لدى البعض هوس بنظريات المؤامرة، وميل طبيعي لتبني بعض الآراء المخالفة لكل ما هو منطقي أو عقلاني. وهذه الظاهرة البشرية تترافق عادة مع تصاعد الأزمات نتيجةً لضعف المستوى التعليمي وقلة الخبرة، فالبعض أسير لواقعه وعدو لما يجهله، وكلما ازداد جهله ازداد تمسكه بنظرية المؤامرة واعتقاده بوجود أيدٍ شريرة تعبث بمقدراته ومستقبله، حتى لو وصلت تلك الأفكار لدرجات غير معقولة يصعب تصديقها، وبخلاف ذلك فإن عصرنا الحالي الذي تميز بسرعة نقل الأخبار وانتشارها قد يغري البعض على نشر الأخبار على نحو مغلوط ومضلل، فهناك من لديه قابلية عالية لتصديق كل ما يصادفه، بخلاف ذلك هناك البعض ممن يجد المتعة في التلاعب بأفكار الآخرين واستفزازهم بالأفكار المرعبة والخطيرة.
مع الأحداث المتتالية المؤسفة والمحزنة لما حل بتركيا وشمال سوريا مؤخراً من زلازل عنيفة أودت بحياة ما يقرب من 48 ألف شخص حتى كتابة هذه السطور جرّاء زلزال مدمر ضربهما أوائل الشهر الماضي، لم يخل الأمر من ظهور بعض المتفيقهين ممن يتفنون في تفسير الأحداث والظواهر بشكل شخصي، تحركهم أفكار سوداء يرغبون في تمريرها للآخرين، فقد زعم البعض أن بعض الدول الغربية -وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية- هي من تسبب في حدوث هذه الزلازل، من خلال برنامج هآرب HAARP الأمريكي.
كعادة أي تغريدة أو خبر مثير -حتى لو لم يكن له أي أساس علمي- يقوم البعض بإعادة تغريد هذه الأفكار وإعادة نشرها مرة أخرى، حيث يتلقفها البعض ويضيف لها نكهات خاصة بهدف إقناع الآخرين بصحتها، والمتتبع لتلك المعلومات المتداولة يتضح له ببساطة خلوها من أي صحة أو منطق، وغالباً يتم نشرها للتخفيف من حدة آثار الزلزال، أو كرد فعل للسخط على الدول الغربية وعلى الأخص ضد الهيمنة الأمريكية، بسبب تدخلها في شؤون الدول الأخرى لتحقيق مصالحها ومصالح شعبها على حساب مصالح بقية شعوب دول العالم، غير أنني بصفة شخصية أجدني نافراً من أي تفسيرات غير منطقية لا تنسجم مع الواقع وعازفاً عن الخوض فيها من الأساس، غير أن انتشار التفسير السابق دفعني لكتابة هذه السطور.
من المؤكد أنني مثل غيري رافض للتدخل الأمريكي في شؤون دول المنطقة بل والعالم ككل، لكن هذا الكره والرفض لا يجب أن يحول بيننا وبين تحليل الأمور بشكل علمي ومنطقي، فالاستسلام للأوهام والخيالات في نهاية المطاف يمثل علامة من علامات الضعف لا القوة، ولعل سعادة الإدارة الأمريكية ستكون أكبر عندما يتم تداول مثل هذه الأفكار التي تعكس القدرة الخارقة لقدراتها العسكرية، كما أن إعطاء الخصم أكبر من حجمه يمثل الخطوة الأولى في طريق الفشل والانهزامية، وبالقليل من التفكير أعتقد أننا يجب أن نبدأ من تحليل الظاهرة بشكل علمي قبل الانسياق لنظرية المؤامرة، وبادئ ذي بدء يجب أن نبدأ بطرح السؤال التالي: ما رأي علماء الجيولوجيا فيما يطلق عليه الزلازل الصناعية؟ وهل يوجد بالفعل ما يصح أن نطلق عليه زلزالاً صناعياً حدث بفعل فاعل؟.
«على حد علمي المتواضع» فإن بعض الدول قامت قبل عقود بإجراء الاختبارات العلمية للسلاح الذري تحت الأرض، قد يكون بالفعل أدى ذلك لانهيارات أرضية في محيط المناطق التي تم فيها إجراء هذا الاختبار بسبب القوة التدميرية لهذا السلاح، وقبل تصديق أو تكذيب أن للولايات المتحدة أو غيرها دوراً في حدوث مثل هذه الزلازل، فالسؤال الذي يطرح نفسه لمَ تم تجربته على تركيا وسوريا الآن؟ فالولايات المتحدة لديها قائمة مصغرة من الأعداء ممن أسمتهم في السابق بمحور الشر مثل إيران وكوريا الشمالية، فلم لم توجه هذا السلاح الفتاك ضدهم؟، لمَ لا توجهه مثلاً ضد الدول التي تتنافس معها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً مثل الصين وروسيا؟ وخلال التفكير في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة يتبادر إلى ذهننا على نحو سريع سؤال أكثر أهمية وهو: لمصلحة من يتم إطلاق مثل هذه الشائعات؟.
المؤمنون بنظرية المؤامرة يؤمنون بنظرية العالم «مايكل باركون» والقائلة بأنه لا شيء يحدث في العالم بالصدفة، وللأسف فإن هذه المقولة هي من تدفع البعض للاعتقاد بنظرية المؤامرة، والاستسلام المطلق لنظرية المؤامرة قد يؤدي بالفعل إلى كوارث تكون أولى نتائجها على الدولة التي انطلق منها هذا التفكير، فالزعيم النازي هتلر خاض حروباً عبثية مع جيرانه من الدول الأوروبية إيماناً منه بأن تلك الدول تتآمر على دولته وتسعى لتحجيمها وإذلالها، وصدام حسين أطلق شرارة حرب الخليج الثانية بغزوه للكويت اعتقاداً منه بأن هناك مؤامرة من دول الخليج ضد العراق.
التاريخ يزخر بالكثير من الكوارث التي ساهمت في قتل الملايين انطلاقاً من الإيمان بمؤامرة لا دليل على وجودها في الواقع، ومن جهة أخرى -وهو المهم- لا يعني عدم انسياقنا وراء عدم الاعتقاد بنظرية المؤامرة أنه لا وجود للمؤامرات بالفعل، فالتآمر موجود في التاريخ القديم والحديث، ولكن يجب تفسير الأحداث وربطها بشكل علمي ينسجم مع الواقع المحيط بنا لنصل إلى أدلة ملموسة تؤيد أو تنفي فكرة التآمر، وفي حال إثبات وجود مؤامرة فعلاً فإنه ينبغي التعامل معها بنفس حجمها دون اللجوء للمبالغات والتضخيم، ففهم الواقع على نحو دقيق هو أول مفاتيح النجاح الذي تعتمد عليه لاحقاً سلسلة الاستجابات وردود الأفعال، التي ينبغي أن تكون متناسبة تماماً مع قوة الحدث وتأثيراته، ومن المؤسف أن يقوم البعض باستغلال الأحداث والصيد في الماء العكر لتمرير بعض الأفكار الهدامة التي تتسبب في زعزعة الأمن وإثارة الهلع بين أفراد المجتمع دون أسباب جوهرية تستدعي ذلك.
مع الأحداث المتتالية المؤسفة والمحزنة لما حل بتركيا وشمال سوريا مؤخراً من زلازل عنيفة أودت بحياة ما يقرب من 48 ألف شخص حتى كتابة هذه السطور جرّاء زلزال مدمر ضربهما أوائل الشهر الماضي، لم يخل الأمر من ظهور بعض المتفيقهين ممن يتفنون في تفسير الأحداث والظواهر بشكل شخصي، تحركهم أفكار سوداء يرغبون في تمريرها للآخرين، فقد زعم البعض أن بعض الدول الغربية -وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية- هي من تسبب في حدوث هذه الزلازل، من خلال برنامج هآرب HAARP الأمريكي.
كعادة أي تغريدة أو خبر مثير -حتى لو لم يكن له أي أساس علمي- يقوم البعض بإعادة تغريد هذه الأفكار وإعادة نشرها مرة أخرى، حيث يتلقفها البعض ويضيف لها نكهات خاصة بهدف إقناع الآخرين بصحتها، والمتتبع لتلك المعلومات المتداولة يتضح له ببساطة خلوها من أي صحة أو منطق، وغالباً يتم نشرها للتخفيف من حدة آثار الزلزال، أو كرد فعل للسخط على الدول الغربية وعلى الأخص ضد الهيمنة الأمريكية، بسبب تدخلها في شؤون الدول الأخرى لتحقيق مصالحها ومصالح شعبها على حساب مصالح بقية شعوب دول العالم، غير أنني بصفة شخصية أجدني نافراً من أي تفسيرات غير منطقية لا تنسجم مع الواقع وعازفاً عن الخوض فيها من الأساس، غير أن انتشار التفسير السابق دفعني لكتابة هذه السطور.
من المؤكد أنني مثل غيري رافض للتدخل الأمريكي في شؤون دول المنطقة بل والعالم ككل، لكن هذا الكره والرفض لا يجب أن يحول بيننا وبين تحليل الأمور بشكل علمي ومنطقي، فالاستسلام للأوهام والخيالات في نهاية المطاف يمثل علامة من علامات الضعف لا القوة، ولعل سعادة الإدارة الأمريكية ستكون أكبر عندما يتم تداول مثل هذه الأفكار التي تعكس القدرة الخارقة لقدراتها العسكرية، كما أن إعطاء الخصم أكبر من حجمه يمثل الخطوة الأولى في طريق الفشل والانهزامية، وبالقليل من التفكير أعتقد أننا يجب أن نبدأ من تحليل الظاهرة بشكل علمي قبل الانسياق لنظرية المؤامرة، وبادئ ذي بدء يجب أن نبدأ بطرح السؤال التالي: ما رأي علماء الجيولوجيا فيما يطلق عليه الزلازل الصناعية؟ وهل يوجد بالفعل ما يصح أن نطلق عليه زلزالاً صناعياً حدث بفعل فاعل؟.
«على حد علمي المتواضع» فإن بعض الدول قامت قبل عقود بإجراء الاختبارات العلمية للسلاح الذري تحت الأرض، قد يكون بالفعل أدى ذلك لانهيارات أرضية في محيط المناطق التي تم فيها إجراء هذا الاختبار بسبب القوة التدميرية لهذا السلاح، وقبل تصديق أو تكذيب أن للولايات المتحدة أو غيرها دوراً في حدوث مثل هذه الزلازل، فالسؤال الذي يطرح نفسه لمَ تم تجربته على تركيا وسوريا الآن؟ فالولايات المتحدة لديها قائمة مصغرة من الأعداء ممن أسمتهم في السابق بمحور الشر مثل إيران وكوريا الشمالية، فلم لم توجه هذا السلاح الفتاك ضدهم؟، لمَ لا توجهه مثلاً ضد الدول التي تتنافس معها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً مثل الصين وروسيا؟ وخلال التفكير في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة يتبادر إلى ذهننا على نحو سريع سؤال أكثر أهمية وهو: لمصلحة من يتم إطلاق مثل هذه الشائعات؟.
المؤمنون بنظرية المؤامرة يؤمنون بنظرية العالم «مايكل باركون» والقائلة بأنه لا شيء يحدث في العالم بالصدفة، وللأسف فإن هذه المقولة هي من تدفع البعض للاعتقاد بنظرية المؤامرة، والاستسلام المطلق لنظرية المؤامرة قد يؤدي بالفعل إلى كوارث تكون أولى نتائجها على الدولة التي انطلق منها هذا التفكير، فالزعيم النازي هتلر خاض حروباً عبثية مع جيرانه من الدول الأوروبية إيماناً منه بأن تلك الدول تتآمر على دولته وتسعى لتحجيمها وإذلالها، وصدام حسين أطلق شرارة حرب الخليج الثانية بغزوه للكويت اعتقاداً منه بأن هناك مؤامرة من دول الخليج ضد العراق.
التاريخ يزخر بالكثير من الكوارث التي ساهمت في قتل الملايين انطلاقاً من الإيمان بمؤامرة لا دليل على وجودها في الواقع، ومن جهة أخرى -وهو المهم- لا يعني عدم انسياقنا وراء عدم الاعتقاد بنظرية المؤامرة أنه لا وجود للمؤامرات بالفعل، فالتآمر موجود في التاريخ القديم والحديث، ولكن يجب تفسير الأحداث وربطها بشكل علمي ينسجم مع الواقع المحيط بنا لنصل إلى أدلة ملموسة تؤيد أو تنفي فكرة التآمر، وفي حال إثبات وجود مؤامرة فعلاً فإنه ينبغي التعامل معها بنفس حجمها دون اللجوء للمبالغات والتضخيم، ففهم الواقع على نحو دقيق هو أول مفاتيح النجاح الذي تعتمد عليه لاحقاً سلسلة الاستجابات وردود الأفعال، التي ينبغي أن تكون متناسبة تماماً مع قوة الحدث وتأثيراته، ومن المؤسف أن يقوم البعض باستغلال الأحداث والصيد في الماء العكر لتمرير بعض الأفكار الهدامة التي تتسبب في زعزعة الأمن وإثارة الهلع بين أفراد المجتمع دون أسباب جوهرية تستدعي ذلك.