منذ الأمس أصبحت فنلندا -رسمياً- عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وهذه هي الحلقة الأخيرة في إطار توسع حلف شمال الأطلسي باتجاه الشرق، أي باتجاه الحدود الروسية. قامت الدعاية الغربية طوال الشهور الماضية بشيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتباره بعبع شرق أوروبا الذي سوف يطيح بهذه الدول، ولكن في حقيقة الأمر أن كل ما قام به بوتين إنما يمثل ردة فعل عما قام به الناتو أو بالأحرى واشنطن. عندما تفكك الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينات القرن الماضي تعهدت واشنطن للرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين بأنها لن تتوسع شرقاً ولن تمثل قوات الحلف تهديداً للأمن الروسي. ولكن كل هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح ولم يكد القرن العشرين ينتهي حتى انضمت بولندا والمجر والتشيك إلى الناتو وسط رفض روسي، ومنذ ذلك الحين بدأت دول شرق القارة العجوز تدخل النادي الأطلسي تباعاً، بالرغم من الوعود الأمريكية السابقة والاعتراضات الروسية.
جانب رئيس الدبلوماسية الروسية سيرجي لافروف الصواب عندما قلل من أهمية انضمام فنلندا إلى الناتو، فمع انضمام هلسنكي ازدادت الحدود المشتركة بين حلف الأطلسي وروسيا من ٧٠٠ كم إلى ١٩٠٠ كم، بحيث إن ذلك سوف يجبر موسكو على زيادة قوتها الدفاعية لحماية هذا الحدود الطويلة ونشر مزيد من القوات في المنطقة الشمالية الغربية، بما يعني مزيداً من الأعباء على القوات الروسية في ظل حرب استنزاف في أوكرانيا يتوقع الجميع أنها سوف تستمر لفترة طويلة، بل إن العاصمة التاريخية لروسيا سان بطرسبورغ أصبحت لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن أراضي حلف الأطلسي. وهذه المدينة لا تتمتع بأهمية تاريخية ورمزية ولكنها تمثل مقر الأسطول الروسي، بالإضافة إلى جيب كالينغراد، وربط القوات البحرية في كلا الموقعين لا بد أن يمر من بحر البلطيق والذي تحول عملياً إلى بحيرة أطلسية باستثناء السويد، حيث من المتوقع أن تنضم استكهولم قريباً بعد أن يتم التفاهم بين واشنطن وأنقرة. وجانب آخر يبدو مفاجئاً للكثيرين وهو القوة العسكرية لفنلندا التي تعتبر دولة صغيرة بالقياس إلى الدول الأوروبية الأخرى، ولكنها مع ذلك تمتلك جيشاً يبلغ عدد عناصره ١٢ ألف مجند نظامي، ولكنه يمتلك أكبر جيش احتياط في القارة الأوروبية يصل إلى ٩٠٠ ألف جندي. كما أن هلسنكي تمتلك منظومة عسكرية متطورة، فقد اشترت مؤخراً -على سبيل المثال وليس الحصر- ٦٠ طائرة إف ٣٥ المتطورة، ولديها أكبر سلاح مدفعية في القارة، وبالتالي هذا يجعل فنلندا رأس حربة في أية مواجهة مع الجانب الروسي تستطيع أن توقف القوات الروسية في أي هجوم عسكري روسي على الدول الأوروبية، بل إن الروس لديهم تجربة مريرة مع القوات الفنلندية في حرب الشتاء ١٩٣٩، التي خسر فيها السوفيت عشرات الآلاف من القتلى وانتهت الحرب باتفاق كان هو الأفضل بحسب موازين القوى بين الطرفين، ولكن في ذلك الحين كانت فنلندا تقاتل وحيدة، فما بالك اليوم وإلى جانبها حلف شمال الأطلسي.
يمكن تفهم تصريحات لافروف لأن موسكو لا تريد أن تفتح جبهة أخرى في ظل الحرب الأوكرانية، ولكن مراهنة الغرب على صبر موسكو قد تكون في غير موضعها، لأن روسيا هي الطرف الوحيد في العالم الذي يستطيع أن يهدم المعبد على الجميع، أما وعود الغرب فقد بات الجميع يدرك أنها لا تساوي شيئاً في معايير الأمن والدفاع والإستراتيجية.
جانب رئيس الدبلوماسية الروسية سيرجي لافروف الصواب عندما قلل من أهمية انضمام فنلندا إلى الناتو، فمع انضمام هلسنكي ازدادت الحدود المشتركة بين حلف الأطلسي وروسيا من ٧٠٠ كم إلى ١٩٠٠ كم، بحيث إن ذلك سوف يجبر موسكو على زيادة قوتها الدفاعية لحماية هذا الحدود الطويلة ونشر مزيد من القوات في المنطقة الشمالية الغربية، بما يعني مزيداً من الأعباء على القوات الروسية في ظل حرب استنزاف في أوكرانيا يتوقع الجميع أنها سوف تستمر لفترة طويلة، بل إن العاصمة التاريخية لروسيا سان بطرسبورغ أصبحت لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن أراضي حلف الأطلسي. وهذه المدينة لا تتمتع بأهمية تاريخية ورمزية ولكنها تمثل مقر الأسطول الروسي، بالإضافة إلى جيب كالينغراد، وربط القوات البحرية في كلا الموقعين لا بد أن يمر من بحر البلطيق والذي تحول عملياً إلى بحيرة أطلسية باستثناء السويد، حيث من المتوقع أن تنضم استكهولم قريباً بعد أن يتم التفاهم بين واشنطن وأنقرة. وجانب آخر يبدو مفاجئاً للكثيرين وهو القوة العسكرية لفنلندا التي تعتبر دولة صغيرة بالقياس إلى الدول الأوروبية الأخرى، ولكنها مع ذلك تمتلك جيشاً يبلغ عدد عناصره ١٢ ألف مجند نظامي، ولكنه يمتلك أكبر جيش احتياط في القارة الأوروبية يصل إلى ٩٠٠ ألف جندي. كما أن هلسنكي تمتلك منظومة عسكرية متطورة، فقد اشترت مؤخراً -على سبيل المثال وليس الحصر- ٦٠ طائرة إف ٣٥ المتطورة، ولديها أكبر سلاح مدفعية في القارة، وبالتالي هذا يجعل فنلندا رأس حربة في أية مواجهة مع الجانب الروسي تستطيع أن توقف القوات الروسية في أي هجوم عسكري روسي على الدول الأوروبية، بل إن الروس لديهم تجربة مريرة مع القوات الفنلندية في حرب الشتاء ١٩٣٩، التي خسر فيها السوفيت عشرات الآلاف من القتلى وانتهت الحرب باتفاق كان هو الأفضل بحسب موازين القوى بين الطرفين، ولكن في ذلك الحين كانت فنلندا تقاتل وحيدة، فما بالك اليوم وإلى جانبها حلف شمال الأطلسي.
يمكن تفهم تصريحات لافروف لأن موسكو لا تريد أن تفتح جبهة أخرى في ظل الحرب الأوكرانية، ولكن مراهنة الغرب على صبر موسكو قد تكون في غير موضعها، لأن روسيا هي الطرف الوحيد في العالم الذي يستطيع أن يهدم المعبد على الجميع، أما وعود الغرب فقد بات الجميع يدرك أنها لا تساوي شيئاً في معايير الأمن والدفاع والإستراتيجية.