-A +A
حمود أبو طالب
مجرد القدرة على استقطاب نجم عالمي أسطوري في رياضة تتابعها كل شعوب العالم من أكواخ القرى الفقيرة إلى ناطحات السحاب، يعتبر في حد ذاته إنجازاً كبيراً واستثنائياً يُحسب لمن فكر في ذلك ومن استطاع تنفيذ الفكرة. الموضوع أكبر من انضمام لاعب إلى نادٍ رياضي وأهم من كون هذا اللاعب سيحقق قصب السبق لناديه السعودي الجديد، ومن الملفت أن نقرأ بعض التعليقات الساخرة من الفكرة والمبلغ المدفوع لجلب اللاعب من بعض مرتادي منصات التواصل الاجتماعي من خارج أو داخل المملكة، فهي تعليقات سطحية بامتياز، ورغم سطحيتها فقد تنطوي على موقف سلبي مضمر تجاه المملكة لأي سبب كان.

هناك مصطلح اسمه القوة الناعمة أصبح معروفاً ومطبقاً منذ عقود مضت، وهو باختصار شديد قدرة أي دولة بشكل غير مباشر على إقناع الآخرين بجودة الحياة فيها، وقدرتها على استيعاب الآخرين، وتقديم نفسها للعالم من خلال ثقافتها وإعلامها ورياضتها وآدابها وفنونها، واستطاعتها جذب اهتمام أضواء الإعلام العالمي عليها من خلال ما يحدث من فعاليات مختلفة فيها، وعلى المدى الطويل تمثل القوة الناعمة ذراعاً مهمة لترسيخ حضور هذه الدولة أو تلك في ذهنية مجتمعات العالم، وذلك ما ينعكس إيجابياً على اقتصادها ودبلوماسيتها وتأثيرها.


ومن أجل تنفيذ استراتيجيات القوة الناعمة أنفقت دول عديدة في العالم مبالغ ضخمة من ميزانياتها قد لا يمثل مبلغ عقد اللاعب كريستيانو رونالدو سوى جزء بسيط جداً منها، وإذا كانت بعض المجتمعات المحيطة بنا لا تعي ما تعنيه القوة الناعمة وما هي أهميتها فإنها تعيش في زمن ماضوي. المملكة تحث خطاها الآن في مسارات مختلفة وفق معايير العصر واشتراطاته، تفهم جيداً ماذا تفعل، وهناك تناغم كبير بين وعي الدولة والمجتمع، فإذا كان هناك من لا يستطيع أو لا يريد أن يستوعب ما يحدث فيها، فعليه تجنب الخوض في شؤونها.