-A +A
مي خالد
«هل يصنع الرجل الزمان أم أن الزمان هو من يصنع الرجل؟»

هذا سؤال فلسفي قديم.


ربما كان هذا السؤال سبباً في نشوء نظرية الرجل العظيم، وهي فكرة تعود إلى القرن التاسع عشر والتي بموجبها يمكن تفسير التاريخ إلى حد كبير من خلال تأثير «الرجال العظماء» أو الأبطال، وهم الأشخاص أصحاب التأثير على مجريات التاريخ.

في تاريخنا المعاصر وكتابتنا التأريخية، كانت «نظرية الرجل العظيم في التاريخ»، التي تم رفضها الآن وفقدت مصداقيتها إلى حد كبير، والتي أنشأها توماس كارليل، في كتاب كارليل عن الرجال العظماء والذي تناول فيه سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى جانب مائة شخصية أخرى، كارليل قرأ ودرس التاريخ من خلال السيرة الذاتية لمائة رجل. وهذا يعني أن التاريخ قد تم تحديده وتأثر فقط بالشخصيات التاريخية «العظيمة»، مثل: الأنبياء والجنرالات ورجال الدولة والمخترعين والعلماء والفنانين والزعماء الدينيين والفلاسفة.

أما القراءة المعاكسة لكتاب كارليل فيمكن أن تتكون من مدرستين فكريتين اجتماعيتين تاريخيتين، تقعان كثيراً على اليسار والوسط:

كانت المدرسة الماركسية الأقدم، التي انبثقت في الأصل من المدرسة الهيغلية السابقة عليها، وكانت واحدة من أكثر المقاربات شيوعاً تجاه الدراسة التاريخية والكتابة والبحث في الغرب منذ منتصف الستينيات، وربما قبل ذلك.

إن المقاربة الماركسية للتاريخ مبنية على فكرة الصراع الطبقي. وتوحيد الشعوب العاملة لتحديد النتيجة المستقبلية للمجتمع والحضارة من خلال حملة جذرية لنزع الشخصية الفردانية وعدم الانتماء، لضمان الوصول إلى المساواة، فلا يوجد قائد بطل بل يوجد مجتمع كامل هو البطل.

أما المدرسة الأخرى فسنفرد لها مقالاً الأسبوع القادم.