قبل سنوات نشر للفيلسوف الليبرالي رونالد دوركين كتاباً هاماً، صدر بعد وفاته بعنوان مثير هو «الدين بدون الإله».
Religion without God وعلى عكس ما قد يعتقده البعض في العنوان، فلم يدافع هذا الفيلسوف في كتابه عن ديانة لا إله فيها، بل إنه يعتبر أن الشعور الديني قوي وحاسم إلى حد أن المفكرين الملحدين مثل عالم الفيزياء أنشتاين والفيلسوف وليام جيمس لم يستطيعوا أن يتخلصوا من المشاعر الإيمانية التي تسكنهم!
الإيمان بالنسبة لدوركين ينبع من الاندهاش.. ينبع من تناسق واتساع نظام الطبيعة الخارق وينبع من وعي الإنسان بضعفه وقصوره في مواجهة الوجود بعظمته وكبريائه.
فحتى أولئك الذين أنكروا اعتقادهم في الديانات، آمنوا بنوع من القوة القاهرة أو الروح العليا التي تتجاوز حيز الطبيعة.
عندما نتمعن جيداً في القرآن الكريم نجد أن تجربة الإيمان العميق تبدأ فعلاً من النظر في الكون والتفكير فيه والوقوف عند تناسقه وجماله. ومن هذه الآيات:
«قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
وهكذا يتضح من المنظور القرآني أن الإيمان من حيث هو شعور واستنتاج عقلي بديهي يحصل من تأمل الطبيعة واعتبار أحوال الموجودات، قبل التدبر في النص، فالكون والكتاب كلاهما آيات إلهية معروضة للتفكير والتأمل... فالمطلوب هو فقط أن تفكر.
لقد ذهب جل علماء التوحيد وفلاسفة الإسلام إلى أن النظر العقلي مقدم في الاعتقاد على النص، وأن الحجة العقلية هي المعيار في تأويل النص! نعم إن الحجه العقلية مقدمة على تأويل النص! ذلك ما أوضحه وأكده حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب "المستصفى" بقوله:
"كلُّ ما دلَّ العقل فيه على أحد الجانبين فليس للتعارض فيه مجال؛ إذ الأدلة العقلية يستحيل نسخها وتكاذبها، فإن ورد دليل سمعيّ على خلاف العقل، فإما ألا يكون متواترًا فيعلم أنه غير صحيح، وإما أن يكون متواترًا فيكون مؤوَّلًا ولا يكون متعارضًا، وأما نصٌّ متواتر لا يحتمل الخطأ والتأويل وهو على خلاف دليل العقل فذلك محال؛ لأن دليل العقل لا يقبل الفسخ والبطلان".
الإيمان ينبع من العقل، وهو التجربة السابقة للانتماء الديني الذي يقتضي بطبيعة الحال إلى التقيد بالرسالة والرجوع للنص.
كثير من الناس يعيشون انتماءاتهم الدينية دون تفكير عقلي.. مقلدون ومعذورون على تقليدهم! ولكنهم يفتقدون إلى «إيمان الإنسان الحر» الذي يختار دينه بطواعية وحرية، فيخرج عن ‘يمان التقليد الذي ذمه القرآن الكريم واعتبره الذريعة لرفض الدين الصحيح القائم على العقل.
Religion without God وعلى عكس ما قد يعتقده البعض في العنوان، فلم يدافع هذا الفيلسوف في كتابه عن ديانة لا إله فيها، بل إنه يعتبر أن الشعور الديني قوي وحاسم إلى حد أن المفكرين الملحدين مثل عالم الفيزياء أنشتاين والفيلسوف وليام جيمس لم يستطيعوا أن يتخلصوا من المشاعر الإيمانية التي تسكنهم!
الإيمان بالنسبة لدوركين ينبع من الاندهاش.. ينبع من تناسق واتساع نظام الطبيعة الخارق وينبع من وعي الإنسان بضعفه وقصوره في مواجهة الوجود بعظمته وكبريائه.
فحتى أولئك الذين أنكروا اعتقادهم في الديانات، آمنوا بنوع من القوة القاهرة أو الروح العليا التي تتجاوز حيز الطبيعة.
عندما نتمعن جيداً في القرآن الكريم نجد أن تجربة الإيمان العميق تبدأ فعلاً من النظر في الكون والتفكير فيه والوقوف عند تناسقه وجماله. ومن هذه الآيات:
«قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ»، و«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
وهكذا يتضح من المنظور القرآني أن الإيمان من حيث هو شعور واستنتاج عقلي بديهي يحصل من تأمل الطبيعة واعتبار أحوال الموجودات، قبل التدبر في النص، فالكون والكتاب كلاهما آيات إلهية معروضة للتفكير والتأمل... فالمطلوب هو فقط أن تفكر.
لقد ذهب جل علماء التوحيد وفلاسفة الإسلام إلى أن النظر العقلي مقدم في الاعتقاد على النص، وأن الحجة العقلية هي المعيار في تأويل النص! نعم إن الحجه العقلية مقدمة على تأويل النص! ذلك ما أوضحه وأكده حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب "المستصفى" بقوله:
"كلُّ ما دلَّ العقل فيه على أحد الجانبين فليس للتعارض فيه مجال؛ إذ الأدلة العقلية يستحيل نسخها وتكاذبها، فإن ورد دليل سمعيّ على خلاف العقل، فإما ألا يكون متواترًا فيعلم أنه غير صحيح، وإما أن يكون متواترًا فيكون مؤوَّلًا ولا يكون متعارضًا، وأما نصٌّ متواتر لا يحتمل الخطأ والتأويل وهو على خلاف دليل العقل فذلك محال؛ لأن دليل العقل لا يقبل الفسخ والبطلان".
الإيمان ينبع من العقل، وهو التجربة السابقة للانتماء الديني الذي يقتضي بطبيعة الحال إلى التقيد بالرسالة والرجوع للنص.
كثير من الناس يعيشون انتماءاتهم الدينية دون تفكير عقلي.. مقلدون ومعذورون على تقليدهم! ولكنهم يفتقدون إلى «إيمان الإنسان الحر» الذي يختار دينه بطواعية وحرية، فيخرج عن ‘يمان التقليد الذي ذمه القرآن الكريم واعتبره الذريعة لرفض الدين الصحيح القائم على العقل.