-A +A
أريج الجهني
«إن التتبع الدقيق لنسب المشاهدة هذا يعني أنَّ لدينا القدرة على القياس اللحظي، وهو أمر مهم جدّاً لهذا الجيل، ونطمح أن تكون المملكة مركزاً عالمياً لتطوير المحتوى»، هكذا قال الأستاذ المهندس بندر المشهدي الرئيس التنفيذي لشركة التصنيف الإعلامية MRC في مستهل جلسات المنتدى السعودي للإعلام (النسخة الثانية)، تحدّث أيضاً عن ارتفاع نسبة المشاهدات في مباراة السعودية والأرجنتين في كأس العالم 2022 بعد تسجيل المنتخب السعودي الهدف الثاني، كما أوضحت أيضاً الأستاذة سارة ميسر آلية قياس نسب الاستماع للإذاعات، وهي المدير العام لشركة نيلسون الإعلامية. إن معرفة هذه النسب والآليات خصوصاً قبل موسم رمضان يضع المنتجين والمشاهدين على بيّنة ورؤية علمية دقيقة لا تحتمل مجاملات. من الجدير بالذكر أن هيئة الإذاعة والتلفزيون وقعت عدداً من الاتفاقيات والشراكات المحلية والعالمية لتجويد الأعمال المقدمة للمواطنين والعالم. أكثر من 150 قناة تلفزيونية -بحسب تصريح المشهدي- تقوم الشركة برصدها وقياسها، وهذا الرقم يعطي انعكاساً لحجم السوق والبيانات.

ماذا يشاهد المواطن والمقيم؟ كل هذا تتم دراسته في عينة تتجاوز ألفي أسرة في 24 مدينة داخل المملكة. من الطريف أن التقرير وجد الكثير من العوائل تترك الأجهزة مشغلة والصوت مكتوماً، شخصياً أمارس هذا السلوك تحديداً حينما أضع قناة العربية وأكتفي بتشغيلها وكأنها تبقي عقلي في حالة ارتباط مع العالم مع الصمت الذي أفضله؛ كوني شخصية بصرية لا سمعية، وفي الحديث عن الأنماط أجد أن التصفّح المستمر للكتب والمواقع والأوراق يخلق (مستهلكاً) صعب الإرضاء، ولا أعلم مدى جدية المنتجين في التحليل السلوكي والنفسي للجمهور، ولعل هذه الشركات الوطنية الصاعدة تساهم ليس فقط في فحص الأرقام والنسب، بل في صناعة معاني من خلفها، ودخول سوق الأبحاث أو حتى الشراكة مع جهات بحثية اعتبارية تقدم تقارير عميقة سواء لصنّاع القرار أو المنتجين أو الجمهور.


أخيراً، فإن عملي في قطاع التعليم والإعلام في السنوات الخمس الماضية وأكثر تجعلني مؤمنة وبشدة بأهمية مؤشرات الأداء ومحكاته، إن إدارة التميز لا تكون في ممرات وأروقة الجامعات، بل في الشاشة، فنحن أمام جمهور واعٍ جدّاً، جمهور لديه منصات عديدةـ فالتحدّي ليس سهلاً، والتصاعد في الذائقة يضع ثقلاً على هذين القطاعين، فإن التعليم مهمته العظمى والكبرى في نظري صناعة وعي وفرد يمتلك مهارات التفكير الناقد والتحليل والتفسير العلمي، والإعلام مهمته أن يغذّي هذا المتلقي بمحتوى يليق به، ولا تكون قنواتنا مجرد (ناقل)، بل تكون صانعاً ومؤثراً في الحدث، ولا يفوتني أن أتطرق لتفوق وطني مبهر في قطاعين، هما قطاع الترفيه وقطاع الثقافة، وإن لم يتحرك التعليم والإعلام بالوتيرة ذاتها ستكون هناك فجوة للأجيال القادمة ستؤثر كثيراً في اختياراتهم وذائقتهم.

بكل حال وأنتم تستعدون لشهر رمضان المبارك جعلنا الله وإياكم من صوامه والمقبولين فيه، تذكروا أن لمشاهداتكم مؤشراً وأثراً، كونوا أكثر دقة في اختياراتكم، تفاعلوا مع العلم؛ لأن صوتكم مسموع، من حسنات رؤية 2030 (التي لا تنتهي) ظهور الكثير من المؤشرات والمقاييس كان آخرها تقرير البرنامج الإعلامي الموحد GRID، إذ تصدرت فيه سبعة أجهزة حكومية حسب قياس تفاعل الأجهزة الحكومية الإعلامي، والهدف تحفيز المشاركة في الحملات الإعلامية، فالمملكة، ممثلة في وزارة الإعلام، تؤمن بقوة الإعلام وتأثيره، وتحرص على عكس هذا التأثير في مؤشرات قابلة للقياس وأرقام قابلة للتفسير، والمسؤول اليوم لا يمتلك خيار الصمت أو حتى الاختباء خلف المكتب (انشر، شارك، تفاعل) فالكل يشاهدك!.

كونوا بخير..