-A +A
بشرى فيصل السباعي
حسب تقرير للأمم المتحدة تتعرض آلاف الإناث بالعالم سنوياً للقتل باسم «جرائم الشرف» من قبل العائلة وبدون دخول بالجدل حول ماهية مفهوم الشرف والتصرف من منطلق تملك النساء وعدم وجود عقوبات رادعة وعدم استنكار المجتمع للقتل والذي يمثل غالب الجدل حول الموضوع، فأهم عنصر مهمل بتلك الجرائم هو السبب العلمي وراء غالبها؛ حيث في غالب قضايا قتل الشرف يتبين عبر الطب الشرعي براءة الأنثى، وتظهر التحقيقات التي عادة لا يبالي المجتمع بتداول أخبارها كما يتحمس لتداول أخبار أدنى شبهة وشائعة حول سلوك أي أنثى ولو قاصرة، تظهر أن القتلة يعانون من أمراض عقلية ونفسية قد لا تكون لها أعراض فاضحة أي تجعل القاتل يبدو كمجنون، وتكون طبيعة المرض العقلي تشبه مرض «جنون الارتياب/‏البارانويا» أو «الاضطراب الوهامي» وأمثالها التي تولد لدى الجاني هواجس وسواسية قهرية غير حقيقية للشك بالمقربين وبخاصة لجهة سلوكهم الجنسي، وهناك أمراض عقلية تتسبب برؤية الشخص لهلاوس سمعية وبصرية وحسية تمثل شكوكه وهواجسه ولا يمكنه التفريق بينها وبين الواقع الحقيقي، والمخدرات بحد ذاتها تحدث هذه الحالة كما أنها السبب الرئيسي للإصابة بالأمراض العقلية وشكوكها وهلاوسها ولا تزول بترك الإدمان، ومع الانتشار الوبائي للمخدرات، فتلقائياً هذا نتج عنه زيادة جرائم الشرف بسبب هلوسات المدمنين والمتعافين من الإدمان الذين أصيبوا بأمراض عقلية بسبب إدمانهم السابق، كقضية المواطن الذي عذب طفلته (5 سنوات) حتى الموت لشكه بسلوكها وشرفها فحكم ببراءته من القتل العمد ووصفت المحكمة قتله لها بأنه كان «إسراف بالتأديب»! وهو تائب من المخدرات وتمشيخ برواية قصة توبته، ولذا الواجب الشرعي نشر الوعي حول التفسير العلمي لغالب شكوك الذكور تجاه قريباتهم لتصبح الخاطرة التلقائية للمجتمع عند السماع عن جريمة شرف وعنف أسري بسبب الشك بشرف أنثى هو أن الجاني مصاب بمرض عقلي أو مدمن وليس تشويه سمعة الضحية وتبرير ظلمها، فالأدلة الشرعية نصّت على أن مجرد الشك بشرف الإناث جريمة قصوى من الكبائر ويستحق أصحابها أقصى العقوبات بالدنيا والآخرة (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون). ﴿إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم﴾. بالصحيح «اجتنبوا السبع الموبقات.. وقذف المحصنات الغافلات». الموبقات: المهلكة المدمرة التي تهلك وتدمر عاقبة ومصير الإنسان الأخروي. وبالصحيح «إذا عملت الخطيئة في الأرض؛ كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها». أي من يؤيدون الرجال الذين يعنفون ويقتلون الإناث باسم الشرف سيحملون أوزار جرائمهم وسيحاسبون ويعاقبون على تأييدهم، فمن يريد تجنّب دمار آخرته يجب أن يكون الظن الغالب لديه بالإناث هو سلامتهن من الشبهة وإن تعرضن لجرائم باسم الشرف يفترض التفسير العلمي كدافع للمجرم، ومن الأسباب الأخرى لجرائم الشرف؛ إرادة الاستيلاء على أملاك الضحية، ويعلم الجاني أن ادعاءه قتلها باسم الشرف يجعله بدل أن يصنف كجشع لدرجة شيطانية ويكون منبوذاً اجتماعياً ويحصل على حكم قضائي مغلظ، يمكنه بادعاء أنها باسم الشرف أن يتحول من مجرم لبطل يتم الافتخار به ويحصل على حكم مخفف ويحتفي به المجتمع عند خروجه ويسارع لتزويجه ومساعدته، وهناك دافع الانتقام بسبب عداوات شخصية أحياناً بين نساء العائلة ومن باب الانتقام قامت بنشر الشبهة حول خصمتها وحثت أقاربها على قتلها باسم الشرف، وهناك جرائم قتل باسم الشرف قام بها ذكور لرفض قريباتهم إقامة علاقة غير شرعية وحتى لا تفضحه الضحية قتلها باسم الشرف.