من المؤكد أن الخسائر التي تسببت فيها إيران منذ العام 1979، وهو العام الذي وصل فيه الخميني لسدة الحكم يتعذر حصرها على وجه التحديد، فقد تسببت إيران في خسائر محلية وإقليمية ودولية، ولا تقتصر أبعاد تلك الخسائر على الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب، فنزوات إيران المستهترة ومنهجها الأحمق طالما تسببا في هدر الموارد وإزهاق الأرواح وتهديد شرايين الاقتصاد العالمي، وفي كل مرة تتخذ إيران نهجاً عدوانياً جديداً باستخدام أدوات تهديد مختلفة، تتسبب في المزيد من الخسائر والصراعات والحروب المستعرة.
وفي الوقت الذي يصرح فيه الكثير من الناشطين الإيرانيين –حتى من داخل إيران- بأن النظام فعلياً غدا على شفا الانهيار، وأن الاقتصاد الإيراني في مرحلة تردٍّ حقيقية بسبب هدر الموارد والخيرات على مغامرات النظام الحاكم المشبوهة ومشروعاته الفاشلة، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى ثورة جياع كاسحة قد تودي بالنظام من جذوره، فإن تلك التصريحات تتسق مع تصريحات الكثير من المسؤولين الإيرانيين الرسمية التي يتفاخرون من خلالها بهيمنتهم على بعض العواصم العربية، كما أنها تتسق أيضاً مع التصريحات الرسمية التي تتفاخر أيضاً بقدرتها المستمرة على تطوير أسلحة الدمار الشامل، والتي من المؤكد أنها تستنزف ما تبقى من الموازنة الإيرانية وتبتلع خيرات البلاد وغالبية مواردها.
لا شك أن الخاسر الأول -وإن لم يكن الأوحد- بتسلم الخميني لمقاليد الحكم عام 1979 هو المواطن الإيراني، وهذه الخسارة حقيقية وليست مجازية أو تقديرية أو مبالغاً فيها، بل هي حقائق دامغة غير خاضعة للجدل، فحرب الخليج الأولى اندلعت بسبب استفزازات إيران للنظام العراقي وقتذاك، وكانت تلك الحرب –التي امتدت لما يقرب من ثماني سنوات- هي نقطة البداية لاستنزاف الثروات الإيرانية، ومن المؤكد أن مساعدة دول الخليج للنظام العراقي وقتئذٍ أسهمت في تحجيم أنشطة إيران التوسعية، فعادت إيران للمربع الأول عقب انتهاء الحرب دون إحراز أية نجاحات من أي نوع، بيد أنها خرجت مهدمة مدمرة تعاني بنيتها التحتية من الانهيار الواضح، كما أنها فقدت ما يقرب من مليوني إيراني ما بين قتيل وجريح.
خلال فترة الحرب ناشدت الكثير من الدول الأوروبية الخميني لإيقاف الحرب خاصة بعد قبول النظام العراقي لاقتراح وقف إطلاق النار، غير أنه رفض جميع الوساطات وهو ما دفعهم للتنديد به وبسياسته القامعة، وقد رفض الخميني إيقاف الحرب بعناد وصلابة كبدته ثمناً باهظاً من موارد بلده سواء المادية أو البشرية، وعلى الرغم من تلك التكلفة الباهظة إلا أن إيران استمرت في نهجها العدواني عقب انتهاء الحرب، غير أنها غيّرت من استراتيجيتها العسكرية واستبدلت المواجهات العسكرية المباشرة بحروب الوكالة، وأنفقت ما تبقى من أرصدتها المالية في دعم المليشيات الخارجة عن القانون بتلك الدول، ومن المؤكد أن الدول الغربية كانت على علم كافٍ بكافة التحركات الإيرانية، إلا أنها لم تتدخل وغضت الطرف عن كافة تصرفاته العدوانية واكتفت بالشجب والتنديد والاستهجان والاستنكار.
اكتفت وقتها القوى الكبرى بالتصريحات المتناقضة والتهديدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم تؤثر بالقطع في النظام الإيراني العنيد، وعقب سقوط نظام صدام حسين كرّست إيران كافة جهودها في تطوير قدراتها العسكرية ولا سيما النووية، وسط امتعاض دولي مائع وهزلي، نتج عنه اتفاق نووي مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما، والذي بدا ظاهره أنه محاولة لتحجيم الخطر النووي الإيراني، غير أنه في الحقيقة كان بمثابة هدنة للنظام الإيراني لتطوير قدراته النووية خلسة بعيداً عن ترصد أعين العالم له، وهو ما أثبت نية النظام الإيراني الخفية ورغبته في الاستمرار في تهديد المنطقة والعالم بأسره.
خلال الأشهر القليلة الماضية اندلعت المظاهرات العارمة المناهضة للنظام الإيراني والرافضة لقمعه وتعسفه، منددة بما يزيد على العقود الأربعة من الظلم والاستبداد، كانت تلك المظاهرات صرخة مدوية منطلقة من قلب كل مواطن إيراني، ترددت أصداؤها بالداخل والخارج، غير أن العالم برمته وعلى الأخص الدول العظمى تلقتها بقلب بارد واكتفت بالشجب والاستنكار والتنديد لذر الرماد في العيون فحسب، وهو ما شجع إيران قدماً على الاستمرار في نهجها الوحشي من اعتقالات تعسفية ومحاكمات صورية وإعدامات مريعة نالت حتى من يحملون الجنسيات الغربية.
ما يثير التساؤل والتعجب هو موقف الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان التي اكتفت بالتنديد الشاحب والمتناقض، وهم يعلمون جميعاً أن هذا الانتقاد والشجب لن يحرك الأمور ساكناً، بل قد يثير أيضاً سخرية النظام الإيراني نفسه من ضعفهم وتخاذلهم، فهل تلك التنديدات بمثابة شفرة سرية بين إيران وبين المنظمات الدولية للسماح لإيران بارتكاب المزيد من الحماقات دون حساب؟ المؤسف في الأمر أن المظاهرات والإضرابات التي عصفت مؤخراً بإيران راح ضحيتها الشعب الإيراني، والذي لا يأبه النظام الحاكم بتصفية آخر قطرة تجري في عروق آخر مواطن فيه مقابل تحقيق أهدافه.
تعلم إيران جيداً أن نظامها سيسقط وستتم الإطاحة به عاجلاً أم آجلاً، ولذلك فهو لا يريد أن يضيع أي فرصة تؤجل أمد السقوط وتبطيء منه، وفي خضم التعسف والتآمر والانخراط في الكثير من الصراعات والنزاعات يسعى النظام الإيراني لتصوير نفسه على أنه الطرف الذي يجنح للسلم، والطرف الذي يمد يده أولاً بالسلام، وفي الكثير من المواقف مؤخراً يصرح المسؤولون الإيرانيون بأنهم يرغبون في أن يعم السلام والأمان المنطقة، ويدعون أن الأطراف الأخرى تتعنت وتعرقل عملية السلام من جانبها، والسؤال الآن: هل يرجى خيرٌ من نظام لا يمكن الوثوق فيه؟ نظام يقمع شعبه وينكل به ويضعه آخر أولوياته؟ فماذا ننتظر من نظام لا خير له في شعبه ووطنه؟!
وفي الوقت الذي يصرح فيه الكثير من الناشطين الإيرانيين –حتى من داخل إيران- بأن النظام فعلياً غدا على شفا الانهيار، وأن الاقتصاد الإيراني في مرحلة تردٍّ حقيقية بسبب هدر الموارد والخيرات على مغامرات النظام الحاكم المشبوهة ومشروعاته الفاشلة، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى ثورة جياع كاسحة قد تودي بالنظام من جذوره، فإن تلك التصريحات تتسق مع تصريحات الكثير من المسؤولين الإيرانيين الرسمية التي يتفاخرون من خلالها بهيمنتهم على بعض العواصم العربية، كما أنها تتسق أيضاً مع التصريحات الرسمية التي تتفاخر أيضاً بقدرتها المستمرة على تطوير أسلحة الدمار الشامل، والتي من المؤكد أنها تستنزف ما تبقى من الموازنة الإيرانية وتبتلع خيرات البلاد وغالبية مواردها.
لا شك أن الخاسر الأول -وإن لم يكن الأوحد- بتسلم الخميني لمقاليد الحكم عام 1979 هو المواطن الإيراني، وهذه الخسارة حقيقية وليست مجازية أو تقديرية أو مبالغاً فيها، بل هي حقائق دامغة غير خاضعة للجدل، فحرب الخليج الأولى اندلعت بسبب استفزازات إيران للنظام العراقي وقتذاك، وكانت تلك الحرب –التي امتدت لما يقرب من ثماني سنوات- هي نقطة البداية لاستنزاف الثروات الإيرانية، ومن المؤكد أن مساعدة دول الخليج للنظام العراقي وقتئذٍ أسهمت في تحجيم أنشطة إيران التوسعية، فعادت إيران للمربع الأول عقب انتهاء الحرب دون إحراز أية نجاحات من أي نوع، بيد أنها خرجت مهدمة مدمرة تعاني بنيتها التحتية من الانهيار الواضح، كما أنها فقدت ما يقرب من مليوني إيراني ما بين قتيل وجريح.
خلال فترة الحرب ناشدت الكثير من الدول الأوروبية الخميني لإيقاف الحرب خاصة بعد قبول النظام العراقي لاقتراح وقف إطلاق النار، غير أنه رفض جميع الوساطات وهو ما دفعهم للتنديد به وبسياسته القامعة، وقد رفض الخميني إيقاف الحرب بعناد وصلابة كبدته ثمناً باهظاً من موارد بلده سواء المادية أو البشرية، وعلى الرغم من تلك التكلفة الباهظة إلا أن إيران استمرت في نهجها العدواني عقب انتهاء الحرب، غير أنها غيّرت من استراتيجيتها العسكرية واستبدلت المواجهات العسكرية المباشرة بحروب الوكالة، وأنفقت ما تبقى من أرصدتها المالية في دعم المليشيات الخارجة عن القانون بتلك الدول، ومن المؤكد أن الدول الغربية كانت على علم كافٍ بكافة التحركات الإيرانية، إلا أنها لم تتدخل وغضت الطرف عن كافة تصرفاته العدوانية واكتفت بالشجب والتنديد والاستهجان والاستنكار.
اكتفت وقتها القوى الكبرى بالتصريحات المتناقضة والتهديدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم تؤثر بالقطع في النظام الإيراني العنيد، وعقب سقوط نظام صدام حسين كرّست إيران كافة جهودها في تطوير قدراتها العسكرية ولا سيما النووية، وسط امتعاض دولي مائع وهزلي، نتج عنه اتفاق نووي مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما، والذي بدا ظاهره أنه محاولة لتحجيم الخطر النووي الإيراني، غير أنه في الحقيقة كان بمثابة هدنة للنظام الإيراني لتطوير قدراته النووية خلسة بعيداً عن ترصد أعين العالم له، وهو ما أثبت نية النظام الإيراني الخفية ورغبته في الاستمرار في تهديد المنطقة والعالم بأسره.
خلال الأشهر القليلة الماضية اندلعت المظاهرات العارمة المناهضة للنظام الإيراني والرافضة لقمعه وتعسفه، منددة بما يزيد على العقود الأربعة من الظلم والاستبداد، كانت تلك المظاهرات صرخة مدوية منطلقة من قلب كل مواطن إيراني، ترددت أصداؤها بالداخل والخارج، غير أن العالم برمته وعلى الأخص الدول العظمى تلقتها بقلب بارد واكتفت بالشجب والاستنكار والتنديد لذر الرماد في العيون فحسب، وهو ما شجع إيران قدماً على الاستمرار في نهجها الوحشي من اعتقالات تعسفية ومحاكمات صورية وإعدامات مريعة نالت حتى من يحملون الجنسيات الغربية.
ما يثير التساؤل والتعجب هو موقف الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان التي اكتفت بالتنديد الشاحب والمتناقض، وهم يعلمون جميعاً أن هذا الانتقاد والشجب لن يحرك الأمور ساكناً، بل قد يثير أيضاً سخرية النظام الإيراني نفسه من ضعفهم وتخاذلهم، فهل تلك التنديدات بمثابة شفرة سرية بين إيران وبين المنظمات الدولية للسماح لإيران بارتكاب المزيد من الحماقات دون حساب؟ المؤسف في الأمر أن المظاهرات والإضرابات التي عصفت مؤخراً بإيران راح ضحيتها الشعب الإيراني، والذي لا يأبه النظام الحاكم بتصفية آخر قطرة تجري في عروق آخر مواطن فيه مقابل تحقيق أهدافه.
تعلم إيران جيداً أن نظامها سيسقط وستتم الإطاحة به عاجلاً أم آجلاً، ولذلك فهو لا يريد أن يضيع أي فرصة تؤجل أمد السقوط وتبطيء منه، وفي خضم التعسف والتآمر والانخراط في الكثير من الصراعات والنزاعات يسعى النظام الإيراني لتصوير نفسه على أنه الطرف الذي يجنح للسلم، والطرف الذي يمد يده أولاً بالسلام، وفي الكثير من المواقف مؤخراً يصرح المسؤولون الإيرانيون بأنهم يرغبون في أن يعم السلام والأمان المنطقة، ويدعون أن الأطراف الأخرى تتعنت وتعرقل عملية السلام من جانبها، والسؤال الآن: هل يرجى خيرٌ من نظام لا يمكن الوثوق فيه؟ نظام يقمع شعبه وينكل به ويضعه آخر أولوياته؟ فماذا ننتظر من نظام لا خير له في شعبه ووطنه؟!