-A +A
أريج الجهني
«هدفنا أن تكون أسعار العقار في متناول المواطنين»، هكذا صرّح أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل في مستهل حديثه في المنتدى العقاري الأثقل من نوعه وحضوره (منتدى مستقبل العقار) الذي جاء في توقيت غير عادي وبداية عام جديد يستعد فيه الكثير من المواطنين لحصر أجنداتهم المالية والتدقيق في مدخراتهم وخطواتهم المستقبلية وأمام طوفان (فوبيا العقار) التي تحيط بهذا السوق تحديداً وبين حاجة الفرد للمسكن كحاجة أساسية آمن بها قادتنا وسعوا لإرساء العدل والرفاه، ممثلين بالأجهزة الحكومية وإمارات المناطق ليس لطمأنة المجتمع فقط بل لخلق منصة حيوية مفتوحة تفاعل فيها الجميع، بل تحدّث فيها أقطاب العقار وروّداه بكل شفافية.

أشار الأمير فيصل أيضاً لمفهوم جدّاً مهم وهو «السياحة الريفية» ولعلها المرة الأولى التي يطرح فيها، وأجد أنه بالفعل فرصة استثمارية مهمة للمستقبل. إن وجود عدد من أصحاب القرار في المنتديات بحد ذاته يجعل المتلقى يستمع بوضوح للخطط والأهداف التي تلامس حياته اليومية. لو تحدثنا من جانب المدن الذكية فإن سمو الأمير فيصل بن عياف قال «تشهد الرياض فترة تاريخية بمشاريعها النوعية التاريخية الحالية». من جانبه أكد الوزير الطموح ماجد الحقيل الذي برهن للجميع دقة عمله وبعد رؤيته في أهمية الشراكات والضمانات بهدف مساعدة المطورين العقاريين والمواطنين في التمويل. الحقيل صرح «اليوم نحن نرى ارتفاع أسعار العقار نعتقد أنه مبالغ فيها لحد ما» وبشّر المواطنين بضخ عدد من الأراضي قريباً.


لعل البنوك تعيد النظر أيضاً في نسبة أرباحهم التي وصلت في نهاية العام 2022 إلى 4.6% للقرض العقاري وهي نسبة كفيلة أن تؤخر قرار التملك للمستهلك، قد تتفاوت من بنك لآخر لكن بشكل عام ومن يبحث سيجد الكثير من المفارقات بينها وكلها تضر بالمشتري بلا شك. يلي مشكلات التمويل وكما شاهدنا جميعاً في مواسم الأمطار المباركة الخسائر التي تعرض لها المواطنون بسبب سوء البناء، ولو أردنا تحديد ثلاثية فوبيا العقار سأجد أنها تنحصر بالفعل في: التمويل، الجودة في البناء، وأخيراً الموقع، وجعلت الموقع في الأخير لأن التشكّل السكاني لمدينة الرياض على سبيل المثال مختلف عن بقية المدن، فالأغلب (أسر انتقلت) من المناطق الأخرى أو مغتربون والسمة الجيدة في اختياراتهم أنهم يهتمون بالتمركز حول مناطق عملهم؛ لذا لا تزال بعض مناطق الرياض حيوية ومحافظة على السكان المحليين، ورغم رغبة الكثيرين بتملك وحدات سكنية صغيرة الحجم فهم يجدون صعوبة في الحصول على معروضات تحترم هذا الاحتياج، بل يطمع المطور بالمساحات ولك أن تتصور أنهم قد يضعون في المخطط شقة بثلاث غرف ومساحة الواحدة منها قرابة ثلاثة أمتار! وهو واقع محبط وبأسعار تتجاوز المليون! ولا أعلم بقدر ما سمعنا عن كود البناء والمعايير من يذهب للسوق يجد (صناديق) قبيحة ومصفحات أسمنتية تتنافى مع أدنى معايير الإنسانية ولن أقول جودة الحياة أو حتى الجمال المعماري والتراث السلماني الذي ننتظره، وحتى يحين الوقت آمل إعادة النظر في تصاريح بناء الوحدات صغيرة الحجم، وأن يتم وضع مواصفات واشتراطات تليق بالإنسان في هذا المكان والزمان.

أخيراً، فإن هذا الحراك غير العادي في سوق العقار، مبشّر بالخير، ومن حق الناس أن تحظى بهذا المستوى من الحضور والتفاعل. الذي يبقى هو (قرار الفرد) ودراسة سلوك المستهلك ليست عملية اعتباطية بل هي علم ومدارس قائمة، ويندر أن أجد مطوراً عقارياً يقوم بمسح أو استطلاع آراء سكان الأحياء، بل حتى الأمانات تجتهد لكنها لا تزال بعيدة عن صوت المواطن. بكل حال دام هذا الوطن عامراً بأبنائه وبناته والعقول المبدعة والبيئة الخلاقة، وعلى الإنسان أن يضع أولوياته بدقة دون أن يتأثر بالخطابات الشعبوية أو التوجهات السائدة، حلّل المعطيات وخذ المعلومة من مصدرها، لا تتكئ على توقعات جهابذة السوشيال ميديا، بل كن حريصاً حتى في التعامل مع الوسطاء العقاريين، ولا تضع ثقتك كلها دون أن ترى كافة الوثائق المطلوبة. والحمد لله الذي أحيانا حياة طيبة ورحم الله من غادرونا وأصبحت القبور مساكنهم اللهم أنزلهم منازل الشهداء والصديقين واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين واجعلنا في عنايتك.