كثر الكلام مؤخراً حول مشاركة الزوجة العاملة لزوجها بالإنفاق على الأسرة وهو أمر تقوم به كثير من الزوجات لكن ليس الجميع بعكس ما هو سائد في بقية العالم، حيث مثبت -إحصائياً- أن النساء أكثر التزاماً بصرف كل قرش يكسبنه على العائلة؛ لذا من السياسات السائدة في جميع الهيئات والجمعيات الخيرية بما فيها الإسلامية وأيضا التابعة للأمم المتحدة بالإضافة للمساعدات الحكومية الدولية وأيضاً القروض العائلية الصغيرة أن تمنح بشكل حصري للنساء في العائلة وليس للرجال لأن الدراسات وجدت أن الرجال غالباً يميلون لصرف الجزء الأكبر من المال على أنفسهم وليس على العائلة، فلماذا الزوجات في مجتمعنا لديهن ميل للامتناع عن الإنفاق في البيت؟ الجواب يكمن في سؤال مقابل حول مطالعة القصص التي ينشرها الإعلام والصحافة ويذكرها المحامون بتغريداتهم ومقاطعهم بالإضافة للخبرات الشخصية للنساء في محيطهن عن زوجات اشترين بيت الأسرة بمالهن ولإرضاء عنترية الزوج كتبن البيت باسمه ففجعهن بزوجة جديدة وطرد صاحبة البيت زوجته الأولى، أو جعلها تأخذ قرضاً يدخلها السجن بحجة تمويل مشروع تجاري لزوجها ثم يقوم بدفعه مهراً لزوجة جديدة ويترك زوجته الأولى معرضة للسجن! فالزوجات لا يشعرن بالأمان الزوجي وأن بيت الزوجية هو ملجأهن حتى آخر العمر لشيوع قيام الزوج بتعدد الزوجات، وغالباً يطلق الأولى أو يتركها معلقة بلا نفقه بعد أن منعها من التعليم والعمل وحتى التواصل مع أهلها حتى قاطعوها ونسوها وأخذ إرثها ليبني به ثروته وبعد عمر من التفاني بخدمته يتزوج عليها بلا أدنى وفاء ولا رد للإحسان بمثله، والزوجات لا يعرفن أنه من حقهن شرعاً اشتراط عدم تعدد الزوجات بعقد الزواج وفعلته الصحابيات ووافقهن عليه كبار الصحابة والتابعين مثل عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص، ومعاوية، وشريح، وعمر بن عبدالعزيز، وأحمد بن حنبل والأوزاعي؛ لذا الزوجة تفترض غالباً عدم وفاء زوجها؛ لذا تشعر أن عليها ضمان مستقبلها مالياً؛ لكي لا تتعرض للمهانة والعوز وتضطر للشحاذة من القريب والغريب بعد انتصاف عمرها، وإنجاب الأبناء لا يعتبر ضماناً للمستقبل فكثير من الأبناء يتركون أمهاتهم بلا نفقة حتى يلجأن للجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي أو يودعوهن دور المسنين؛ لذا علاج ظاهرة السلوك الحمائي الدفاعي لدى الزوجات الذي يجعلهن يمتنعن عن المشاركة بالنفقة في البيت يبدأ بتصحيح مفهوم الزواج وإحلال الأمان النفسي فيه باشتراط عدم التعدد وغيره من الشروط التي تمنح الزوجة الشعور بالأمان وأن علاقة الزواج هي لكل العمر ولا يمكن أن يغدر بها زوجها ويفجعها ويذلها اجتماعياً ويدمرها نفسياً بزوجة أخرى تتمتع بمالها الذي أسّست به بيت الأسرة، بالإضافة لقوانين الملكية بعد الطلاق التي تراعي مشاركة الزوجة بنفقات البيت، وإقرار العمل بفتوى «حق الكد والسعاية» للزوجة، ويجب تثقيف الزوجات حول القوانين التي تضمن حقوقهن المالية إن حصل الطلاق وهذا سيجعلهن أكثر قابلية للمشاركة بالإنفاق الزوجي؛ لأنهن سيضمن أنه سيمكنهن الحصول على حقهن العادل فيما شاركن به من ممتلكات الأسرة، بالإضافة لإزالة وصمة «العيب» الاجتماعي عن إثبات الزوجة لإنفاقها بممتلكات الأسرة حتى لا تضطر لكتابة مساهماتها باسم زوجها لترضي عنترياته الذكورية ثم يغدر بها ويمنحها لامرأة أخرى، لكن في غياب تلك الضمانات ليس من العدل مطالبة النساء بالمغامرة بثمرة تعبهن طوال أعمارهن لينتهين معوزات ذليلات عندما لا يعود بإمكانهن منافسة الأجيال الجديدة بسوق العمل، فللأسف لا يزال واقع الحياة الزوجية مشوهاً لدينا من كل وجه تبعاً لتشوه ثقافة العلاقة الزوجية السائدة بالمجتمع، التي تحتاج تصحيحاً جذرياً.