-A +A
مي خالد
نشأت الفلسفة أول مرة تاريخياً وفق شرط حضاري اجتماعي محدد وهو بناء المدن اليونانية حول المحاجر، أي حين تحولت المجتمعات إلى شكل من أشكال الإنتاج الصناعي.

أما الفلسفة العربية التي نشأت في العصر العباسي وانتهت عقب ذلك بقليل، ابتدأت من عصر الخليفة المأمون الذي ازدهرت بعض الصناعات البسيطة والحرف والترجمة في عصره، أي في مجتمع فيه صناعات أيضاً.


ولا ننسى كذلك فلاسفة الثورة الصناعية.

ونستطيع أن نقول إن كل نقلة فلسفية في التاريخ تأثرت بأنماط الإنتاج الصناعي في مجتمعاتها.

وإلى جانب الصناعة هناك النشاط العلمي، ففي ظل غياب الاكتشافات العلمية وأساليب المنهج العلمي عادة لا يوجد فلسفة، فالفلسفة ملازمة للإنتاج العلمي والعلوم بدورها حاضنة تاريخية للفلسفة، وإذا غاب أحدهما لا يوجد الآخر.

لذا وبسبب اخفاقنا التاريخي عن الإنتاج العلمي وقصور مشاركاتنا العالمية في هذا الجانب، الذي إن وجد فهو لا يزيد على ما نسبته 1% حسبما يقال. ولكل ما سبق ليس لدينا فلاسفة عرب ولا سعوديون ولو تسمّوا بذلك.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد اعتاد المثقفون العرب والسعوديون على اتهام التحريم الديني للاشتغال بالفلسفة، وأنه السبب في تأخر ظهور فلاسفة، وليس تخلفنا العلمي أو تأخرنا الصناعي.

بالطبع التشدد الديني له تأثير، لكنه أثر طفيف؛ لأن التحريم الديني لم يمنع الفلسفة في العصر العباسي وما يليه، كما أنه في عصرنا طال التحريم من الفرق الضالة جميع مظاهر الحياة خاصة الفنون، فهي عندهم أشد حرمة من الاشتغال بالفلسفة، ومع ذلك ازدهرت الفنون بشكل كبير لدينا مثل الأغاني وبشكل معقول مثل الدراما التلفزيونية.

أما الآن فلدينا مؤتمر سنوي للفلسفة، وجمعيات فلسفية، وبالطبع لدينا من يصفون أنفسهم بالفلاسفة العرب والسعوديين.