جمعتني مائدة إفطار رمضانية مع بعض الأصدقاء العرب في هذا الشهر الفضيل، وبعد تناول الإفطار حان موعد تناول بعض الحلوى كما هي العادة وكانت عروس المائدة الرمضانية «الكنافة» هي بطلة المشهد الأخير بلا منازع واستمتع الجميع بطعمها. وفي منطقة الشرق الأوسط من العالم والمعروفة بشغفها وفضولها الكبير عن البحث في أصول الأشخاص والأشياء بشكل غير عادي كان من الطبيعي أن يتحول الحديث سريعاً إلى تاريخ الكنافة وأصلها.
وبما أن الأصدقاء كانوا من فلسطين وسوريا ومصر احتدمت المعركة الكلامية وكل واحد منهم ينهمك في الدفاع المستميت عن «حق» بلاده في أن تكون بلاده الموطن الأصلي لنشأة الكنافة. الصديق الفلسطيني قال إن الكنافة الأصلية هي كنافة الجبن وتحديداً كنافة بالجبنة النابلسية، أي من مدينة نابلس في فلسطين وهذه في الحقيقة أن الكنافة التي بدون جبن نابلسي ليست بالكنافة الأصلية ومن نافلة القول طبعاً إن الكنافة بالقشطة أو أي حشوة أخرى لا تعتبر كنافة أصلية.
أما الصديق المصري فقال هذه سهلة، فتاريخياً تعود الكنافة إلى تاريخ دخول الفاطميين إلى مصر وتأسيس دولتهم فيها وتحديداً مع وصول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى الحكم في شهر رمضان وخرجت الأهالي معدة ومقدمة له صحن الكنافة كمظهر من مظاهر الترحيب والتكريم، وهناك من ينسبها إلى جوهر الصقلي أهم قادة جيوش الفاطميين ومؤسس مدينة القاهرة والذي كان لديه شغف بعمل الحلويات.
وتكلم بعدهما الصديق السوري وقال الأصل في الكنافة إنها سورية من بلاد الشام، وتحديداً خلال فترة حكم الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان وعرفت وقتها.
قلت لهم هذا الصراع المحموم وغير المحسوم على الكنافة أليس له توثيق أدق وتسلسل تاريخي موثق؟
لأنه على عكس بعض الحلويات الأخرى، مثل البقلاوة، والتي يعود تاريخها إلى تركيا فإن الكنافة عربية بحتة ولكن منشأها يبقى غامضاً وغير محسوم وهي بذلك تشبه وضع طبق الكسكسي المشهور في منطقة شمال أفريقيا والتي تتصارع على الحياز باعتراف دولي بأنها بلد المنشأ له كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب دون حسم قاطع.
قلت لهم مختتماً كلامي هذا الكلام الذي سمعته منكم يرعبني لأنني أخشى أن نفيق ذات يوم فنقرأ عن إعلان إسرائيل أن الكنافة أصلها من عندها لوجود أدلة في التوراة على ذلك تماماً كما ادعت أن الفلافل والحمص أصلهما من إسرائيل.
لم يتبقَ من القول سوى أن أوضّح أن هذا المقال تبلغ قيمته من السعرات الحرارية أكثر من المسموح طبياً وإنني زدت اثنين كيلو خلال كتابته فقط. رمضان كريم ودمتم بخير.
وبما أن الأصدقاء كانوا من فلسطين وسوريا ومصر احتدمت المعركة الكلامية وكل واحد منهم ينهمك في الدفاع المستميت عن «حق» بلاده في أن تكون بلاده الموطن الأصلي لنشأة الكنافة. الصديق الفلسطيني قال إن الكنافة الأصلية هي كنافة الجبن وتحديداً كنافة بالجبنة النابلسية، أي من مدينة نابلس في فلسطين وهذه في الحقيقة أن الكنافة التي بدون جبن نابلسي ليست بالكنافة الأصلية ومن نافلة القول طبعاً إن الكنافة بالقشطة أو أي حشوة أخرى لا تعتبر كنافة أصلية.
أما الصديق المصري فقال هذه سهلة، فتاريخياً تعود الكنافة إلى تاريخ دخول الفاطميين إلى مصر وتأسيس دولتهم فيها وتحديداً مع وصول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلى الحكم في شهر رمضان وخرجت الأهالي معدة ومقدمة له صحن الكنافة كمظهر من مظاهر الترحيب والتكريم، وهناك من ينسبها إلى جوهر الصقلي أهم قادة جيوش الفاطميين ومؤسس مدينة القاهرة والذي كان لديه شغف بعمل الحلويات.
وتكلم بعدهما الصديق السوري وقال الأصل في الكنافة إنها سورية من بلاد الشام، وتحديداً خلال فترة حكم الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان وعرفت وقتها.
قلت لهم هذا الصراع المحموم وغير المحسوم على الكنافة أليس له توثيق أدق وتسلسل تاريخي موثق؟
لأنه على عكس بعض الحلويات الأخرى، مثل البقلاوة، والتي يعود تاريخها إلى تركيا فإن الكنافة عربية بحتة ولكن منشأها يبقى غامضاً وغير محسوم وهي بذلك تشبه وضع طبق الكسكسي المشهور في منطقة شمال أفريقيا والتي تتصارع على الحياز باعتراف دولي بأنها بلد المنشأ له كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب دون حسم قاطع.
قلت لهم مختتماً كلامي هذا الكلام الذي سمعته منكم يرعبني لأنني أخشى أن نفيق ذات يوم فنقرأ عن إعلان إسرائيل أن الكنافة أصلها من عندها لوجود أدلة في التوراة على ذلك تماماً كما ادعت أن الفلافل والحمص أصلهما من إسرائيل.
لم يتبقَ من القول سوى أن أوضّح أن هذا المقال تبلغ قيمته من السعرات الحرارية أكثر من المسموح طبياً وإنني زدت اثنين كيلو خلال كتابته فقط. رمضان كريم ودمتم بخير.