حيث كان لزاماً عليه وعلى القائمين به تحمّل مسؤوليتها والإمساك بعصا هذه المساحة من المنتصف دون الانحياز لأي طرف على حساب طرف آخر وبحسابات تتعامل مع ظروف جماهيرية لم تعتد كثيراً على هكذا طرح، وهو ما نجح فيه أبطال العمل بالفعل حتى استطاعوا أن يشكلوا وجداناً اجتماعياً حداثياً يتقبل كثيراً من أشكال الاختلاف ولا يمانع من تعرضه للنقد بعد أن عاش ردحاً زمنياً طويلاً وهو يتماهى مع ملائكية البشر التي حاولت بعض الأصوات أن تؤسس لها لتحقق من خلالها أجندتها الخاصة.
في المقابل كان لكل هذه الظروف التي أحاطت بهذا العمل أثر واضح على تواضع الجوانب الفنية التي بدت في أغلب الأجزاء فاقدة للكثير من فنيات الأعمال التلفزيونية الكبيرة، حتى أنني أجزم أن أبطال العمل لو سُئلوا عن جودة بعض المشاهد الفنية لوصفوها بالركيكة التي لا ترقى لصيت وسمعة طاش ما طاش ومع ذلك نجحت الحالة الثقافية التي أحدثها المسلسل في اجتياز الجماهير لكل تلك الهفوات الفنية - إن جاز الوصف.
والآن ومع عودة هذا المسلسل الرمضاني للظهور مرة أخرى بعد فترة توقف طويلة برزت خلالها أعمال درامية حاول بعضها أن ينهج ذات النهج الذي سلكه طاش وبعضها الآخر أراد أن يقول: نحن نصنع ما لا يستطيع صنعه (عبدالله وناصر). وبظروف جديدة وجماهير تختلف كلياً عن نوعية الجماهير التي عايشت طاش القديم، فإن المسؤولية تبدو أثقل على كاهل صُنّاع هذا العمل الذي تعاملت معه الجماهير على أنه عمل ثقافي أكثر من كونه عملاً ترفيهياً، وبالتالي فإنني أعتقد أن المخطوطات الذهنية لجيل طاش القديم لن تقبل بأي تحديث لا على روح ولا على شكل هذا العمل، بينما سينتظره الجمهور الجديد وهو محمل بكثير من أنماط الكوميديا التي يتلقاها عبر أوعية مختلفة وقد لا يروق له شيئاً مما يتم تقديمه. ولهذا فنحن أمام موسم درامي جديد للعمل التلفزيوني السعودي الأول الذي لطالما تباهينا به ونافسنا به بل وجعلناه مؤشراً لكثير من حراكاتنا الثقافية والاجتماعية وكلنا ثقة في أبطاله الكبار.
طاش ما طاش المسلسل الرمضاني «السعودي» الذي انطلق في العام 1993 وامتد في عروضه السنوية لمدة خمسة عشر عاماً تجاوز في أثره وتأثيره حدود المحلية وبلغ حدود العالم العربي ليصبح من أنجح وأهم الأعمال التلفزيونية في السعودية والعالم العربي، بل تجاوز ذلك إلى طلب مكتبة الكونجرس الأمريكية لبعض أجزاء العمل لوضعها في أرشيف المكتبة؛ وما كان ليكون كل ذلك لولا الأثر الذي تركه هذا العمل الذي اختار لنفسه خطاً معيناً يتجلى في معالجة وطرح قضايا المجتمع السعودي والعربي بقالب كوميدي وسقف حرية مرتفع يمكن القول إنه لا يوجد عمل درامي تحصل على مساحة حرية توازي ما تحصل عليه طاش ما طاش.
ولعل أهم رافد جعل هذا العمل يمتد كل هذه السنين بقوة تأثير ثابتة، هي مساحة الحرية التي مُنحت له، حيث كان لزاماً عليه وعلى القائمين به تحمّل مسؤوليتها والإمساك بعصا هذه المساحة من المنتصف دون الانحياز لأي طرف على حساب طرف آخر وبحسابات تتعامل مع ظروف جماهيرية لم تعتد كثيراً على هكذا طرح، وهو ما نجح فيه أبطال العمل بالفعل حتى استطاعوا أن يشكلوا وجداناً اجتماعياً حداثياً يتقبل كثيراً من أشكال الاختلاف ولا يمانع من تعرضه للنقد بعد أن عاش ردحاً زمنياً طويلاً وهو يتماهى مع ملائكية البشر التي حاولت بعض الأصوات أن تؤسس لها لتحقق من خلالها أجندتها الخاصة.
في المقابل كان لكل هذه الظروف التي أحاطت بهذا العمل أثر واضح على تواضع الجوانب الفنية التي بدت في أغلب الأجزاء فاقدة للكثير من فنيات الأعمال التلفزيونية الكبيرة، حتى أنني أجزم أن أبطال العمل لو سُئلوا عن جودة بعض المشاهد الفنية لوصفوها بالركيكة التي لا ترقى لصيت وسمعة طاش ما طاش ومع ذلك نجحت الحالة الثقافية التي أحدثها المسلسل في اجتياز الجماهير لكل تلك الهفوات الفنية - إن جاز الوصف.
والآن ومع عودة هذا المسلسل الرمضاني للظهور مرة أخرى بعد فترة توقف طويلة برزت خلالها أعمال درامية حاول بعضها أن ينهج ذات النهج الذي سلكه طاش وبعضها الآخر أراد أن يقول: نحن نصنع ما لا يستطيع صنعه (عبدالله وناصر). وبظروف جديدة وجماهير تختلف كلياً عن نوعية الجماهير التي عايشت طاش القديم، فإن المسؤولية تبدو أثقل على كاهل صُنّاع هذا العمل الذي تعاملت معه الجماهير على أنه عمل ثقافي أكثر من كونه عملاً ترفيهياً، وبالتالي فإنني أعتقد أن المخطوطات الذهنية لجيل طاش القديم لن تقبل بأي تحديث لا على روح ولا على شكل هذا العمل، بينما سينتظره الجمهور الجديد وهو محمل بكثير من أنماط الكوميديا التي يتلقاها عبر أوعية مختلفة وقد لا يروق له شيئاً مما يتم تقديمه. ولهذا فنحن أمام موسم درامي جديد للعمل التلفزيوني السعودي الأول الذي لطالما تباهينا به ونافسنا به بل وجعلناه مؤشراً لكثير من حراكاتنا الثقافية والاجتماعية وكلنا ثقة في أبطاله الكبار.