لعل القطاع الصحي في بلادنا من أكثر القطاعات التي لم تنم، حتى الآن، بالكم والكيف المناسبين، بسبب تشعب هذه الرعاية، وتعقد وتعدد عناصرها. وهذا ما يدفع للمطالبة بمراجعة مسيرة هذه الرعاية عاجلاً، و«تقييم» إدارتها، وطبيعة نشاطها. ويكاد يُجمع كل المسؤولين عن هذا القطاع على ما ذكر هنا. لذلك، لم ينقطع تفكير المسؤولين في هذا القطاع عن «تطوير» هذه الرعاية ورفع مستواها، إلى الوضع الأنسب، الناتج عن استغلال الموارد المتوفرة بشكل سليم، للوصول بهذه الرعاية إلى أفضل كم وكيف ممكنين.
ومن نتائج هذا السعي المحمود لتطوير هذه الرعاية -كما يجب- الإعلان عن قرب تطبيق إجراءات إدارية وتأمينية، وسياسات جريئة جديدة وحديثة، تتلخص في تبنى ما يعرف بـ«التأمين الصحي التعاوني»، وما يتبع هذا التبني من إجراءات وخطوات، لعل أهمها: تخصيص بعض المستشفيات الحكومية، وجعل وزارة الصحة جهة إشرافية ورقابية على عموم الرعاية الصحية بالمملكة. والهدف المعلن من هذه الخطوة هو: رفع مستوى الكيف، وجعل هذه الرعاية في متناول كل الناس. والواقع، أن النظام الصحي الجديد المقترح ما زال في أمس الحاجة للشرح والتوضيح.. حتى يعرف المواطن ما الرعاية الصحية في بلاده مقبلة عليه من تطور وتحديث.. يتمنى الجميع أن يكون إيجابياً، وفى الاتجاه الصحيح، الذي طال انتظاره. ولعل وزارة الصحة تعد حملة توعوية شاملة بالنظام الصحي الجديد.. فذلك أمر ضروري، وبالغ الحيوية.
****
منذ حوالى خمس سنوات، بدأت شخصياً، أعاني من ألم، نتيجة ورم خطير نما في الجانب الأيسر من البطن. وكاد يودي بي، لولا لطف الله، والعناية الفائقة التي تلقيتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بكل من الرياض وجدة، الذي يعتبر الآن أبرز مراكز الطب بالمملكة، بصفة خاصة، إن لم يكن أبرزها، وبالمنطقة ككل، بصفة عامة. أدخلت كمريض الى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، فلقيت عناية طبية فائقة، تضارع ما يلقاه المرء في أحسن مستشفيات الغرب. وهذا المشفى يضم مركزاً شهيراً للأبحاث الطبية، ويتألق فيه أطباء سعوديون وعالميون، يشار إليهم -عالمياً- بالبنان. إذ أصبح لهم سمعة عالمية مرموقة، يفخر بها.. إنه صرح طبي عربي سعودي شامخ، لا يزيدك تأملك في إمكاناته، ونشاطه، الا سروراً وحسناً.
وتجدر الإشارة، والإشادة، بما يتوفر بهذا المستشفى من طاقم تمريضي محترف، يقوم بعمل بالغ الأهمية والحيوية، معتنياً بالمرضى لديه بمنتهى الحرفية والخبرة واللطف، ساهراً الليالي على تقديم رعاية متميزة لكل مرضاه. ولا شك، أن كل مواطن تغمره الفرحة والاعتزاز بوجود مستوى راقٍ في أي مجال، خاصة في مجال الرعاية الصحية في البلاد، ويسيئه أن يرى العكس. فالجميع يتمنون أن تكون كل الرعاية الصحية في البلاد على هذا المستوى الراقي، وأن تكون هذه الرعاية (الوقائية والعلاجية) متاحة لكل المواطنين، متوفرة عند الحاجة لها.
****
لم أقل ما قلت لغرض شخصي، رغم هيمنة الامتنان عليّ.. فمن لا يشكر الناس على صنيع طيب، لا يشكر الله، وهذا الصرح في غنى عن مديحي. ولقد وجدت مرضي وعلاجي فرصة للحديث عن الشأن الصحي في بلادنا، بصفة عامة.. مشيداً بما يستحق الإشادة، ومقدماً بعض مرئياتي المتواضعة، كمواطن. وأكرر بأن الرعاية الصحية المناسبة، التي يجب أن تقدم للمواطن ما زالت حلماً.. رغم «التقدم»، الذي لا يمكن إنكاره، في هذا المجال، ورغم وجود هذه الإضاءات المذهلة، وهذه المنشآت الصحية الرائعة، عالمية المستوى في بلادنا، التي من أعمالها: فصل التوائم، وزراعة الكبد والكلى والقلب... إلخ.
****
ولعل من المناسب هنا، أن نختم هذا المقال بالتوصيات البسيطة التالية لمقام وزارة الصحة، وللمعنيين بهذه الرعاية الأساسية:
1 - حبذا لو تسارع وزارة الصحة في تنفيذ نظام التأمين الصحي التعاوني، طالما صدرت الموافقة السامية على تطبيقه. ولا بد أن يسبق ذلك حملة إعلامية توعوية شاملة بهذا النظام، تتضمن كل تفاصيله.
2- أثنى على ما طالب به صديقي الدكتور حمود أبو طالب، في مقال له بهذه الصحيفة (بريطانيا تنهار صحيّاً... الدرس والعبرة: عكاظ: العدد 20437، 10/1/2023م، ص7). إذ قال: «مهما كانت ميزانيات الصحة ضخمة، فإنه لا يضمن الاستفادة المثلى منها إلا نظام صحي جيد، مبني على أسس، تراعي، وتهتم بمحددات الاحتياجات لكل مجتمع. قطاع الصحة حساس جدّاً، لا يحتمل الاجتهادات المتسرعة، بإحداث نقلات حادة في أنظمته، محاكاة لأنظمة أخرى، قد تكون غير مناسبة لنا، حتى لو كانت ناجحة في بلدانها».
3 – لا بد من تطوير نظام العقوبات ضد الأخطاء الطبية، وتفعيله بدقة وصرامة، لردع المتهاونين بصحة الناس، وعافيتهم.
4– مقابل ذلك، لا بد من وجود نظام يكافئ المجتهدين والمبرزين من الأطباء ومساعديهم، والمراكز الصحية المختلفة بالبلاد. ومن ذلك: تخصيص جوائز سنوية، تمنح لأفضل طبيب في مجال تخصصه، وأفضل مركز طبي في مجاله... إلخ، في حفل سنوي تقيمه وزارة الصحة، وتكرم فيه أطباءنا البارعين في كل تخصص.
5 – أرى ضرورة وجود نظام (أو تحديثه وتطويره، إن كان موجوداً) يتضمن أصول ومبادئ العلاقات، كما يجب أن تكون فيما بين كل المنشآت الصحية الموجودة بالبلاد، وبصرف النظر عن تبعيتها الرسمية. وبحيث يضمن التعاون التام فيما بين هذه المنشآت، والاستفادة القصوى من إمكاناتها، لصالح صحة المواطن.
ومن نتائج هذا السعي المحمود لتطوير هذه الرعاية -كما يجب- الإعلان عن قرب تطبيق إجراءات إدارية وتأمينية، وسياسات جريئة جديدة وحديثة، تتلخص في تبنى ما يعرف بـ«التأمين الصحي التعاوني»، وما يتبع هذا التبني من إجراءات وخطوات، لعل أهمها: تخصيص بعض المستشفيات الحكومية، وجعل وزارة الصحة جهة إشرافية ورقابية على عموم الرعاية الصحية بالمملكة. والهدف المعلن من هذه الخطوة هو: رفع مستوى الكيف، وجعل هذه الرعاية في متناول كل الناس. والواقع، أن النظام الصحي الجديد المقترح ما زال في أمس الحاجة للشرح والتوضيح.. حتى يعرف المواطن ما الرعاية الصحية في بلاده مقبلة عليه من تطور وتحديث.. يتمنى الجميع أن يكون إيجابياً، وفى الاتجاه الصحيح، الذي طال انتظاره. ولعل وزارة الصحة تعد حملة توعوية شاملة بالنظام الصحي الجديد.. فذلك أمر ضروري، وبالغ الحيوية.
****
منذ حوالى خمس سنوات، بدأت شخصياً، أعاني من ألم، نتيجة ورم خطير نما في الجانب الأيسر من البطن. وكاد يودي بي، لولا لطف الله، والعناية الفائقة التي تلقيتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بكل من الرياض وجدة، الذي يعتبر الآن أبرز مراكز الطب بالمملكة، بصفة خاصة، إن لم يكن أبرزها، وبالمنطقة ككل، بصفة عامة. أدخلت كمريض الى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، فلقيت عناية طبية فائقة، تضارع ما يلقاه المرء في أحسن مستشفيات الغرب. وهذا المشفى يضم مركزاً شهيراً للأبحاث الطبية، ويتألق فيه أطباء سعوديون وعالميون، يشار إليهم -عالمياً- بالبنان. إذ أصبح لهم سمعة عالمية مرموقة، يفخر بها.. إنه صرح طبي عربي سعودي شامخ، لا يزيدك تأملك في إمكاناته، ونشاطه، الا سروراً وحسناً.
وتجدر الإشارة، والإشادة، بما يتوفر بهذا المستشفى من طاقم تمريضي محترف، يقوم بعمل بالغ الأهمية والحيوية، معتنياً بالمرضى لديه بمنتهى الحرفية والخبرة واللطف، ساهراً الليالي على تقديم رعاية متميزة لكل مرضاه. ولا شك، أن كل مواطن تغمره الفرحة والاعتزاز بوجود مستوى راقٍ في أي مجال، خاصة في مجال الرعاية الصحية في البلاد، ويسيئه أن يرى العكس. فالجميع يتمنون أن تكون كل الرعاية الصحية في البلاد على هذا المستوى الراقي، وأن تكون هذه الرعاية (الوقائية والعلاجية) متاحة لكل المواطنين، متوفرة عند الحاجة لها.
****
لم أقل ما قلت لغرض شخصي، رغم هيمنة الامتنان عليّ.. فمن لا يشكر الناس على صنيع طيب، لا يشكر الله، وهذا الصرح في غنى عن مديحي. ولقد وجدت مرضي وعلاجي فرصة للحديث عن الشأن الصحي في بلادنا، بصفة عامة.. مشيداً بما يستحق الإشادة، ومقدماً بعض مرئياتي المتواضعة، كمواطن. وأكرر بأن الرعاية الصحية المناسبة، التي يجب أن تقدم للمواطن ما زالت حلماً.. رغم «التقدم»، الذي لا يمكن إنكاره، في هذا المجال، ورغم وجود هذه الإضاءات المذهلة، وهذه المنشآت الصحية الرائعة، عالمية المستوى في بلادنا، التي من أعمالها: فصل التوائم، وزراعة الكبد والكلى والقلب... إلخ.
****
ولعل من المناسب هنا، أن نختم هذا المقال بالتوصيات البسيطة التالية لمقام وزارة الصحة، وللمعنيين بهذه الرعاية الأساسية:
1 - حبذا لو تسارع وزارة الصحة في تنفيذ نظام التأمين الصحي التعاوني، طالما صدرت الموافقة السامية على تطبيقه. ولا بد أن يسبق ذلك حملة إعلامية توعوية شاملة بهذا النظام، تتضمن كل تفاصيله.
2- أثنى على ما طالب به صديقي الدكتور حمود أبو طالب، في مقال له بهذه الصحيفة (بريطانيا تنهار صحيّاً... الدرس والعبرة: عكاظ: العدد 20437، 10/1/2023م، ص7). إذ قال: «مهما كانت ميزانيات الصحة ضخمة، فإنه لا يضمن الاستفادة المثلى منها إلا نظام صحي جيد، مبني على أسس، تراعي، وتهتم بمحددات الاحتياجات لكل مجتمع. قطاع الصحة حساس جدّاً، لا يحتمل الاجتهادات المتسرعة، بإحداث نقلات حادة في أنظمته، محاكاة لأنظمة أخرى، قد تكون غير مناسبة لنا، حتى لو كانت ناجحة في بلدانها».
3 – لا بد من تطوير نظام العقوبات ضد الأخطاء الطبية، وتفعيله بدقة وصرامة، لردع المتهاونين بصحة الناس، وعافيتهم.
4– مقابل ذلك، لا بد من وجود نظام يكافئ المجتهدين والمبرزين من الأطباء ومساعديهم، والمراكز الصحية المختلفة بالبلاد. ومن ذلك: تخصيص جوائز سنوية، تمنح لأفضل طبيب في مجال تخصصه، وأفضل مركز طبي في مجاله... إلخ، في حفل سنوي تقيمه وزارة الصحة، وتكرم فيه أطباءنا البارعين في كل تخصص.
5 – أرى ضرورة وجود نظام (أو تحديثه وتطويره، إن كان موجوداً) يتضمن أصول ومبادئ العلاقات، كما يجب أن تكون فيما بين كل المنشآت الصحية الموجودة بالبلاد، وبصرف النظر عن تبعيتها الرسمية. وبحيث يضمن التعاون التام فيما بين هذه المنشآت، والاستفادة القصوى من إمكاناتها، لصالح صحة المواطن.