استهل الأستاذ بجامعة كولورادو الأمريكية محاضرته بتوزيع أوراق فارغة على طلبته وطلب من كل واحد كتابة مخاوفه في الحياة، وحين جمع الأوراق بعثرها واختار منها عشوائياً ليناقش تلك المخاوف التي منها: الخوف من ضياع الهدف، أو الموت في سن مبكرة.
ما أثار اهتمامي إجابة أحدهم: أخاف أن أكون إنساناً منسياً، وهي أحد أنواع «الفوبيا» تسمى (Athazagoraphobia).. وهذا الشعور يختلج بعض الغربيين؛ حيث أواصر العلاقة الضعيفة مع كبار السن والمصابين بفقدان الذاكرة «ألزهايمر»، وفي مجمل الأحيان ينتهي بهم المطاف قابعين في مراكز الرعاية الاجتماعية دون أن يأبه بهم ذووهم.
قد يكون مستوى خوف البعض يقتصر على كونهم منسيين وهم أحياء، ولكننا نجد أن البعض الآخر تهمّه فكرة أن لا يكون منسياً بعد مماته، وحين طلب نبي الله إبراهيم -عليه السلام- من ربه أن يخلِّد ذكره ويذاع بين الخلائق (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)؛ استجاب له ربه (وتركنا عليه في الآخرين).
وهناك من النعمة أن كونه منسياً كأحد أشكال الحرية، مثلاً الشاعر محمود درويش قال في قصيدته:
كم أنت حر أيها المنسي في المقهى!
فلا أحدٌ يرى أثر الكمنجة فيك
ويبدو أن درويش يفضل أن يكون منسياً، معتزلاً عن البشر وترهاتهم، ولكن ذكره ما زال حياً وقصائده حاضرة في أذهان القراء والمثقفين.
السؤل المهم: هل علينا أن نسعى سعياً حثيثاً إلى ترك الأثر وتخليد أسمائنا في حياتنا وبعد مماتنا؟.. تقول الكاتبة أمل الزهراني في مدونتها: «أؤمن أن العظماء عبر التاريخ أصبحوا عظماء لأنه كان لديهم هوس بمشكلة ما أرقتهم، شلّتهم عن الانشغال بأي شيء آخر، وبالتالي كان تركيزهم منصباً على إيجاد حل لهذه المشكلة لا على إيجاد فرصة ما ليتركوا أثراً من خلالها، وكنتيجة طبيعية لتكريسهم حياتهم لحل مشكلة بعينها مثلًا أصبح لهم أثراً، ولذلك أحسب أننا مهووسون بالسؤال الخطأ! فبدلاً من أن يكون كيف يمكن أن أكون صاحب أثر؟ ربما من الأفضل أن نسأل ما المسألة التي أريد أن أسهم فيها؟.
أتفق مع ما ذكرته الزهراني وأضيف: إن السعي إلى تخليد المرء اسمه في الدنيا له لذة وزهو له أو ذريته، ولكن الأهم من هذا كله: أن يسعى الإنسان إلى أن يكون معروفاً عند أهل السماء كحرصه تماماً على ذكره الطيب عند أهل الأرض، فكم من أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، ولكنه يزن عند الله ملء الأرض والسماوات.
أختم بمقولة «إيميلي ديكنسون»: «إذا استطعت أن تُحسّن حياة إنسان واحد، أو تُخفف ألماً واحداً، أو تُرشد طائراً إلى عشه، ما ذهب عمرك سُدى».
ما أثار اهتمامي إجابة أحدهم: أخاف أن أكون إنساناً منسياً، وهي أحد أنواع «الفوبيا» تسمى (Athazagoraphobia).. وهذا الشعور يختلج بعض الغربيين؛ حيث أواصر العلاقة الضعيفة مع كبار السن والمصابين بفقدان الذاكرة «ألزهايمر»، وفي مجمل الأحيان ينتهي بهم المطاف قابعين في مراكز الرعاية الاجتماعية دون أن يأبه بهم ذووهم.
قد يكون مستوى خوف البعض يقتصر على كونهم منسيين وهم أحياء، ولكننا نجد أن البعض الآخر تهمّه فكرة أن لا يكون منسياً بعد مماته، وحين طلب نبي الله إبراهيم -عليه السلام- من ربه أن يخلِّد ذكره ويذاع بين الخلائق (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)؛ استجاب له ربه (وتركنا عليه في الآخرين).
وهناك من النعمة أن كونه منسياً كأحد أشكال الحرية، مثلاً الشاعر محمود درويش قال في قصيدته:
كم أنت حر أيها المنسي في المقهى!
فلا أحدٌ يرى أثر الكمنجة فيك
ويبدو أن درويش يفضل أن يكون منسياً، معتزلاً عن البشر وترهاتهم، ولكن ذكره ما زال حياً وقصائده حاضرة في أذهان القراء والمثقفين.
السؤل المهم: هل علينا أن نسعى سعياً حثيثاً إلى ترك الأثر وتخليد أسمائنا في حياتنا وبعد مماتنا؟.. تقول الكاتبة أمل الزهراني في مدونتها: «أؤمن أن العظماء عبر التاريخ أصبحوا عظماء لأنه كان لديهم هوس بمشكلة ما أرقتهم، شلّتهم عن الانشغال بأي شيء آخر، وبالتالي كان تركيزهم منصباً على إيجاد حل لهذه المشكلة لا على إيجاد فرصة ما ليتركوا أثراً من خلالها، وكنتيجة طبيعية لتكريسهم حياتهم لحل مشكلة بعينها مثلًا أصبح لهم أثراً، ولذلك أحسب أننا مهووسون بالسؤال الخطأ! فبدلاً من أن يكون كيف يمكن أن أكون صاحب أثر؟ ربما من الأفضل أن نسأل ما المسألة التي أريد أن أسهم فيها؟.
أتفق مع ما ذكرته الزهراني وأضيف: إن السعي إلى تخليد المرء اسمه في الدنيا له لذة وزهو له أو ذريته، ولكن الأهم من هذا كله: أن يسعى الإنسان إلى أن يكون معروفاً عند أهل السماء كحرصه تماماً على ذكره الطيب عند أهل الأرض، فكم من أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، ولكنه يزن عند الله ملء الأرض والسماوات.
أختم بمقولة «إيميلي ديكنسون»: «إذا استطعت أن تُحسّن حياة إنسان واحد، أو تُخفف ألماً واحداً، أو تُرشد طائراً إلى عشه، ما ذهب عمرك سُدى».