قال لي مستغربا: لِمَ تحصر كتاباتك في الشؤون الدولية والعالمية، ولا تتطرق لشؤوننا المحلية؟! أجبت بالقول: إن هناك من يجيدون الكتابة في الشؤون المحلية، وقد تخصصوا في ذلك، كما تخصصت في الشأن العالمي. ومع ذلك، ما زلت أتطرق لبعض قضايا الشأن المحلي، من حين لآخر. ثم، لماذا تجاهل العلاقة الوثيقة بين الشأنين المحلي والدولي، أليسا مترابطين، خاصة في عصرنا الحالي؟!
«الشأن العام» هو أمور الوطن وأهله العامة... وما يعتبر «المصلحة العامة» لمواطني البلد المعني. و«المصلحة العامة» هي: فائدة ومصلحة وآمال وتطلعات أبناء الوطن، أو غالبيتهم -كما يراها من يمثلهم بحق-. ويستتبع اهتمام المرء (الواجب) بالشأن العام لبلده، اهتماماً مناسباً بشؤونها، وبالمنطقة التي تقع فيها بلاده، وبالعالم من حولها... لترابط هذه البيئات، بشكل يصعب التفريق فيما بينها، طالما كان الهدف الرئيس هو: خدمة الصالح العام للبلد المعني. ولا شك أن الدفاع عن الوطن هو أمر واجب، ومستحب. والنقد البناء، متى وجب، يعتبر متطلباً ضرورياً، يتوقع من المخلصين لوطنهم، لأنه يهدف لتصحيح المسار، وخدمة الصالح العام، بالمضمون الصحيح والعلمي السليم، الذي يثمر إيجاباً... لمصلحة الوطن وأهله.
****
أذكر خلال عضويتي بمجلس الشورى الموقر، لثلاث دورات متتالية 1426هـ - 1438 هـ (2005 – 2016م) أي لمدة 12 سنة، وهي أقصى فترة ممكنة نظاماً، التحاقي بلجنة الشؤون الخارجية طيلة الإحدى عشرة سنة الأولى. أما في السنة الأخيرة 1438هـ (2016م) فقد وضعتني «القرعة» عضواً في لجنة الشؤون الصحية...؟! فخلال عضويتي بالمجلس، تشرفت بممارسة الاهتمام بـ«الشأن العام» بالفعل، عبر تلكما اللجنتين. وجدت نفسي، في لجنة الشؤون الخارجية. ولا أنكر أني استأت من «القرعة» التي رمت بي في آخر أعوام عضويتي في لجنة الشؤون الصحية... ولكنني سرعان ما استحسنت ذلك، لعدة أسباب؛ في مقدمتها ما لهذا المجال من أهمية وحيوية، تتعدى كل الحدود، وممارسة مهمات جديدة مع زملاء... يعتبر كل منهم قمة في الخبرة الصحية (الطبية الإدارية) وأستاذاً في مجال تخصصه العلمي الطبي.
****
وسأظل أتمنى، ككل المواطنين المحبين لوطنهم، أن ترتقي الرعاية الصحية لدينا إلى المستوى المطلوب والأنسب، سواء من حيث الكمِّ أو الكيف. وأي مهتم بالشأن العام لبلاده، لا بد أن يهتم أولاً بالقطاعين الأهم في أي بلد، ألا وهما: التعليم والصحة. وبالطبع، تعتبر الصحة المتطلب الأول لأي كائن حي... ولكنها لا يمكن أن تمسي كذلك وتتوفر إلا عبر التعليم الجيد. وبالمناسبة، معظم علماء السياسة في العالم يرون أن أهم قطاعين في الشأن العام في أي بلد، هما: الصحة والتعليم. ويرون أن هذين القطاعين لا يمكن أن يكونا في «أفضل» وضع ممكن لهما، إلا بـ«سياسة صحية» مناسبة وسليمة.
وانطلاقاً من هذه القناعات، يسعى محبو السلام في العالم، خاصة المفكرين السياسيين والاجتماعيين منهم، للتأكيد على ضرورة جنوح دول العالم للسلم، ونبذ الحروب، وسباقات التسلح، التي تكلف مبالغ طائلة... كان يجب إنفاق معظمها على التعليم والصحة، بدل إنفاقها على ما يصعد من التوتر الدولي، ويفاقم من استحكام حلقة «الفقر – الجهل – المرض» في رقاب البشر.
****
ولا شك أن الرعاية الصحية (بأنواعها) المتوفرة للمواطن في بلادنا قد تطورت، بشكل مذهل، ولكنها ما زالت بحاجة للمزيد؛ كماً وكيفاً. ونعني هنا: الرعاية الصحية التي في متناول المواطن العادي. فهذه الرعاية ما زالت قاصرة، من حيث الكم والكيف، كما تشير إحصاءات وزارة الصحة نفسها. ومع كل هذه الوقائع المزعجة يعتقد أن الرعاية الصحية بالسعودية ربما تكون الآن من الأوائل عربياً، إن لم تكن الأولى، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار المبالغ الهائلة التي تخصصها الحكومة لهذه الرعاية. ومع ذلك، استوجب التطوير الجذري. فالموضوع يمثّل مسألة حياة سعيدة أو شقاء وموت، بالنسبة لشعب بأكمله.
****
ويمكن تقسيم القطاع الصحي بالمملكة، بناء على التبعية لهذه الجهة أو تلك، إلى ثلاثة أقسام رئيسة: القطاع الصحي الحكومي (العام)، القطاع الصحي الخاص، القطاع الصحي التابع لجهات حكومية محددة. هذا، إضافة إلى «درة الرعاية الصحية السعودية»، المتمثلة في «مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث الطبية»، وما يتبعه من فروع. وبالطبع، فإن أغلب الرعاية الصحية السعودية تقدم للجمهور من قبل كل من القطاعين العام والخاص. وهناك وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية أقامت منشآت طبية (مستشفيات) لعلاج منسوبيها. وهذه المنشآت تتبع هذه الجهات، ويمكن أن نصفها بأنها «القطاع الصحي الثالث». فلقد قامت كل من وزارات الدفاع، والحرس الوطني، والداخلية، وبعض الهيئات والمؤسسات، خاصة الجامعات، بإقامة مستشفيات ومراكز صحية لمنسوبيها. وهي منشآت ليست لها علاقة تبعية مباشرة بوزارة الصحة. وأصبحت بعض هذه المستشفيات تتفوق، من حيث المستوى، على بعض المنشآت الصحية الحكومية والخاصة، من حيث الكيف. بل إن بعضها أصبح من أكثر المستشفيات تطوراً في المنطقة العربية، بصفة عامة. وهذه المستشفيات إنما أُنشئت لعلاج منسوبي الجهة التابعة لها. ولكنها تخصص جزءاً من خدماتها للمواطنين، حتى إن كانوا من غير المنسوبين لها. وكثيراً ما تضطرها ضغوط منسوبيها المتزايدة للتوقف عن خدمة غير المنسوبين، فيمسي الوصول إليها من قبل المواطن العادي صعب المنال.
«الشأن العام» هو أمور الوطن وأهله العامة... وما يعتبر «المصلحة العامة» لمواطني البلد المعني. و«المصلحة العامة» هي: فائدة ومصلحة وآمال وتطلعات أبناء الوطن، أو غالبيتهم -كما يراها من يمثلهم بحق-. ويستتبع اهتمام المرء (الواجب) بالشأن العام لبلده، اهتماماً مناسباً بشؤونها، وبالمنطقة التي تقع فيها بلاده، وبالعالم من حولها... لترابط هذه البيئات، بشكل يصعب التفريق فيما بينها، طالما كان الهدف الرئيس هو: خدمة الصالح العام للبلد المعني. ولا شك أن الدفاع عن الوطن هو أمر واجب، ومستحب. والنقد البناء، متى وجب، يعتبر متطلباً ضرورياً، يتوقع من المخلصين لوطنهم، لأنه يهدف لتصحيح المسار، وخدمة الصالح العام، بالمضمون الصحيح والعلمي السليم، الذي يثمر إيجاباً... لمصلحة الوطن وأهله.
****
أذكر خلال عضويتي بمجلس الشورى الموقر، لثلاث دورات متتالية 1426هـ - 1438 هـ (2005 – 2016م) أي لمدة 12 سنة، وهي أقصى فترة ممكنة نظاماً، التحاقي بلجنة الشؤون الخارجية طيلة الإحدى عشرة سنة الأولى. أما في السنة الأخيرة 1438هـ (2016م) فقد وضعتني «القرعة» عضواً في لجنة الشؤون الصحية...؟! فخلال عضويتي بالمجلس، تشرفت بممارسة الاهتمام بـ«الشأن العام» بالفعل، عبر تلكما اللجنتين. وجدت نفسي، في لجنة الشؤون الخارجية. ولا أنكر أني استأت من «القرعة» التي رمت بي في آخر أعوام عضويتي في لجنة الشؤون الصحية... ولكنني سرعان ما استحسنت ذلك، لعدة أسباب؛ في مقدمتها ما لهذا المجال من أهمية وحيوية، تتعدى كل الحدود، وممارسة مهمات جديدة مع زملاء... يعتبر كل منهم قمة في الخبرة الصحية (الطبية الإدارية) وأستاذاً في مجال تخصصه العلمي الطبي.
****
وسأظل أتمنى، ككل المواطنين المحبين لوطنهم، أن ترتقي الرعاية الصحية لدينا إلى المستوى المطلوب والأنسب، سواء من حيث الكمِّ أو الكيف. وأي مهتم بالشأن العام لبلاده، لا بد أن يهتم أولاً بالقطاعين الأهم في أي بلد، ألا وهما: التعليم والصحة. وبالطبع، تعتبر الصحة المتطلب الأول لأي كائن حي... ولكنها لا يمكن أن تمسي كذلك وتتوفر إلا عبر التعليم الجيد. وبالمناسبة، معظم علماء السياسة في العالم يرون أن أهم قطاعين في الشأن العام في أي بلد، هما: الصحة والتعليم. ويرون أن هذين القطاعين لا يمكن أن يكونا في «أفضل» وضع ممكن لهما، إلا بـ«سياسة صحية» مناسبة وسليمة.
وانطلاقاً من هذه القناعات، يسعى محبو السلام في العالم، خاصة المفكرين السياسيين والاجتماعيين منهم، للتأكيد على ضرورة جنوح دول العالم للسلم، ونبذ الحروب، وسباقات التسلح، التي تكلف مبالغ طائلة... كان يجب إنفاق معظمها على التعليم والصحة، بدل إنفاقها على ما يصعد من التوتر الدولي، ويفاقم من استحكام حلقة «الفقر – الجهل – المرض» في رقاب البشر.
****
ولا شك أن الرعاية الصحية (بأنواعها) المتوفرة للمواطن في بلادنا قد تطورت، بشكل مذهل، ولكنها ما زالت بحاجة للمزيد؛ كماً وكيفاً. ونعني هنا: الرعاية الصحية التي في متناول المواطن العادي. فهذه الرعاية ما زالت قاصرة، من حيث الكم والكيف، كما تشير إحصاءات وزارة الصحة نفسها. ومع كل هذه الوقائع المزعجة يعتقد أن الرعاية الصحية بالسعودية ربما تكون الآن من الأوائل عربياً، إن لم تكن الأولى، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار المبالغ الهائلة التي تخصصها الحكومة لهذه الرعاية. ومع ذلك، استوجب التطوير الجذري. فالموضوع يمثّل مسألة حياة سعيدة أو شقاء وموت، بالنسبة لشعب بأكمله.
****
ويمكن تقسيم القطاع الصحي بالمملكة، بناء على التبعية لهذه الجهة أو تلك، إلى ثلاثة أقسام رئيسة: القطاع الصحي الحكومي (العام)، القطاع الصحي الخاص، القطاع الصحي التابع لجهات حكومية محددة. هذا، إضافة إلى «درة الرعاية الصحية السعودية»، المتمثلة في «مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث الطبية»، وما يتبعه من فروع. وبالطبع، فإن أغلب الرعاية الصحية السعودية تقدم للجمهور من قبل كل من القطاعين العام والخاص. وهناك وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية أقامت منشآت طبية (مستشفيات) لعلاج منسوبيها. وهذه المنشآت تتبع هذه الجهات، ويمكن أن نصفها بأنها «القطاع الصحي الثالث». فلقد قامت كل من وزارات الدفاع، والحرس الوطني، والداخلية، وبعض الهيئات والمؤسسات، خاصة الجامعات، بإقامة مستشفيات ومراكز صحية لمنسوبيها. وهي منشآت ليست لها علاقة تبعية مباشرة بوزارة الصحة. وأصبحت بعض هذه المستشفيات تتفوق، من حيث المستوى، على بعض المنشآت الصحية الحكومية والخاصة، من حيث الكيف. بل إن بعضها أصبح من أكثر المستشفيات تطوراً في المنطقة العربية، بصفة عامة. وهذه المستشفيات إنما أُنشئت لعلاج منسوبي الجهة التابعة لها. ولكنها تخصص جزءاً من خدماتها للمواطنين، حتى إن كانوا من غير المنسوبين لها. وكثيراً ما تضطرها ضغوط منسوبيها المتزايدة للتوقف عن خدمة غير المنسوبين، فيمسي الوصول إليها من قبل المواطن العادي صعب المنال.