لم يتعلم السودانيون -بكل أسف- الدرس الليبي المجاور ولم يقرؤوا الدروس الراوندية والأوغندية والصومالية والعراقية والفلسطينية والسورية، رغم فظاعة تلك الدروس ومرارة نتائجها على شعوب تلك الدول وعلى الإقليم ككل.
لم تشفع الجغرافيا للسودان ولم يشفع للسودانيين والسودانيات تاريخهم الطويل في لجم شهية السلطة، فخلال أسبوع واحد فقط سقطت عاصمة عربية أفريقية أخرى في براثن الفوضى والدمار تحت أزيز الرصاص ودوي الانفجارات، وبين أشلاء القتلى وركام المباني وتشظي المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة وبين تيه طوابير طويلة من اللاجئين والنازحين والمهاجرين لشعب قلَّ نظيرُه بين شعوب العالم وداعةً وثقافةً وأخلاقاً وصبراً.
هكذا يسقط السودان مثلما سقطت فلسطين والعراق وسوريا وليبيا واليمن في الفوضى وضياع الحقوق والعدالة وسيادة الظلم والاستبداد والفشل الذريع، ومثلما يُراد لبقية الدول العربية والأفريقية ومثلما يراد لكل دولة تحمل ذات الصفات الوراثية السياسية أن تسقط في المشروع الغربي لنشر «الدولة الفاشلة».
فكلما زاد عدد الدول الفاشلة في العالم زادت شهية المستعمرين الغربيين لمستعمراتهم السابقة. وكلما زاد عدد الدول الفاشلة تحققت إستراتيجية النيتو في استغلال تلك الدول ومواردها وفي مواجهة النفوذ الروسي. وكلما زادت الدول الفاشلة نجح النيتو بإفشال مشروع الصين الطريق والحرير، المنافس للغربيين ونفوذهم واستفزاز الصينيين واستدراجهم لإشعال جبهة تايوان بذريعة تحريرهم، مثلما تم إحراق الأوكرانيين، بذريعة تحرير أوكرانيا.
يجب أن تتعلم حركات التغيير في الدول العربية والأفريقية وتقرأ جيداً التاريخ لتحقق مطالب الشعوب بعيداً عن التدخلات الأجنبية والعنف. فالغرب والغربيون عندما يطالبون أو يتبنون قضايا حقوق الإنسان أو الديموقراطية في بلد ما، لا تهمهم حقوق الإنسان أو الديموقراطية إلا في بلدانهم، إنما هم يقومون بذلك لتفتيت الدول وإثارة الشعوب ضد بعضها وإسقاط دولهم لتتطاحن قبائلياً ومناطقياً ومذهبياً، فيظفر الغربي بخيرات تلك البلدان من نفوذ وموارد وتذهب الشعوب إلى الجحيم، وإلا لماذا تنتهي أغلب حركات التغيير في الدول العربية والأفريقية إلى الأسوأ؟ ولماذا تنتهي تلك الحركات التغييرية سريعاً إلى الفوضى وتقويض الأمن وتدمير البُنى التحتية والمؤسسات الوطنية وسلب المواطن كرامته وأبسط حقوقه؟
أيها العرب أيها الأفارقة، لماذا يتم جرجرة المواطن العادي البسيط المشغول بلقمة عيشه وأمنه بكرامة والذي ليس لديه أي طموح سياسي فيُزجُّ به في أتون حروب «الزعران» من السياسيين والعسكريين وذوي المصالح الرأسمالية المتغولة؟ لماذا يتم طحن الـ 98% من الشعب في معارك يشعلها ويتكسب من ورائها 2% ممن تختلط مصالحهم وتتعاظم بشراكاتهم مع الأجندات الأجنبية؟ لماذا لا توجد مساحة فاصلة بين المتنازعين والمتقاتلين والمتنافسين سياسياً بعيداً عن حافة الصفر والعدمية والإلغائية المتبادلة والتي سريعاً وكثيراً ما تقضي على كل مقومات الحياة، وتتسبب بتفاقم موجات اللاجئين والنازحين وانعدام أسباب الحياة؟
لا أحد يستطيع أن يُلغي أو يصفّر الخلافات الداخلية سواء كانت قبلية ومذهبية أو سياسية أو أيديولوجية أو مصلحية هي متوافرة ومستوطنة في أغلب بلدان العالم إلا من خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة والمتعمقة.
كما أن لا أحد بوسعه أن يلغي النزاعات الإقليمية التاريخية المتربصة والمتوثبة المتوافرة والمتعاظمة في كل إقليم والحاضرة مع كل نزاع، إلا خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة.
وليس من أحد بوسعه أن يوقف الصراعات الدولية المحتدمة والمتعاظمة على مناطق النفوذ والمصادر الطبيعية للموارد بين القوى العظمى خاصة في هذه المرحلة التي تشتد وتيرتها في معظم مناطق العالم إلا من خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة.
أيتها المنظمات العربية والأفريقية والإسلامية والإقليمية، لماذا تتفاجؤون مثل الشعوب بالأزمات التي تتنقل من عاصمة إلى عاصمة ومن دول إلى دولة؟ ما دوركم ؟ لماذا لا تبادرون بالدراسات وعقد الندوات والمؤتمرات التي تقرع الجرس وتنذر بالخطر، عندما تشرف دولة مثل السودان على حافة الانفجار؟ لماذا لا تبحثون عن دور لكم في خضم هذه الأخطار المتربصة إذا كان دوركم غير ملزم إقليمياً وغير مرحب به دولياً؟ بماذا تختلفون عن الشعوب الأفريقية والعربية، إذا كنتم تنتظرون الحلول أن تأتي إليكم من مجلس الأمن أو من الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ أو من واشنطن وباريس ولندن؟ لماذا لا تتقدمون خطوة باتجاه بعضكم البعض كمنظمات وتستبقون الأزمات المتراكمة؟
أيتها المنظمات العربية والأفريقية والإسلامية والإقليمية، لماذا وكيف أخفقتم بدراسة الحالة الصومالية والسورية والفلسطينية والرواندية والأوغندية واليمنية والعراقية ولم تنجحوا بوعظ السودانيين من تكرار أخطائها؟ لماذا تتكرر قصص الفشل أمام أعينكم؟ ولماذا لم تشركوا وتشاركوا تلك الدراسات والاستنتاجات مع الشعوب والحكومات العربية والأفريقية لوقف مسلسل تساقط العواصم العربية والدول الأفريقية بين الاحتلال والتقسيم والانفصال؟
الدولة العربية والأفريقية بحاجة لأن تكون دولة مؤسسات وليست دولة مليشيات فئوية أو قوات موازية للجيش الوطني. لا يمكن لأي دولة أن تتحدث عن الديموقراطية أو حتى عن الدستور والقانون، في ظل وجود المليشيات والقوى المليشياوية التي تنازع الجيش الوطني سيادة الوطن.
لم تشفع الجغرافيا للسودان ولم يشفع للسودانيين والسودانيات تاريخهم الطويل في لجم شهية السلطة، فخلال أسبوع واحد فقط سقطت عاصمة عربية أفريقية أخرى في براثن الفوضى والدمار تحت أزيز الرصاص ودوي الانفجارات، وبين أشلاء القتلى وركام المباني وتشظي المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة وبين تيه طوابير طويلة من اللاجئين والنازحين والمهاجرين لشعب قلَّ نظيرُه بين شعوب العالم وداعةً وثقافةً وأخلاقاً وصبراً.
هكذا يسقط السودان مثلما سقطت فلسطين والعراق وسوريا وليبيا واليمن في الفوضى وضياع الحقوق والعدالة وسيادة الظلم والاستبداد والفشل الذريع، ومثلما يُراد لبقية الدول العربية والأفريقية ومثلما يراد لكل دولة تحمل ذات الصفات الوراثية السياسية أن تسقط في المشروع الغربي لنشر «الدولة الفاشلة».
فكلما زاد عدد الدول الفاشلة في العالم زادت شهية المستعمرين الغربيين لمستعمراتهم السابقة. وكلما زاد عدد الدول الفاشلة تحققت إستراتيجية النيتو في استغلال تلك الدول ومواردها وفي مواجهة النفوذ الروسي. وكلما زادت الدول الفاشلة نجح النيتو بإفشال مشروع الصين الطريق والحرير، المنافس للغربيين ونفوذهم واستفزاز الصينيين واستدراجهم لإشعال جبهة تايوان بذريعة تحريرهم، مثلما تم إحراق الأوكرانيين، بذريعة تحرير أوكرانيا.
يجب أن تتعلم حركات التغيير في الدول العربية والأفريقية وتقرأ جيداً التاريخ لتحقق مطالب الشعوب بعيداً عن التدخلات الأجنبية والعنف. فالغرب والغربيون عندما يطالبون أو يتبنون قضايا حقوق الإنسان أو الديموقراطية في بلد ما، لا تهمهم حقوق الإنسان أو الديموقراطية إلا في بلدانهم، إنما هم يقومون بذلك لتفتيت الدول وإثارة الشعوب ضد بعضها وإسقاط دولهم لتتطاحن قبائلياً ومناطقياً ومذهبياً، فيظفر الغربي بخيرات تلك البلدان من نفوذ وموارد وتذهب الشعوب إلى الجحيم، وإلا لماذا تنتهي أغلب حركات التغيير في الدول العربية والأفريقية إلى الأسوأ؟ ولماذا تنتهي تلك الحركات التغييرية سريعاً إلى الفوضى وتقويض الأمن وتدمير البُنى التحتية والمؤسسات الوطنية وسلب المواطن كرامته وأبسط حقوقه؟
أيها العرب أيها الأفارقة، لماذا يتم جرجرة المواطن العادي البسيط المشغول بلقمة عيشه وأمنه بكرامة والذي ليس لديه أي طموح سياسي فيُزجُّ به في أتون حروب «الزعران» من السياسيين والعسكريين وذوي المصالح الرأسمالية المتغولة؟ لماذا يتم طحن الـ 98% من الشعب في معارك يشعلها ويتكسب من ورائها 2% ممن تختلط مصالحهم وتتعاظم بشراكاتهم مع الأجندات الأجنبية؟ لماذا لا توجد مساحة فاصلة بين المتنازعين والمتقاتلين والمتنافسين سياسياً بعيداً عن حافة الصفر والعدمية والإلغائية المتبادلة والتي سريعاً وكثيراً ما تقضي على كل مقومات الحياة، وتتسبب بتفاقم موجات اللاجئين والنازحين وانعدام أسباب الحياة؟
لا أحد يستطيع أن يُلغي أو يصفّر الخلافات الداخلية سواء كانت قبلية ومذهبية أو سياسية أو أيديولوجية أو مصلحية هي متوافرة ومستوطنة في أغلب بلدان العالم إلا من خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة والمتعمقة.
كما أن لا أحد بوسعه أن يلغي النزاعات الإقليمية التاريخية المتربصة والمتوثبة المتوافرة والمتعاظمة في كل إقليم والحاضرة مع كل نزاع، إلا خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة.
وليس من أحد بوسعه أن يوقف الصراعات الدولية المحتدمة والمتعاظمة على مناطق النفوذ والمصادر الطبيعية للموارد بين القوى العظمى خاصة في هذه المرحلة التي تشتد وتيرتها في معظم مناطق العالم إلا من خلال الإدارة والحكمة والسياسة الواعية والدراسات المستفيضة.
أيتها المنظمات العربية والأفريقية والإسلامية والإقليمية، لماذا تتفاجؤون مثل الشعوب بالأزمات التي تتنقل من عاصمة إلى عاصمة ومن دول إلى دولة؟ ما دوركم ؟ لماذا لا تبادرون بالدراسات وعقد الندوات والمؤتمرات التي تقرع الجرس وتنذر بالخطر، عندما تشرف دولة مثل السودان على حافة الانفجار؟ لماذا لا تبحثون عن دور لكم في خضم هذه الأخطار المتربصة إذا كان دوركم غير ملزم إقليمياً وغير مرحب به دولياً؟ بماذا تختلفون عن الشعوب الأفريقية والعربية، إذا كنتم تنتظرون الحلول أن تأتي إليكم من مجلس الأمن أو من الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ أو من واشنطن وباريس ولندن؟ لماذا لا تتقدمون خطوة باتجاه بعضكم البعض كمنظمات وتستبقون الأزمات المتراكمة؟
أيتها المنظمات العربية والأفريقية والإسلامية والإقليمية، لماذا وكيف أخفقتم بدراسة الحالة الصومالية والسورية والفلسطينية والرواندية والأوغندية واليمنية والعراقية ولم تنجحوا بوعظ السودانيين من تكرار أخطائها؟ لماذا تتكرر قصص الفشل أمام أعينكم؟ ولماذا لم تشركوا وتشاركوا تلك الدراسات والاستنتاجات مع الشعوب والحكومات العربية والأفريقية لوقف مسلسل تساقط العواصم العربية والدول الأفريقية بين الاحتلال والتقسيم والانفصال؟
الدولة العربية والأفريقية بحاجة لأن تكون دولة مؤسسات وليست دولة مليشيات فئوية أو قوات موازية للجيش الوطني. لا يمكن لأي دولة أن تتحدث عن الديموقراطية أو حتى عن الدستور والقانون، في ظل وجود المليشيات والقوى المليشياوية التي تنازع الجيش الوطني سيادة الوطن.