حين أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤية المملكة 2030، كانت الأنظار تتجه إلى الإنجازات الكبرى على الأرض التي يتوالى العمل بها تباعاً؛ مشاريع عظيمة ومدن اقتصادية وتنمية بشرية وبرامج تنظيمية لجودة الحياة، ومنشآت سياحية وترفيهية تنافس أكبر المشاريع العالمية، ولكن طموح ولي العهد لم يكن متوقفاً آنذاك عند الإنجازات على الأرض فحسب بل كانت آماله تعانق السماء.. وتلامس «الفضاء».
في 21 مايو 2023م، نحن والعالم على موعد مع حدث فريد، لانطلاق رحلة فضائية علمية جديدة على متن المركبة الفضائية «دراجون» وتضم أول رائدة فضاء -امرأة- سعودية وعربية مسلمة «ريانة برناوي» الخبيرة في مجال الهندسة الوراثية وهندسة الخلايا الجذعية والسرطانية، ورائد الفضاء السعودي النقيب طيار علي القرني المتخصص بعلوم الطيران، على متن رحلة علمية وبحثية إلى جانب طاقمي الرحلة بيجي ويتسون قائدة الرحلة وجون شوفنر طيار المهمة، وسوف تلتحم المركبة بمحطة الفضاء الدولية خلال 24 ساعة منذ إطلاقها لتبدأ مهمتها البحثية والتي سوف تستغرق 12 يوماً.
تسعى المملكة بقيادتها الحكيمة، وانطلاقاً من رؤيتها الرائدة (رؤية 2030) وعبر الهيئة السعودية للفضاء وبرنامجها الحديث لرواد الفضاء إلى تعزيز مكانتها العالمية في مجالات الفضاء ووضعها في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال بحلول 2030، ولتحقيق مستهدفات هذه الرؤية المباركة أولت القيادة أهمية قصوى لتمكين المرأة السعودية في مجالات العلم والبحث والفضاء وتطوير قدراتها البشرية وتحفير الابتكار والتميز بين بنات الوطن وتأهيلهن ككوادر سعودية متمرسة لخوض غمار المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والبحثية بشتى أشكالها، بما فيها المشاركة في رحلات فضائية قصيرة وبعيدة المدى ومشاركة العالم في البحوث والنتائج والتجارب العلمية والمهام المستقبلية للفضاء، وقد شمل هذا الاهتمام والرعاية الجنسين؛ إناثاً وذكوراً، فكان للمرأة نصيب كبير في هذه المرحلة التاريخية المفصلية في كل المجالات وآخرها مجال الفضاء، حيث تشارك رائدة الفضاء ريانة برناوي في عدة تجارب في مجال استكشاف الفضاء لخدمة البشرية كتجربة زراعة خلايا مناعية في محطة الفضاء الدولية لاستكشاف استجابتها للعلاج في بيئة (الجاذبية الصغرى) وخدمة للبشرية للحد من الأمراض والالتهابات المزمنة كتجربة حصرية سعودية بالإضافة إلى 14 تجربة بحثية أخرى.
تمكين المرأة في المملكة لم يتوقف عند ملفات محددة، وطموح المملكة لن يتوقف عند إنجازاتها على الأرض، وهذا ما ترجمه استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لرواد الفضاء يوم 17 أبريل 2023م حين راهن على قدرات الشعب السعودي وطموحاته في الإسهام بالابتكارات وأبحاث الفضاء لإيجاد حلول مستدامة للبشرية وآماله الكبيرة المعقودة على رائدة الفضاء ريانة برناوي ورائد الفضاء علي القرني، كونهما ممثلين للوطن في محطة الفضاء الدولية بمهمة سامية لأجل الإنسان وحماية كوكب الأرض وفتح آفاق علمية جديدة من خلال مجموعة الأبحاث التي سيجريها رواد الفضاء في مجالات الصحة واستدامة البيئة، فلنستعد الأحد القادم لمشاهدة الانطلاقة الرائدة لأبناء السعودية في رحلة المركبة الفضائية دراجون وإلهام العالم بقدرات المرأة السعودية وكفاءتها العالية في ظل الدعم والتمكين تحت قيادة طموحها يعانق الفضاء.. وربما أبعد!