مع كل أزمة دولية، تجد الكثير من الدول نفسها في مأزق وتحت ضغوطات كبيرة للانحياز لهذا الطرف أو للطرف الآخر، على غرار التوتر الناجم عن الحرب الدائرة في أوكرانيا وحالة الاستقطابات مترتبة التخندق خلف أحد طرفي الصراع في هذه الحرب، وهو اتخاذ مواقف منحازة لأحد طرفي النزاع ويكلف الدول أحياناً ثمناً باهظاً، بقدر ما يقربها من هذا الطرف أو ذاك، نتيجة للمواقف التي تضطر لاتخاذها بعض الدول بناء على ما تمليه عليها حساباتها الإيديولوجية أو الجيوسياسية إما رضوخاً لضغوطات اقتصادية أو اشتراطات غير مباشرة من مؤسسات مالية دولية.
وبين أطراف الصراع الدولية، تنجح كثير من الدول بتبني مواقف محايدة وغير منحازة لهذا الطرف أو ذاك بما يضمن حفاظها على مسافة واحدة من طرفي النزاع، وهو ما يعطيها حرية التحرك وفرصة لعب دور الوسيط، حسب ثقل تلك الدول ومكانتها ورغبتها، ناهيك عن حرية تلك الدول باتخاذها قراراتها بما ينسجم مع سيادتها دون تأثير من الأقطاب والقوى الدولية.
بالرغم من دخول بعض الدول إلى حلف الناتو على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا، بالإضافة للرغبة المعلنة لدول أخرى بالانضمام لحلف الناتو، وهي مواقف بعضها بدوافع اقتصادية، إلا أن هناك دولاً كثيرة في مختلف مناطق العالم نجحت باتخاذ مواقف غير منحازة لهذا الطرف أو ذاك.
ما يشهده العالم حالياً ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية من استقطابات حادة موجهة من الغرب تحديداً ضد روسيا تارة وضد الصين تارة أخرى، هي ليست جديدة، ففي أعقاب موجة استقلال الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ظهر مصطلح عدم الانحياز على لسان وزير خارجية الهند، تعبيراً عن الرغبة بالاستقلال عن الدول الغربية المستعمرة، ما لبث هذا التيار أن أصبح حركة تسود دول العالم المتحررة حديثاً من نير المستعمرين، حيث أسفر مؤتمر باندونغ في إندونيسيا سنة 1955 عن إعلان ميلاد حركة عدم الانحياز تجمع الدول التي تربطها قواسم مشتركة في معارضة الاستعمار وعدم الارتباط بالمعسكرين الغربي والشرقي آنذاك الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، والاعتكاف على تنمية بلدانهم حديثة الاستقلال ووضع حد لسيطرة الأجانب بكافة أشكالها، ومساندة حركات التحرر ضد المستعمرين في فلسطين وجنوب أفريقيا. وفي سنة 1960 حظيت الحركة بزخم كبير في مقر الجمعية العام للأمم المتحدة، وقفز عدد أعضائها من بضع دول إلى ما يناهز الـ100 دولة، وقد لعبت دوراً مهماً بفرض عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ولها مواقف مشرفة كثيرة في مختلف دول العالم.
إن العالم اليوم بأمس الحاجة لإعادة حركة عدم الانحياز كي تلعب دورها بما ينسجم مع التحديات الاستعمارية الجديدة، خاصة أن دولا كثيرة نأت بنفسها بعيدا عن جزرة الناتو وعن عصاه، نتيجة وعيها ونضج تجربتها بعد مرارة الاستعمار المباشر وغير المباشر لكافة دول العالم.
فهل تنجح دولنا العربية والدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية بفرض حركة عدم الانحياز كلاعب دولي في النظام العالمي الجديد بعد ترميمها وتحديث مستهدفاتها وتصويب منطلقاتها لتقوض جهود الغرب والناتو في تجييش العالم وتهديد البشرية واستنزاف موارد الدول ووضع حد لطموحات المستعمرين القدامى الذين يريدون الإبقاء على مستعمراتهم في العالم العربي وأفريقيا بأساليب حديثة من خلال مسلسل الأوبئة والمجاعات وأزمات الطاقة والغذاء والمناخ، بجانب الأزمات الاقتصادية وافتعال الحروب وتحويل المزيد من الدول إلى دول فاشلة؟ أم أن سياسة التكتلات العسكرية والاقتصادية والأمنية التي أصبحت تنتهجها بعض الدول ستكون بديلاً على المدى المنظور عن حركة عدم الانحياز؟
وبين أطراف الصراع الدولية، تنجح كثير من الدول بتبني مواقف محايدة وغير منحازة لهذا الطرف أو ذاك بما يضمن حفاظها على مسافة واحدة من طرفي النزاع، وهو ما يعطيها حرية التحرك وفرصة لعب دور الوسيط، حسب ثقل تلك الدول ومكانتها ورغبتها، ناهيك عن حرية تلك الدول باتخاذها قراراتها بما ينسجم مع سيادتها دون تأثير من الأقطاب والقوى الدولية.
بالرغم من دخول بعض الدول إلى حلف الناتو على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا، بالإضافة للرغبة المعلنة لدول أخرى بالانضمام لحلف الناتو، وهي مواقف بعضها بدوافع اقتصادية، إلا أن هناك دولاً كثيرة في مختلف مناطق العالم نجحت باتخاذ مواقف غير منحازة لهذا الطرف أو ذاك.
ما يشهده العالم حالياً ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية من استقطابات حادة موجهة من الغرب تحديداً ضد روسيا تارة وضد الصين تارة أخرى، هي ليست جديدة، ففي أعقاب موجة استقلال الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ظهر مصطلح عدم الانحياز على لسان وزير خارجية الهند، تعبيراً عن الرغبة بالاستقلال عن الدول الغربية المستعمرة، ما لبث هذا التيار أن أصبح حركة تسود دول العالم المتحررة حديثاً من نير المستعمرين، حيث أسفر مؤتمر باندونغ في إندونيسيا سنة 1955 عن إعلان ميلاد حركة عدم الانحياز تجمع الدول التي تربطها قواسم مشتركة في معارضة الاستعمار وعدم الارتباط بالمعسكرين الغربي والشرقي آنذاك الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، والاعتكاف على تنمية بلدانهم حديثة الاستقلال ووضع حد لسيطرة الأجانب بكافة أشكالها، ومساندة حركات التحرر ضد المستعمرين في فلسطين وجنوب أفريقيا. وفي سنة 1960 حظيت الحركة بزخم كبير في مقر الجمعية العام للأمم المتحدة، وقفز عدد أعضائها من بضع دول إلى ما يناهز الـ100 دولة، وقد لعبت دوراً مهماً بفرض عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ولها مواقف مشرفة كثيرة في مختلف دول العالم.
إن العالم اليوم بأمس الحاجة لإعادة حركة عدم الانحياز كي تلعب دورها بما ينسجم مع التحديات الاستعمارية الجديدة، خاصة أن دولا كثيرة نأت بنفسها بعيدا عن جزرة الناتو وعن عصاه، نتيجة وعيها ونضج تجربتها بعد مرارة الاستعمار المباشر وغير المباشر لكافة دول العالم.
فهل تنجح دولنا العربية والدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية بفرض حركة عدم الانحياز كلاعب دولي في النظام العالمي الجديد بعد ترميمها وتحديث مستهدفاتها وتصويب منطلقاتها لتقوض جهود الغرب والناتو في تجييش العالم وتهديد البشرية واستنزاف موارد الدول ووضع حد لطموحات المستعمرين القدامى الذين يريدون الإبقاء على مستعمراتهم في العالم العربي وأفريقيا بأساليب حديثة من خلال مسلسل الأوبئة والمجاعات وأزمات الطاقة والغذاء والمناخ، بجانب الأزمات الاقتصادية وافتعال الحروب وتحويل المزيد من الدول إلى دول فاشلة؟ أم أن سياسة التكتلات العسكرية والاقتصادية والأمنية التي أصبحت تنتهجها بعض الدول ستكون بديلاً على المدى المنظور عن حركة عدم الانحياز؟