-A +A
عبده خال
ثمة مقولة تجري على الألسن بأن التاريخ يعيد نفسه، حينما تتطابق الأحداث وتقترب من إعادة حدث ماضوي بعينه، وهي مقولة تتناسخ وفق نوعية تلك العودة، وحين نرددها نحن -كأفراد- فهذا يعني تطابق الحدث في عودته مع أمانينا لما كنا عليه من أنس في زمن الحدث نفسه.. ومن غير هذه المقدمة الباحثة عن فلسفة مقولة (التاريخ يعيد نفسه) ثمة أحداث ترفع ستارة الماضي وتمكّنك من مشاهدة ما تُحب، مثلها مثل الذكريات التي تمكنك من استعادة الماضي ليس بحذافيره، وإنما الاقتراب مما كانت عليه اللحظة.

والليلة، وعلى (مسرح أبو بكر سالم بالفقيه) نستعيد روعة الموسيقار محمد الموجي؛ ذاك الهرم الذي جاور أهرامات الغناء العربي، ولحن لهم أجمل الأغنيات التي لن تبرح ذاكرة التاريخ الغنائي، ويبدو أن هيئة الترفية أرادت الاحتفاء بتلك العبقرية التي مضى على مولدها مائة عام.


وقد حملت بشائر الاحتفاء بأن يكون حفلاً ضخماً يجمع نخبة من نجوم الوطن العربي، بإشراف من الموسيقار المصري يحيى الموجي وبقيادة المايسترو وليد فايد، وهذا الفعل كما يعيد تاريخية هذا الموسيقار من خلال أصوات عربية، يعيد لنا بهجة الاحتفاء بالرموز المحلية والعربية، وهو الطريق الذي سنّه معالي المستشار تركي آل الشيخ تقديراً لكل الكبار الذين طعموا الحياة بأزاهير غنائية لم ولن تُنسى.

ومشوار الموسيقار الموجي ثري الأحداث، استطاع بموهبته الخروج من حقول السنابل حين كان مهندساً زراعياً إلى فضاء الفن من خلال تجربته الفذة.. وحين تلتقي موهبتان كبيرتان يستطيعان اختراق المستحيلات كما حدث للموجي وعبدالحليم حافظ من بوابة أغنية (صافيني مرة).

والاحتفالية برموز يعيد إلينا سيرهم، وهي السيرة التي تتجدد مع أي ذكر لمثل هذه الشخصيات، ويمكننا أيضاً استعادة تاريخهم وبتلك الذكرى نؤكد أن التاريخ يعيد نفسه.